الجزيرة:
2025-02-22@09:40:43 GMT

متحف الحرب في سول.. ذاكرة الصراع الكوري الحية

تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT

متحف الحرب في سول.. ذاكرة الصراع الكوري الحية

في قلب العاصمة الكورية الجنوبية سول، يقف "متحف الحرب" شاهدا على واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الـ20: الحرب الكورية (1950-1953)، وأبرز ما يلفت انتباه الزائر قبل دخول المبنى هو الساحة الخارجية التي تضم مجموعة مذهلة من الطائرات الحربية والمدرعات والصواريخ والطائرات المروحية التي استخدمت خلال الحرب، مما يمنح الزوار تجربة بصرية ملموسة لأحداث الماضي.

افتُتح متحف الحرب في سول عام 1994 بهدف توثيق تاريخ الحروب التي مرت بها شبه الجزيرة الكورية، مع التركيز بشكل أساسي على الحرب الكورية. ويقع المتحف في منطقة يونغسان، وهو مقام على موقع كان يستخدم كمقر رئيسي للجيش الكوري الجنوبي. ويتألف المتحف من 6 قاعات رئيسية، بالإضافة إلى المعروضات الخارجية، ويضم أكثر من 13 ألف قطعة توثق جوانب مختلفة من الحروب التي خاضتها كوريا.

الساحة الخارجية لمتحف الحرب بسول تمتلئ بمختلف أنواع الأسلحة التي استخدمت في الحرب الكورية (الجزيرة) ترسانة عسكرية

عند التجول في الساحة الخارجية لمتحف الحرب، يجد الزائر نفسه محاطا بترسانة من المعدات العسكرية التي استخدمت خلال الحرب الكورية. وهذه المعروضات ليست مجرد قطع حديدية جامدة، بل هي شواهد صامتة على صراع دامٍ شكّل مسار شبه الجزيرة الكورية.

اندلعت حرب الكوريتين بعد 5 سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكانت نتيجة رئيسية لها، حيث كانت كوريا مستعمرة يابانية منذ عام 1910، لكن بعد هزيمة اليابان عام 1945 تم تقسيم شبه الجزيرة الكورية إلى منطقتي نفوذ الأولى في الشمال تحت سيطرة الاتحاد السوفياتي والثانية في الجنوب تحت سيطرة الولايات المتحدة.

البارجة الحربية 357 التي خاضت عشرات المعارك في الحرب الكورية (الجزيرة)

تتوزع في الساحة طائرات مقاتلة من طراز "إف-86 سابري" (F-86 Sabre) الأميركية التي لعبت دورا رئيسيا في المعارك الجوية ضد الطائرات السوفياتية "ميغ-15" (MIG-15) التي استخدمها جيش كوريا الشمالية، كما تقف مروحيات "يو إتش-1 هيوي" (UH-1 Huey) التي كانت تُستخدم لنقل الجنود والجرحى، إلى جانب الدبابات والمدرعات التي شاركت في معارك برية حاسمة.

طائرة حربية أميركية عملاقة شاركت في الحرب الكورية معروضة للزوار إلى جانب العديد من الطائرات الأخرى (الجزيرة)

كانت حرب الكوريتين صراعا عسكريا بين كوريا الشمالية المدعومة من الصين والاتحاد السوفياتي، وكوريا الجنوبية المدعومة من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، واندلعت شرارتها عندما اجتاحت قوات كوريا الشمالية الجنوب وسرعان ما توسع النزاع ليشمل قوى دولية كبرى، وراح ضحية تلك الحرب نحو 3 ملايين شخص بينهم نحو مليوني مدني.

طائرات مروحية شاركت في الحرب الكورية معروضة في متحف الحرب بسول (الجزيرة) رسائل تاريخية

هذه المعروضات لا تروي فقط الجانب العسكري للحرب، بل تحمل رسائل أعمق حول آثار النزاع على كوريا الجنوبية. من خلال لوحات المعلومات المرافقة لكل قطعة، ويقدم المتحف سردا تاريخيا يُبرز كيف أثرت هذه الأسلحة على مجريات الحرب، وما التكلفة البشرية والمادية للصراع.

صواريخ من الحرب الكورية، بعضها صناعة أميركية وأخرى صناعة كورية جنوبية (الجزيرة)

ويعكس العرض الخارجي للمتحف نهجا مزدوجا، فهو من جهة يُخلّد دور القوات الكورية الجنوبية وحلفائها في الدفاع عن البلاد، ومن جهة أخرى يبرز فظائع الحرب، ويذكّر بضرورة السلام. هذا التوازن يجعل المتحف ليس فقط موقعا للتاريخ العسكري، بل أيضا مكانا للتأمل في دروس الماضي.

