هل يجب أن نموت؟.. معتقلون سوريون مضربون عن الطعام في لبنان يتحدثون لـعربي21
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
لليوم الـ11 على التوالي، يواصل عشرات المعتقلين السوريين في لبنان إضرابهم المفتوح عن الطعام احتجاجا على عدم تنفيذ اتفاق سابق بين لبنان والحكومة السورية الجديدة في دمشق يقضي بتسليم المعتقلين السوريين إلى بلادهم لاستكمال محاكماتهم أو قضاء فترة عقوباتهم.
ويقبع ما يزيد على 2351 معتقلا سوريا في السجون اللبنانية بما في ذلك سجن رومية حيث تم احتجازهم في لبنان بتهم متنوعة، بما في ذلك المشاركة في الاحتجاجات ضد النظام السوري المخلوع والانخراط في أنشطة معارضة.
ووفقا لتقرير سابق صادر عن منظمة العفو الدولية، فإن قوات الأمن اللبنانية عرضت المئات من الرجال والنساء والأطفال السوريين للاحتجاز التعسفي والتعذيب والمحاكمة الجائرة.
وبحسب شهادات حصلت عليها "عربي21" من داخل سجن رومية اللبناني، فإن أعداد المضربين عن الطعام في صفوف المعتقلين السوريين في تزايد، وسط تدهور الأوضاع الصحية للمعتقلين.
وفي 11 شباط /فبراير الماضي، أعلن أكثر من 100 معتقل سوري في لبنان دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام لتسلط الضوء على قضيتهم، مطالبين السلطات السورية بالتدخل من أجل تسليهم للمحاكمة أو قضاء فترة عقوبتهم في بلادهم.
وسرعان ما تصاعدت أعداد المضربين عن الطعام إلى 125 شخصا وسط توقعات بازدياد أعداد المنضمين إلى الإضراب من أجل الضغط على الحكومتين اللبنانية والسورية لمعالجة ملفهم.
ويطالب المضربون عن الطعام الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع بالإسراع في معالجة قضيتهم، مشيرين إلى الوضع الإنساني المتدهور الذي يعاني منه المعتقلون والمضربون عن الطعام خلال الأيام الماضية.
في 11 كانون الثاني /يناير الماضي، وصل رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى العاصمة السورية دمشق للقاء مع السلطات الجديدة في دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد إثر عملية عسكرية خاطفة شنتها فصائل المعارضة.
وفقا لوزارة الخارجية السورية، فإنه تم الاتفاق مع لبنان عقب المحادثات بين الجانبين "على استرداد كافة المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، وتأمين الحدود، والتعاون في مكافحة المخدرات".
في هذا السياق، يقول أحمد الأحمد (اسم مستعار)، وهو أحد المعتقلين السوريين الذين تحدثوا في اتصال هاتفي مع "عربي21" من داخل سجن رومية، "عندما زار نجيب ميقاتي دمشق وتم الاتفاق على استرداد المعتقلين، عمّت الفرحة بين أكثر من 2351 سجينا سوريا في لبنان، معظمهم موقوفون منذ سنوات دون محاكمات، أو محكومون بقضايا ملفقة تتعلق بالإرهاب".
وسجن رومية هو أحد السجون اللبنانية التي يقبع معظم السجناء السوريين بجانب سجون مختلفة مثل القبة في طرابلس وسجن زحلة في البقاع وغيرها من السجون العدلية النظامية، وفقا للمحامي اللبناني نبيل الحلبي.
ويوضح الحلبي في حديثه مع "عربي21"، وهو مطلع على ملف المعتقلين السوريين في لبنان، أن هناك أيضا سجناء سوريين موجودين داخل أفرع أمنية تابعة لجهاز الامن العام اللبناني.
ويعرب معتقلون تحدثوا مع "عربي21" هاتفيا من سجن رومية عن استيائهم من تهميش قضيتهم عقب اللقاء الذي جمع الشرع وميقاتي في لبنان.
