د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلامية في جامعة الخرطوم

Sabri.m.khalil@gmail.com

ملخص المقال : نستخدم مصطلح العلمانيين للدلالة على انصار مذهب فصل الدين عن الدولة. كما نستخدم مصطلح الإسلاميين للدلالة على انصار مذهب التفسير السياسى للدين " الذى يطلق عليه خطأ الإسلام السياسى" الذى يختزل الدين فى بعده السياسى ، فيحوله إلى وسيله لغاية ' السلطه'، والذى يتطرف فى اثبات العلاقه بين الدين والدوله - كرد فعل على تطرف العلمانيه فى نفى هذا العلاقه - فيجعلها علاقه خلط وتطابق" كما فى مذاهب الكهنوت والثيوقراطيه الأجنبية"، وليس علاقه ارتباط من جهه " بتقييد السلطه بقواعد كليه كالشورى"، وتمييز من جهه اخرى" بالتمييز بين التشريع والاجتهاد"، كما فى الحل الاسلامى الصحيح للمشكله .

وكلاهما وجهان لعملة واحدة زائفة ، ساهم في صنعها الإستعمار القديم والجديد ، لتحقيق أهدافه فى المنطقة، وأهمها التفتيت " الطائفى- القبلى" للأمة . فما يطرحه الطرفين ليس دعوة " دنيوية او دينية"، بل هو دعاية سياسية ،خاضعة لقانون الحصر الثنائي - بين شعار وضده - والذى يحول دون الإلتفات إلى القضايا الأخرى، التي يطرحها الواقع . وهذا الحصر الثنائى يلزم منه الدوران فى حلقة مفرغة ، وبالتالي العجز عن حل الواقع المشاكل المتجددة . فضلا عن تفاقم الإستقطاب " الصراع "، وما يلزم منه من مزيد من التفتيت.
....

المتن التفصيلى للمقال :

دلالات مصطلحى "العلمانيين والإسلاميين" : يقصر المقال مصطلح "الإسلاميين" على دلالتين ، الأولى اصلية مضمونها أنصار مذهب التفسير السياسي للدين" الذي يطلق عليه خطأ إسم الإسلام السياسي"، الذى يختزل الدين فى بعده السياسى، ويجعل السلطة هى الأصل والدين هو الفرع،ودلاله تبعية هى أنصار المذاهب التي تتبنى الحل الذي قدمة هذا المذهب لمشكلة العلاقة بين الدين والدولة،والذي لا يعبر عن الحل الإسلامي الصحيح لها ، أى علاقة إرتباط من جهة وتمييز من جهة أخرى ، و يجعلها علاقة خلط وتطابق ، كما فى مذاهب أجنبية كالكهنوت والثيوقراطية ، ومثال لها مذهب التقليد ، ومذهب الغلو فى التكفير وإستحلال الدماء".
كما يستخدم المقال مصطلح " العلمانيين" بدلالتين، الأولى أصلية مضونها أنصار الليبرالية كفلسفة طبيعية - لا دينية - ومنهج متطرف فى الفردية، ومذهب ذو أركان متعددة - أهمها العلمانية- ، والدلالة الثانية تبعية مضمونها أنصار المذاهب التي تتبنى الحل الذي قدمته لمشكله العلاقة بين الدين والدولة-، اى فصل الدين عن الدولة ، و مثال لها المذهب الماركسى، الذى يدعو - فى صيغتة الأصلية- إلى إلغاء الدين ، وليس فصله عن الدولة فقط.

وجهين لذات العملة الإستعمارية الزائفة : فكلاهما وجهين لعملة واحدة زائفة ، ساهم في صنعها الإستعمار القديم لخدمة أهدافه فى المنطقة ،وأهمها تفتيت الأمة.

العلمانية والتغريب: فقد دعم الإستعمار القديم والجديد، النخب المتغربة ، بهدف إستخدامها كأداة " محلية " لتحقيق اهدافها. والدعوة الى العلمانية فى مجتمع مسلم - كالمجتمع العربي- هو شكل من أشكال التغريب ، الذي مضمونه أن تستبدل المفاهيم والقيم والقواعد الإسلامية-التي تشكل الهيكل الحضاري لهذا المجتمع - بالمفاهيم والقيم والقواعد الغربية، لتحقيق قدر من الشعور المستقر، بالانتماء إلى الحضارة الغربية.

