في السنوات الأخيرة، تحولت "حبة الغلة" من مجرد مبيد حشري يُستخدم لحماية المحاصيل من الحشرات والقوارض، إلى وسيلة انتحار قاتلة تنتشر بشكل واسع في مصر، خاصة بين الشباب.

ورغم التحذيرات المستمرة من خطورتها، إلا أن سهولة الحصول عليها، ورخص ثمنها، وفعاليتها السريعة، جعلتها الخيار الأول لمن يفكر في إنهاء حياته.

لذلك تصاعدت الأصوات المنادية بضرورة فرض رقابة صارمة على بيعها، لكن حتى الآن، لا تزال تودي بحياة العشرات سنوياً. مأساة خلال 24 ساعة

شهدت مصر خلال 24 ساعة فقط حادثتي انتحار صادمتين، بطلتهما "حبة الغلة" القاتلة. ورغم اختلاف الدوافع والظروف، إلا أن النتيجة كانت واحدة: فقدان شابين لحياتهما وسط حالة من الصدمة بين عائلتيهما وأصدقائهما.
في الحادثة الأولى، أقدم شاب عشريني من محافظة الدقهلية على إنهاء حياته عبر بث مباشر على "فيس بوك"، حيث ظهر في الفيديو وهو يعلن قراره الصادم، ويؤكد أنه تناول قرصين من حبوب الغلة. وبعد وفاته، كشف أصدقاؤه أنه كان يعاني من ضغوط نفسية وديون متراكمة دفعته إلى هذا القرار المأساوي.

فيديو.. انتحار شاب مصري في بث مباشر - موقع 24اهتزت منصات التواصل الاجتماعي في مصر، عقب حادثة مؤسفة شهدتها إحدى قرى محافظة الدقهلية، بعد انتحار شاب عشريني عبر خاصية البث المباشر في "فيس بوك".

أما الحادثة الثانية فكانت في محافظة الغربية، حيث أقدم شاب عمره 37 عاماً على الانتحار بنفس الطريقة، لكن الأمر لم يقتصر على ذلك، إذ حاول أيضاً إنهاء حياة طفلتيه بإعطائهما الحبة السامة، وذلك حزناً على فراق زوجته التي أنهت حياتها بنفس الطريقة قبل شهرين.
تم نقل الأب وطفلتيه إلى المستشفى في حالة خطيرة، إلا أن الأب لم ينجُ وفارق الحياة فور وصوله، بينما تمكن الأطباء من إنقاذ الطفلتين بعد إجراء غسيل معوي لهما. وكشفت التحريات أن الأب كان يمر بحالة نفسية سيئة للغاية بعد وفاة زوجته، ما جعله يقدم على هذا الفعل الصادم.

ما هي "حبة الغلة"؟ وما خطورتها؟ "حبة الغلة" هي عبارة عن قرص يحتوي على فوسفيد الألومنيوم، وهو مادة كيميائية شديدة السمية تُستخدم كمبيد حشري لحماية الحبوب المخزنة من الحشرات والقوارض. عند تعرض هذا القرص للرطوبة أو الماء، يطلق غاز الفوسفين، وهو غاز قاتل يؤدي إلى شلل في وظائف الجسم وتوقف الأجهزة الحيوية تدريجيًا، مما يؤدي إلى الموت خلال ساعات.
تكمن خطورة هذه الحبة في أنها رخيصة الثمن، حيث لا يتجاوز سعر القرص 1 جنيه مصري، كما أنها متاحة بسهولة في محلات المبيدات الزراعية، مما يجعلها وسيلة انتحار شائعة، خاصة في المناطق الريفية حيث تُباع بكميات كبيرة دون رقابة مشددة. تحذيرات علمية وطبية

