أثارت مراسلة لباشا الرشيدية حول منع « البيجيدي »، من استغلال قاعة عمومية استياء وسط الحزب، خاصة بعد استعمال الباشا لعبارات سياسية لتبرير منع استعمال القاعة.

ووجه باشا مدينة الرشيدية في 19 فبراير رسالة إلى الكاتب المحلي لحزب العدالة والتنمية بالرشيدية، يبلغه فيها برفض السماح للحزب بعقد لقاء في قاعة فلسطين العمومية.


وجاء في مبررات الرفض، بشأن طلب تصريح لتنظيم لقاء تواصلي مع المواطنين بقاعة فلسطين حول حصيلة منتصف ولاية المجلس الجماعي الحالي للرشيدية: « يشرفني أن أحيطكم علما أن هذا الطلب لا يحظى بموافقة السلطة المحلية وذلك لما يلي:

توفر هيئتكم على قاعة جد ملائمة لاستقبال مثل هذا النشاط.

وجود منتخبين في هيئتكم السياسية بالمجلس الجماعي المذكور، والذي يعبرون فيه عن تصوراتهم حول النقط المعروضة للمداولة طبقا للقانون والنظام الداخلي للمجلس بكل حرية خلال جميع دورات المجلس الجماعي.

واعتبر الباشا أيضا أن الطلب « من شأنه أن يؤدي لتسخير أدوات الدولة والجماعة لأغراض انتخابوية صرفة ».

وتضيف الرسالة أن السلطة المحلية ترجح التأثير على النظام العام لكون الدعوة مفتوحة للعموم.

وتداول أعضاء من الحزب نص الرسالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعلقوا عليها بتوجيه انتقادات للسلطة.

 

 

كلمات دلالية العدالة والتنمية باشا الرشيدية

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: العدالة والتنمية

إقرأ أيضاً:

النخب السودانية والشيطان المعرفي: قراءة في رؤية أبو القاسم حاج حمد

تمثّل مقولة الفيلسوف والمفكر السوداني أبو القاسم حاج حمد: "النخب السودانية جاءت إلى السلطة بعد خروج الإنجليزية منهكة"، مدخلًا نقديًا لفهم أزمة الدولة الوطنية في السودان بعد الاستقلال. فهي لا تكتفي بتوصيف الحدث السياسي، بل تُسائل البنية المعرفية التي بُنيت عليها هذه الدولة، وتحفر عميقًا في تشريح النخبة السودانية وعلاقتها بالإرث الاستعماري. ويمكن تعزيز هذا الطرح باستدعاء مفهوم "الشيطان المعرفي" لفهم كيف أنتجت هذه النخب وعيًا مضلِّلًا، أعاق تشكل مشروع وطني تحرري حقيقي.
أولًا: السياق التاريخي للانتقال المهزوز خرجت بريطانيا من الحرب العالمية الثانية مُنهكة، فبدأت بمنح الاستقلالات الشكلية لمستعمراتها، ومن بينها السودان. كانت اتفاقية 1953 بين مصر وبريطانيا لتقرير مصير السودان لحظة مفصلية، حيث تم إعداد المسرح لانتقال السلطة إلى نخب محلية، لكنها نخب تشكلت في حضن المستعمر وتبنت أدواته.
هذا الاستقلال لم يكن ثمرة ثورة شعبية أو مقاومة منظمة، بل نتيجة لتسوية دولية، جعلت من لحظة الاستقلال استمرارًا ناعمًا للهيمنة الاستعمارية.
ثانيًا: النخبة السودانية كوارثة معرفية للاستعمار غالبية النخب السودانية آنذاك كانت من خريجي المؤسسات التعليمية التي أنشأها الإنجليز، ككلية غوردون التذكارية، وتولوا مناصب بيروقراطية ضمن جهاز الدولة الاستعمارية. وعند تسلمهم مقاليد السلطة، لم يُحدثوا قطيعة معرفية أو بنيوية مع تلك المنظومة، بل حافظوا عليها واستنسخوها.
في هذا السياق، يمكن الحديث عن "الشيطان المعرفي" بوصفه التشوه أو الخداع المعرفي الذي جعل النخبة تتوهم أنها تقود مشروع استقلال، بينما كانت في الحقيقة تعيد إنتاج السيطرة ولكن بأدوات محلية.
ثالثًا: الاستلاب بين تقليد الحداثة والانكفاء على الماضي وقع السودان في فخ استقطاب مزدوج:
• نخبة تبنت الحداثة الغربية شكلًا لا مضمونًا.
• ونخبة أخرى انكفأت إلى الطائفية والجهوية والماضوية.
كلا المسارين لم يُنتج مشروعًا وطنيًا عقلانيًا جامعًا، بل عززا من التجزئة الاجتماعية والسياسية. كانت النتيجة دولة مركزية عاجزة عن الاستيعاب، وهامش يغلي بالغضب.
رابعًا: الميراث الاستعماري في البيروقراطية والسيادة استمرت البيروقراطية البريطانية المركزية كما هي، دون تفكيك أو إصلاح، فأصبحت الدولة السودانية بعد الاستقلال جسدًا استعمارياً بروح وطنية مزعومة. وهو ما يفسر لماذا استمر التهميش الجغرافي، والتمييز العرقي، والاقتصاد الاستخراجي (مثل مشروع الجزيرة)، بدون مراجعة بنيوية.
خامسًا: أزمة الشرعية والصراع على الغنيمة بغياب شرعية تحررية حقيقية، تحولت السلطة إلى غنيمة، وجرى تقسيمها على أسس طائفية وجهوية. لم تكن هناك برامج وطنية، بل تحالفات قائمة على الولاءات الضيقة، مما مهّد لهيمنة المؤسسة العسكرية، وصعود الحركات المسلحة كردّ فعل على التهميش.
سادسًا: حاج حمد والنقد الجذري للحداثة الوهمية يرى أبو القاسم حاج حمد أن الحداثة التي تبنتها النخب لم تكن حداثة حقيقية، بل قشرة سطحية؛ تقليد للغرب دون امتلاك لروح الحداثة القائمة على العقلانية والعدالة والمعرفة الحرة. فكانت النتيجة استنساخ الدولة الاستعمارية بشعارات وطنية.
سابعًا: شيطان المعرفة... حين تُضلَّل النخب ذاتها "الشيطان المعرفي" هنا لا يعني فقط الجهل، بل هو وعي زائف يتلبّس النخبة ويجعلها تعيد إنتاج القهر باسم الاستقلال. فالدولة لم تكن عقلًا جماعيًا بل جهازًا تكنوقراطيًا بلا روح، والنخبة لم تكن طليعة للتغيير بل ظلًّا للنظام الذي خلَّفه المستعمر.
ثامنًا: هل ما زال هذا التشخيص صالحًا؟ نعم، فالحرب الحالية (بين الجيش والدعم السريع) ليست سوى نتاج مباشر لتاريخ النخب المعطوبة معرفيًا:
• المؤسسة العسكرية تمثل الامتداد الطبيعي لتقاليد السلطة الاستعمارية.
• قوات الدعم السريع تمثل الردّ المتأخر للهامش على منطق الإقصاء.
• التدخلات الخارجية ما كانت لتتعمق لولا غياب المشروع الوطني المستقل.
ما العمل؟ لا يكفي تغيير الوجوه أو استبدال النخب القديمة بأخرى جديدة من ذات المنظومة. المطلوب هو تفكيك الشيطان المعرفي الذي يسكن بنية التفكير السياسي والاجتماعي.
إن إعادة تأسيس الدولة السودانية ينبغي أن تنطلق من:
• عدالة جغرافية تُنهي التمركز حول الخرطوم.
• اقتصاد إنتاجي يحرر البلاد من التبعية.
• عقد اجتماعي يعترف بالتنوع ويوحد على أساس المواطنة.
كما قال حاج حمد: "المشكلة ليست في من يحكم، بل في طبيعة النظام الذي يَحكُم". ولكننا نضيف: "ولا في طبيعة النظام فقط، بل في المعرفة التي يُنتج بها النظام نفسه".

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • لقاء بين خلفان وزعلاني لبحث تمكين المرأة في الحياة السياسية وتعزيز ثقافة الانتخاب
  • معضلة “الحشد الشعبي”، معضلة تأسيس الدولة
  • قيادات الدولة والمجالس المحلية تتفقد سير الاختبارات العامة والمراكز الصيفية
  • “استشاري الشارقة” يجيز مشروع قانون تنظيم السلطة القضائية
  • القمامة في تعز تتصدر الترند باليمن وتتحول إلى منصة لمحاكمة السلطة المحلية
  • اتحاد التربويين في تعز يعلن عن تفاهمات مبدئية مع السلطة المحلية ويؤكد استمرار الإضراب
  • السلطة المحلية في البيضاء تُدين استهداف العدوان للمعهد المهني بالصومعة
  • النخب السودانية والشيطان المعرفي: قراءة في رؤية أبو القاسم حاج حمد
  • «استشاري الشارقة» يجيز مشروع قانون تنظيم السلطة القضائية
  • عامل بركان ينبه رؤساء الجماعات إلى استغلال سيارات الدولة لأغراض شخصية