مذهب التفسير السياسي للدين وفتنة التفرق فى الدين " النقض الطائفى لوحدة الإرادة الشعبية للأمة :فهذا المذهب يلزم منة مفاهيم بدعية، أهمها التفرق فى الدين " الشيع بالمصطلح القرانى " ( الذين فرقوا دينهم وكانو شيعا) ، وبالتالى أيضا النقض الطائفي لوحدة الإرادة الشعبية للأمة - لأن الطائفة دين أو مذهب دينى مقصور على جماعة معينة - فى حين ان الدين هو رابط روحى موحد للأمة . لذا أسس الإستعمار القديم علاقات - سرية و علنية ، مباشرة و غير مباشرة - مع جماعات تتبنى هذا المذهب، بما يضمن إستمراره، عن طريق النقض الطائفي لوحدة الإراده الشعبية للأمة ،على المستوى الوطنى، كما عبرت عنها الحركات الوطنية الإستقلالية. ولاحقا أقام الإستعمار الجديد “الامبريالي “الامريكى ايضا علاقات- سرية و علنية- بهذه الجماعات ، بهدف النقض الطائفى للإرادة الشعبية للأمة ، على المستوى القومى ، كما عبرت عنها حركة التحرر القومى من الإستعمار . ولاحقا ساهم فى إنشاء أو تفعيل، بعض الجماعات التي تتبنى المذهب ، او صيغته التكفيرية المعلنة ، للضمان تحقيق أهدافها، فى التفتيت الطائفى - القبلى للمنطقة " مشروع الشرق الأوسط الجديد : الإمبريالى - الصهيونى ، منذ العقد السابع من القرن الماضى .

إختلاف المقدمات النظريه وإتفاق النتائج العملية : يتسق مع ما سبق ذكره من ان كلاهما اداه إستعمارية لتفتيت الأمة ، انه رغم الاختلاف بينهما ، في المقدمات النظرية - إلى درجه التناقض- إلا أن هناك اتفاق في النتائج العملية، التي تلزم من الممارسات الفعلية للطرفين- موضوعيا وبصرف النظر عن الشعارات و النوايا الذاتية - ومنها:

أولا: رد فعل متطرف : أن كلا الطرفين رد فعل معاكس في الإتجاة " إثبات أو نفي العلاقة بين الدين والدولة "، لكنه مساوي في المقدار"التطرف في إثبات العلاقة الى درجه الخلط والدمج “الإسلاميين”، أو التطرف في نفيها الى درجه الفصل”العلمانيين”" . فمرجع تطرف مذهب التفسير السياسى للدين في إثبات العلاقة بين الدين والدولة ، أنه ظهر في المجتمعات المسلمة في العصور الحديثة ، كرد فعل على الليبرالية والتي باستنادها إلى العلمانية تطرفت في نفى اى علاقة للدين بالدولة ،، وهو أيضا رد فعل على ممارسات الكنيسة السالبة في أوربا في العصور الوسطى.

ثانيا: عدم التعبير عن الحل الإسلامى الصحيح : أن كلا الطرفين قدم حل لمشكلة العلاقة بين الدين والدولة، لا يعبر عن الحل الاسلامى الصحيح لها، والذي مضمونه أن العلاقة بينهما هي: علاقة وحدة وارتباط من جهة ، لان السلطة في الإسلام مقيده بقواعد كلية " كالشورى والعدل..." وليست علاقة خلط أو تطابق، كما يفترض خطأ هذا المذهب ، ليقارب مذاهب أجنبية كالكهنوت و الثيوقراطيه. كما انها علاقة تمييز، من جهة أخرى لان الإسلام يميز بين التشريع كوضع الهي ثابت، والاجتهاد ككسب بشرى متغير ، وليست علاقة فصل كما في العلمانية .

ثالثا: مصطلحا ” اسلامى وعلمانى او ليبرالي ” حادثان في تاريخ الأمة: ومن الناحية اللغوية فان مصطلحا ” إسلامي وعلماني وليبرالي ” حادثان في تاريخ الامه .

مصطلح إسلامى : فمن ناحية اللفظ لم يرد لفظ “ اسلامى” أو “إسلاميين” كصيغه نسب لمفرد أو جماعه من البشر ،في القران أو ألسنه أو أقوال السلف الصالح، إنما ورد لفظ مسلم ومسلمين، قال الله تعالى: (هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ ) (الحج:78)، وإذا كان بعض العلماء المسلمين في مراحل تاليه لعهد السلف الصالح (رضي الله عنهم) قد استخدم مصطلح (إسلاميين)، فأنهم قد استخدموه بدلالات غير دلالاته المعاصرة التي تقتصر على فئة معينة من المسلمين ولا تمتد لتشمل كل المسلمين.

