منافسة كنيسة الإسكندرية.. كيف تستغل روسيا الأرثوذكسية في أفريقيا؟
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
سيتعين على روسيا هزيمة كنيسة الإسكندرية إذا أرادت توسيع دائرة نفوذ الأرثوذكسية الروسية في أفريقيا، وهي الرغبة التي أعلنها صراحة في 28 يوليو/تموز 2023، البطريرك الروسي كيريل، خلال لقاء مع الزعماء الأفارقة في سانت بطرسبرج.
يتناول مقال باتوهان أجا في "بوليتيكس توداي"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، التوسع السياسي للكنيسة الأرثوذكسية الروسية في أفريقيا على مدى العامين الماضيين.
ويشير المقال إلى فتح أكثر من 200 أبرشية في 25 دولة أفريقية بالرغم من أن الولاية الأرثوذكسية التقليدية في أفريقيا تنتمي إلى بطريركية الإسكندرية بمصر.
ويدعي البطريرك كيريل أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ملزمة بفتح كنائس جديدة "للمؤمنين" في أفريقيا؛ حيث يؤكد أن "بطريركية الإسكندرية فقدت شرعيتها من خلال المناورات السياسية".
ووفقا للمقال، تأتي تأكيدات كيريل مدفوعة بقرار الإسكندرية الاعتراف باستقلال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية.
كما أصدر البطريرك ثيودور الثاني من الإسكندرية، بيانًا ضد البطريرك كيريل، وأشار إلى أن الأخير "كان يقسم المؤمنين من خلال تصريحات سياسية قاسية"، وأنه لا يحق له "تضليل أتباع المسيح بشأن القضايا السياسية".
صدام متجذر
ولفت المقال إلى أن الصدام بين كيريل وثيودور الثاني متجذر بعمق في أحداث الماضي القريب، حيث انفصلت بطريركية كييف عن موسكو في عام 2019 لأسباب سياسية، وهي خطوة لاقت غضبًا في موسكو.
وفي نفس العام، اعترف البطريرك ثيودور الثاني ببطريركية كييف، وكان لاعباً رئيسياً في دعم الاستقلال الروحي لأوكرانيا، وهكذا لفت انتباه البطريرك كيريل.
ويحمل نطاق سلطة ثيودور الثاني أهمية خاصة بالنسبة إلى كيريل، حيث يحمل الأول لقب "بابا وبطريرك مدينة الإسكندرية وليبيا وبنتابوليس وإثيوبيا ومصر وأفريقيا".
ومع وجود أكثر من مليون من الأرثوذكس الشرقيين في القارة الأفريقية، تمتد سلطة ثيودور الروحية من النيجر إلى جنوب أفريقيا، في حين أن سلطته القضائية تجتذب الصراع وتكون عرضة للتلاعب السياسي.
اقرأ أيضاً
الكنيسة الأرثوذكسية الروسية: عمليات تغيير الجنس جريمة دينية
في غضون ذلك، يعتقد كيريل أن زيادة نفوذه ممكنة فقط من خلال التدخل في اختصاص ثيودور الثاني، وهو يدين علانية بطريركية الإسكندرية باعتبارها "فاسدة ومنحطة"، ويدعي أنها "تحرم الأفارقة من الإرشاد الروحي"؛ وبذلك، يضفي الشرعية على الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
ويرى الكاتب أنه من دون حصر التوجيه بشروط دينية، يسعى البطريرك كيريل إلى توجيه العلاقات الروسية الأفريقية من خلال الكنيسة أيضًا، ويطلب من الكهنة والمؤمنين الأفارقة تغيير ولاءاتهم من الإسكندرية إلى موسكو ويعدهم بالرعاية الاجتماعية والبنية التحتية والمدارس والمستشفيات.
ويفسر المقال هذا النهج بالسعي إلى "استغلال احتياجات ورفاهية الشعب الأفريقي"؛ حيث تعد الكنيسة الروسية بالمساعدة في ظل ظروف سياسية قاسية، مثل قطع العلاقات مع الدول والمؤسسات الغربية.
إن اتباع القيادة الروحية لموسكو يعني أيضاً قبول الأجندة السياسية للكرملين، "حيث يدعي كيريل أن بطريركية الإسكندرية ستقود جماعة المؤمنين إلى مجال النفوذ الغربي"، وفق الكاتب.
