سواليف:
2025-03-26@14:44:25 GMT

بلا مجاملة

تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT

#بلا_مجاملة

د. #هاشم_غرايبه

لا يختلف اثنان في الأمة على تشخيص حالها الراهن، فالكل متفقون على أنها الآن في أسوأ وضع في تاريخها كله، الخلاف يحدث عندما يجري تحديد المسؤول عن ذلك، والأسباب التي أدت لهذه الحالة.
في كل الأمم الحية، من ينهض بها هم القادة إن كانوا مخلصين، ومن يدمرها هم القادة أيضا، سواء كانوا مستفيدين من ديمومة الوضع الراهن، أو رهنوا أنفسهم باختيارهم لاملاءات عدو الأمة، لذلك عندما ينسب سبب الإنهيار الى الشعب، فذلك تزوير من قبل هذه الأنظمة وعملاء أجهزتها الأمنية، ومن المنتفعين من الفساد ومن المرتعبين من عودة الدولة الاسلامية
دفاع المنتفعين والفاسدين عن مكتسباتهم مفهوم، لكن الأشد بلوى من ذلك عندما يصدر ذلك التشكيك عن القوميين واليساريين الذين يعتبرون أنفسهم قوى تقدمية مناوئة للإستعمار، فهم بذلك يحطبون في حبال الأنظمة، ويحافظون على تسلطها على أمتنا، بمناصرة أدوات من يدّعون مناوأته وهم أنظمة الحكم العربية، أي يفعلون عكس ما يرفعون من شعارات.


الحقيقة أنهم ما كانوا ليتخذوا هذا الموقف المتناقض لو كان التحول الديمقراطي المنشود سيوصلهم الى السلطة، لأنهم يعلمون أن خيار الغالبية العظمى من الشعب (لو أتيحت انتخابات حقيقية) سيكون لمنافسيهم (الإسلاميين). وعليه فمكسبهم متحقق أكثر في بقاء أنظمة القمع والفساد، لذلك يلتقون معها مصلحيا عند نقطة العداء للمنهج الإسلامي.
الخروج من هذا الواقع الأليم، معلق ومرهون بمعرفة المشكلة وبمسبباتها، فإذا تحدد السبب عرف العلاج، لذلك فسنبدأ بأساسها وهو أطماع الأروربيين في السيطرة على ديار الأمة بسبب الموقع الإستراتيجي والموارد الطبيعية.
لم يعد سرا القول أن بداية الإيقاع بهذه الأمة كان بعد الحرب العالمية الأولى، وتحول الأوروبيين من التصارع فيما بينهم الى تحقيق الرفاه باستغلال موارد الأمم الأخرى، والمرشح الأول كان الأمة التي تقطن الشرق الأوسط.
كانت الخطة بسيطة: فالصراع العسكري مع هذه الأمة العربية الإسلامية، ظل على مدى القرون الماضية سجالا، ومكلفا، لأنها موحدة على عقيدة واحدة، فالسبيل الأنجح تمزيق وحدتها، فقسموها أقطارا، وغرسوا في فلسطين كيانا لقيطا أغروا اليهود المشتتين باستيطانه، وتكفلوا بحمايته كقاعدة عسكرية متقدمة في قلب وطن الأمة، ولم يكن ذلك لينجح إلا بضمانات سرية من أنظمة حكم اختارتها من قيادات قبلية متناحرة أصلا، لإدامة التشرذم الإقليمي، واشترطت عليها التخلي عن فلسطين، وحماية ذلك الكيان فيها.
لتحقيق أمان الكيان، ألزمت الأنظمة بإفقار شعوبها، وجعلها تلهث طوال الوقت لتحصيل لقمة العيش، وبالإستبداد وقمع الحريات لمنع التململ.
وجُعل الفساد مؤسسيا، ومرتبطاً بالسلطة الحاكمة لتحصينه من الملاحقة القضائية، من أجل تبديد الموارد، وتعطيل التنمية، ومنع التقدم التصنيعي، لإبقاء التأخر الإقتصادي والإجتماعي وتبرير الهيمنة الغربية تحت مسمى خطط الإصلاح.
إذأ منتهى الأرب لدى الغرب بقاء هذا الحال، والذي لا يهدده أكثر من انتفاضة وحدوية، ولا يحقق حلم الوحدة غير العقيدة الإسلامية، لذلك انتهجت الأنظمة جميعها في كل أقطار العروبة العلمانية، وجعلت أولويتها محاربة كل من يدعو الى وصول الإسلام الى الحكم، لأن ذلك يعني توحدها من جديد، وعودة هذه الدولة مرة أخرى منافسة قوية للغرب.
ما تقدم من تفصيل الحال، ينطبق على كل قطر عربي، سواء كان غنيا بموارده مثل دول الخليج، فبددت أموالها فيما لا يرفع من قدر الأمة، أم مُفقَراً قصدا إفسادا وبمنعه من استغلال موارده مثل موريتانيا والأردن والصومال، فأوصلتها الى الدمار الإقتصادى…
ما يؤكد صحة التحليل الآنف تفصيله، هذا التطابق التام في أحوال 22 قطرا تمثل ما كان يعرف بالأمة العربية الإسلامية.
بعد التعرف على أساس المشكلة، فهل هنالك حل غير التغيير؟.
سيتصدى لذلك القلة المستفيدون من هذا الحال المائل وهم ثلاثة:

الفاسدون والإنتهازيون وعملاء اجهزة السلطة من بعض السلفيين متسلحين بفتوى الخروج على ولي الأمر، وبدعوى التخويف من الفوضى والخراب. القوميون واليساريون الذين يخشون أن يصل الإسلاميون الى السلطة إن جرت انتخابات نزيهة. المعادون تاريخيا للإسلام من الأقليات الطائفية، ولا يريدون تغيير الأنظمة لأنهم مطمئنون الى ممناعتها للإسلام، لذلك يريدون تغييرات تجميلية شكلية تحت مسمى “الدولة المدنية”.
السؤال للمترددين: ألا يكفيكم صبرا على هؤلاء قرنا من وعود التقدم والرخاء الكاذبة؟، فلو كانت ستمطر لرأينا غيوما على الأقل! مقالات ذات صلة ردّ السلام في خطبة الحجاج بأهل العراق 2025/02/21

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

المقاومة: سلاح الأمة في مواجهة التحديات

المقاومة في ذاتها ليست مجرد رد فعل عابر على الظلم أو الاحتلال، بل هي حالة إنسانية متجذرة في تاريخ الشعوب التي تسعى إلى التحرر والحفاظ على هويتها وكرامتها. عبر العصور، أثبتت المقاومة أنها ليست فقط سلاحا في يد الثوار، بل مشروعا حضاريا يعكس إرادة الأمة بأكملها. ولكن كيف يمكن أن تتحول المقاومة من فعل فردي أو جماعي محدود إلى مشروع أمة شامل؟ وكيف يمكن لأفراد الأمة أن يكونوا قوة إسناد حقيقية لهذا المشروع؟

المقاومة كفكرة تتجاوز السلاح:

فالمقاومة ليست محصورة في البندقية أو المواجهة العسكرية المباشرة، إنما هي منظومة متكاملة تشمل الأبعاد الفكرية، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية. عندما تصبح المقاومة مشروع أمة، فإنها تتجاوز حدود المواجهة الميدانية المتعارف عليها لتشمل كل أدوات القوة الناعمة والصلبة التي يمكن أن تسهم في تحقيق أهدافها.

البعد الثقافي والفكري:

تبدأ المقاومة من الوعي، فالأمة التي تدرك حقوقها وتعي حجم التحديات التي تواجهها تكون أكثر قدرة على الصمود. ونشر ثقافة المقاومة عبر التعليم، الإعلام، والفنون يعزز من قدرة الشعوب على مواجهة محاولات الطمس الثقافي والتهميش.