مسلمين وليس إسلاميين : وطوال التاريخ الإسلامى ، فان المسلمين استخدموا المصطلحات ألقرانيه "المسلم المسلمين" في وصف كل من التزم بأصول الدين الثابتة من أفراد وجماعات، أما الجماعات التي تلتزم بأحد المذاهب الاسلاميه،التي هي محصلة الاجتهاد في فروع الدين المتغيرة،فقد نسبوها إلى صاحب المذهب ، كالحنابلة والمالكية والشافعية والحنفية في الفقه أو الاشاعره والماتريديه و الطحاويه في علم الكلام،كما نسبوا الطرق الصوفية إلى مؤسسيها”ألطريقه القادرية، الشاذليه، النقشبنديه …” ، ولم يتم استخدام مصطلح اسلامى وإسلاميين بدلالاته الحديثة في المجتمعات المسلمة، إلا في العصور الحديثة بعد ظهور الإستعمار ( أحمد الريسوني : الحركة الإسلامية المغربية ، ص17 ).أما من الناحية الدلالية فان للمصطلح دلالتين: الأولى هي الدلالة البدعية للمصطلح – وهى الدلالة الشائعة للمصطلح – وتعتبر أن المصطلح هو مصطلح شرعي توقيفي ، وبالتالي فانه يتم استخدامه في هذه الدلالة باعتبار انه أصل من أصول الدين- وهو ما يتعارض مع حقيقة أن المصطلح لم يرد في القران أو ألسنه أو أقوال السلف الصالح – كما تنطلق هذه الدلالة من أو يلزم منها ، جمله من المفاهيم والقيم والقواعد البدعيه، التي تتناقض مع مفاهيم وقيم وقواعد الدين الكلية،كتكفير المخالف في المذهب والكهنوت، فمصطلح “الإسلاميين” في هذه الدلالة يقارب مصطلح “رجال الدين ” ذو الدلالة الكهنوتية ، وفي هذه الدلالة يقارب أو يقابل مصطلح “الإسلاميين” مصطلح” الشيع” ، الذي استخدمه القران الكريم، للإشارة إلى ظاهرة سلبية أصابت تدين اليهود والنصارى ، وهي ظاهرة التفرق في الدين…أما الدلالة الثانية – التي استخدمها بعض العلماء المتقدمين و لم يكتب لها الشيوع – فهي دلالته الاجتهادية التي تعتبر أن مصطلح”الإسلاميين ”اصطلاح بشرى، وبالتالي فانه يتم استخدامه في هذه الدلالة، باعتبار انه فرع من فروع الدين وليس من أصوله، فمصطلح “الإسلاميين” في هذه الدلالة يقارب مصطلح العلماء بالدين “ذو الدلالة المعرفية- العلمية .
مصطلح علمانيه : هو تعريب لمصطلح اجنبى هوsecularism ، والذى يدل أصله اللغوي على معنى العالم - وليس العلم - اى الدنيوى . وكذا مصطلح ليبرالي ، فهو صيغه نسب لمذهب اجنبى غربي محدث liberalism ، الذى يعنى مذهب الحرية .

رابعا : صيغ مختلفة للشعوبية المعاصرة " الاتفاق على إنكار علاقة الانتماء القومية - اللغوية غير العرقية - للأمة ": وكلا الطرفين(الإسلاميين والعلمانيين) اتخذ موقف سلبي من علاقة الانتماء العربية كعلاقة انتماء قومية - ذات المضمون الحضاري اللسانى غير العرقى - إلى أمه التكوين " الأمة العربية "، التي أوجدها الإسلام كأمة ، بعد أن كانت قبله قبائل وشعوب متفرقة، وبالتالي فكلاهما صيغ مختلفة معاصرة للشعوبية ، التي مضمونها محاولة الإرتداد بالشعوب ، التي أصبحت جزء من أمه، إلى الطور الشعوبي السابق على الطور القومي” طور الأمة ”، و التي تأخذ في الأمة العربية شكل الدعوة إلى إلغاء أربعه عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الإسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب السابقة على الاسلام، فهى مناهضة للإسلام- موضوعيا وبصرف النظر عن النوايا الذاتية-

