تحل اليوم ذكرى ميلاد الإمام الرائد محمد زكي الدين إبراهيم، الذي ولد في 22 أغسطس 1906م، 2 رجب 1324ه، بحي بولاق أبو العلا بالقاهرة.

والده هو الشيخ إبراهيم الخليل، ووالدته فاطمة الزهراء ابنة الشيخ محمود أبو عليان الشاذلي.

ولد الإمام الرائد في بيت علم وقرآن، ولقبه زكي الدين، وكنيته أبو البركات وهي الكنبة التي يتوارثها شيوخ الطريقة المحمدية.


حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ جاد الله عطية بالقراءات المختلفة، بمسجد السلطان أبي العلاء حيث كانت تقيم أسرته، وأتم حفظه عن ظهر قلب على يد الشيخ أحمد الشريف بمسجد سيدي معروف، وكان حينئذ بين التاسعة والعاشرة من عمره، وفقا لما ذكرته أمانة الدعوة بالعشيرة والطريقة المحمدية.

 

وبحسب ما نشره الدكتور محمد زغله، على صفحة مدرسة الإمام الرائد، أنه التحق بمدرسة درب النشارين الابتدائية، وانتقل منها إلى مدرسة نهضة بولاق الكبرى، ثم التحق بالأزهر الشريف فأخذ فيه المرحلة الثانوية ثم مرحلة العالمية القديمة ،ثم نال شهادة العالمية الأزهرية التي تعادل الدكتوراة الآن.

تعلم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، وتعلم الفرنسية على يد الأستاذ داود سليمان من أعيان أسيوط، والألمانية بالقاهرة على يد الأستاذ راغب واليالمدرس بالمدرسة الألمانية

وترجم قصائد للشاعر الألماني «هايني رش هايني»، و تعلم الفارسية على يد الشيخ محمد الأعظمي الإيراني عضو جمعية الأخوة الإسلامية، وترجم قصائد للشاعر الصُّوفي "محمد إقبال".

تخرج الإمام الرائد في الأزهر الشريف، وكان مفتشا للتعليم بوزارة التربية والتعليم ثم أستاذا بالدراسات العليا ثم عميدا لمعهد إعداد الدعاة، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية واللجنة الدينية العليا بمحافظة القاهرة، والمؤتمر العالمي للسيرة والسنة، ومؤتمر التبليغ والدعوة العالمي، وبعض المجامع العلمية بالبلاد العربية والإسلامية.

وهو رائد العشيرة المحمدية ومؤسسها، ومؤسس مجلة المسلم واستقلت الطريقة المحمدية بخصائصها وسجلت كطريقة رسمية بالمجلس الصوفي الأعلى.
جدِّد الإمام الرائد في حياته مسجد ومشهد المشايخ بقايتباي، ومراقد مسجد أهل اللهِ ببرقوق، كما جدد ساحات أبي عليان بالصعيد، ومؤسِّس المجمع المحمدي بمنشية ناصر والدويقة والحرفيين، والساحة المحمدية بحميثرة.
ويذكر عنه أنه قطع مدارج السلوك الصوفي على يد والده، وأتمَّ مسيرة (الأسماء السبعة)، ثم (الثلاثة عشر)، ثم (التسعة والتسعين)، حتى انتهى إلى (الاسم المفرد والأعظم)، ودخل الخلوة الصغرى والكبرى مرات، ومارس العلوم الفلكية والروحية ونقَّحها، وأجرى الله على يديه الكرامات، وتتلمذ عليه كبار القوم والسادة من الشباب والعلماء والأدباء، بحسب ما ذكر في كتاب الدليل إلى الطريقة المحمدية.

 

والشيخ زكي الدين له الكثير من المؤلفات، ومكتبه النادرة العامرة بأمهات الكتب القيمة والنادرة القديمة والحديثة، مطبوعة ومخطوطة، وكان له الفضل في تجديد مسجد آل ملك وإلحاقه بمسجد العدوي بساحة الإمام الحسين رضي الله عنه.
ألف الكثير من المؤلفات العظيمة في التصوف الإسلامي خاصة وبقية العلوم والمعارف والآداب والشعر عامة، وله نشاطه الديني بالإذاعة والتليفزيون والجرائد والمجلات بمصر، وله خطبه ومحاضراته ودروسه المشهورة والمسجلة.
ومن أشهر مؤلفاته: أبجدية التصوف الإسلامي، أصول الوصول، أمهات الصلوات النافلة، فواتح المفاتح: الدعاء وشروطه وآدابه وأحكامه، ليلة النصف من شعبان: قيامها، فضلها، الدليل الحاسم على إحيائها، المحمديات، مراقد أهل البيت في القاهرة، وغيرها الكثير.

