لم يكتفِ نظام البعث المخلوع بتدمير سوريا ومقدراتها، بل عمد إلى تخريب إرثها التاريخي أيضا، بما في ذلك محطة "القدم" للقطارات العائدة للعهد العثماني في العاصمة دمشق.

 

وتعد محطة القدم إحدى أهم محطات سكة حديد الحجاز التي بناهه العثمانيون، وحولها نظام بشار الأسد البائد لقاعدة لقصف المناطق السكنية المجاورة، خلال سنوات الثورة السورية.

 

وكانت المحطة نقطة انطلاق للحجاج المتوجهين إلى الديار المقدسة، وضمت لاحقا متحفا يعرض القطارات القديمة التي خدمت على خط الحجاز لسنوات طويلة.

 

إلا أن قوات النظام لم تراعِ قيمة هذا المَعلم التاريخي، فعمدت إلى تدميره وسرقة مقتنياته الثمينة، بما في ذلك العربات القديمة.

 

وتُظهر مشاهد التقطها فريق الأناضول حجم الدمار الذي لحق بمحطة القدم، لتشكل شاهدا على همجية نظام الأسد وتدميره الممنهج للتراث السوري.

 

المشاهد الجوية، التي التقطتها عدسة الأناضول تظهر عربات مهجورة متهالكة على السكك الحديدية، والمباني التاريخية المتعرضة للإهمال والتخريب، وقاطرات تُركت لمصيرها دون صيانة.

 

- محطة القدم التاريخية

 

وُضع حجر الأساس لسكة حديد الحجاز في 1 سبتمبر/ أيلول 1900 بأمر من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وامتدت السكة من دمشق إلى المدينة المنورة، حيث تم افتتاحها رسميا في الأول من سبتمبر 1908.

 

سكة حديد الحجاز التي أُنشئت لنقل الحجاج إلى الأراضي المقدسة، لعبت دورا هاما من الناحية العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

 

أما محطة القدم، الواقعة في قلب دمشق، فكانت واحدة من أهم المحطات ضمن سكة حديد الحجاز، وشكلت نقطة تجمّع للحجاج في ذلك الوقت. كما أدت دورا محوريا في المشروع، بفضل ورش الصيانة والإصلاح التي احتضنتها.

 

هذه الورش التي بنيت خلال الحقبة العثمانية، كانت تشهد أعمال صيانة وإصلاح القطارات، إضافة إلى تصنيع قطع الغيار اللازمة للقطارات.

 

وظلت منشآت وورش الصيانة هذه تعمل منذ تأسيسها حتى عام 2012، حيث تمركزت قوات النظام المخلوع في المنطقة لتنهب محطة القطار ومحتوياتها بعد طردها مئات العاملين منها.

 

محطة القدم كانت تحوي أيضا قسما مخصصا لعرض قاطرات القطارات القديمة، التي خدمت لسنوات في سكة حديد الحجاز، قبل أن تقوم قوات النظام المخلوع بنهب قطع ثمينة وألواح نحاسية من القاطرات والعربات التاريخية هناك.

 

واستخدمت قوات نظام بشار الأسد المحطة كقاعدة لقصف المناطق السكنية في المنطقة، كما نهبت محتويات متحف القدم، الذي تم تأسيسه عام 2008، وسرقت القطع الأثرية القيمة داخله.

 

ومن بين أهم القطع التي تعرضت للتدمير المتعمد، كان العربة الخشبية الخاصة بالسلطان عبد الحميد الثاني، والتي أُحرقت بالكامل من قبل قوات النظام، ما جعلها غير قابلة للاستخدام.

 

- شهادات أحد عمال محطة القدم

 

المواطن السوري يحيى الحلواني، الذي عمل في محطة القدم لمدة 57 عاما، بعدما دخلها كتلميذ متمرس، اصطحب فريق الأناضول في جولة داخل المنشأة، وقدم معلومات تفصيلية عن المحطة.

 

وفي حديثه للأناضول، قال الحلواني إنه كان يعمل فنيا في هذه المحطة قبل توقفها عن العمل.

 

وحول تاريخ المحطة ونشاطها، قال الفني السوري إن أول رحلة قطار انطلقت من محطة القدم إلى المدينة المنورة كانت عام 1908.

 

وأوضح أنه قبل تشغيل القطارات، كانت الرحلة تستغرق 3 أشهر على ظهور الإبل، لكن مع القطار، انخفضت المدة إلى 3 أيام.

 

وأشار إلى أنه وبحسب المصادر التاريخية والمرويات المأثورة كان هناك إقبال كبير على رحلات القطار المنطلقة من محطة القدم بعد عام 1908.

 

ولم تكن القطارات مخصصة لنقل الحجاج فحسب، بل كانت تُستخدم أيضا لنقل الحبوب والمنتجات التجارية الأخرى.

