مؤتمر العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة: محطة مفصلية في مسار المساءلة الدولية
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
لم يكن مؤتمر "العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة" الذي عقد في إسطنبول، في 8-9 شباط/ فبراير 2025، تحت رعاية اتحاد المحامين العرب ونقابة المحامين الأردنيين والتحالف القانوني الدولي من أجل فلسطين، مجرد لقاء حقوقي أو ندوة أكاديمية، بل كان حدثا نابضا بالحيوية والطاقة، حيث التقى خبراء قانونيون وأكاديميون وناشطون ميدانيون من 23 دولة تحت سقف واحد، في مشهد يعكس حجم الالتزام العالمي بمكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
ولم يكن المشاركون في هذا المؤتمر مجرد متحدثين عابرين، بل كانوا شخصيات بارزة في مجالات القانون الدولي وحقوق الإنسان، يتمتعون بسجل أكاديمي وحقوقي وميداني غني. فقد ضمّ المؤتمر قضاة ومحامين دوليين، وأكاديميين متخصصين في القانون الجنائي الدولي، ومدافعين حقوقيين، ونشطاء ميدانيين ممن كرسوا حياتهم لمكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للضحايا.
من بين الدول البارزة التي شهدت حضورا فاعلا؛ البرازيل، وتشيلي، وجنوب إفريقيا، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وسويسرا، والنمسا، وبلجيكا، وبولندا، وإيطاليا، والأردن، والجزائر، ومصر، وتونس، والمغرب، وفلسطين، وهولندا، ولبنان، وإندونيسيا، وتركيا، والهند.
ومن بين الشخصيات البارزة التي شاركت في المؤتمر، كان لوزيرة خارجية جنوب أفريقيا السابق، د. غريس ناليدي باندور، حضور لافت، حيث أكدت في مداخلتها على التزام بلادها بملاحقة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مشددة على أن هذه الخطوة ليست مجرد موقف سياسي، بل استجابة قانونية تستند إلى الأدلة والمواثيق الدولية التي تثبت ارتكاب جرائم إبادة ضد الشعب الفلسطيني. كما دعت إلى توسيع نطاق الدعم القانوني لهذه القضية على مستوى الدول والمنظمات الحقوقية الدولية.
إحساسٌ قوي بأن هذه القضية لا تزال تحمل زخما كبيرا، وأن الجهود الحقوقية يجب أن تتواصل بلا توقف. كانت الأجواء مفعمة بالتفاؤل، رغم إدراك الجميع للصعوبات والتحديات التي تواجه العمل القانوني الدولي
كما قدّمت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، مداخلة محورية حول دور المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة مرتكبي الجرائم في فلسطين، حيث شددت على أهمية المضي قدما في التحقيقات رغم الضغوط السياسية التي تحاول عرقلة العدالة. وأكدت أن ما يحدث في غزة يشكّل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني، ويجب أن يُقابل بإجراءات قانونية صارمة تضمن محاسبة المسؤولين.
روح الحماس والإصرار على تحقيق العدالة
منذ اللحظة الأولى للمؤتمر، كان واضحا أن المشاركين لم يأتوا لمجرد تبادل الأفكار، بل حملوا معهم اندفاعا حقيقيا، وإصرارا صادقا على تقديم كل ما بوسعهم لدعم القضية الفلسطينية قانونيا وحقوقيا. لم تكن نقاشاتهم مجرد تحليلات نظرية، بل كانت مدفوعة بوعي عملي وتجارب ميدانية، تعكس خبرتهم العميقة وإيمانهم بضرورة التحرك القانوني الفعّال لمحاكمة مرتكبي الجرائم بحق الفلسطينيين.
ما لفت انتباهي أيضا حجم الإقبال والتفاعل من قبل المشاركين، حيث شهدت الجلسات حضورا مكثفا، ولم يكن هناك أي لحظة فتور أو تراجع في مستوى النقاش. كل مداخلة كانت تلقى اهتماما كبيرا، وكل قضية طُرحت للنقاش كانت تتبعها مداولات جادة، مما يعكس مستوى الاحترافية والالتزام لدى الحضور.
تنظيم متميز وإدارة احترافية
لا يمكن الحديث عن نجاح هذا المؤتمر دون الإشادة بحسن التنظيم الذي تميزت به الجهة المنظمة. فقد كان التنظيم مهنيا للغاية، بدءا من الاستقبال والتنسيق اللوجستي، مرورا بجداول الجلسات المحكمة زمنيا، وانتهاء بإدارة النقاشات بشكل يضمن استيعاب جميع وجهات النظر وإعطاء الفرصة لكل المشاركين للتعبير عن رؤاهم.