البعد الاقتصادي:

يعتبر الاقتصاد هو عصب أي مقاومة ناجحة. الاعتماد على الذات، ودعم المنتجات الوطنية، ومقاطعة اقتصاد العدو، هي أدوات فعالة تجعل الأمة شريكا مباشرا في دعم مشروع المقاومة.

البعد الاجتماعي:

يعد تماسك المجتمع هو خط الدفاع الأول لأي أمة تواجه تحديات وجودية. تعزيز قيم الوحدة والتضامن بين أفراد الأمة يجعلهم أكثر قدرة على الصمود أمام الضغوط الخارجية.

إذا فكيف تكون المقاومة مشروع أمة؟

لتحويل المقاومة إلى مشروع أمة شامل ومستدام، يجب أن تتوفر عدة شروط أساسية:

1- الرؤية الاستراتيجية الواضحة:

تحتاج المقاومة الناجحة إلى رؤية بعيدة المدى تحديد الأهداف وآليات تحقيقها. هذه الرؤية يجب أن تكون شاملة وتراعي جميع مكونات الأمة، بحيث يشعر كل فرد أنه جزء من هذا المشروع.

2- إشراك الجميع في المشروع:

ليست المقاومة مسؤولية النخب السياسية أو العسكرية فقط؛ إنها مسؤولية الجميع. فإشراك الشباب والنساء والمثقفين في المشروع يضمن استمراريته ويعزز من قوته.

3- بناء منظومة إعلامية قوية:

يعتبر الإعلام هو سلاح العصر الحديث، وبناء منظومة إعلامية تدعم مشروع المقاومة وتنقل رسالتها إلى العالم يساهم في كسب التعاطف الدولي وفضح ممارسات العدو.

4- التكامل بين العمل العسكري والمدني:

حتى لو كانت المقاومة المسلحة ضرورية في بعض الأحيان، فإنها لا تكفي وحدها لتحقيق التحرر الكامل. التكامل بين العمل العسكري والمدني يضمن استدامة المشروع ويعزز من شرعيته.

5- المقاومة كقوة ضغط على الحكومات واللوبيات العالمية:

تحويل المقاومة إلى مشروع أمة لا يقتصر على تحرير الأرض أو الدفاع عن الحقوق، بل يتعدى ذلك ليصبح أداة ضغط فعالة على الحكومات واللوبيات العالمية، بما في ذلك اللوبي الصهيوني الذي يتمتع بنفوذ واسع في العديد من الدول. هذا الجانب الاستراتيجي يعزز من قدرة المقاومة على التأثير في السياسات الدولية ودعم القضية التي تناضل من أجلها.

دور الأفراد كقوة إسناد للمقاومة:

1- الوعي بالقضية:

لمعرفة موقعك من أي قضية فالخطوة الأولى لدعم أي مقاومة هي فهم القضية التي تناضل من أجلها. عندما يكون الأفراد على دراية بتفاصيل القضية وأبعادها التاريخية والسياسية، يصبحون أكثر استعدادا لتقديم الدعم اللازم، ويكونون هم رسل هذه القضية، وما الطوفان عنا ببعيد، وكيف أثرت الحرب الأخيرة على وعى الناس من الأوروبيين والأمريكان وغيرهم.

2- المشاركة الفعالة:

يستطيع كل فرد أن يكون جزءا من مشروع المقاومة بطريقته الخاصة. البعض يشارك عبر العمل التطوعي، والبعض الآخر عبر الكتابة أو التبرعات المالية أو حتى نشر الوعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

3- التضحية والصمود:

تحتاج المقاومة إلى أفراد مستعدين للتضحية والصمود أمام التحديات. التضحية ليست بالضرورة مادية أو جسدية؛ قد تكون التضحية بالوقت والجهد لدعم المبادرات التي تخدم القضية، ولدينا نماذج كثيرة سواء كانت منظمات مدافعة عن المقاومة في حقها المشروع أو أفراد أصبحوا ملء السمع بكلمات مدافع عن القضية الكبرى.

