جلسة نقاشية تتناول تحديات الناقد الثقافي.. وأسئلة المستقبل
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
أقيمت مساء الأربعاء في النادي الثقافي جلسة نقدية بعنوان "تحديات الناقد الثقافي: التوصيف والتشخيص وأسئلة المستقبل"، وهي الفعالية الأولى التي يقيمها "مختبر النقد"، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على قضايا النقد الثقافي ومستقبله في ظل التحولات الفكرية والإبداعية المعاصرة.
ناقشت الجلسة أبرز الإشكاليات التي تواجه الناقد الثقافي، ودوره في تشكيل الوعي النقدي وتحليل الظواهر الثقافية.
وجاءت ورقة الدكتور حميد الحجري لتحمل عنوان: "النقد الثقافي واستحقاق المنهج"، قال فيها: "يمثل النقد الثقافي إضافة مهمة إلى ميدان النقد الأدبي في الساحتين الغربية والعربية، ذلك أنه يتعامل مع الأدب باعتباره ظاهرة اجتماعية معقدة تنطوي على أنساق ثقافية مضمرة تستوجب الكشف والتفكيك، بما يسهم في تحرير العقل البشري مما يرسف فيه من أغلال فكرية واعية ولا واعية، رسّختها السلطة الجمعية من جهة، وموازين القوى الاجتماعية من جهة أخرى".
وأضاف الحجري في حديثه: "وبقدر الأهمية التي يتمتع بها النقد الثقافي، ثمة مزالق كثيرة تتربص بالنقاد الثقافيين، زلت بها أقدام بعضهم، وحامت حولها أقدام البعض الآخر، في مقدمتها: الانفعال ومجافاة الموضوعية، والانحيازات المسبقة، والمبالغة، والتعميمات المخلّة".
واستطرد الدكتور حميد في ورقته فقال: "يمثل الاستحقاق المنهجي التحدّي الأكبر والأخطر الذي يواجه النقد الثقافي باعتباره منهجًا من مناهج النقد الأدبي، فمتى تخطّى النقاد الثقافيون هذه العقبة، وتمكنوا من إخضاع فرضياتهم لمعايير البحث العلمي الرصين، فإنهم عندئذ سيرفدون المكتبة العربية بدراسات نوعية تسهم في تفكيك الأنساق الثقافية اللاواعية".
وقدم الدكتور محمد الشحات ورقته التي قال فيها: "ليس النقد الثقافي خطابًا في الكراهية، ولا خطابًا في التربص، ولا القبض على اللصوص، النقد حسب تصوري عبر سنوات من الاشتغال، خطاب في المساءلة، بمعنى أنه خطاب معرفي، مؤسَّس على منهجيات وتصورات نظرية وتراكمات متتابعة، هي في الأصل أفكار نظرية مستلّة من منظومة العلوم الإنسانية. لكن ما يميز النقد عن علم التاريخ وعلم الاجتماع أو دراسات الآثار هو أن النقد يتعامل مع نصوص أدبية، أما باقي العلوم فتتعامل مع نصوص شفهية كلامية أو آثار أو أيقونات أو لوحات تشكيلية أو أفلام سينمائية. النقد مادته هي النص".
وأضاف الشحات: "لم يعد النقد الأدبي نقدًا قيميًا، ليس الآن فقط وإنما منذ الستينيات. سؤال القيمة غُيّب، لكن تغييب سؤال القيمة في المناهج النصية لم يكن تغييبا قسريًا، بل جاء بحكم ردة فعل على التيارات السابقة، وعلى المنهج الاجتماعي تحديدًا، والتاريخي وأحيانًا النفسي".
وقال: "أنا لا أتصور وجود حركة أدبية في بلد من البلدان دون نقد. خطاب النقد لا يقوم به ولا يمارسه الأكاديميون وحدهم، بل يمارسه كل من يملك أدوات معرفية، لكن في عالمنا العربي لا يُمنح النقد ولا يُمارس إلا في الأكاديميات، والمشكلة أن من يمارسون النقد في الأكاديميات بعضهم يتعطل أو يتوقف عند إنتاج رسالة علمية، لذا لا بد للنقد أن يخرج إلى النطاق الأوسع".
وتطرق الناقدون في الجلسة إلى الحديث عن التحدّيات التي تحول بين الناقد وبين بروز صوته في خطاب النقد العالمي الذي تهيمن عليه أكاديميات غربية منذ سنوات ليست بالقليلة، وقُسّمت التحديات إلى صنفين كبيرين: الأول يواجه المثقف العام، مثل مشكلة العولمة وتنميط الثقافة الإنسانية وغياب الحريّات وأزمة التعليم ومشكلات البيئة. والثاني يواجه الناقد المتخصِّص، مثل تحدّي المنهجية، والمرجعية، وتحدّي الهوية، والجندرية، وتحدّي الأجناسية.