حذّر أطباء من أن خطورة "حبة الغلة" لا تكمن فقط في تناولها، بل أيضاً في مجرد استنشاق غاز الفوسفين المتبخر منها، والذي يمكن أن يؤدي إلى التسمم والموت خلال أيام. كما يؤكد الأطباء أنه لا يوجد مصل مضاد لهذه المادة، مما يجعل فرص النجاة ضئيلة حتى مع التدخل الطبي السريع.
فعند تناول "حبة الغلة"، يبدأ تأثيرها فوراً حيث تتفاعل مع عصارة المعدة، مما يؤدي إلى إطلاق غاز سام يشبه القنبلة الكيميائية، ويسبّب توقف القلب والرئتين والكبد والكلى تباعاً، وتظهر الأعراض خلال دقائق، وتشمل: هبوط حاد في القلب، فشل تنفسي يؤدي إلى الاختناق، توقف الأجهزة الحيوية تباعاً، مما يؤدي إلى الموت،

وفي حالة الاشتباه في تناول شخص لهذه الحبة، يجب نقله فوراً إلى المستشفى. ولكن حتى الوصول، يمكن القيام ببعض الإسعافات الأولية لمحاولة تأخير امتصاص السم، مثل: إعطائه فنجان زيت كل 15 دقيقة، حيث يعمل الزيت على تغليف الحبة ومنع تفاعلها مع عصارة المعدة، وتجنب شرب الماء لأنه يُسرّع من تفاعل المادة السامة.

تحركات حكومية في مصر

مع تزايد حالات الانتحار بسبب "حبة الغلة"، بدأت السلطات المصرية اتخاذ بعض الإجراءات للحد من انتشارها. فقد أصدرت وزارة الزراعة قرارات بحظر بيعها في محلات المستلزمات الزراعية الصغيرة، واقتصار تداولها على الشركات الكبرى، كما تم تقليل كميات استيرادها لحين إيجاد بديل أكثر أماناً.
بالإضافة إلى ذلك، شددت الجهات الرقابية حملاتها على محلات بيع المبيدات الزراعية، وفرضت عقوبات تصل إلى الإغلاق أو السجن على المحلات التي تبيع هذه الأقراص بشكل غير قانوني. كما أوصى البرلمان المصري وزارة الأوقاف بإثارة قضية الانتحار باستخدام "حبة الغلة" عبر منابر المساجد، لزيادة الوعي بمخاطرها.

رفض الفلاحين لمطالب الحظر

في سياق الجدل المستمر حول خطورة "حبة الغلة" ودورها في تزايد حالات الانتحار، أكد حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين المصريين في تصريحات تلفزيونية، أن فوسفيد الألمنيوم، المادة الفعالة في هذه الحبة، يعد مبيداً حشرياً مثالياً لحماية الغلال من الآفات والتسوس، نظراً لفعاليته العالية وسعره الرخيص.
وأوضح أبو صدام أن "حبة الغلة" تُستخدم على نطاق واسع في تبخير الحبوب والصوامع والبواخر وأماكن تخزين الغلال، حيث تطلق غاز الفوسفين السام عند تعرضها للرطوبة، ما يساعد في القضاء على الآفات الزراعية، مثل القوارض وسوسة النخيل، دون أن تترك أي آثار سلبية على المنتجات الزراعية.
وأضاف أن هذا المبيد مسجل رسمياً في وزارة الزراعة، ويُعد من أكثر الوسائل أماناً وفعالية في حفظ الغلال، مؤكداً أن منع استخدامه سيكون أمراً غير منطقي، نظراً لعدم وجود بديل مماثل من حيث الكفاءة والتكلفة.
وشدد نقيب الفلاحين على أن الحل ليس في حظر "حبة الغلة"، وإنما في معالجة الأسباب النفسية والاجتماعية التي تدفع البعض لاستخدامها في الانتحار. وأشار إلى أن من يريد إنهاء حياته سيبحث عن وسيلة أخرى، حتى لو تم حظر هذه الحبة، مطالباً بزيادة التوعية لمواجهة أزمة الانتحار بدلاً من التركيز على الوسيلة المستخدمة فيه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: آيدكس ونافدكس رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية مصر حوادث حبة الغلة هذه الحبة یؤدی إلى

إقرأ أيضاً:

تعليق ساخر يدفع شابًا للانتحار في بث مباشر

القاهرة

شهدت محافظة الدقهلية المصرية حادثة مؤلمة، حيث أقدم شاب عشريني على إنهاء حياته خلال بث مباشر عبر حسابه على موقع “فيسبوك”، بعدما تناول “حبة الغلة” السامة.