وفي هذا السياق، يقول نبيل الحلبي "لا علم لي كمتابع لهذا الملف بالأسباب التي تقف خلف عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي إلى دمشق. رغم أني زرته قبل يوم من زيارته إلى سوريا".
ويضيف الحلبي أنه نقل إلى ميقاتي خلال الزيارة "تمنيات الإدارة السورية الجديدة على لبنان، من ضمنها استرداد الموقوفين السوريين الذين ليست بحقهم ادعاءات شخصية، وشطب اللائحة السوداء في مطار رفيق الحريري الدولي التي كانت تستهدف السوريين المعارضين على خلفية التنسيق الأمني الذي كان سارياً بين لبنان وسوريا في فترة نظام آل الأسد البائد، فلقيت تجاوباً من الرئيس ميقاتي حول تلك الملفات بدون أي تحفظ".
ويوضح أنه "من الممكن أن يكون ملف الموقوفين السوريين قد تم ترحيله إلى الحكومة اللبنانية الجديدة، أو ثمة تقصير في الإجراءات".
ووفقا للحلبي، فإن "الفئة المستهدفة في طلب الاسترداد هم السجناء الذين ليس بحقهم ادعاءات شخصية من متضررين، وبالتالي المطلوب استردادهم هم موقوفو الحق العام وهم بغالبيتهم سجناء رأي، تم توقيفهم على خلفية أحداث أمنية او خلال فترة الاضطهاد الجماعية التي تعرض لها اللاجئون السوريون المعارضون للنظام السابق".
شهادات من وراء القضبان
يقول الأحمد إن غالبية المعتقلين السوريين في لبنان هم "لاجئين كان الأمن اللبناني يتعامل معهم دون أي اعتبارات إنسانية"، لافتا إلى وجود العديد من الموقوفين في السجون دون أي محاكمة.
ووفقا للأحمد، فإن "وضع السوريين في السجون مزري جدا بسبب عدم قيام إدارة السجون بتقديم الاحتياجات الأساسية لهم من غذاء ودواء"، الأمر الذي يدفع المعتقلين إلى الاستدانة من أجل تأمين قوت يومهم على الرغم من معظم عائلاتهم تقيم في مخيمات اللاجئين.
ويعاني اللاجئون السوريون في لبنان من ممارسات أمنية قاسية، حيث يتم توقيف الكثيرين منهم بتهم مشكوك في صحتها، دون أي مراعاة لإنسانيتهم أو أوضاعهم القانونية، وفقا لحديث المعتقلين.
ياسر ربيع (اسم مستعار)، أحد المعتقلين السوريين في سجن رومية، يوضح لـ"عربي21" كيف انتهى به الأمر في السجن، قائلا "تم توقيفي خلال حملات أمنية استهدفت مخيمات اللاجئين السوريين، ووجهت لي تهمة الانتماء إلى جبهة النصرة دون أي شهود أو أدلة. تم الحكم علي بالمؤبد، ثم خُفف لاحقًا إلى 13 عامًا بعد اعتراض قانوني".
ويضيف أن "الوضع في السجن كارثي، لا طعام ولا رعاية طبية، ونتحمل كل المصاريف على حسابنا الشخصي"، ويطالب الجهات المعنية في البلدين بتسليمهم إلى سوريا "حتى نحاكم هناك، على الأقل سنكون في بلادنا وسنتمكن من رؤية أهلنا"، وفق تعبيره.
وتشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيان صدر عنا هذا الأسبوع، أن العديد من المضربين عن الطعام يعانون من تدهور صحي خطير، رغم تلقيهم بعض العلاجات داخل السجن. ومع ذلك، فإن أوضاعهم الصحية والإنسانية تبقى شديدة السوء بسبب الظروف القاسية للاحتجاز، ونقص الرعاية الطبية المناسبة.
ووفقا لما جاء في البيان، فإن عدد المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية يُقدَّر بحوالي 2000 شخص، من بينهم ما لا يقل عن 190 معتقلا احتُجزوا بسبب مشاركتهم في الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية في سوريا، ومن ضمنهم منشقون عن قوات النظام السابق ولاجئون.