كان هناك اهتمام كبير براحة الضيوف وتوفير بيئة تفاعلية، حيث أُتيحت للمشاركين فرصة التواصل المباشر والتنسيق المستقبلي ضمن أجواء مريحة، مما جعل المؤتمر لا يقتصر فقط على كونه حدثا أكاديميا، بل منصة حقيقية لتوحيد الجهود الحقوقية الدولية.
برنامج متكامل وجلسات نقاش حيوية
افتُتح المؤتمر بكلمات ترحيبية قدمها كل من بروفيسور أحمد الخالدي، رئيس التحالف القانوني الدولي من أجل فلسطين، وياسين شاملي، رئيس نقابة المحامين الثانية في إسطنبول، وأ. ناصر كمال ناصر، الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، وأ. يحيى أبو عبود، نقيب المحامين الأردنيين. وقد أكدوا جميعا على أهمية الجهد القانوني في دعم القضية الفلسطينية، مشددين على ضرورة تسخير كافة الآليات القانونية لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
شهد المؤتمر نقاشات معمقة حول مختلف الجوانب القانونية، بدءا من المحكمة الجنائية الدولية، ودور محكمة العدل الدولية، والولاية القضائية العالمية، وحتى سبل العمل الحقوقي على المستوى الوطني والدولي لضمان تحقيق العدالة.
تكريم المشاركين وتقديم هدايا تذكارية
في لفتة تعكس التقدير للجهود المبذولة، تم تقديم دروع تكريمية للمشاركين الرئيسيين، عرفانا بمساهماتهم في إنجاح هذا الحدث الحقوقي، مما أضفى لمسة إنسانية جميلة عززت روح التضامن بين المشاركين، وأكدت على أن هذا المؤتمر ليس نهاية الجهد، بل بداية لمزيد من العمل المشترك.
البيان الختامي وتعهد بمواصلة الجهود
اختُتم المؤتمر ببيان ختامي تمت تلاوته باللغتين العربية والإنجليزية، أكد فيه المشاركون على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وضرورة مكافحة الإفلات من العقاب، ومواصلة التحركات القانونية لمحاسبة مرتكبي الجرائم في فلسطين.
كما أشاد البيان بجهود جنوب إفريقيا في مقاضاة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، ودعا الدول الأخرى إلى اتخاذ خطوات مماثلة لتعزيز الالتزام بالقانون الدولي. وشدد على أهمية تعزيز الولاية القضائية العالمية، بحيث تتمكن المحاكم الوطنية من محاكمة المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن أماكن ارتكابها.
كما رحّب المشاركون بجهود مجموعة لاهاي، واعتبروها مبادرة واعدة لتعزيز التعاون القانوني الدولي في مواجهة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني. وأكد البيان على أهمية تطوير آليات الدعم لهذه المجموعة، وتوسيع نطاق عملها، بما يضمن تكامل الجهود القانونية من مختلف الدول في ملاحقة مرتكبي الجرائم وتعزيز العدالة الدولية.
الرسالة الأهم: هذا الجهد لا يمكن أن يتوقف
ما خرجتُ به من هذا المؤتمر لم يكن مجرد معطيات قانونية جديدة، بل هو إحساسٌ قوي بأن هذه القضية لا تزال تحمل زخما كبيرا، وأن الجهود الحقوقية يجب أن تتواصل بلا توقف. كانت الأجواء مفعمة بالتفاؤل، رغم إدراك الجميع للصعوبات والتحديات التي تواجه العمل القانوني الدولي.
لكن ما يبعث على الأمل هو أن هذا المؤتمر أثبت أن هناك تحركا حقوقيا دوليا جادا لا يمكن تجاهله، وأن الإرادة القانونية موجودة، وتحتاج فقط إلى التنسيق والتكاتف لضمان تحقيق العدالة لضحايا غزة. لقد عكست النقاشات عمق الالتزام القانوني لدى المشاركين، وأظهرت أن هناك وعيا متزايدا بضرورة تحويل الجهود الحقوقية إلى خطوات عملية تؤثر في منظومة العدالة الدولية.
مكاسب قانونية متراكمة تُعزز الأمل في تحقيق العدالة
رغم التحديات التي تواجه العمل الحقوقي، إلا أن الجهود القانونية الدولية بدأت تؤتي ثمارها، مما يبعث الأمل في أن العدالة ليست بعيدة المنال. لقد شهدت الأشهر الأخيرة تطورات قانونية غير مسبوقة، أبرزها تحرك المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وهو تطور تاريخي يُعزز مبدأ عدم الإفلات من العقاب ويضع المسؤولين الإسرائيليين تحت طائلة المساءلة الدولية.
