مراسم تشييع سيد شهداء الأمة في بيروت
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
الثورة نت|
تشهد الضاحية الجنوبية لبيروت، يوم الأحد، حدث استثنائي في تاريخها الحديث، حيث تجري التحضيرات لمراسم تشييع سيد شهداء الأمة، سماحة السيد حسن نصر الله، والشهيد الهاشمي، السيد هاشم صفي الدين. هذا الحدث، الذي يحمل أبعادًا وطنية ودينية وشعبية واسعة، يتطلب تنظيمًا دقيقًا وتنسيقًا مكثفًا لضمان مشاركة الحشود الغفيرة التي سترافق الجثمانين الطاهرين إلى مثواهما الأخير.
داخل المدينة الرياضية في بيروت، التي ستكون نقطة انطلاق مراسم التشييع، تم تجهيز المكان لاستقبال أعداد كبيرة من المشيعين.
وقد تولى المهندس محمد عساف مسؤولية لجنة إدارة الفعاليات، حيث عمل مع فريقه على جميع التحضيرات اللوجستية، بدءًا من تحديد موقع المراسم وصولًا إلى تأمين مسار التشييع.
وفي حديثه لموقع قناة المنار، أوضح عساف أن اختيار المدينة الرياضية جاء نظرًا لقدرتها الاستيعابية الكبيرة، حيث سيتم تخصيص الساحة الرئيسية لاستقبال المشيعين، إضافةً إلى فتح الباحات الجانبية ووضع مقاعد للمشاركين لضمان راحتهم.
كما تم تجهيز شاشات ضخمة في مختلف أنحاء المكان وعلى طول المسار، لتمكين الحضور من متابعة تفاصيل المراسم بشكل واضح، خاصةً في ظل التوقعات بحضور جماهيري واسع من مختلف المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى عدد من الوفود القادمة من دول مختلفة حول العالم.
ستبدأ المراسم بتلاوة آيات من القرآن الكريم، يليها عزف النشيد الوطني اللبناني، ثم نشيد حزب الله، قبل أن يلقي نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، كلمة بهذه المناسبة.
بعد ذلك، سيتم أداء صلاة الجنازة على الجثمانين الطاهرين، لتنطلق بعدها مراسم التشييع من المدينة الرياضية باتجاه أوتوستراد الرئيس حافظ الأسد، حيث سيتم مواراة جثمان السيد حسن نصر الله في ضريحه المبارك في منطقة برج البراجنة.
إلى جانب التحضيرات اللوجستية، كان للجانب الفني والبصري أهمية خاصة في هذه المناسبة العظيمة.
المهندس محمد خفاجة، مسؤول لجنة الهوية البصرية والفنية للمراسم، تحدث عن الجهود الكبيرة التي بُذلت لتصميم هوية بصرية تعكس قدسية الحدث وعظمته.
وأوضح خفاجة أن الإعلان عن التشييع رافقته حملة بصرية متكاملة، حيث شارك عدد كبير من الفنانين والمصممين في وضع تصورات بصرية تعبّر عن رمزية الشهيدين ومكانتهما في قلوب محبيهما.
تضمنت الحملة تصميم شعارات خاصة ولوحات بصرية ضخمة، فضلًا عن بث مواد إعلامية تجسد روح التضحية والفداء التي ميّزت مسيرة الشهيدين.
وأكد أن التصاميم تمحورت حول الرموز التي تعكس نهج المقاومة والصمود، إضافةً إلى استخدام ألوان وخطوط تبرز جلال الحدث وتمنحه الطابع المهيب الذي يليق بهذه المناسبة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
قدر الأمة في ليلة القدر.. بين الخلاص الفردي والخلاص الجماعي
في ظلمة الليل، حيث تصفو الأرواح، وتعلو المناجاة، ينتظر المسلمون ليلة القدر، تلك الليلة التي أنزل الله فيها القرآن هدى للناس، والتي جعلها خيرًا من ألف شهر. هي ليلة تفصل بين مسارَين: بين من يسعى للخلاص الفردي، فتراه يعتكف في المساجد، ويركع ويسجد، ثم يخرج إلى الدنيا كما دخلها دون أن يغير شيئًا فيها، وبين من يدرك أن الإيمان ليس نجاة فردية، بل مسؤولية جماعية، وأنه كما خُلق الإنسان فردًا، فهو يُبعث أمة، مسؤولًا عن نصرة الحق، وعن حمل رسالة التغيير والإصلاح.