ورغم مرور سنوات على احتجازهم، لم تُوفر لهم محاكمات عادلة، في ظل غياب الضمانات القانونية التي تكفل حقوقهم الأساسية، حسب الشبكة السورية.
"هل يجب أن نموت؟"
وفي الشهادات التي حصلت عليها "عربي21"، يقول محمد رامي (اسم مستعار)، أحد المعتقلين إنه أوقف مرتين بسبب تواصله مع ناشطين من الثورة السورية، مشيرا إلى أن "أي تواصل أو ارتباط بنشاط ثوري ضد نظام الأسد ينظر إليه في لبنان على أنه نشاط إرهابي".
ويقول إنه "في مطلع 2023، اعتُقلت لأول مرة بسبب تواصلي مع ناشطين سوريين معارضين. تعرضت لضغوط للاعتراف بانتمائي للثورة، لكنني رفضت خشية تسليمي إلى النظام السوري".
ويضيف "في تموز/يوليو 2024، اعتقلت مجددا على خلفية القضية ذاتها، وتم اعتقال أخي وتعذيبه للضغط علي كي أعترف. منذ ذلك الحين، وأنا في سجن رومية".
ويعرب رامي عن آماله بالرجوع إلى سوريا والتي تجددت عقب سقوط النظام في سوريا، قائلا "كنا نأمل أن يتم الإفراج عنا بعد سقوط النظام في سوريا، لكن تجاهل الحكومة السورية لنا دفعنا إلى الإضراب عن الطعام".
بدوره يقول كريم يوسف (اسم مستعار)، الذي اعتُقل عام 2016 بتهمة "الإرهاب"، "تعرضت لكافة أنواع التعذيب منذ اعتقالي، من الضرب والإهانات إلى التهديد باعتقال النساء من عائلتي. أجبروني على التوقيع على التهم الموجهة إلي. حُكمت بالسجن 15 عامًا، وقد قضيت منها تسع سنوات حتى الآن".
ويضيف بمرارة "كنا دائما مع الثورة والثوار في سوريا، تم الإفراج عن المعتقلين هناك، بينما لا يزال مصيرنا مجهولا هنا. نطالب الحكومة بعدم تهميشنا، هل يجب أن نموت جميعا حتى ينظروا في أمرنا؟".
ويطالب المعتقلون المضربون عن الطعام وذويهم في سوريا بتنفيذ اتفاق ترحيلهم إلى سوريا، حيث يرون أن البقاء في السجون اللبنانية دون محاكمات عادلة أو رعاية إنسانية لم يعد خيارا مقبولا بعد سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي.
كما يطالبون المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتدخل للإسراع في إيجاد حل لمأساتهم.
في ظل استمرار التجاهل الرسمي، يتفاقم الوضع داخل سجون لبنان، وسط مخاوف من تدهور صحة المضربين عن الطعام، الذين لا يجدون وسيلة أخرى لإيصال صوتهم سوى الامتناع عن الطعام حتى يتم الاستجابة لمطالبهم.
ويشدد نبيل الحلبي على أن "أوضاع المعتقلين خلال فترة الإضراب المفتوح عن الطعام سيئة للغاية، لعدم توفر العناية الطبية اللازمة المواكبة"، مشيرا إلى أن عملية التأخير في الاستجابة للحالات الطارئة قد تعرّض أي سجين مضرب عن الطعام لحالة صحية خطيرة.
ويوضح في حديثه مع "عربي21"، أنه "جرى منذ أيام نقل السجين حسن حربا إلى المستشفى بعد إضرابه عن الطعام بسبب سجنه لسنوات رغم أنه بريء، وبعد أن رفضت المحكمة العسكرية الأخذ بالأدلة والشهود التي تثبت أن الشخص المطلوب توفي في سوريا خلال الحرب وأن احتجازه جاء بسبب تشابه أسماء وهو ليس الشخص المقصود".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المعتقلين لبنان سوريا رومية الشرع سوريا لبنان المعتقلين الشرع رومية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی السجون اللبنانیة المضربین عن الطعام سجن رومیة إلى سوریا فی لبنان فی سوریا دون أی
إقرأ أيضاً:
يهود حريديم يتسللون إلى الحدود اللبنانية ويرشقون جيش الاحتلال بالحجارة
أفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية بأن مجموعة من اليهود الحريديم تسللت إلى منطقة حدودية مع لبنان ورشقت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة، مما أدى إلى إصابة اثنين من الجنود.