4- نقل الرواية الحقيقية للعالم:

يمكن لأي إنسان في عصر الإعلام الرقمي أن يكون صحفيا ينقل الحقيقة للعالم (فهناك المواطن الصحفي) وينشر الرواية الصحيحة عن القضية التي تناضل من أجلها الأمة ويساهم في كسب الدعم الدولي ويضعف من تأثير الدعاية المضادة.

أمثلة تاريخية: عندما أصبحت المقاومة مشروع أمة

1- الثورة الجزائرية (1954-1962):

تعد الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي نموذجا بارزا لتحول المقاومة إلى مشروع أمة. الشعب الجزائري بأسره كان جزءا من هذه الثورة، سواء عبر الكفاح المسلح أو الدعم اللوجستي أو حتى التضامن الشعبي الذي عزز من صمود الثوار.

2- الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993) والانتفاضة الثانية:

كانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية مثالا حيا على كيف يمكن للأفراد أن يكونوا قوة إسناد للمقاومة. الحجر الذي حمله الأطفال والشباب كان رمزا للإرادة الشعبية التي دعمت القضية الفلسطينية عالميا.

3- حركة التحرر الهندي بقيادة غاندي:

على الرغم من أنها كانت مقاومة سلمية، إلا أن حركة التحرر الهندي بقيادة المهاتما غاندي أثبتت أن الأمة بأكملها يمكن أن تكون جزءا من مشروع مقاومة شامل يعتمد على اللاعنف والمقاطعة الاقتصادية والسياسية.

التحديات التي تواجه تحويل المقاومة إلى مشروع أمة:

1- الانقسامات الداخلية:

إن الاختلافات السياسية والأيديولوجية داخل الأمة تعيق تحول المقاومة إلى مشروع شامل يجمع الجميع تحت مظلة واحدة.

2- الحرب النفسية والإعلامية:

غالبا يستخدم الأعداء الإعلام والحرب النفسية لتشويه صورة المقاومة وإضعاف الروح المعنوية للأفراد.

3- الضغوط الدولية والإقليمية:

تحويل المقاومة إلى مشروع أمة قد يواجه ضغوطا دولية وإقليمية تهدف إلى إفشاله أو تقويضه.

نحو مقاومة مستدامة ومشروع حضاري:

المقاومة ليست مجرد فعل مؤقت ينتهي بتحقيق هدف معين؛ إنها حالة دائمة تعكس إرادة الأمة في الحفاظ على حقوقها وكرامتها وهويتها. لتحويل المقاومة إلى مشروع أمة حقيقي ومستدام، يجب أن تتضافر جهود الجميع من القادة إلى الأفراد العاديين في إطار رؤية استراتيجية واضحة وشاملة. عندما يدرك كل فرد دوره ومسؤوليته تجاه هذا المشروع، تصبح الأمة بأكملها قوة إسناد لا تُقهر لمقاومتها.

مقالات مشابهة

  • زيادة الملح قد تحفّز سلوكيات الاكتئاب
  • ما هي الدوامة الغريبة المتوهجة في ليل أوروبا الحالِك؟
  • أداء العمرة يُفرغ لجان البرلمان من الوزراء ونواب الأمة
  • رسالة إلى سادات قريش
  • اليمن العربي حجةٌ على المتخاذلين للدكتورفايز ابوشمالة.. اسير فلسطيني محرر
  • وزير المالية يبحث مع وفد من البنك الدولي سبل تحديث عمل الوزارة ‏لمواكبة أحدث الأنظمة المالية العالمية
  • بالمنطق..صلاح الدين عووضه.. نعي سعيد !!
  • إيهاب أبو جزر: المنتخب العراقي يعتمد على الكرات الطويلة والثابتة واستعددنا لذلك
  • حزب الأمة وفك الإرتباط مع الميليشيا
  • المقاومة: سلاح الأمة في مواجهة التحديات