لقد رسّخ الإسلام مفهوم الجماعة، فالصلاة تقام جماعة، والجهاد فرض كفاية على الأمة، والزكاة عبادة تتعلق بالآخرين، بل حتى الدعاء في ليلة القدر، يوصينا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون شاملًا: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنّا، لا عني وحدي. لكننا اليوم، في زمن الانكفاء، نجد الكثيرين يهرعون إلى المساجد طلبًا للخلاص، دون أن يترجموا هذه العبادات إلى أفعال تنتصر لقضايا الأمة، وكأنما أصبح الدين رحلةً روحيةً محضة، لا شأن لها بالواقع، ولا دور لها في تغيير المصير.
لكن أيّ خلاص نرجوه ونحن نترك غزة تحت القصف، والمسجد الأقصى مستباحًا، وأوطاننا تتهاوى تحت نير الاحتلال والظلم؟ كيف نطلب العتق من النار ونحن لم نعتق أمتنا من قيودها؟ وكيف نرجو الرحمة لأنفسنا دون أن نرحم المظلومين، أو نغيث الجائعين، أو نرفع الصوت في وجه الباطل؟
لقد ظن البعض أن الطريق إلى الجنة يمر فقط عبر الاعتكاف في المساجد، متناسين أن نبيّنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- كان أعبد الناس، لكنه لم يكن يغلق عليه أبواب المسجد، بل كان في الميدان، يقاتل الظلم، ويقيم العدل، ويضع اللبنات لدولة إسلامية عظيمة لم تقم على الركعات وحدها، بل على أكتاف الرجال الذين جعلوا الإيمان حركةً، والدين منهاج حياة.
أيّ خلاص نرجوه ونحن نترك غزة تحت القصف، والمسجد الأقصى مستباحًا، وأوطاننا تتهاوى تحت نير الاحتلال والظلم؟ كيف نطلب العتق من النار ونحن لم نعتق أمتنا من قيودها؟ وكيف نرجو الرحمة لأنفسنا دون أن نرحم المظلومين، أو نغيث الجائعين، أو نرفع الصوت في وجه الباطل؟ليلة القدر ليست ليلة عزلة، بل ليلة يقظة، ليلة تتنزل فيها الملائكة على القلوب التي تحمل همّ الأمة، وتكتب فيها أقدار الشعوب التي تأبى الاستسلام. فمن يريد المغفرة حقًّا، فليغفر للناس، ومن يريد الرحمة، فلينصر المظلومين، ومن يرجو العتق، فليجتهد في عتق أمته من الذل والخذلان.
اليوم، في فلسطين،، في كل أرضٍ يُظلم فيها المسلمون، هناك من لا يجد وقتًا للجلوس في المساجد، لأن ساحاتهم هي المسجد، ومقاومتهم هي الصلاة، وتضحياتهم هي الدعاء المرفوع إلى السماء. هؤلاء يكتبون بدمائهم مستقبل الأمة، وهم أولى منا بليلة القدر، لأنهم يعيشونها في كل يومٍ من حياتهم، وهم بين الرجاء والخوف، بين الرجاء في نصر الله، والخوف على أمةٍ غفلت عن دورها وانشغلت عن قضيتها.
إن قدر الأمة لن يتغير بليلة واحدة على عظم قدرها وفضلها، إن لم تتغير العقول، وإن لم تفهم القلوب أن العبادة الحقّة ليست في الخلوة فقط، بل في العمل، والجهاد، والصبر، والتضحية. وإذا أردنا أن يكون لنا نصيبٌ من ليلة القدر، فعلينا أن نكون جزءًا من قدر أمتنا، نحمل همّها كما نحمل همّ أنفسنا، وندرك أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وحينها، ستنزل السكينة حقًّا، وستكتب الأمة قدرًا جديدًا، يليق بها، ويليق برسالة الإسلام التي لم تكن يومًا دينًا للعزلة، بل دينًا لصناعة الحياة، ودينًا لصياغة التاريخ.