ألقى الشيخ الدكتور صالح بن حميد خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله وعبادته، وإسداء المعروف، وبذل الإحسان ولو جحده الجاحدون.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في الحرم المكي الشريف: إن العافية كلمة جامعة يحتاجها المعافى، والمبتلى، والحيُّ، والميتُ، والعافية إذا فُقدت عُرفت، وإذا دامت نُسيت.

سلوا ربكم العافية. جاء العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علمني شيئًا أسال الله عز وجل به فقال: “سل الله العافية”، ثم مكث أيامًا ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علمني شيئًا أسال الله تعالى، فقال صلى الله عليه وسلم: “يا عباس يا عم رسول الله، سل الله العافية في الدنيا والآخرة”.
وأوضح فضيلته أن العافية هي: دفاع الله عن عبده. والعبد حينما يسأل ربه العافية فإنه يسأله أن يدفع عنه كلَّ ما ينوبه؛ فكل ما دفعه الله عن العبد فهو عافية. وإن سؤال الله العافية دعوة جامعة، شاملة للوقاية من الشرور كلها في الدنيا والآخرة. والعافية أقسام ثلاثة: عفو، ومعافاة، وعافية. فالشر الماضي يزول بالعفو، والحاضر يزول بالعافية، والمستقبل يزول بالمعافاة.
وبين أن العافية في الدين بالثبات على الحق، والبعد عن الباطل وأهله، والسلامةِ من الكفر، والضلالِ، والنفاقِ، والفسوقِ، والعصيانِ، وكبائرِ الذنوب وصغائرِها، والعافية من الشهوات والشبهات، والبدع والفتن، ما ظهر منها وما بطن. والعافية في الآخرة: الوقاية من فتنة الممات، وفتنة السكرات، وفتنة القبر، والنجاة من أهوال يوم العرض والفزع الأكبر. والعافية في الدنيا هي: العافية من كل ما يكون فيها من سلامة الأبدان، ودفع البلاء والأسقام، ومن الهموم والأكدار. وإن من عافية الدنيا: العافية في الأولاد، بصلاحهم، وهدايتهم، واستقامتهم، ذرية طيبة مباركة، تقربها العيون، وتسعد بها القلوب. مشيرًا إلى أن عافية الأوطان من أعظم أنواع العافية، وأجلِّها. وكيف إذا كان الوطن هو قبلة المسلمين، وقلب الأمة، حاضن الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية التي هي أرض الإسلام، والتاريخ، والحضارة.
وبيّن أن من عافية الدنيا أن يعافيك الله من الناس، ويعافي الناس منك، وأن يغنيك عنهم، ويغنيهم عنك، ويصرف أذاهم عنك، ويصرف أذاك عنهم. ومن العافية: أن يلقى العبد ربه وهو خفيف الظهر من دمائهم، خميص البطن من أموالهم، غير مطالب بشيء من حقوقهم، لازمًا لجماعتهم، غير مفرق لأمرهم.
وأفاد بأن من عِظَم العافية في قوله صلى الله عليه وسلم: “يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموه فاصبروا”. وهل أعظمُ من الجهاد منزلة، وأعظمُ من الشهادة في سبيل الله مطلبًا، ومع هذا جاء هذا التوجيه النبوي العظيم: “لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية”.
وأكّد فضيلته أن من سرّه أن تدوم عافيته فليتق الله. إذا أردت أن تستطعم لذة العافية فتذكر المرضى على الأسرّة البيضاء، وتذكر المحتاجين والضعفاء، وتذكر المدينين والفقراء، وتذكر من هم في هم وخوف وقلق وبلاء .
* وفي خطبة الجمعة بالمسجد النبوي الشريف أوصى فضيلة الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي المسلمين بتقوى الله عز وجل، مستشهدًا بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