 


وتلقى الشيخ الزكي من الرئيس جمال عبدالناصر وشاح الرواد الأوائل ونوط التكريم، وأهداه الرئيس السادات نوط الامتياز الذهبي من الطبقة الأولى، وأهداه الرئيس حسني مبارك وسام العلوم والفنون المخصص لكبار العلماء والأدباء وأهداه الرئيس السلال وشاح اليمن والخنجر وأهدته محافظة القاهرة ووزارة الشؤون الاجتماعية عددا من شهادات التقدير والأوسمة.
كان للإمام الرائد دعوته المستقلة إلى تحرير التصوف وجهوده في تطهير التصوف وتطويره ودعوته إلى الجامعة الصوفية العالمية كنواة للتجمع الإسلامي، وإذاعة مبادئ الحب والسلام والربانية في أوطان أهل القبلة.
ويعد الإمام الرائد مجدد الصوفية في هذا العصر، فهو من ادرى الناس بعلوم الحديث النبوي والفقه القارن والتاريخ الإسلامي والأدب العربي.


فكان الشيخ يكافح التطرف والتشدد بقدر ما يكافح التخريف والتحريف والتظاهر والرياء والضعف، داعيًا إلى الوسطية والسماحة، والحب والسلام، والعلم والعَلاقة بالله، والتقريب بين طوائف المسلمين على أساس الربانية القرآنية، مكافحًا الجمود والجحود، والتخلف والتعصب، والتطرف والإرهاب، والتخريب والعمالة، ومتخذًا المبدأ الصوفي الشرعي طريقة للخدمة الإسلامية الجامعة.

و أسس الشيخ الزكي المؤتمر الصوفي العالمي، ومؤتمر المرأة المسلمة الذي عقد في أوائل الخمسينيات، واشتركت فيه الجماعات الإسلامية، وكان له صداه في العالم كله، وكان من أقدم مؤسسي جمعية الإخوان المسلمين، ثم تركها مع الدكتور المرحوم (إبراهيم حسن) وطائفة من خيرة الرجال.

وشارك فضيلته في الإعداد لحرب عام 1973م هو وتلاميذه، وكبار أعضاء العشيرة والطريقة بأعمال التعبئة والتوعية والإعداد، حتى كان يبيت الليالي ذوات العدد مع جنود الجبهة على البحر الأحمر مع زعيم السويس الشعبي الصوفي الشيخ حافظ سلامة، والشيخ محمد الغزالي، وخاصة العلماء، وكم تعرض ومن معه للأخطار الداهمة، وواجه الأسر والقتل بين بورسعيد والإسماعيلية والسويس أمام الهجمات اليهودية.

ومن المعروف عنه فقد تزوج الشيخ محمد زكي الدين من أم الأشراف منيرة كريمة إسماعيل صادق عبدالقادر أحد كبار موظفي السكة الحديد، وأنجب منها أبنائه محمد عصام الدين، محمد جمال الدين والمعتزة بالله هانم النبوية.
وبعد وفاة زوجته تزوج من ذات الهمة، أم المساكين المهندسة عفاف محمد حسني محمد مرسي لمواجهة مطالب الدعوة وحركة الدار وضرورة رعاية أمراضه الموصولة، وكانت من تلميذات زوجته ومن المرئيات الصادقات في خدمة الله واللواتي عرفت دعوة العشيرة والطريقة.
توفي في 7 أكتوبر عام 1998، ودفن بجوار جده وأبيه بمسجد المشايخ بقايتباي.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: على ید

إقرأ أيضاً:

في ذكرى رحيل الشيخ المعلم.. ما سر بقاء صوت الحصري خالدا في القلوب؟

صوتٌ يأخذك إلى عالمٍ من الخشوع والسكينة، وأداءٌ يعكس جمال القرآن وروعة أحكامه.. تحل اليوم ذكرى رحيل الشيخ محمود خليل الحصري، أحد أعظم قراء القرآن الكريم في تاريخ مصر والعالم الإسلامي، بصوته الفريد، وأسلوبه المتقن، وأعماله الخالدة، صنع الحصري إرثًا لا يزول، تاركًا بصمةً مضيئةً في قلوب المسلمين، وفي كل بيت يصدح فيه كتاب الله، لأنّه لم يكن مجرد قارئ بل كان سفيرًا للقرآن وملهمًا للأجيال.

وُلد الشيخ الحصري في 17 سبتمبر 1917 بقرية «شبرا النملة» بمحافظة الغربية، ونشأ في بيئة تُقدِّر القرآن الكريم، حفظ القرآن في سن الثامنة، والتحق بمعهد طنطا الأزهري لدراسة علوم القرآن والقراءات.

أسلوبه المتزن في التلاوة

واشتهر الشيخ الحصري بصوته المميز وأسلوبه المتزن في التلاوة، وبرزت قدراته الاستثنائية في ضبط قواعد التجويد وإتقان أحكام القراءة، وكان أول من سجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم عام 1961؛ ليصبح بذلك نموذجًا يُحتذى به في التلاوة الصحيحة، وانتشر صوته في أنحاء العالم الإسلامي، كما سجل الشيخ المصحف كاملًا بروايات مختلفة مثل ورش وقالون والدوري.

نشر وتعليم القرآن الكريم

وأسهم الحصري في نشر وتعليم القرآن الكريم داخل مصر وخارجها، إذ ألقى محاضرات وقدم تلاوات في العديد من الدول الإسلامية والغربية، وكان حريصًا على تعريف العالم غير الإسلامي بجماليات القرآن الكريم من خلال أسفاره الكثيرة، إذ زار دولًا مثل الهند وباكستان وبريطانيا والولايات المتحدة.

ولم يكن الحصري قارئًا فقط، بل كان عالمًا ومصلحًا دينيًا، كتب العديد من الكتب التي تناولت علوم القرآن، مثل كتاب «أحكام قراءة القرآن الكريم»، و«القراءات العشر من الشاطبية والدرة»، كما كان مهتمًا بتحفيظ القرآن للأطفال، وأسس العديد من الكتاتيب والمراكز لهذا الغرض.

الأوسمة والتكريمات

وعلى مدار حياته، حصل الشيخ الحصري على العديد من الأوسمة والتكريمات، وكان قارئًا رسميًا لمسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وفي 24 نوفمبر 1980، توفي الشيخ الجليل عن عمر ناهز 63 عامًا، تاركًا إرثًا خالدًا من التلاوات العطرة والعلم النافع، ورحل الحصري بجسده، لكن صوته ما زال يصدح في بيوت المسلمين حول العالم، ملهمًا الأجيال بحسن الأداء وخشوع التلاوة، ليبقى اسمه خالدًا في سجل العظماء الذين خدموا كتاب الله بصدق وإخلاص.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى رحيل الحبيب الإمام
  • إبراهيم تاتليسيس يطلب الدعاء من متابعيه
  • الأزهر للفتوى يحيي ذكرى وفاة الشيخ محمود خليل الحصري.. أهم قراء مصر والعالم
  • في ذكرى وفاة الشيخ محمود خليل الحصري.. لماذا سجل المصحف المرتل بصوته؟
  • في ذكرى رحيل الشيخ الحصري.. أول من سجل المصحف الصوتي بالعالم
  • في ذكرى رحيل الشيخ المعلم.. ما سر بقاء صوت الحصري خالدا في القلوب؟
  • المعلم الأول.. ذكرى وفاة الشيخ محمود خليل الحصري الـ 44
  • في ذكرى وفاته.. الشيخ الحصري أول من قرأ القرآن بالبيت الأبيض والأمم المتحدة
  • حمد إبراهيم يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة بتروجيت
  • مشاهد مؤثرة.. لاعبو كفر الشيخ وبني عبيد يخلدون ذكرى محمد شوقي| صور