كما أن قرار محكمة العدل الدولية الذي اعترف بوجود أدلة معقولة على ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة، وألزمها بوقف الانتهاكات في غزة، واتخاذ تدابير لحماية المدنيين، يمثل نقطة تحول مهمة في المسار القانوني للقضية الفلسطينية. هذا القرار، وإن لم يكن يحمل طابعا جنائيا، فإنه يرسّخ الأساس القانوني لمحاسبة إسرائيل على جرائمها أمام المؤسسات الدولية، ويفتح المجال أمام مزيد من التحركات القضائية لملاحقتها.
إلى جانب ذلك، فإن السردية الإسرائيلية التي طالما فرضت نفسها في الخطاب الدولي باتت في حالة انهيار، حيث أدى التوثيق المستمر للجرائم، والشهادات الحقوقية، والتغطية الإعلامية إلى كشف الوجه الحقيقي لإسرائيل أمام العالم، مما جعلها في موقع دفاعي غير مسبوق. لم تعد دولة الاحتلال قادرة على تسويق نفسها كضحية، بل باتت عبئا على المجتمع الدولي بسبب ارتكابها جرائم إبادة، وانتهاكها للقانون الدولي، وتعطيلها عمل مؤسسات دولية حيوية مثل وكالة الأونروا.
التفاعل القانوني وحده ليس كافيا ما لم يقترن بدعم دبلوماسي، وقرارات سياسية شجاعة، والتزام رسمي بإنفاذ القوانين الدولية. وهذا ما يجعل دور الحكومات والبرلمانات والأحزاب السياسية الداعمة لحقوق الإنسان محوريا في تحويل المساءلة القانونية من هدف إلى واقع ملموس
ولا شك أن هذه الإنجازات القانونية لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة جهود حقوقيين وخبراء قانونيين مثل الذين شاركوا في هذا المؤتمر، والذين كرّسوا خبراتهم وإمكاناتهم للدفاع عن حقوق الضحايا، والعمل على توثيق الجرائم، ورفع القضايا أمام المحاكم الدولية، وتقديم الاستشارات القانونية للدول والمنظمات التي تدعم العدالة. إن مثل هذه المؤتمرات لا تمثل مجرد لقاءات للنقاش، بل هي جزء من حراك حقوقي عالمي يهدف إلى ترجمة القانون الدولي إلى واقع ملموس، يضمن عدم إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.
كل هذه التطورات تؤكد أن العمل الحقوقي ليس جهدا عبثيا، بل هو مسار تراكمي يحقق اختراقات جوهرية في جدار الحصانة السياسية والقانونية التي تمتعت بها إسرائيل لعقود. وما تحقق حتى الآن، رغم كل الضغوط والعراقيل، يثبت أن الإصرار على المساءلة القانونية قادر على إحداث تغيير حقيقي في ميزان العدالة الدولية.
أهمية الرعاية الدولية لتعظيم الزخم القانوني
ومع ذلك، فإن نجاح هذه التحركات الحقوقية، على أهميتها، لا يمكن أن يعتمد فقط على جهود النشطاء والخبراء القانونيين، بل يحتاج إلى دعم ورعاية من الدول التي تلتزم بالقانون الدولي وتسعى لحماية مبادئ العدالة. فتعظيم الزخم القانوني لا يتحقق فقط عبر الاجتماعات والمؤتمرات، بل من خلال تبني الدول لهذه المبادرات الحقوقية في سياساتها الخارجية، ودعمها في المؤسسات الدولية، وخلق تحالفات قانونية تعزز من فرص محاسبة مرتكبي الجرائم.
إن التفاعل القانوني وحده ليس كافيا ما لم يقترن بدعم دبلوماسي، وقرارات سياسية شجاعة، والتزام رسمي بإنفاذ القوانين الدولية. وهذا ما يجعل دور الحكومات والبرلمانات والأحزاب السياسية الداعمة لحقوق الإنسان محوريا في تحويل المساءلة القانونية من هدف إلى واقع ملموس.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العدالة غزة القانوني الدولي فلسطين إسرائيل إسرائيل فلسطين غزة القانون الدولي ابادة مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة الإفلات من العقاب القانونی الدولی مرتکبی الجرائم تحقیق العدالة هذا المؤتمر على أهمیة لا یمکن أن هذه بل کان لم یکن فی غزة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يحتدّ على رئيس وزراء كندا بعد تعليقه على الإبادة الجماعية في غزة (شاهد)
أثار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلاً واسعاً بعد رده الحاد على تصريحات نظيره الكندي المحتمل، مارك كارني، بشأن الوضع في غزة، والتي أبدى فيها تعاطفاً مع اتهامات موجّهة للاحتلال الإسرائيلي بارتكاب إبادة جماعية في القطاع.