مذهب إنكار أطوار التكوين الإجتماعي : حيث تتبنى الجماعات التي تتبنى مذهب التفسير السياسي للدين، مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي - رغم ان أصوله اجنبية- والقائم على افتراضين خاطئين :
الافتراض الأول : أن الإسلام ينكر وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة،وهو ما يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام لها :الأسرة (وهو الذى خلق لكم من أنفسكم ازواجا)،والعشيرة (وانذر عشيرتك الأقربين) .والقبيلة والشعب (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ). وأمة التكوين " الطور القومى "، حيث أشارت النصوص الى معيارى الانتماء إليها : اولا : اللسان(من تكلم العربية فهو عربي)، ثانيا : الأرض الخاصه أو الديار بالمصطلح القرانى (أنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم) . الافتراض الثاني: ان الإسلام ينكر علاقات الإنتماء الى هذه الوحدات او الأطوار ، وهو ما يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام لها، ورد في الحديث سأل واثلة قال: (يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال (لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم) (رواه أبن ماجه والإمام أحمد).

الليبرالية والتكريس لإستبدال الوجود القومي بالوجود الإقليمى " الشعوبى ": ورغم أن الليبرالية تقر - فى صيغتها النظرية الأصلية- بالأمة كوحدة تكوين اجتماعي - وان كانت تفترض خطأ انها وجود طبيعي " خالد " - إلا أنها في المنطقة العربية، تكرس لإستبدال الوجود القومي بالوجود الاقليمى، فهى هنا ذات مضمون شعوبي. ومرجع ذلك أن الاستعمار "القديم والجديد " ، الذي هو احد إفرازات الرأسمالية كنظام ليبرالي في الاقتصاد ، هو الذي يكرس التجزئة والتفتيت في الأمة ويحرسها، لضمان نهب ثروات الأمة.

خامسا: التناقض مع التدين الشعبي العربي:
هوية التدين الشعبي العربى: له نمطين :
اولا : نمط سائد : يتصف بالاتى:
ا/ سني: طبقا لمذهب الشمول الشرعى لمصطلح " أهل السنه " .
ب/ طبقا للمذهب الاشعرى عقديا " كلاميا ".
ج/ طبقا لأحد المذاهب الاربعه :المالكي/ الشافعي /الحنفي/ الحنبلي "فقهيا".
د/ مع اثر صوفي”عملى” .
ثانيا :أنماط فرعية : وتتمثل فى الاستناد إلى أحد المذاهب الكلامية والفقهية غير السنية، وقد تحولت فى مراحل تاريخيه متاخره إلى طوائف، اى مذاهب مقصوره على جماعات شعوبية أو قبلية معينة.

تناقض مذهب التفسير السياسي للدين مع التدين الشعبي العربي: فمذهب التفسير السياسي للدين يستند إلى مفاهيم مخالفة لمذهب أهل السنة ” اى مفاهيم بدعية “، ومن أهمها ان الامامه” بمعنى السلطة” أصل من أصول الدين ، وهو ما يوافق المذهب الشيعى ، ويخالف مذهب أهل السنة الذى مضمونة أن الإمامة من فروع الدين”الاجتهاديه” ،يقول الإمام الآمدي "واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات " (غاية المرام في علم الكلام : ص 363). كما أن هذا المذهب يلزم منه مفاهيم مخالفه لمذهب أهل السنة ” اى مفاهيم بدعية “، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا: تكفير المخالف في المذهب: وهو ما يوفق مذهب الخوارج ، و يخالف مذهب أهل السنة، القائم على إباحة الخلاف في فروع الدين دون أصوله،يقول ابن مفلح " لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع" (الآداب الشرعية : 1/ 186).
ثانيا: القول بجواز الخروج بالسيف - اى بالقوة المسلحة ،-وهو ما يوفق مذهب الخوارج ايضا ، ويخالف مذهب أهل السنة.

تناقض الليبرالية مع التدين الشعبي العربي: أما تناقض الليبرالية مع التدين الشعبي العربي،فمصدره أن العلمانية “فصل الدين عن ألدوله”هي احد أركانها، ولا شك أن الدعوة إليها في المجتمعات المسلمة، التي يشكل الإسلام هيكلها الحضاري، هي شكل من أشكال التغريب، كما اشرنا سابقا.