كما ناقش المتحدثون ضرورة نقل الخطاب النقدي من مستوى تحليل النصوص (أي تحليل الجزئيات تحليلًا مجهريًّا دقيقًا)، سواء في تمظهراتها البنيوية أو الأسلوبية أو الثيماتية، إلى تأويل الخطابات والأنساق (أي تركيب الكُلّيّات تركيبًا رؤيويًّا وفلسفيًّا)، ومن تحليل جماليات الأبنية وبلاغتها وشعريّتها إلى تحليل الأنساق وتفكيكها أو نقضها وتعرية مضمراتها، التي هي مضمرات الثقافة المؤثِّرة في تشكّل النصوص.
ومن خلال حديث المشاركين في الجلسة، فُتحت أبواب الحوار لعدد من التساؤلات المتعلقة بالنقد في الوطن العربي، أبرزها: هل يستطيع الناقد العربي استئنافَ مشروع التنوير العربي الجديد؟ هل يمكن أن يُقدّم النقّاد العرب الجدد في السنوات العشر أو العشرين المقبلة ما يجعلهم امتدادًا أصيلًا لمشروعات فكرية عربية تدافع عن وجود الإنسان العربي في القرن الواحد والعشرين؟ وما صورة الناقد بعد عشرين أو خمسين عامًا؟ وما طبيعة التحدّيات التي سيواجهها الناقد أو النظرية ذاتها؟
تجدر الإشارة إلى أن النادي الثقافي يسعى من خلال فعالياته الثقافية والفكرية والنقدية إلى إبراز دور المثقف العماني في الساحة العربية، وما يقدمه من تعزيز للحوار والفكر العربي، وإسهامه في الحراك الثقافي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: النقد الثقافی تحلیل ا خطاب ا
إقرأ أيضاً:
تحليل: في مباراتي المنتخب المغربي، تغييرات مستمرة... وعمل كبير ينتظر الركراكي قبل كأس إفريقيا
انتهت الجولة الخامسة والسادسة من التصفيات الإفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2026، بتحقيق أسود الأطلس لانتصارين، على النيجر بهدفين لهدف، وتنزانيا بهدفين نظيفين، في المباراتين اللتين جرت أطوارهما بوجدة، وسط العديد من التغييرات التي قام بها الناخب الوطني وليد الركراكي، في ظل الغيابات.
وقام الناخب الوطني، بتجريب العديد من الخطط التكتيكية في المباراتين معا، دون نسيان تغييره للمنظومة الدفاعية ككل، في ظل غياب الكوادر للإصابة وعدم الجاهزية، ما جعله يعتمد على لاعبين عادوا لحمل القميص الوطني بعد غياب طويل، وعلى آخرين لأول مرة، لتتواصل بذلك التغييرات في انتظار الحسم في هوية المدافعين الذين سيعتمد عليهم خلال منافسات « الكان ».
تغيير المنظومة الدفاعية والعودة للاعتماد على تشكيل مونديال قطر 2022
يعتبر خط الدفاع بمثابة صداع في رأس الناخب الوطني وليد الركراكي، لأنه في سنة ونصف أو سنتين، قام بتجريب العديد من اللاعبين، حيث أنه في هذه المرة قام بالمناداة على جمال حركاس، وجواد الياميق، الغائب عن عرين الأسود منذ سنة 2022، ناهيك عن استدعاء آدم آزنو مجددا، وعمر الهلالي كوافد جديد دون الاستعانة بهما.
وقام وليد في المباراة الأولى بالاعتماد على جواد الياميق، في العمق الدفاعي، في ظل غياب الركائز التي كان يعتمد عليها الناخب الوطني سابقا، اختيار كان له وما عليه، في ظل تواضع أداء اللاعب في الآونة الأخيرة، ومرور كرات من وراء ظهره في أكثر من مناسبة، دون نسيان بعض الأخطاء التي وقع فيها خلال المواجهتين التي كادت أن تعطي للخصم فرصة التسجيل، لولا تدخلات بونو الجيدة.
يوسف بالعامري، مجددا لم يخيب ظن وليد الركراكي، بعدما أقحمه في مركز الظهير الأيمن مكان أشرف حكيمي، الذي تعذر عليه خوض اللقاء الثاني أمام تنزانيا، بسبب الإيقاف جراء تلقيه إنذارين خلال التصفيات، علما أن اللاعب لم يكن في اللائحة النهائية، بل تم الاستنجاد به فقط بعد تأكد غياب قائد المنتخب.