وقال: هذا رمضان، قد لاحت بشائره، واقترب فجره، وتاقت القلوب لنوره، هو تاج الشهور، ومعين الطاعات، نزل القرآن في رحابه، وعزّ الإسلام في ظلاله، وتناثرت الفضائل في سمائه، هو ميدان سباق لمن عرف قدره، ومنبع إشراق لمن أدرك سره، وموسم عِتق لمن أخلص أمره، وروضة إيمان لمن طابت سريرته واستنار فكره، مستشهدًا بقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه”.
وأضاف فضيلته: هذا رمضان خيراته تتدفق، وأجوره تتزاحم وتتلاحق.. موصيًا المسلمين بالاستعداد له استعدادًا يليق بمقامه، وسلوكًا يرتقي لنعمه وإجلاله، فرمضان أيامه معدودة، وساعاته محدودة، يمر سريعًا كنسيم عابر، لا يمكث طويلًا.
وبيّن الشيخ الثبيتي أن الاستعداد لرمضان يكون بتهيئة النفس، ونقاء القلب، وإنعاش الروح، من خلال تخفيف الشواغل، وتصفية الذهن، فراحة البال تجعل الذكر أحلى، والتسبيح أعمق، وتمنح الصائم لذة في التلاوة، وأنسًا في قيام الليل.
وأوضح أن تهيئة القلب تكون بتنقيته من الغل والحسد، وتصفيته من الضغينة والقطيعة وأمراض القلوب، فلا لذة للصيام والقلب منشغل بالكراهية، ولا نور للقيام والروح ممتلئة بالأحقاد، داعيًا المسلمين إلى تنظيم الأوقات في هذا الشهر الفضيل، فلا يضيع في اللهو، ولا ينشغل بسفاسف الأمور، وخير ما يستعد به العبد الدعاء الصادق من قلب مخبت خاشع.
وأبان إمام وخطيب المسجد النبوي أن رمضان شهر القرآن، ولتلاوته فيه لذة تنعش القلب بهجةً وحلاوة تفيض على الروح قربًا، ففي تلاوة القرآن يشرق الصدر نورًا، وبكلماته تهدأ النفس سرورًا، وبصوت تلاوته يرق القلب حبًا، فتشعر وكأن كل آية تلامس روحك من جديد، وكأن كل حرف ينبض بالحياة.
وأكّد أن رمضان مدرسة الإرادة وساحة التهذيب، يدرّب الصائم على ضبط شهواته، وكبح جماح هواه، وصون لسانه عما يخدش صيامه، فيتعلّم كيف يحكم زمام رغباته، ويُلجم نزواته، ويغرس في قلبه بذور الصبر والثبات، مبينًا أن هذه الإرادة التي تربى عليها المسلم في رمضان تمتد لتشمل الحياة كلها، فمن ذاق لذة الانتصار على نفسه سما بإيمانه وشمخ بإسلامه فلم يعد يستسلم للهوى، ولا يرضى بالفتور عن الطاعة، مستشهدًا بقوله تعالى {وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}.
وأشار إلى أن رمضان بشعائره ومشاعره محطة ارتقاء بالإنسان، ورُقِيّ بالحياة، فهو يبني الإنسان الذي هو محور صلاح الدنيا وعماد ازدهارها، ويهذب سلوكه، ويسمو بأهدافه، مبينًا أن العبادة ليست طقوسًا جامدة، بل قوة حية تغذي الإنسان ليبني المجد على أسس راسخة من الدين والأخلاق والعلم.. مستشهدًا بقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله تعالى اختص المريض والمسافر برخصة، فجعل لهما فسحةً في القضاء بعد رمضان، مستشهدًا بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. مبينًا أن التشريع رحمة، وأن التيسير مقصد. فالصيام لم يُفرض لإرهاق الأجساد، بل لتهذيب الأرواح، وترسيخ التقوى.
وبين فضيلته في ختام الخطبة أن أوجه العطاء في رمضان عديدة، وذلك من خلال إنفاق المال، والابتسامة، وقضاء حوائج المحتاجين ومساعدتهم، والصدقة الجارية، فقد كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ أجود ما يكون في رمضان، عطاؤه بلا حدود، وكرمه بلا انقطاع، يفيض بالجود كما يفيض السحاب بالمطر، لا يرد سائلًا، ولا يحجب فضلاً.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية صلى الله علیه وسلم الله العافیة العافیة فی