سادسا: مناهضة حركة التحرر القومى من الإستعمار ورموزها : فقد إختارت جماعات تتبنى مذهب التفسير السياسي للدين، وخاصة التى تتبنى المذهب في صيغته القطبية ” التكفيرية المعلنة ”، الصدام مع الدولة في هذه المرحله ، وهى تقود معارك مصيرية،ضد الاستعمار بكل أشكاله، فى كل الساحات الوطنية والقومية والعالمية. كما اختارت شخصيات ومؤسسات ثقافية وأحزاب سياسية ليبرالية " علمانية " أن تكون أدوات بيد الاستعمار لضرب حركة التحرر القومى من الإستعمار - التى عبرت عن إراده الامه على المستوى القومى - . كما اشترك كلا الطرفان في حملة تشوية صورة ابرز رموزها -الزعيم الراحل جمال عبد الناصر - والمستمرة حتى الآن.

سابعا: تبرير تطبيق النظام الاقتصادي الراسمالى: كما اتفق كلا الطرفان على تبرير تطبيق النظام الإقتصادي الرأسمالي ،تحت شعارات مثل : الإنفتاح،الإصلاح ، التحرير...الإقتصادي، الخصخصة، رفع - او ترشيد - الدعم ، كركن اساسى من أركان مشروع الشرق الأوسط الجديد “الامبريالي - الصهيونى ". حل ، …ومبرر الليبراليين النظري هو أن الراسماليه هي احد أركان الليبرالية.كما يدافع اغلب الماركسيين العرب المعاصرين عن تطبيق النظام الرأسمالي انطلاقا من مبررين نظريين: المبررالأول ان الماركسيه -فى نسختها الأصلية- تقوم على ان الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية حتمى بمعنى انه يتم بدون تدخل الإرادة الانسانية، و يتحقق حين تصل الرأسمالية الى قمة تطورها .والمبرر الثانى هو محاوله التلفيق بين الرأسمالية والإشتراكية تحت شعار " اقتصاد السوق الاشتراكى". أما المبرر النظري لدفاع أنصار مذهب التفسير السياسي للدين، فهو أنهم يتبنون مذهب التفسير الرأسمالي للاقتصاد الإسلامي "الذي يطلق عليه بعضهم اسم اقتصاد السوق الراسمالى "، والذي مضمونه أن الإقتصاد الإسلامى يتطابق مع الاقتصاد الراسمالى، بينهما الحقيقة أن هناك تناقض جوهري بينهما " على كل المستويات:العقدية، المذهبية، الاخلاقيه…- " ، لا يقبل التوفيق أو التزويق أو التلفيق.
------------------
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري / دراسات ومقالات  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذا المذهب التی تتبنى وهو ما من جهة

إقرأ أيضاً:

التجديـد في الـدراسات الإسلاميـة

بعد ردح من الزمن طويل هيمن فيه الدارسون الغـربيـون بآرائـهـم وقراءاتهم وتصـوراتهم في ميدان الدراسات الإسلاميـة، وكـرسوا فيه تقاليـدهـم في الدرس ويـقـيـنيـاتـهم في النـظر حتى كادت أن تصير مسـلـمات أو شيئا بهـذه المثابة، شـرع ميدان الإسلاميـات في العـودة إلى أهـلـه تـدريجـيـا واتسـع لهم حتى باتت مساحـة حضورهم وفـعـلـهم فيه أرحب مـن مساحة المستـشرقيـن الذين أمـسـوا يتـنـاقـصون أعـدادا، ويتـضاءلـون قـيمة عـمـا كانت عليه أجيالهم الأولى.

بـدا هذا المسار الجديـد - الذي انطلق في سـتـيـنـيـات القـرن العشرين الماضي - وكأنـه يأخذ الفـكـر العربي والإسلامي نحو حال، ولو ابتدائيـة، من الاستـقـلاليـة المعـرفـيـة عن السلطـة المرجعيـة للاستـشـراق، ثم لم يلبث ازدياد عدد الدارسين العرب والمسلميـن في حقـل الإسلاميـات، وخاصـة أولئك المـسربـليـن منهم بالعـدد والأعـتـدة المنهجيـة الحديـثـة، أن أوحى بأنـنا ذاهبـون نحو حال من الظـفـر بالبغيـة الفكريـة الثمينة التي تأجـل تحـقـيقـها طـويلا: تـأميم ميـدان الدراسات الإسلاميـة.

ليس التـأميم هذا انشقاقـا عن الفكـر الإنساني المعاصر، الذي إليه ينتمي الاستـشراق ويحتـل في رحابه مكانا، وإنـما هـو استعادة سيادة كانت مفـقودة على ميـدان من المعرفة يـدور على الأنا الجماعيـة: على الحضارة، والموروث الديـني والثـقـافي، وعلى مشكـلات حاضر مجتمعات العرب والإسلام.