وقدم اللاعب المذكور أعلاه، أداء متوازيا في المباراة الثانية، بثبات عال جعله يعطي حلولا كثيرة لرفاقه عبر الأجنحة، سواء بتمريراته أو انسلالاته بين الفينة والأخرى، وقتما سنحت له الفرصة، ما جعل الناخب الوطني يثني على أدائه، حيث أصبح يعتبر الحل الأمثل، في ظل الغيابات المتكررة للرسميين للإصابة أو الإيقاف أو عدم الجاهزية.
تشكيلتان مختلفتان في مباراتين يطرحان العديد من علامات الاستفهام
شهدت المباراة الثانية التي لعبت أمس الثلاثاء، لحساب الجولة السادسة من التصفيات الإفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2026 أمام تنزانيا، اعتماد الناخب الوطني وليد الركراكي على احتياطيي اللقاء الأول، ويتعلق الأمر بكل من اسماعيل الصيباري، بلال الخنوس، وعبد الصمد الزلزولي، لعلهم يقدمون الإضافة على غرار ما فعلوه في المواجهة الأولى أمام النيجر.
تغييرات لم تعط أكلها في الجولة الأولى التي كانت مشابهة نوعا ما للشوط الأول أمام النيجر، بعدما عجز المنتخب الوطني المغربي في فك شفرة دفاع تنزانيا طيلة 45 دقيقة، ناهيك عن الفشل في إحداث فرص سانحة للتهديف، سواء عن طريق الانسلالات أو التسديد من بعيد، ما يطرح العديد من التساؤلات حول الحلول الممكن نهجها أمام منتخبات تترك الكرة للأسود، وتركن للدفاع للحفاظ على نظافة الشباك.
ما بين الشوطين تبين أن الركراكي قدم بعض النصائح للاعبيه ما جعلهم أكثر نجاعة من ذي قبل، متمكنين من فك شفرة الدفاع، عن طريق المدافع نايف أكرد، قبل أن يتحصلوا على ضربة جزاء، ترجمها ابراهيم دياز إلى هدف، ليعود وليد للاعتماد على التشكيل الرسمي لمباراة النيجر، بإقحام سفيان رحيمي، وعز الدين أوناحي، وإلياس بن الصغير، مع الاعتماد مجددا في الدقائق الأخيرة على أسامة تيرغالين، الذي قدم أوراق اعتماده.
عمل كبير ينتظر وليد الركراكي قبل موعد نهائيات « الكان«
ينتظر الناخب الوطني وليد الركراكي، عملا كبيرا، قبل موعد نهائيات كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025، على الصعيد الدفاعي، وكذا التنسيق بين الخطوط، حيث شوهدت مجموعة من الثغرات خلال المباراتين معا بالرغم من الانتصار في كلتيهما.
وسيكون وليد ملزما بإيجاد التوازن في خط الدفاع، والحسم في اللاعبين الذين سيشغلون هذا المركز باستمرار، دون الحاجة لتجريب العديد منهم في كل مباراة، بغية خلق انسجام كبير بينهم، خصوصا وأنه يوجه النداء للاعبين لا يستفيد منهم بالمرة، كعبد الكبير عبقار، وآدم أزنو، والوافد الجديد عمر الهلالي، وجمال حركاس، الذين لم يخوضوا أية مباراة.
ويتوجب على الناخب الوطني أيضا، العمل على التنسيق بين الخطوط، حيث يلاحظ أن اللاعبين يتركون فراغات كثيرة عندما يتجهون صوب دفاع الخصم، وهو ما يستغله الخصوم لتسجيل الأهداف المعاكسة، وهو ما عانى منه المنتخب الوطني المغربي في العديد من اللقاءات، سواء في عهد الركراكي أو مع من سبقوه.
ويعتبر خط الهجوم، من بين الخطوط التي يتوجب على وليد الركراكي العمل على تطويرها، كونه يتوفر على لاعبين يجيدون الانسلالات عبر الأجنحة، وكذا بنسق تهديفي عال مع فرقهم، لذا يجب استغلالهم على النحو الجيد، لاستغلال كل الفرص السانحة للتهديف التي ستتاح لهم، خصوصا وأنها ستكون قليلة في مباريات ستعتبر مصيرية، ومع منتخبات قوية.
كلمات دلالية الركراكي المغرب منتخبات