كانت الرسائل في السودان والي وقت قريب ذات اهمية كبرى لاتقل عن الاكل والشرب وقد دخلت في قاموس الغناء خاصة وهي الوسيلة الوحيدة للتواصل، اما ادب الرسائل نفسه فذاك شأن آخر إلفّت فيه الكتب والمراجع..وكنا قد بدأنا في هذه المراسلات
برسالتين وهذه هي الرسالة الثالثة ولن تكون الأخيرة ان شاء وكانت الرسالتان السابقتان بين وبين احد الاقارب.
ادناه مراسلة عامة بيني وبين السيده ندى رأيت انها مع مثيلاتها قد تكون مفيدة وتدفعنا للعوده لثقافة الرسائل وجمعها فهي تحكي عن واقع يمكن دراسته في المستقبل..
عزيزتي ندى ، بعد السلام التام،
والموده والاحترام،
اعلمي بداية ان الكتابة اليك فيها من المشقة ما يهد الحيل ويرهق هذا العقل المشحون بعمايل الدنيا العجيبة لا لشيء إلا لانك انسانة حكيمة والمرأة الحكيمة عندنا مابترضى بكلام زي عينة (تلت التلاتة كم) واخواتها، اي انك زولة على مزاجها..
وهنا يجب ان نعترف باننا جميعاً ندرك أن الحياة تمنحنا أحيانًا فرصاً نادرة لنلتقي بأناس يطيب لهم المقام في قلوبنا، فنشيد لهم بيوتًا من الود، ونبني معهم جسورًا من الألفة والمحبة، والكثير من الاحترام الذي فرضوه علينا بحلوِ معشرهم. هل انتِ احدهم؟ويلٌ لدروشتي فكيف اسال واجيب؟
عايز يا ندى اقول ليك قول، هو انه إنسان السودان، يتمتع بشخصية تبدو جميلة في ظاهرها، لكنها تحمل في دواخلها العجب العجاب؛ وتلك هي المعضلة الوحيدة التي حيّرت علماء النفس والاجتماع. واديك مثال لكلامي واعني هنا ذلك الخلط العجيب بين الأفراح والأتراح فقد كانت النساء يرقصن عند خروج جنازة الميت، وقد سماها البعض “ردحي”، وقد شاهدتُ يا سيدتي بأم عيني ام العروس تبكي في فرح بناتها، أوليس ذلك أمرًا محيرًا؟ ثم هل تعلمين أننا الشعب الوحيد الذي يتوشح باللباس الأبيض عند فقدان عزيز، وقد رأيتُ كيف ان كبير البيت يكسو فتيات بيته في فترة الحداد قطعة من القماش الأبيض؟! اليس في الامر عجب! اوليست تلك الشتارة بعينها؟..
بعد كل ما ذكرته، فلا تتعجبي إن قلت لكِ: شكرًا لأنك كنتِ السبب في أن أصبح جزءًا من ذاك المجتمع الافتراضي بكل ألوانه ، وقد تعلمت الكثير المفيد وسط علماء أجلاء..لكن ليس كل نبات يزهر والا لما كانت هناك اشواك وهنا بيت القصيد..
لقد تعبنا يا سيدتي من تلك الأشواك التي باتت تنخر فينا حتى كادت الافئدة ان تصبح كالثوب المثقوب.. وبعد هذا الجهد المضني بمشاركتكم في بعض المنابر فكرنا كثيراً ان نتوقف قليلاً لا لسبب إلا لان بعض تلك المنابر اخدت منّا جل وقتنا..علمي ان هذا الفعل ستكون له نتائج سلبية علينا وعلى البعض من اولئك الأبرار الذين تعارفنا معهم فحبونا وحبيناهم من قلوبنا..لكن شن نسو؟..
أظنكِ قد فهمتِ منا وبعد كل هذا الوقت الذي ليس بالقليل، أننا لا نطيق الأماكن التي يعلو فيها الصخب والنزاع؛ فهذا يعود إلى طبيعتنا التي جبلنا عليها، فكل إنسان يحمل في داخله شيئاً من إرث من كانوا سبباً في وجوده. وقد قيل في الأثر (اهجر قصور الذل ولو هي من ذهب وأسكن بيوت العز ولو كانت خراب)..وتذكري ياندى ان ما تبقى لنا من العمر، يا سيدتي، لا يكفي لأن نجعله ساحةً للمناكفات والشغب؛ فالوقت، يا ندى، بات كالشعرة الهشة لا يحتمل الشد والجذب
أسأل الله أن يمنحكِ القوة والصبر على تحمل هذا العبء المرهق. أنا لستُ مجبراً على محبة الجميع، فما أنا إلا بشرٌ يخطئ ويصيب، لكنني أحمد الله على نعمة منحني إياها، وهي محبة الصالحين. وكما قال أحد الحكماء:
“جالس جميل الروح، تصبك عدوى جماله.”