وما أغنانا عن التـنـفـيل في الكلام من أجل بيان لا مشروعيـة أن يـكـون شعب أو مجتـمع أو أمـة صورة عن نـفسها (عن ذاتـيـتها الحضاريـة، وثـقافـتها وتراثـها، وعن معـضلاتها المعاصرة) مرسـومة بريشة سواها! نعـم، ما مـن شك في أن الثـقافـة العربيـة والإسلاميـة، الحديثـة والمعاصرة، ظـلـت تعـتـاز المـوارد والأدوات التي تـتيـح لها أن تـفـك عن الوعـي شـرانـق التـقـليد والاجتـرار وأربـاقـه، وأن تـفـتحـه على أفـق جـديـد يـقـتـحـم فيـه المـجاهـل ويـضيء المـعـتـم من ماضيـها والحاضـر. وإذ قضـى الاعـتيـاز هـذا بأن يـضـرب مفـكـرو الإسلام بأيـديـهـم إلى كتـب الغـربـيـيـن ينهـلون منها ويـمـتحـون ما إليه يـفـتـقـرون، من أجل إعمـار معـرفي لثـقافـتـهم تـتـأهـل بـه هذه لأن تـقـرأ تراثـها وحضارتـها نحـوا جـديـدا من القراءة، فقـد استلـزم - عنـد حـد مـا مـن سـد نقـصـه وإشباعـه - بأن يـنـوضع حـد لـتـلـمـذة مـديـدة أوشـكـت على أن تصـير تسـولا فـكـريـا، وعلى أن تـرسـخ في نفـوس الباحثـيـن روح الكسل المعـرفي وأن تـفـضي، بالتـبعـة، إلى إنجاب نسخة جديدة من التـقـليد الرث نظيـر ذلك الذي كان، وما يـزال، مسلكا قائمـا تجاه الأقدميـن!

بهذا المعنى نفهم عبارة تأميم ميدان الإسلاميـات، أي بحسبانـه استعادة ما صادره منـا فـقـر التـقـليـد والاجتـرار معـطوفـا على تـفـوق السلطان المعرفي الغربي.

وهكذا، أيضا، نفهم هاتيك الاستعادة بوصفها تنـميـة دائبة للحقـل المعرفي المستـعاد، وتـنظـيما له من الداخل يـعاد بـه نصب القـواعـد والأسس لمعرفـة مستقـلة: تاريـخيـة ونـقـديـة، لا تستـبطـن مسـبـقات ولا تعيد لـوكها: أكانت مما خلـفـه فينا سلطان القـدماء، أو كانت ممـا ازدرعـته في هذا الحقل أعمال الغربـيـين وأطاريـحهم. وليس يخامـرنا شـك في أن ميـدان الإسلاميات في الفكـر العربي شهـد على انـتـعاشـة في الإنـتاجيـة ملحوظـة، منذ سنوات السـتيـنـيـات من القـرن الماضي، وأشبع مساحـة معتـبـرة من الحاجـة لدى المجتمع العربي القارئ رفـعت عنـه عـبء الالتـجاء إلى معارف الآخـر منظـورا إليها بما هي المعارف الحق عـن الإسلام وتاريـخـه وحضارته وتـراثـه. ونحـن، في هذا الذي نقولـه، لا نطعـن على معارف المستشرقيـن ولا نـزري بمكانـة مساهمـاتهـم، كما لا نجحـد فضـل قسـم رفـيـع ونـزيه منها، وإنـما نـنـوه بنجاح ثـقافـة - هي الثـقافة العربيـة اليـوم - في أن تـفرض مكـانا لقراءتـها وفي أن تـزاحـم قـراءة الآخـر ذلك التاريخ فـتـزحزحها، قـليلا، عن مقام الصـدارة الذي ظلـت تـتـربع عليه منـذ شـرعت في تحـويـل حضارتنا وثـقافـتـنا ومجـتمـعاتـنـا الحديثـة إلى موضوع للـتـفكيـر وإنتاج الصـور والأحكام...