إعلان تأثير المتحف

وبالنسبة للزوار، فإن التجول بين هذه القطع العسكرية الضخمة يخلق تجربة غامرة تُشعرهم بحجم الحرب وأثرها، حيث يتيح المتحف للزوار الاقتراب من بعض المعروضات، مما يمنحهم فرصة للتفاعل المباشر مع التاريخ، كما أن كثيرا من الكوريين الجنوبيين، خاصة الطلاب، يزورون المتحف كجزء من رحلات مدرسية تهدف إلى تعزيز الوعي بتاريخ بلادهم.

طفل يعيش تجربة صعود مدفع رشاش من زمن الحرب الكورية في متحف الحرب بسول (الجزيرة)

ولا تنسى كوريا دور الحلفاء الذين دعموها في تلك الحرب الدموية، حيث تجد أعلام كافة الدول التي وقفت إلى جانبها سواء تلك التي شاركت بقوات عسكرية وأرسلت معدات حربية أو تلك التي قدمت دعا طبيا ومساعدات لإعادة البناء.

أقسام المتحف

إلى جانب تلك المعروضات الخارجية التي تنقل الزائر إلى غمار الحرب الكورية، يضم المتحف العديد من الأقسام الداخلية التي تروي تاريخ كوريا.

فهناك قاعة ما قبل الحرب الكورية، التي تتناول التاريخ العسكري لكوريا قبل الحرب الكورية، بما في ذلك الفترات القديمة والتطورات العسكرية التي مرت بها البلاد. وتعرض القاعة نماذج للأسلحة التقليدية المستخدمة في العصور القديمة، بالإضافة إلى الوثائق التاريخية التي تسلط الضوء على الإستراتيجيات العسكرية لكوريا.

سفينة السلحفاة الكورية القديمة التي لعبت دورا في الانتصار على الغزاة اليابانيين في القرن الـ16 (الجزيرة)

وهناك قاعة الحرب الكورية، التي تركز على تفاصيل الحرب الكورية من بدايتها إلى نهايتها، مع تسلسل زمني للأحداث المدعوم بالصور الأصلية، ومقاطع الفيديو، والشهادات الشخصية للجنود والمدنيين الذين عايشوا الحرب. كما تعرض القاعة خرائط عسكرية توضح تحركات الجيوش المختلفة خلال المعارك الرئيسية.

وقاعة الحرب الحديثة، التي تتناول التطورات العسكرية التي شهدتها كوريا الجنوبية بعد انتهاء الحرب الكورية، بما في ذلك دورها في الصراعات الدولية مثل حرب فيتنام ومهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

متحف الحرب بسول يقدم جولات تعليمية لأطفال المدارس (الجزيرة)

وقاعة المعدات والأسلحة، التي تقدم مجموعة واسعة من الأسلحة والمعدات التي استخدمت في مختلف الحروب التي خاضتها كوريا، وتضم أسلحة خفيفة، ومدافع، ودبابات، بالإضافة إلى تكنولوجيا عسكرية متطورة استخدمتها القوات الكورية الجنوبية.

المتحف يعرض الكثير من الأسلحة الكورية القديمة ومن بينها هذه الرماح والحراب العملاقة (الجزيرة)

وهناك قاعة الأبطال والتضحيات، التي تُخلّد ذكرى الجنود والمدنيين الذين فقدوا حياتهم خلال الحرب الكورية، وتحتوي على نصب تذكاري وقوائم بأسماء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل البلاد. كما تعرض قصصا شخصية مؤثرة عن الأبطال الذين ساهموا في الدفاع عن كوريا الجنوبية.

قائمة الجنود الكوريين الذين قتلوا في الحرب الكورية تعرض للزوار في متحف الحرب بسول (الجزيرة)

وأخيرا هناك قاعة السلام، التي تركز على أهمية المصالحة والسلام في شبه الجزيرة الكورية، مع عرض الجهود الدبلوماسية المبذولة بين الكوريتين لإنهاء النزاع المستمر. ويتم تقديم محتويات القاعة بأسلوب تفاعلي، حيث يمكن للزوار مشاهدة خطابات لقادة سياسيين والتفاعل مع خرائط مستقبلية توضح سبل تحقيق السلام.

إعلان

ويبقى متحف الحرب في سول أكثر من مجرد مكان لحفظ المعدات العسكرية، فهو نافذة على تاريخ أمة عاشت صراعا مريرا، ولا تزال تداعياته قائمة حتى اليوم. والمعروضات الخارجية للطائرات والدبابات والصواريخ ليست مجرد أدوات قتال، بل رموز لذاكرة وطنية تسعى للحفاظ على الدروس المستخلصة من الماضي، لئلا تتكرر مآسي الحرب في المستقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات شبه الجزیرة الکوریة فی الحرب الکوریة کوریا الجنوبیة التی استخدمت الحرب فی

إقرأ أيضاً:

الانتحار يطارد نجوم كوريا الجنوبية.. لماذا يعاني المشاهير من الضغوط القاتلة؟

تتزايد الحوادث المأساوية التي تنتهي بوفاة العديد من المشاهير بسبب ضغوط الحياة العامة في كوريا الجنوبية، ويأتي في مقدمة تلك الحوادث الانتحار، خاصة بعد تخلص الممثلة الشابة كيم ساي روني من حياتها.

