حكومة موازية في السودان… ما الموقف المصري؟
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
تشهد الساحة السودانية تصعيداً جديداً، يفاقم من أزمة الانقسام السياسي الداخلي، مع تحركات من قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة لإعلان تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»، وذلك على وقع الحرب الداخلية الممتدة منذ نحو 22 شهراً.
ومع تنديد الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، بتلك الخطوة، والتحذيرات الأممية من تأثيرها على «تفاقم الأزمة الداخلية»، قال خبير ودبلوماسي سابق مصريان إن «القاهرة تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره السلطة الرسمية المعترف بها دولياً، ومن المستبعد اعترافها بأي (حكومة موازية)»، في حين «لم تعلق مصر رسمياً على هذه التحركات».
وتسببت الحرب الداخلية في السودان التي اندلعت منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.
واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المدن الرئيسية التي كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، غير أن هذا التقدم تزامن مع تحركات تشكيل «حكومة موازية» جديدة.
وبدأت قوى سودانية في مشاورات التوقيع على «وثيقة إعلان سياسي، ودستور مؤقت للحكومة الموازية»، في العاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، بمشاركة ممثلين لـ«الدعم السريع»، وأحزاب مثل «الأمة، والاتحادي الديمقراطي (الأصل)»، وشخصيات سودانية، بينهم قائد «الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال» عبد العزيز الحلو، وعضوا «مجلس السيادة» السابقان الهادي إدريس، والطاهر حجر.
واستدعت «الخارجية السودانية» سفيرها لدى كينيا للتشاور، رداً على استضافة اجتماعات تشكيل «حكومة موازية»، ووعدت في إفادة، الخميس، باتخاذ «إجراءات لصون أمن السودان، وحماية سيادته ووحدة أراضيه». وسبق ذلك، إعلان «مجلس السيادة» السوداني، الأربعاء، «تشكيل حكومة انتقالية، يرأسها شخصية تكنوقراط، لا تنتمي لأي جهة سياسية».
وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليقات رسمية من الجهات المصرية المعنية، على تحركات تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، لكن لم يتسنَّ ذلك. في حين جاء أحدث مواقف القاهرة الداعمة للسودان، في بيان مصري - إسباني، الخميس، خلال ختام زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمدريد، أكد «ضرورة احترام وحدة وسلامة أراضي السودان، والحفاظ على مؤسساته الوطنية». وشدد البيان على «أهمية العمل على إطلاق عملية سياسية شاملة بملكية وقيادة القوى السياسية والمدنية السودانية، دون إملاءات خارجية».
وبحسب عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فإن «مصر تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره النظام الرسمي الذي يمثل السودان دولياً»، مشيراً إلى أن «القاهرة تعترف بالحكومة السودانية، وتستقبل رئيس (مجلس السيادة) وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، باعتباره رئيس السلطة الحالية في السودان».
وترأس البرهان وفد السودان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويستبعد حليمة «اعتراف مصر بخطوة تشكيل (حكومة موازية)»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم عدم اكتمال تشكيل القوى والأطراف لتلك الحكومة، فإنه لا يوجد اعتراف دولي بها، سوى من بعض الأطراف الإقليمية، منها كينيا التي تستضيف اجتماعات صياغة الإعلان السياسي لها»، لافتاً إلى أن «القاهرة تدعم مؤسسات السودان الوطنية».
الدعم المصري للحكومة السودانية، أكده وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، مجدداً خلال محادثات مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في 14 فبراير (شباط) الجاري، وشدد على «موقف بلاده الداعم للسودان، ومؤسساته الوطنية، وبذلها كافة الجهود لتعزيز سيادته ووحدته وسلامة أراضيه»، حسب «الخارجية المصرية».
ويرى حليمة افتقاد «الحكومة الموازية» للتأثير والدعم السياسي والشعبي بالمقارنة بتفاعل السودانيين داخلياً وخارجياً مع انتصارات الجيش الأخيرة، وأكد أن «هناك إدانات ورفضاً من أحزاب وقوى سياسية سودانية لهذه الحكومة»، لكنه لم يقلل من خطورتها حال اكتمالها، قائلاً إن «إعلان سلطة موازية سيضر بوحدة السودان، ويزيد من حالة الانقسام الداخلي، ويفاقم من صراع السلطة والنفوذ بين الأطراف السياسية».
و«تتابع القاهرة مساعي تشكيل حكومة سودانية موازية، لحين بحث الموقف مع أقرب محادثات مع مسؤولي الحكومة الشرعية في السودان»، وفق قنصل مصر السابق لدى السودان، اللواء حاتم باشات، الذي أشار إلى أن «مصر لا تستطيع أن تعلن موقفاً بشأن هذه التحركات؛ لكونها شأناً سودانياً داخلياً»، كما أن «موقفها ثابت بشأن دعم المؤسسات السودانية».
ويربط باشات بين خطوة الإعلان عن تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «الدعم السريع»، وانتصارات الجيش السوداني الأخيرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تأثير الجيش بات أقوى ميدانياً، وفي طريقه للسيطرة الكاملة على الأراضي السودانية»، وعدّ ذلك التقدم «يدفع معارضين للبحث عن دور في السلطة، ما بعد انتهاء الحرب».