يـنتمـي الباحث العـربي التـونسـي د. عبدالمجيـد الشـرفـي إلى كـوكبـة الدارسيـن الكبار لتراث الإسلام: الكـلاسيـكي والمعاصر، منـذ شـرع يـطـرق سـبيـله في البحث في الإسـلاميـات في سبـعـيـنيـات القـرن الماضي. هـو اليـوم مـن أظـهـر رمـوز الجـيل الثـاني من الباحـثيـن العرب في الإسلاميـات، بعد جـيل إحسـان عـبـاس، ومحسـن مهـدي، ومحمـد أركـون، ومحمـد عابـد الجابري، وحسـن حنـفي وآخـريـن، وقـد يكون أكـثـرهـم إنتاجيـة ومثـابـرة على البحـث والتـأليف في أغـراض متـنـوعـة من قـضايـا الفكـر والعمل الإسلاميـة.

وإلى ذلك فـقـد ظل مهـتجـسا، في التـفـكير والكتابة، بأسئـلة الحياة الديـنيـة أو، قـل، الحياة التي تحياهـا الجماعة الإيـمانيـة الإسلاميـة في عصـر جـديـد مزدحـم بالتـحولات الهائلة في الأفكـار والقيـم والمعاييـر وأنماط المعيش الاجتـماعي؛ وهي التـحولات التي مـا ونـت تعـصـف بتوازن تلك الجماعـة لـما ألـقـتـه على وعـيها وسلوكـها من تحـديات تـعـتاص على المواجهة والتـذليـل. ولقـد انـفـرد د. عبد المجيد الشرفي، من دون أكـثـر أتـرابـه، بمجالـدة تلك الأسئلـة بالنـظر والافـتحـاص ملـتمـسا إجـابـات عنها مقـنـعة، صادرا، في ذلك، عـن قاعـدة فكـريـة لم يـحـد عنها؛ هي نبـذ التـمسـك بحـرفـيـة النصوص وأحكامها المتـعلقة بأزمـنـتها التي وردت فيها، والانـتباه - بـدلا من ذلك - إلى روحيـة النصوص والمقـصديـة فيها ثـم تأولـها على هذا المقـتـضى الذي يـعيـد التـوازن المفـقـود، ويعـيـد مصالحة المـؤمن مع زمنـه ومنـطـق زمنـه من غير أن يـفـقـره ذلك من أي مخـزون إيـمانـي أو روحي.

يـقـبـع في خـلـفـيـة هذا المنحى في الدرس والبحـث في أسئـلة الإسلام اليـوم منـزع إلى إعادة فهـم نصوص الديـن في التـاريـخ وإحـسـان النـظـر إلى مـوقـعـيـتها في السـياق الديـنـي العام. لقـد حـذق د. عبدالمجيد الشـرفي حـذقـا ملحـوظا في النـظر إلى نصوص الإسلام بمنـظار تاريـخي يضعها حيث ينـبـغي لها أن تـوضع في مجـرى الشـروط الحافـة. هكذا نجح في تهـوية التـفـكير في نصوص الدين من الاختـناق والهـواء الاجتـراري الفاسـد، وحـرر النـظـر إليها مـن التـحنيط والتـنميط ومن نـزعة التـعالي بها عن الشرط الإنسانـي والتـاريـخي، فكـرس بذلك منحـى في البحـث العلـمي مـداره على النـقـد التاريـخي للموروث الثـقافي الإسلامي محـاذرا، في ذلك، أن تـزل قـدمـه إلى حيث تـطـأ أرض العـدميـة؛ حيث كـل أثـر يصـير، باسـم النـقـد، في خبـر كان ساعيـا - في مقابـل هذا - في إقامة الدليل على مقـدار ما تـوفـره النـظرة التـاريخيـة إلى التـراث مـن إنصـاف لذلك التـراث ومـن إنزاله المنازل التي يستحـق.

ولعمـري إنـه الرجـل بات لدى كـل منـصف عنـوانا للنـزاهة العلميـة في مضـمار البحث في مشـكلات عـادة ما كان الجـدل فيها ينـتهي بأصحابـه إلى مضاربـات إيـديـولوجيـة لا حـدود للغـوها وبؤسـها.

حين كان القسم الأعظـم من الباحثـين في تـراث الإسـلام - مـن مـفكـري الحـداثـة العـرب - منـصرفا إلى دراسة العلوم العـقـليـة والتـصوف والكـلام، ظـل د. عبد المجيد الشـرفي ضمن زمـرة قـليلة من الدارسيـن منـشغـلا بالعـلوم الشـرعيـة: علـوم القـرآن، والتـفسيـر، والحـديث، والفـقـه وأصول الفـقـه؛ وهـذه - من غير جـدال - المياديـن الأشـد صعوبـة في البحـث والمحـاطة بجـدران سميكـة من التـأويلات التـقـليديـة المحافـظة التي تمنـعها من تـدخـل جراحـي علمي.

