غياب حلفاء حزب الله: تحوّلات في المشهد السياسي اللبناني
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
شهد "حزب الله" في السنوات الأخيرة تراجعاً حادّاً في تحالفاته السياسية الداخلية، ما دفعه الى عزلة نسبية، باستثناء تحالفه التقليدي مع "حركة أمل". هذه العزلة تعكس تحوّلاتٍ عميقةً في الخريطة اللبنانية، مرتبطةً بعوامل داخلية كالضغوط الاقتصادية والعقوبات الدولية، وأخرى خارجية كتغيّر موازين القوى الإقليمية، إضافةً إلى تراجع الشرعية الشعبية الوطنية للحزب بعد فشله في تقديم حلول للأزمات المتفاقمة.
كان التحالف مع "التيار الوطني الحر" (بقيادة جبران باسيل) أحد أهم الركائز السابقة، لكنه بدأ بالتصدّع مع تصاعد العقوبات الأميركية على الحزب وحلفائه، وخصوصاً تلك المُوجَّهة ضد باسيل شخصياً. خشية الأخير من تبعات الاستمرار في التحالف دفعته إلى التوجه نحو خطاب معادٍ، بل ومُجاراة خصوم الحزب، رغم كل الدعم السابق الذي قدّمه له. تحوّل باسيل إلى جزء من المعسكر "المُعارض" في لبنان، سعياً لتحسين صورته الدولية، ما أضعف قدرة الحزب على الاحتفاظ بحلفاء خارج إطار طائفته.
من ناحية أخرى، لم يُفلح الحزب في تعويض هذا الفقدان عبر التقارب مع القوى السنيّة، رغم محاولاته المبكّرة خلال الحرب وبعدها . فاندلاع الأزمة السورية عام 2011، ودعم الحزب للنظام السوري ضد المعارضة - التي تضمّنت فصائل سنيّة - أعاد إحياء هواجس الطائفة السنيّة، خاصةً مع دخول الحزب عسكرياً خارج الحدود. اليوم، تُفاقم التبعات الأمنية والاقتصادية للأزمة السورية من انقسام المشهد السني، وتُشلّ قدرة زعاماته على المناورة سياسياً، ما يحوّل العلاقة مع الحزب إلى جدار عدم ثقة متبادل.
أما تحالف الحزب مع وليد جنبلاط، زعيم الطائفة الدرزية، فلم يكن أكثر من هُدنة هشّة سرعان ما انهارت. فبعد سنوات من التعاون في البرلمان والحكومة، عاد جنبلاط إلى خطابه التاريخي المُنتقد لـ"هيمنة الحزب".
هذا التحوّل حوّل الجنبلاط من شريكٍ في اللعبة السياسية إلى خصمٍ علني، مُضعفاً فرص الحزب في كسر عزلته الطائفية.
يُعزى هذا التراجع إلى أسبابٍ متشابكة، أبرزها تآكل شعبية الحزب الوطنية بسبب الأزمات الداخلية، وفشله في تحقيق انتصارات سياسية تُبرّر تحالفاته السابقة، إضافةً إلى تحوّله إلى عبءٍ على حلفائه المحتملين بفعل العقوبات الدولية. اليوم، لم يعد الحزب قادراً على تشكيل كتلة نيابية أو حكومية فاعلة خارج الواقع الشيعي، ما يدفعه للاعتماد على حركة أمل كشريك وحيد. هذه العزلة تُعيد طرح أسئلةٍ مصيرية عن مستقبله كقوة سياسية، في ظلّ تحوّله من لاعبٍ قادر على جمع تحالفات متنوّعة، إلى كيانٍ فاقد للإجماع الوطني، في مشهدٍ يزداد انقساماً.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رئيس مجلس النواب اللبناني يحذر من مخطط إسرائيلي لاستدراج بلاده
حذر رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، من محاولات الاحتلال الإسرائيلي استدراج لبنان إلى مفاوضات تهدف إلى تطبيع العلاقات بين البلدين، مؤكدًا أن لبنان لن يشارك في هذا المخطط.
في تصريحات صحفية، أوضح بري أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى الدفع باتجاه مفاوضات سياسية مع لبنان تحت ستار التطبيع، لكنه شدد على أن لبنان ملتزم بالاتفاقات الدولية والعربية الخاصة به، وعلى رأسها اتفاق وقف النار الذي يحظى بتأييد الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن إسرائيل هي الطرف الذي يعرقل تنفيذه.
وأكد بري أن الجيش اللبناني في حالة تأهب كامل لتنفيذ انتشار كامل في جنوب نهر الليطاني، لكنه أضاف أن المشكلة تكمن في رفض إسرائيل الانسحاب من بعض النقاط المتنازع عليها في الجنوب.
كما شدد على أن "حزب الله" يلتزم بالاتفاق المبرم، حيث انسحب من منطقة جنوب الليطاني منذ أكثر من ستة أشهر ولم يطلق أي رصاصة خلال هذه الفترة، رغم الخروق المستمرة من الجانب الإسرائيلي، والتي شملت اعتداءات على البلدات الجنوبية وتجاوزات في البقاع والحدود الدولية مع سوريا.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد شن، في الأسابيع الأخيرة، سلسلة من الغارات الجوية والقصف المدفعي على مناطق في جنوب لبنان، مستهدفةً مواقع يزعم أنها تابعة لحزب الله هذه العمليات أثارت موجة من القلق في لبنان، حيث اعتبرها المسؤولون اللبنانيون انتهاكًا صارخًا لسيادة البلاد وتهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار في المنطقة.
وشملت الهجمات الإسرائيلية قصفًا لمنازل ومنشآت مدنية في بعض القرى الجنوبية، مما أسفر عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
وأعرب بري عن دعمه لسياسة ضبط النفس التي ينتهجها "حزب الله" وعدم الرد على الخروق الإسرائيلية، مبيّنًا أن الحزب يقف وراء الدولة اللبنانية في جهودها لتطبيق الاتفاق وتثبيت وقف النار.
في الوقت نفسه، رفض بري الاقتراحات التي تدعو إلى تشكيل لجنة مدنية للتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أنها تهدف إلى الإطاحة باتفاق وقف النار وتفريغ دور قوات "اليونيفيل" من مهامها في مراقبة تنفيذ الاتفاق.
وأشار بري إلى أن تنفيذ الاتفاق يجب أن يتم تحت رعاية الأمم المتحدة، وبإشراف اللجنة "الخماسية" التي تضم ممثلين من الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا والأمم المتحدة.
وخلص إلى القول إن لبنان لا يسعى لتوسيع دائرة التفاوض أو التورط في عمليات تطبيع مع إسرائيل، بل يركز على تثبيت الأمن والاستقرار في الجنوب، والالتزام بالاتفاقات الدولية التي تحافظ على سيادته وحقوقه.