وحذرت الأمم المتحدة من إعلان «قوات الدعم السريع» تشكيل «حكومة موازية»، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الأربعاء، إن تلك الخطوة «تزيد الانقسام وتفاقم الأزمة في السودان».
وتتعارض خطوة تشكيل «حكومة موازية» مع مبادئ أساسية وثابتة في سياسة مصر الخارجية تجاه السودان، وفق الباحث السياسي السوداني المقيم في القاهرة، صلاح خليل، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تدفع نحو تدشين عملية سياسية شاملة، تشارك فيها الأطراف السودانية كافة، دون إملاءات خارجية».
ويرى خليل أن «تشكيل حكومة موازية يتعارض مع التحركات المصرية لحل الأزمة في السودان، ومنها استضافة مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، العام الماضي، لتوحيد جهودها، ووضع خريطة طريق لإنهاء الأزمة في البلاد ووقف الحرب الداخلية».
وجمعت القاهرة في يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، خلال مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاثة ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».
القاهرة : الشرق الأوسط: أحمد إمبابي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع مجلس السیادة حکومة موازیة الشرق الأوسط فی السودان
إقرأ أيضاً:
مشاهد مؤثرة لسكان غرب "أم درمان" عقب استعادة الجيش السوداني السيطرة على المنطقة
أجلى الجيش السوداني، الأحد، عشرات الأسر من غرب "أم درمان"، وذلك عقب استعادة سيطرته على المنطقة، بعد نحو عامين من إحكام قوات الدعم السريع قبضتها عليها.
وبدت علامات التأثر على بعضهم بعد عملية الإجلاء، إذ احتضنت العائلات بعضها وذرفت الدموع المشوبة بالفرح والتعب في آن، وتبادلت كلمات قليلة تحت وقع الإرهاق، في مشهد يختزل ثقل عامين من الخوف وعدم اليقين.
وأعرب العديد من الذين تم إجلاؤهم عن امتنانهمللجيش السوداني. وقال آدم إسماعيل: "الحمد لله، لقد نجونا من العبودية. نشكر الله كثيرًا لأن الجيش تمكّن من الوصول إلينا وإلى منازلنا. نشعر بسعادة تفوق الوصف".
وكان الجيش قد أحكم قبضته، السبت، على العاصمة الخرطوم، وتمكن من استعادة المزيد من المباني الحكومية، بعد يوم واحد من سيطرته على القصر الجمهوري، في ما يُعد انتصارًا رمزيًا كبيرًا في حربه المستمرة منذ قرابة عامين ضد قوات الدعم السريع.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش العميد نبيل عبدالله إن قواته استعادت مقر جهاز المخابرات العامة وفندق كورنثيا في قلب الخرطوم، إضافة إلى مقر بنك السودان المركزي، وعدد من المباني الحكومية والتعليمية. وأكد أن المئات من عناصر الدعم السريع قُتلوا أثناء محاولتهم الفرار من العاصمة.
وتأتي هذه التطورات في وقت أفاد فيه ناشطون، السبت، بأن ما لا يقل عن 45 مدنيًا قُتلوا في هجوم شنّته قوات الدعم السريع على مدينة المالحة في شمال دارفور. وكانت طائرة مسيّرة قد استهدفت القصر الجمهوري يوم الجمعة، ما أسفر عن مقتل عدد من الصحفيين وسائق يعمل مع التلفزيون الرسمي، بحسب ما أفادت وزارة الإعلام. كما أعلن الجيش مقتل المقدم حسن إبراهيم، من المكتب الإعلامي للقوات المسلحة، في الهجوم نفسه.
Relatedحمدوك يطلق مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في السودان تحت عنوان "نداء سلام السودان"ضربة أخرى لقوات حميدتي.. الجيش السوداني يكسر حصار الدعم السريع لمدينة الأبيض الاستراتيجيةالأمم المتحدة تحذر: السودان يواجه كارثة إنسانية والمجاعة تمتد إلى مناطق جديدةوتسببت الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عامين في تدمير العاصمة الخرطوم ومدن كبرى أخرى، وأدت إلى مقتل أكثر من 28 ألف شخص، في حين أجبرت الملايين على النزوح من منازلهم، وسط أزمة إنسانية خانقة ومجاعة غير مسبوقة.
وقد تخلّل النزاع انتهاكات جسيمة، شملت الاغتصاب الجماعي والقتل على خلفية عرقية، وهي ممارسات ترقى، بحسب الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية، إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما في إقليم دارفور غرب البلاد.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الجيش السوداني يعلن سيطرته على القصر الرئاسي بعد معارك طاحنة مع قوات الدعم السريع امتدت لأسابيع مسلسل الفظاعات بالسودان: العثور داخل بئر على جثث أطفال ونساء قتلوا على يد الدعم السريع واشنطن بوست: شركة تركية متورطة في تزويد الجيش السوداني بطائرات مسيّرة وشحنة أسلحة سرية جمهورية السودانالخرطومجرائم حربقوات الدعم السريع - السودانمجاعةنزوح