وختاماً ليس انتهاءً، ابقي طيبة ومتواصلة مع من تحبين، وفيما تحبين؛ ولكِ العتبى حتى ترضي. وأسلمي لغواليك.
**(عثمان يوسف خليل)
أستاذي عثمان يوسف
بعد التحية و الإحترام.
أشكرُ لكَ مكتوبك الذي حرّكَ حواراتٍ متعدّدة في داخلي لذا آثَرتُ أن أرد عليه بعد تأنٍ و ترتيبٍ لهاتِيك الحوارات.
ما ذَكـرْتَه عن شخصية الإنسان السوداني فسأتركه لوقتٍ لا حق لما يتطلّبه من كثير حوار و مِن الإستعانة بأهلِ الذكرِ من المختصّين.
صحيح الدنيا فيها من تقلّب الأحوال ما عهدناه لكنّنا تمرّسنا على مواجهة هذه الأحوال بالصبر و عدم التسرع أو الإستجابة لِهَوى النفس الأمّارة بالسوء و من هنا تأتي الحكمة التي أشكرك لأنك وصفتني بها فإن كنتُ كذلك فهذا خيرٌ كثيرٌ أحمد الله على أن وهبنيه و إن لم أكُن فأسأل الله أن يرزقنيه.
لطالما نَشَدْتُ هذه الحكمة لي و لكل سوداني خاصّةً أصحاب القرار عندنا فبِها تستقيم أمور الحياة التي طال اعوجاجها بسبب وسوسة الشيطان التي لم يَنْجُ منها حتى الأنبياء عليهم أفضل الصلاة و لهم أتّم التسليم غيرَ أنّ الله نَسَخَ ما يُلقِي الشيطان منها و أحْكَم آياته ( النسخ هنا لما في الأمنيات من عمل الشيطان و لا علاقة له بنسخ الآيات التي كثر الجدل في معناها).
أمّا قولُك أنني إنسانة على مزاجي فقد سبق أن قالها أستاذنا عبد القادر الكتيّابي( على كَيْفي)، الكيف الواعي المسؤول المحكوم مِن قِبَل العقل و المُراعي لقيم العدل فلا يَظلِم و لقِيَم الرحمة فلا يتجبر و لا يطغى. (على كيفي) بمسؤولية و بحرّية كاملة غير منقوصة حتّى أكون فاعِلةً إيجاباً في مجتمعي ما وَسِعَني الأمر. ليتنا كلّنا نكون على كيفنا بوَعي، لا نجور على غيرنا و لا نفرض عليهم قناعاتنا و معتقداتنا بِدَعوَى أننا أصحاب الحق المطلق و غيرنا لا يعي و لا يفقه شيئاً؛ لنهذّب انفسنا بنفس مستوى رغبتِنا في أن يتهذّب الآخرون في تعاملهم معنا و لنستحضر ما للأخلاق الطيّبة من مَراقٍ لا نبلغ نهايتها ما حيينا فلنرتقيها ما وَسِعَنا الأمر. أمّا قولَك أنك لست مجبراً على محبة الجميع فلا أحد يُمكن أن يُحِب جَبراً لأنّ للقلوب شأنٌ آخَر تتحقق فيه الحرية الحقيقية.
يا أستاذي أنا كذلك لا أحبّ الصخب و النزاعات لكن علّمتني الحياة أنها ليست زلالاً صافياً فلا بدّ من بعض المنغّصات. تلك المنغّصات قد تضطر الإنسان للإنسحاب طلباً للهدوء و قد تدفع الإنسان للصبر و الإصرار على المواصلة إن كان الأمر متعلّقاً برسالة يؤمن بأنّ اداءها فرضٌ عليه و لا خيار أمامه سوى التحمل و محاولة الإصلاح ما استطاع.