وجاءت تصريحات كارني خلال مشاركته في تجمع سياسي، حيث قاطعه أحد المتظاهرين المؤيدين لفلسطين، صائحاً: "تجري إبادة جماعية في غزة"، فرد كارني قائلاً: "أنا على علم بذلك، ولهذا فرضنا حظراً على تصدير الأسلحة".
Canada has always sided with civilization. So should Mr. Carney. But instead of supporting Israel, a democracy that is fighting a just war with just means against the barbarians of Hamas, he attacks the one and only Jewish state. Mr. Carney, backtrack your irresponsible… https://t.co/27ZcXjew85 — Benjamin Netanyahu - בנימין נתניהו (@netanyahu) April 10, 2025
وسرعان ما رد نتنياهو على هذه التصريحات عبر حسابه على منصة "إكس"، مرفقاً مقطع الفيديو بتعليق شديد اللهجة قال فيه: "لطالما كانت كندا في صف الحضارة، وينبغي للسيد كارني أن يحذو حذوها"، مضيفاً: "بدلاً من دعم إسرائيل، الدولة الديمقراطية التي تخوض حرباً عادلة وبوسائل مشروعة ضد إرهابيي حماس، يفضل مهاجمة الدولة اليهودية الوحيدة في العالم".
ودعا كارني إلى التراجع عن تصريحه، الذي وصفه بـ"غير المسؤول".
لاحقاً، حاول كارني التخفيف من وقع تصريحاته خلال مؤتمر صحفي عقده الأربعاء الماضي، موضحاً أنه لم يسمع بوضوح عبارة "إبادة جماعية" بسبب الضجيج في القاعة، وقال: "كان المكان صاخباً، وكل ما التقطته هو كلمة غزة، وكنت أقصد التأكيد على معرفتي بما يجري هناك".
في المقابل، كشف مصدر حكومي إسرائيلي لصحيفة "تورونتو صن" عن استياء تل أبيب من موقف كارني، معتبراً أن تصريحاته "غير موفقة" وتتناقض مع الموقف الرسمي الكندي.
ونفى المصدر وجود حظر فعلي على تصدير الأسلحة من كندا إلى الاحتلال الإسرائيلي، موضحاً أن الأمر اقتصر على تعليق عدد محدود من تصاريح التصدير، وأن الحكومة الكندية لا تتبنى رسمياً وصف ما يحدث في غزة بالإبادة الجماعية.
وكانت وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، قد أعلنت في وقت سابق قراراً بتعليق تصدير الأسلحة إلى الاحتلال واصفة إياه بأنه "قرار مهم" وليس مجرد إجراء رمزي.
وجاء ذلك بعد أن أقرّ البرلمان الكندي مشروع قرار غير ملزم تقدم به الحزب الديمقراطي الجديد، يدعو الحكومة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وتعليق تصاريح تصدير الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي، وضمان استمرار دعم وكالة الأونروا، والعمل على إقامة دولة فلسطينية في إطار سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط.
ورغم أن القرار غير ملزم قانونياً، إلا أنه يمثل تحولاً بارزاً في الخطاب السياسي الكندي تجاه الصراع في غزة، ويعكس تغيراً تدريجياً في موقف أوتاوا.
وكان رئيس الوزراء الكندي آنذاك جاستن ترودو٬ قد أعرب عن دعمه الكامل للاحتلال عقب هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لكنه عاد لاحقاً ليعرب عن قلقه من تصاعد العمليات العسكرية، كما أدان التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين.
وتجلّى التباين بين أوتاوا وتل أبيب بشكل أوضح حين صوّتت كندا لصالح قرار أممي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة في كانون الأول/ديسمبر الماضي، وأعلنت جولي لاحقاً أن كندا لم تصدر أي تصريح لتصدير أسلحة فتاكة إلى "إسرائيل" منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر٬ كما توقفت تماماً عن إصدار أي تصاريح تصدير منذ الثامن من كانون الثاني/يناير الماضي.
بدعم غير محدود من الولايات المتحدة، يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 تنفيذ حملة عسكرية في قطاع غزة وُصفت على نطاق واسع بأنها ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، وقد أسفرت عن سقوط أكثر من 166 ألف بين شهيد وجريح من الفلسطينيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلاً عن تسجيل أكثر من 11 ألف مفقود.