اقرأ أيضاً
اتهامات روسية لبطريركية القسطنطينية بتمزيق الأرثوذكسية
طموح موسكو
ويوضح المقال أنه على العكس من ذلك، فإن أجندة كيريل الخاصة تعزز طموحات موسكو في أفريقيا وتؤكد أنه من خلال السعي إلى إقامة علاقات وثيقة مع بطريركية موسكو، يمكن للدول الأفريقية حماية نفسها من الضغوط الخارجية.
كما يخصص البطريرك ثيودور الثاني أموالاً من كنيسته لأفريقيا؛ للمساعدة في إنشاء المدارس والكنائس. وتعمل مثل هذه الإجراءات على تلبية الاحتياجات الروحية للمجتمع الأرثوذكسي الأفريقي ولا ترتبط بالخطاب السياسي.
وفيما يتجنب ثيودور الثاني أي جهود لتسييس العقيدة الأرثوذكسية، فإنه في أحد تصريحاته الأخيرة، حذر العالم الأرثوذكسي من خطر طموحات موسكو السياسية في أفريقيا.
اقرأ أيضاً
أمن روسيا: الدلالات الجيوسياسية للصراع داخل الكنيسة الأرثوذكسية
المساعدات الروسية من خلال التأثير الديني
يرى المقال أنه يمكن لجمهورية أفريقيا الوسطى أن تكون مثالاً على نهج بطريركية موسكو تجاه أفريقيا، حيث قام أحد كبار رجال الدين بتحويل ولاءه من الإسكندرية إلى العاصمة الروسية، وكافأه الكرملين بسخاء عبر مدارس وبنية تحتية جديدة.
وبسبب عدم رضاها عن الغرب وسعادتها بتلقي المساعدات الروسية، أنشأت جمهورية أفريقيا الوسطى تعاونًا أمنيًا مع الشركات العسكرية الروسية الخاصة، أي قوات المرتزقة.
وفي ذات السياق، يخشى ثيودور الثاني أن ينتشر النفوذ الروسي إلى بلدان أخرى بها أرثوذكس، حيث انتهى الأمر بجمهورية أفريقيا الوسطى بتدخل روسيا في بيروقراطيتها وإعلامها واقتصادها وسياستها.
وتعمل الأرثوذكسية كأداة لروسيا لتحقيق نفوذها في أفريقيا، مما يؤكد حقيقة أن الدين لا يزال من الممكن أن يخدم كأداة للقوة الناعمة. ومع ذلك، لا يزال يتعين على موسكو أن تهزم كنيسة الإسكندرية إذا كانت تريد توسيع نطاق نفوذها في أفريقيا.
اقرأ أيضاً
بابا الكاثوليك وبطريرك الأرثوذكس الروس يلتقيان للتغلب على شقاق استمر ألف عام
المصدر | باتوهان أجا/ بوليتيكس توداي – ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: روسيا الأرثوذكسية أفريقيا الأسكندرية الکنیسة الأرثوذکسیة فی أفریقیا اقرأ أیضا من خلال
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة تستغل مواقع التواصل الاجتماعي لتزييف الواقع
قال الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، إن مسئولية دار الإفتاء تتلخص في مهمة الرد على الشائعات والأكاذيب والتهديدات التى تواجه الدولة، بجانب دورها في توعية الرأي العام.
وأضاف المفتي في حوار خاص مع الإعلامي أحمد موسى ببرنامج على مسئوليتي المذاع على قناة صدى البلد، أن الوقت الحالي الذي نعيش فيه؛ تتعدد فيه الأزمات وتتنوع فيه المشكلات خاصة في العالم العربي والإسلامي
وأشار الدكتور نظير عياد، إلى أن العالم العربي والإسلامي يواجه العديد من الشائعات الكاذبة والمفاهيم التى تدعو إلى تزييف الوعي باستخدام الوسائل الحديثة.
وأردف مفتي الجمهورية: الوسائل التكنولوجية الحديثة أحد أهم النعم التى حباها الله للإنسان لكن البعض أساء استخدامها بشكل مهين، فالدول والجماعات المتطرفة تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للقضاء على الشخصية وطمس الهوية والقيم الإنسانية وتصدير كل ما تريده.
وأكد الدكتور نظير عياد خلال لقائه مع الإعلامي أحمد موسى، أن هناك دول عديدة خصصت الكثير من مليارات الدولارات لهدم القيم الإنسانية وطمس الهوية الشخصية.