إقرأ أيضاً:

دعاء دخول رمضان 2025 مكتوب بالكامل.. احرص عليه الآن

شهر رمضان المبارك هو أفضل شهور العام، حيث تنتظره الأمة الإسلامية بشوق كبير، لما يحمله من بركات ونفحات إيمانية عظيمة.

 ومع اقتراب حلول هذا الشهر الكريم، يحرص المسلمون في كل مكان على الاستعداد له بالدعاء، سائلين الله عز وجل أن يبلغهم رمضان، ويعينهم فيه على الصيام والقيام والطاعات، وأن يتقبل منهم أعمالهم الصالحة، ويجعلهم من الفائزين برحمته ورضوانه.

ومن أعظم الأعمال التي يُوصى بها عند دخول رمضان هو الدعاء، حيث يعتبر هذا الشهر الفضيل فرصة عظيمة للتقرب إلى الله وطلب المغفرة والرحمة والبركة في العمر والعمل.

 وقد وردت العديد من الأدعية التي يمكن للمسلم ترديدها عند استقبال هذا الشهر الكريم، تعبيرًا عن شكره لله على أن بلّغه رمضان، وطلبًا للتوفيق في أداء عباداته على الوجه الأكمل.

دعاء للزوج المتوفي بالرحمة والمغفرة.. كلمات تدخل السرور عليه في قبرهدعاء لمن ضاقت عليه الأرض بما رحبت.. ردده سيأتيك الفرج عاجلادعاء بعد الفجر للرزق والفرج.. أفضل الكلمات المستحبة لتحقيق الأمنياتدعاء الليلة الأولى من العشر الأواخر من شعبان.. بـ11 كلمة يجبرك الله جبرًا عجيبًاأفضل الأدعية المستحبة عند دخول رمضان

1- دعاء رؤية هلال رمضان:
"اللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربي وربك الله."
وهو دعاء مأثور عن النبي ﷺ عند رؤية الهلال، وفيه يسأل المسلم الله أن يجعل هذا الشهر شهر خير وأمان وإيمان.

2- دعاء الشكر على بلوغ رمضان:
"اللهم لك الحمد أن بلغتنا رمضان، فاجعلنا فيه من المقبولين، وأعنا فيه على الصيام والقيام، واجعلنا من عتقائك من النار."
فهذا الدعاء يُظهر امتنان العبد لله على نعمة إدراك رمضان، مع طلب العون على استغلاله في الطاعة والتقرب إليه.

3- دعاء التوبة والاستغفار
"اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وتقبل صيامنا وقيامنا، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واعتق رقابنا من النار، واغفر لنا ولأهلنا ولجميع المسلمين."
وهو دعاء يعبر عن رغبة المسلم في استغلال هذا الشهر للتوبة الصادقة وطلب المغفرة من الله.

4- دعاء التوفيق في العبادات
"اللهم اجعلنا في رمضان من أهل الطاعة، وأعنا على قيامه وصيامه، واجعل عباداتنا خالصة لوجهك الكريم، وأكرمنا فيه بليلة القدر، واجعلنا من المقبولين عندك."
وفي هذا الدعاء طلب العون من الله على العبادة، ليكون العمل في رمضان مقبولًا خالصًا لوجهه.

5- دعاء الصحة والعافية في رمضان


"اللهم اجعل لنا في رمضان الصحة والعافية، وأعنا فيه على الصيام والقيام دون تعب أو مشقة، وارزقنا فيه القوة على الطاعة والعمل الصالح."
حيث يسأل العبد الله أن يمنحه القوة والصحة ليتمكن من أداء العبادات بسهولة ويسر.

6- دعاء طلب البركة والرزق
"اللهم بارك لنا في أيام رمضان، وارزقنا فيه من الخير كله، واجعل لنا فيه نصيبًا من كل بركة، واغفر لنا ما مضى، وتقبل منا ما بقي."
فهذا الدعاء يطلب من الله البركة في الوقت والرزق والعمل خلال الشهر الفضيل.

فضل الدعاء عند دخول رمضان

الدعاء عند دخول رمضان يعكس استعداد المسلم روحيًا لهذا الشهر المبارك، ويعبّر عن رغبته الصادقة في استغلال أيامه ولياليه في الطاعات. فرمضان هو شهر التوبة والغفران، وهو فرصة عظيمة لمن أراد أن يبدأ صفحة جديدة مع الله، لذلك ينبغي الإكثار من الدعاء الصادق الذي يحمل معاني التوبة والرجاء والامتنان لله.

وفي الختام، فإن دعاء دخول رمضان من أجمل ما يمكن للمسلم أن يبدأ به هذا الشهر الكريم، وهو باب من أبواب القرب إلى الله، فلا تبخل على نفسك بالدعاء، فهو سلاح المؤمن وأعظم وسيلة لتحقيق الطمأنينة والقرب من الله في هذه الأيام المباركة.

مقالات مشابهة

  • رمضـان علـى الأبـواب.. فمـا أشبـه اليـوم بالبارحـة!
  • لاحت بشائر رمضان.. خطيب المسجد النبوي: تاج الشهور ومعين الطاعات فاغتنموه
  • خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أقوم سبيل للطمأنينة في الدنيا والسعادة بالآخرة
  • خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أمثل طريق للطمأنينة في الدنيا والآخرة
  • خطبة الجمعة اليوم.. نوح العيسوي: الشريعة الإسلامية تميزت بالسهولة والتيسير.. والعمل التطوعي يقوي التماسك والترابط بين أفراد المجتمع.. فيديو
  • خطيب المسجد النبوي: هذه طريقة تهيئة القلب لاستقبال شهر رمضان
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة
  • دعاء دخول رمضان 2025 مكتوب بالكامل.. احرص عليه الآن