وإذا كان هذا الاستعصاء سبـبا لأن تكـون تلك العلـوم الديـنيـة مياديـن غيـر مأبـوه بها عنـد بعـض، فهـو علـة اهـتجاس د. عبد المجيد الشرفي بها وحـرصـه على فحـص نـقـدي للكـثـير من مقالاتـها؛ إذ فيهـا - لا في غـيرها - يقـيم ذلك الذي أسماه محمـد أركون بالعقـل الأورثـوذكسي المسؤول عن حالة الانسـداد المعرفي أو الانـغلاق. وليس معنى ذلك أن عمـل عبد المجيد الشـرفي تـكـرس لـدحـض ما تركـه الأقـدمون من أئـمـة المذاهـب وأصحاب المقالات، بل كثيـرا ما أضاء جـوانب من الاجتـهـاد فيها، أو من الفائـدة وتعظيـم المنفعـة منها في زمنها، منـبـها إلى أن مـوطن الإعـضال ليس دائـما في مـواريث القـدماء، التي تـنـتمي إلى تاريخها وتـنـحـكم بأحكـام الأفـق الذهـنـي الذي كان متاحـا لهم، بـل في نزعـة الاتـباع والتـقـليد التي تـمـسك بخـنـاق المعاصـرين، من المحافظيـن فتجعلهم يـمـددون إقامـة أفكـار الأقـدميـن في وعـيـهم وكأنـها حقائـق مطلـقـة!

يطـول الكـلام على عـظـم صنـيع د. عبد المجيد الشـرفي ونـفـيـس ما قـدمـه في مجال الدراسات الإسلاميـة من أعمـال مرجعيـة تنـاولت مـروحـة واسعـة من الموضوعات، تـمتـد من مناظـرة الفـكر الإسلامي للنـصرانيـة إلى إعادة عـرض عـلوم القـرآن والتـفـسير عـرضا منـظومـيـا شامـلا، مـرورا بنـقـد هـادئ للـفكـر الإسلامي الكلاسيـكي والمعاصر، وللاستـشـراق، وللحـركات الإسلاميـة السياسيـة. لكـن واحـدة من أنـفـس نفـائـس مسـاهمـاته هي تلك التي تمـثـلت في تـكريسـه تقالـيد العـمـل الجماعـي في ميدان البحـث العـلمي في الإسلاميـات، والإشـراف على مشاريع بحـوث جماعيـة في مسائـل فـكريـة مختـلفة آخـرها ما قـام بـه مع جمـهـرة من الباحثـيـن على صعيـد الدراسات القـرآنيـة، وصـدر في سـفـر كبـيـر، من خمسـة مجـلـدات، حاملا عـنـوان المصحف وقـراءاتـه.

وعندي أن هذا الصـنيع العلـمي الرفيـع يـفصـح عن وعـي عـميـق لـديـه بمعـنى البحث العلـمي، اليـوم، الذي أضحى يـفـرض الحاجـة إلى جـهـد مـركـب تـتـضافـر كـفاءات عـدة في بـذلـه قصـد اجتـراح نـتائـج وثـمـرات من المعـرفة أجـزل مما يسـع النـفـر الواحـد مـنـا أن يـنـتـهي إليه بإمكاناتـه الفرديـة. ويـكـفـي الرجـل أنـه أنجب مـدرسـة تونسيـة للبحـث في ميـدان الدراسـات الإسلاميـة نشهـد، اليـوم، على طـيـب ثـمـار أقـلامها وعلى ألـمـعيـة الكثـيـر من أسمائـها.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: يمكن أن يلغي الله النار في الآخرة.. وهذا ليس رأيا جديدا
  • العلامة شمس الدين شرف الدين: قلوب ملايين اليمينيين تهفو إلى التشييع المهيب لسيد شهداء الإنسانية الشهيد القائد حسن نصر الله
  • علي جمعة: الله قد يلغي النار يوم القيامة
  • هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»
  • الحلقة الأخيرة
  • استشاري : سن اليأس مصطلح خاطئ ويفضل استبداله بـ سن الحكمة .. فيديو
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)
  • كيف تستخدم إسرائيل الأطفال كأداة استعمارية؟
  • التجديـد في الـدراسات الإسلاميـة