أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن الشريعة الإسلامية أرخصت الإفطار في رمضان لمن وجب عليه الصيام إذا تحقق فيه سبب من الأسباب التي ترفع عنه الحرج، فمن كان عاجزًا عن الصيام لكِبَر سن أو مرض مزمن لا يُرجى شفاؤه، فإنه يُفطر ويخرج فدية عن كل يوم، وهي إطعام مسكين، امتثالًا لقول الله تعالى: "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ".

وأوضح مفتي الديار المصرية السابق، خلال حلقة برنامج "فتاوى الصيام"، المذاع على قناة الناس: "أما من تعرض لمشقة زائدة تتجاوز الحد المعتاد، كالمريض الذي يُرجى شفاؤه، أو من كان في جهاد، أو من أصابه جوع أو عطش شديد وخشي على نفسه الضرر، أو كان يعمل في وظيفة لا يمكنه تأجيلها أو أداؤها مع الصوم وكان ذلك يؤثر على صحته، فإنه يجوز له الفطر على أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد رمضان".

وتابع: "كذلك المسافر لمسافة القصر، والتي تُقدر بحوالي 83.5 كم، فله رخصة الفطر إذا شق عليه الصيام أثناء سفره، مع وجوب القضاء بعد ذلك، وذلك لقوله تعالى: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ".

واستكمل: "المرأة الحامل والمرضع إن خافتا على نفسيهما أو على الجنين أو الطفل، فقد شرع لهما الفطر، وليس عليهما إلا القضاء متى استطاعتا".

وشدد على أن الله سبحانه وتعالى شرع رخصة الإفطار للتيسير على عباده، وأن الأحكام الشرعية قائمة على تحقيق المصلحة والتخفيف عن الناس، مستشهدًا بقول الله تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ".

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدكتور شوقي علام رمضان الديار المصرية فتاوى الصيام

إقرأ أيضاً:

رمضان شهر التوبة

أمر الله عز وجل بالتوبة، ووعد بالقبول من التائبين، قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، «سورة التحريم: الآية 8».
ولا ينبغي لمسلم أن يقنط من رحمة الله التي وسعت كل شيء، ولا يستعظم معصية مهما كانت على عفو الله عنها وقبول التوبة، فالله يفرح بتوبة العبد، وعلى كل عبد مراجعة نفسه، ورد الحقوق لأصحابها، والرجوع عن المعاصي صغيرها وكبيرها، والتوبة واجبة عند الذنب، ويتأكد وجوبه في رمضان، وفضل الاستغفار ومنزلته، فهو من العبودية لله تعالى، ومن تاب توبة صادقة، تاب الله عليه ولو كانت ذنوبه كثيرة، والتوبة الصادقة توجب رد الحقوق إلى أصحابها.. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مئة مرة»، (صحيح مسلم، 2702).
فالتوبة هي: «الإقلاع عن الذنب لقبحه، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، ورد الحقوق إلى أصحابها، أو طلب البراءة منهم». ومن كرم الله تعالى أنه فتح باب التوبة لعباده إلى أن تقوم الساعة، فعن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها»، (صحيح مسلم، 2759). بل إن الحديث يعبر عن فرح الله تعالى بتوبة العبد، فهو يحب عود عباده إليه، قال تعالى: (... إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ...)، «سورة البقرة: الآية 222».
وقال رسول الله ﷺ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فيأسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ يئسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ». (صحيح مسلم، 2747).
فيجب على الإنسان أن يتوب من جميع ذنوبه توبة عامة، ومما يعلم من الذنوب توبة خاصة، ويرد الحقوق إلى أصحابها إن وجدت، ولا يؤخر التوبة، فإن الآجال لا يعلمها إلا الله، فيجب المبادرة بالتوبة فوراً.
اغتنام رمضان لمغفرة الذنوب
إن شهر رمضان المبارك فرصة لعباد الله تعالى، علينا أن نغتنم ما تبقى لنا منه وننشط في العبادة، لنكون ممن يتقربون فيه إلى ربهم، ويتعرضون لنفحات رحمته وبمغفرته يطمعون، وخير ما نهتدي بهديه ونستن بسنته نبينا محمد، خاصة في مثل هذه الأيام المباركات، والليالي الطيبات، قال الله عز وجل: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، «سورة الأحزاب: الآية 21»، فقد كان أسوة حسنة في صيامه وسحوره وفطوره وسائر أعماله وعباداته. 
وقد كان النبي ﷺ يجتهد في العبادة في رمضان اجتهاداً مضاعفاً، وكان فيه أجود بالخير من الريح المرسلة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ ‌أَجْوَدُ ‌مَا ‌يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»، وكان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان زاد عمله، وتضاعف جهده وعطاؤه، قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ‌يَجْتَهِدُ ‌فِي ‌الْعَشْرِ ‌الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِها».
وكان من هدي النبي ﷺ أن يحرص على أكلة السحور، ويرغب فيها أصحابه، فيقول: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي ‌السَّحُورِ ‌بَرَكَةً»، وكان يعجل الفطر ويحث على ذلك أيضاً لما فيه من الخير والبركة، قَالَ ﷺ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ ‌مَا ‌عَجَّلُوا ‌الفِطْرَ»، «وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ‌حَسَا ‌حَسَوَاتٍ ‌مِنْ مَاءٍ».
فما أجمل أن يقتدي المسلمون بهدي النبي في شهر رمضان المبارك، فيقبلوا على طاعة الله تعالى، ولا يفتروا عن ذكره، ويكثروا من تلاوة آيات الذكر الحكيم، ويداوموا على الصالحات، ويحرصوا على أداء فريضة الصيام بأركانها وسننها وآدابها، طلباً للفوز بالمغفرة والرضوان، قال رسول الله: «‌مَنْ ‌صَامَ ‌رَمَضَانَ، ‌إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».. وشهر رمضان المبارك فرصة ثمينة النفع والخير، فعلينا أن نحرص على اقتناصها واغتنام أوقاتها، اقتداء بسنة نبينا محمد.
خطورة التسويف في إخراج الزكاة
حث الله تعالى على المسارعة إلى الخيرات، والمبادرة في أداء الطاعات والعبادات، قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، ومن تلك الأعمال والواجبات إخراج الزكاة، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِين).
والزكاة مِن العبادات التي متى ما توفرت شروطها وانتفت موانعها، وجب على المكلف بها المبادرة بإخراجها، وعدم تأخيرها، لأنها حق يجب صرفه لمستحقيه فوراً، فإن أخّرها بغير عذر، ولغير حاجة أَثِمَ، لقوله تعالى: (وآتوا الزكاة) وَالْأَمْر عَلَى الْفَوْرِ. فالمبادرة في إخراج الزكاة في وقتها ومن دون تأخير أسلمُ للمكلف، لأن التأخير يجرّ عليه آفات وتبعات من جراء تراكم الواجبات، فيستثقل إخراجها، ويعجز عن النهوض بها، والله تعالى يقول: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، وقد يعاجله أجلُه قبل إخراجها في وقتها، فيكون قد قصّر في أداء ركن من أركان الدين، ويعتبر من الكانزين الذين قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
ولا يعتبر تأخيرها لإدراك فضيلة الوقت مسوغاً شرعياً، كأن يحين وقت إخراجها فيؤخرها لشهر رمضان أو لغيره من الأيام الفاضلة، فإنّ أفضل وقت تدركه فيه الزكاة هو وقت وجوبها، فلا يجوز تأخيرها عنه.
فبادر يا من وجبت في ماله الزكاة بإخراجها فوراً، من غير تسويف أو تأخير، لقوله تعالى: ﴿‌فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾، وقوله ﷺ: «‌بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ»... ولا بأس أن يخرج المرء زكاته بنفسه، أو عن طريق من يوكّله ويثق به، من الجهات المختصة بذلك في الدولة.
حديث
عن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» متفق عليه.
فتوى 
ورد إلى مجلس الإمارات للإفتاء سؤال مفاده: «كنت حاملاً في رمضان، وذهبت إلى الطبيبة، وأمرتني بعدم الصوم فأفطرت، فهل علي شيء؟».
فأفتى المجلس بأن: عليك القضاءُ فقط عند الاستطاعة، ولا إثم عليك، لأنَّ الحامل في حكم المريض، قال جلَّ وعلا: (... وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ...)، «سورة البقرة: الآية 185». 
 قال مالك، رحمه الله: «الحامل ‌كالمريضة إن خافت إذا صامت أن تسقط فلتفطر فإذا صحت وقويت قضت ما أفطرت ولا إطعام عليها، لأنها مريضة»، (الجامع لمسائل المدونة: 3/ 1153).

أخبار ذات صلة مدير أكاديمية سيف بن زايد يزور مجندي الخدمة الوطنية 24500 مستفيد من المير الرمضاني في أبوظبي

مقالات مشابهة

  • والله لسه بدري والله يا شهر الصيام.. ودع رمضان واستقبل عيد الفطر 2025
  • شوقي علام: فتاوى الأقليات المسلمة تراعي خصوصية الواقع دون المساس بالثوابت
  • شيخ الأزهر يوضح شروط وآداب الدعاء المستجاب
  • موعد الإفطار وعدد ساعات الصيام اليوم الإثنين 24 رمضان 2025
  • الصيام طريق لتحقيق التقوى 
  • هل الرحمة تجوز على غير المسلم؟.. الدكتور أيمن أبو عمر يجيب
  • د.محمد المهدي: الصيام يفرز هرمونات الشعور بالسعادة
  • مفتي الجمهورية: اليأس ليس من صفات المؤمن.. والتشاؤم لا أصل له في الإسلام
  • شوقي علام: الإفتاء والأزهر يلعبان دورا محوريا في التأصيل الشرعي للقوانين
  • رمضان شهر التوبة