حادث انتحار روني أثار ضجة كبيرة، حيث أدى إلى تسليط الضوء على الضغوط الهائلة التي يواجهها المشاهير في كوريا، ويعتبر الانتحار أحد النتائج المأساوية التي ترافق ضغوط الشهرة.

وتم العثور على كيم ساي روني ميتة في منزلها في سيول الأحد، عن عمر يناهز 24 عامًا، بعد أن تعرضت لهجوم شرس من الصحافة ومنصات التواصل الاجتماعي بسبب حادث تعرضت له عام 2022، عندما تم اتهامها بقيادة السيارة تحت تأثير الكحول، وقد تعرضت لانتقادات عنيفة عبر الإنترنت، مما ساهم في تدهور حالتها النفسية وأدى إلى قرارها النهائي بالانتحار.

ولم تكشف الشرطة عن المزيد من التفاصيل حول وفاتها، وأكد الخبراء أن الظروف المحيطة بحالة كيم ليست فريدة من نوعها في كوريا الجنوبية، فثقافة التنمر الإلكتروني والتوقعات المفرطة التي يفرضها الجمهور على المشاهير تمثل عامل ضغط ضخم، مما يجعل حياتهم أكثر تعقيدًا.


ومر العديد من المشاهير في كوريا الجنوبية بتجارب مشابهة، حيث تعرضوا لانتقادات قاسية من الجمهور بسبب أخطاء صغيرة، مما أدى إلى تدمير مسيرتهم المهنية وتهديد حياتهم الشخصية.

ومن بين المشاهير الذين تعرضوا لهذه الضغوطات، كانت المغنيتان سولي وغو هارا، اللتان انتحرتا في عام 2019 بعد تعرضهما لحملات تنمر مكثفة على الإنترنت، رغم أنهما لم تكونا قد ارتكبتا أي جرائم قانونية. وكان السبب الرئيسي وراء انتحارهما هو التنمر الإلكتروني الذي جعل حياتهما مليئة بالألم النفسي والعاطفي.

وأصبح التنمر الإلكتروني في كوريا الجنوبية صناعة بحد ذاته، حيث يحقق البعض أرباحًا ضخمة من خلال نشر مقاطع فيديو مثيرة للجدل على منصات مثل يوتيوب، بينما تستفيد المواقع الإخبارية من الترافيك الناتج عن نشر الفضائح. وتستمر وسائل الإعلام في استهداف الشخصيات العامة بأخبار مغلوطة أو مشوهة، مما يعزز العداء العام تجاههم.

وفي هذا السياق، أشار أستاذ الطب النفسي في جامعة ييل، نا جونغ هو،  إلى أن ما يحدث في كوريا الجنوبية يشبه تمامًا أحداث مسلسل "لعبة الحبار" الشهير، حيث يواجه الأشخاص ضغوطًا هائلة في سبيل البقاء على قيد الحياة، سواء في الألعاب أو في الواقع الاجتماعي. وأضاف أن المجتمع الكوري لا يمنح الأشخاص الذين يرتكبون أخطاء فرصة ثانية، مما يعكس حالة قمع للضحايا الذين يتعرضون لحملات التنمر.


واستخدام الانتحار كحل للألم النفسي ليس مسألة جديدة في كوريا الجنوبية، حيث تعد البلاد واحدة من أعلى معدلات الانتحار بين الدول المتقدمة، أما المشاهير، فيعيشون تحت ضغط أكبر بسبب متطلبات المجتمع المهووس بالكمال والتوقعات المستمرة منهم.

مقالات مشابهة

  • قاسم الحاتمي يدير قمة كوريا الجنوبية وأوزبكستان
  • الانتحار يطارد نجوم كوريا الجنوبية.. لماذا يعاني المشاهير من الضغوط القاتلة؟
  • «متحف زايد الوطني».. برنامج متكامل لنشر المعرفة وتعزيز المشاركة المجتمعية
  • كوريا الجنوبية والصراع الهادئ بين البوذية والمسيحية
  • رئيس كوريا الجنوبية يون سوك خلال محاكمته:اردت منع دكتاتورية تشريعية
  • رئيس كوريا الجنوبية الموقوف يحضر أولى جلسات محاكمته بتهمة العصيان
  • كوريا الجنوبية تجدد دعمها للسلام والأمن والاستقرار في اليمن
  • رئيس كوريا الجنوبية المعزول يحضر أول جلسة في محاكمته
  • مسجد سول المركزي منارة الإسلام في كوريا الجنوبية