ِمثلَك لا ينسحب يا أستاذي لكنك تحتاج لاستراحة المحارب التي لا بد منها مِن حينٍ لآخَر؛ بعدها أثِقُ أنّك ستعود بعزيمةٍ و إصرارٍ على المواصلة فالعمر الذي لم يتبقَّ منه الكثير كما تقول يجب أن نقضيه كما ينبغي و تذكّر انّه طالما كان العقل سليماً فلا تعب الجسد يعيق العطاء و لا الإستسلام مطلوب.
يظل حبل الودّ موصولاً بيننا و تبادل المعارف و الخبرات مبذولاً بكل ما في الأنفس من طيبٍ و صفاء.
أسأل الله لك و لي التوفيق و حسن السداد.
كن بخير.
كن فاعٍلاً كما عهِدتك.
ندى أحمد.
osmanyousif1@icloud.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
عياش يدين المخططات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار الأردن الشقيق
أدان الدكتور محمد عياش عضو المجلس المركزي الفلسطيني، المخططات الإرهابية التي كشفتها المخابرات العامة التي كانت تستهدف المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي داخل المملكة.
وأعرب رئيس الجالية الفلسطينية في رومانيا عن تضامنه ووقوفه وتأييده ومساندته التامة لكل القرارات والإجراءات التي تتخذها المملكة للحافظ على أمنها واستقرارها ونزع فتيل كل محاولة للتأثير فيهما.
وأكد عياش في برقية التضامن التي وصلت منها نسخة لوسائل أنه "انطلاقا مما يربط البلدين الشقيقين وقيادتيهما من روابط وثيقة وعلاقات تاريخية، أن أمن واستقرار الأردن هو جزء لا يتجزأ من أمن فلسطين".
وقال: "انطلاقا مما يربط دولة فلسطين مع المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة من روابط وثيقة راسخة قوامها الأخوة والعقيدة والمصير الواحد، وامتدادا لتاريخهما المشترك وأن أمنهما كل لا يتجزأ نقف إلى هذا الشعب العظيم ".
وأضاف عياس "إننا نقف إلى جانب المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة ملكا وحكومة وشعبا، ونساند القرارات التي اتخذها الملك عبد الله الثاني لحفظ أمن الأردن وضمان استقراره".
وزاد "ندعم هذه الخطوات التي اتخذها الأردن، لأننا نعتبر أمن الأردن واستقراره مصلحة فلسطينية عليا خاصة وانهما تربطهما علاقات أخوة وتاريخ وجغرافيا ووحدة موقفٍ ومصير".
وشدد عياش على أن الأردن بقيادة الملك عبد الله قادرة على التغلب على هذه الأزمة بحكمة واقتدار، مشيرا إلى أن الأردن يقف دوماً مع شعبنا الفلسطيني.
ودعا عياش أن يسدد الله خطى صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله لما فيه خير الشعب الأردني والأمة العربية، وأن يظل على الدوام الظهير والسند والداعم لقضيتنا الوطنية الفلسطينية، لما يمثل عمقا استراتيجيا لقضيتنا، بل ويرتبط شعبنا الفلسطيني مع الشعب الأردني بروابط الأخوة والتاريخ والمصير المشترك.
وفي وقت سابق أعلنت المخابرات العامة الأردنية انها احبطت مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي داخل المملكة.
وجاء في البيان "ألقت دائرة المخابرات العامة القبض على 16 ضالعا بتلك المخططات التي كانت تتابعها الدائرة بشكل استخباري دقيق منذ عام 2021".
وتابع البيان "وشملت المخططات قضايا تتمثل بـ: تصنيع صواريخ بأدوات محلية وأخرى جرى استيرادها من الخارج لغايات غير مشروعة، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة نارية وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروع لتصنيع طائرات مسيرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعها للتدريب بالخارج".
وأعلنت دائرة المخابرات العامة أنها أحالت القضايا جميعها إلى محكمة أمن الدولة لإجراء المقتضى القانوني.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من أخبار الضفة الغربية المحلية قوات الاحتلال تُغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية سلطات الاحتلال تُعيد فتح حواحز أريحا بعد إغلاقها لساعات بالفيديو: قوات الاحتلال تُفجر منزل شهيد في دير ابزيع غرب رام الله الأكثر قراءة 60 ألف طفل في غزة يتهددهم مضاعفات صحية خطيرة نتيجة سوء التغذية بالفيديو: قوات الاحتلال تُفجر منزل شهيد في دير ابزيع غرب رام الله وزير خارجية مصر يبحث مع ويتكوف مسألتي "الأمن والحوكمة" في غزة أين اليساريون في إسرائيل؟! عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025