وجاء هذا الحادث بعد يوم واحد من تقارير نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" تفيد بتسلل أكثر من 20 إسرائيليًا من الحريديم إلى داخل الأراضي اللبنانية، في محاولة للوصول إلى قبر حاخام يقع بالقرب من الحدود المشتركة.
ترجمة قدس| مراسل إذاعة جيش الاحتلال: عشرات من "الحريديم" حاولوا الدخول إلى لبنان فجر اليوم لأداء الصلوات في مقام يزعمون أنه لـ"حاخام يهودي" pic.twitter.com/c4WPSK322z — ???? Maram Mayed from Arabian Gulf (@MaramMayed) February 19, 2025
ووفقًا للصحيفة، تمكنت الشرطة الإسرائيلية من اعتقال ثمانية فقط من المتسللين، بينما كانوا يحاولون الوصول إلى قبر الحاخام "راشي"، المجاور لمقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) على "الخط الأزرق"، الذي يحدد خطوط انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من لبنان عام 2000. وتم توجيه المتهمين إلى مركز شرطة مستوطنة كريات شمونة شمالي الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن المتسللين قاموا بترميم قبر الحاخام وحاولوا تحويله إلى مكان للصلاة والتعبد. وتأتي هذه الحادثة في وقت لا تخفي فيه منظمات صهيونية ودينية يهودية أطماعها بالاستيطان في لبنان.
كما ذكر موقع "واينت" نقلاً عن مصادر عسكرية أن الحريديم تجمعوا بالقرب من الحدود قبل أن يتم إبعادهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد تسللهم، وهي ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الحوادث.
وأكدت الشرطة الإسرائيلية في بيان لها أنها تلقت بلاغًا من الجيش يفيد بتسلل مجموعة من الإسرائيليين إلى الأراضي اللبنانية بعد عبورهم الحدود في المنطقة الشمالية.
وأضافت أن عناصر شرطة منطقة الشمال أوقفوا جزءًا من المشتبه بهم، قبل نقلهم للتحقيق في محطة الشرطة بكريات شمونة. وشددت الشرطة على أن "الوصول إلى المناطق القريبة من الجدار الحدودي يُشكل خطرًا"، مذكرة بأن القانون الإسرائيلي يحظر دخول لبنان ويعاقب بالسجن لمدة أربع سنوات كل من يدخل أرض عدو.
من جانبهم، أكد الحريديم المتسللون أنهم دخلوا الموقع بهدف ترميم القبر، مشيرين إلى أنهم على اتصال مع جيش الاحتلال الإسرائيلي لترتيب تحويل القبر إلى موقع صلاة دائم. وزعموا أن أحدًا لم يمنع دخولهم إلى لبنان.
ووفقًا لادعاءات الحريديم، فإن الحاخام المدفون في لبنان هو "آشي"، الذي عاش في الفترة التي كُتب فيها التلمود البابلي، وكان أحد المشاركين في كتابته. وتزعم القصص التلمودية أنه كان يُصلح الكنيس في مدينة سورا بالعراق، وأنه وأولاده دُفنوا في لبنان.
يذكر أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، حيث أوقف الاحتلال الإسرائيلي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي خمسة حريديم من سكان مدينة عراد في النقب جنوبي فلسطين المحتلة، بسبب تسللهم إلى لبنان.
وقال قائد مركز الشرطة في مستوطنة كريات شمونة آنذاك إن "الحريديم الخمسة كانوا في جولة في الشمال وأكملوا طريقهم إلى لبنان"، دون أن يوضح هدفهم بالسيطرة على القبر. وأكد أن "لبنان دولة عدو، ودخول المواطنين عرّض حياتهم للخطر".