وظهر الشاب مصطفى، البالغ من العمر 22 عامًا، في بث مباشر وهو يتحدث عن قراره الصادم، قائلاً: “أنا أخدت حباية الغلة وذنبي في رقبة كل اللي ظلمني، ومش مسامح كل من ظلمني”.

ورغم محاولات شخص آخر لإثنائه عن قراره، أكد مصطفى أنه تناول بالفعل الحبة السامة قائلاً: “فاكرني بضحك؟ والله أخدت حبيتين غلة”.

وبعد لحظات من انتشار الفيديو، تلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا بوصول الشاب إلى المستشفى في حالة حرجة، حيث حاول الأطباء إنقاذه داخل قسم العناية المركزة، لكنه فارق الحياة متأثرًا بالسم القاتل.

وبحسب أصدقاء مصطفى، فقد كان يعاني من ضغوط نفسية شديدة بسبب الديون، بالإضافة إلى تعرضه لتعليقات سلبية على منشوراته بمواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها تعليق دفعه إلى اتخاذ قراره المأساوي، إذ كتب له أحدهم: “تناول حبة الغلة”.

وفي وداع مؤثر، وجه أحد أصدقائه رسالة عبر فيسبوك قائلاً: “اجبر بخواطر الناس يرحمكم الله.. مصطفى انتحر بكلمة في تعليق بعدما واجه ضغوطات دنيوية”.

وتحولت “حبة الغلة”، التي تُستخدم لحماية المحاصيل من التسوس والقوارض، إلى أداة شائعة للانتحار، خاصة بين الشباب في المناطق الريفية.

وهذه الحبة السامة، التي تحتوي على مادة فوسفيد الألمنيوم القاتلة، تقتل من يتناولها في صمت، حيث تطلق غاز الفوسفين السام عند تفاعلها مع الماء أو الرطوبة داخل الجسم، والأسوأ من ذلك أنه لا يوجد مضاد لهذا السم على مستوى العالم، مما يجعل فرص النجاة شبه معدومة.

وأثارت هذه الحادثة دعوات متزايدة لاتخاذ إجراءات للحد من انتشار “حبة الغلة”، سواء عبر تنظيم بيعها أو فرض قيود صارمة على تداولها.

كما طالب نشطاء بضرورة توفير دعم نفسي للشباب الذين يعانون من ضغوط حياتية، وضرورة الانتباه إلى تأثير الكلمات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن لكلمة واحدة أن تكون السبب في إنهاء حياة شخص يعاني في صمت.

مقالات مشابهة

  • الانتحار يطارد نجوم كوريا الجنوبية.. لماذا يعاني المشاهير من الضغوط القاتلة؟
  • بي واي دي F3 موديل 2024 «كسر زيرو» بأرخص سعر
  • رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي تتفقد مراكز فرز مستندات المتقدمين لـ"سكن لكل المصريين 5"
  • دور المصريين في الخارج وتأثيرهم على السياسة الدولية.. فيديو
  • مدبولي يطمئن المصريين بشأن انقطاع الكهرباء في صيف 2025
  • تعليق ساخر يدفع شابًا للانتحار في بث مباشر
  • شقق الإسكان الاجتماعي.. رابط تقديم التظلم على نتيجة «سكن لكل المصريين 5»
  • مصر: الحداد 3 أيام على أرواح ضحايا حادث سانت كاترين
  • صلاح ومرموش | لميس الحديدي: «المصريين محتارين يشجعوا مين؟»