 

وعقب اندلاع الحرب الداخلية في سوريا عام 2011، قال الحلواني إن مقاتلات النظام المخلوع استهدفت مركز صيانة القطارات والعربات في المحطة، مشيرا إلى آثار الضربة التي لا تزال واضحة حتى الآن.

 

وبحسب الفني السوري، فإن قوات النظام وعقب سيطرتها على المنطقة، بدأت بقصف الأحياء السكنية المجاورة مثل حيي العسالي وجورة، بالدبابات التي تمركزت في المحطة التاريخية.

 

- متحف القدم لمقتنيات الخط الحديدي الحجازي

 

بدورها، أكدت منال خليفة رئيسة متحف القدم لمقتنيات الخط الحديدي الحجازي، أن الأخير بني عام 2008، إلا أنه تعرض لأضرار جسيمة جراء ممارسات النظام.

 

وأضاف أن المعرض كان يعرض القطع المتعلقة بسكة حديد الحجاز، والتي تم جمعها بعناية من جميع محطاتها ونقلها إلى هذا المكان بعد تنظيفها وترميمها.

 

وأوضحت خليفة أن المتحف لم يتبق منه سوى عدد قليل من المقتنيات، مشيرة إلى أن قوات النظام قامت بقصفه قبل دخولها إلى المحطة.

 

وأشار إلى وجود أضرار كبيرة لحقت بالمتحف والمنشآت داخل المحطة، وإلى نهب العديد من القطع من قبل قوات النظام المخلوع.

 

خليفة أوضحت أنه بعد سقوط نظام البعث، بدأت أعمال الترميم في المتحف الذي قالت إنه "عندما يسمع الناس اسم محطة القدم، يعودون بذاكرتهم إلى 100 أو 125 عاما مضت".

 

واختتمت بالقول: هذه المحطة من أقدم محطات سكة حديد الحجاز، ونحن فخورون بها. سنُعيد ترميم كل ما تهدم، وسنجعلها محطة مفتوحة للسياح".

 

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

 

وفي 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب قرارات أخرى منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية القائمة بالعهد السابق، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود، وإلغاء العمل بالدستور.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: النظام المخلوع قوات النظام محطة القدم

إقرأ أيضاً:

وزير البلديات والإسكان يشكر القيادة لموافقة مجلس الوزراء على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء

المناطق_واس

رفع معالي وزير البلديات والإسكان الأستاذ ماجد بن عبدالله الحقيل، الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- بمناسبة صدور موافقة مجلس الوزراء على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء.

وأكد أنَّ التعديلات التي تمت على النظام جاءت إنفاذًا لتوجيهات سمو ولي العهد -حفظه الله- التي صدرتْ مؤخرًا ضمن حزمة التوجيهات الهادفة إلى تحقيق التوازن في السوق العقاري، ويُسهم النظام بتعديلاته الجديدة في رفع كفاءة استخدام الأراضي والمباني غير المستغلة، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العقاري، وتحفيز الاستخدام الفعّال للأصول العقارية, ويُسهم في تحفيز تطوير الأراضي البيضاء وتوفير المعروض العقاري بشكل عام والسكني بشكل خاص.

وأشار إلى أنَّ صدور الموافقة الكريمة على التعديلات تُشكل خطوة مهمة للرفع من كفاءة القطاع في المملكة وتعزيز التطوير العقاري ورفع جاذبيته الاستثمارية، إضافة إلى دوره تحقيق مستهدفات برنامج الإسكان أحد برامج رؤية المملكة 2030.

ويجري العمل على إصدار اللائحة الخاصة بنظام الأراضي البيضاء خلال (90) يومًا من تاريخ نشر النظام في الصحيفة الرسمية، وستصدر اللائحة الخاصة بالعقارات الشاغرة خلال عام من تاريخ النشر، ويأتي ذلك امتدادًا لمنظومة التشريعات العقارية التي تُسهم بشكل فاعل في تحقيق مستهدفات الرؤية والمبادرات والبرامج المنبثقة منها، التي تهدف إلى تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية للقطاع العقاري وتواكب الحراك الاقتصادي والاستثماري في المملكة.

وجاءت أبرز التعديلات في نسبة الرسم ومساحات الأراضي وأنواع الاستخدام ومراحل التطبيق وشموليته للعقارات الشاغرة التي عرَّفها النظام بأنها (المباني الجاهزة للاستخدام والمُعدَّة للإشغال داخل النطاق العمراني وغير المستغلة لفترة طويلة دون مسوغ مقبول والتي يؤثر عدم استخدامها أو عدم استغلالها في توفير معروض كافٍ في السوق العقارية)، وفرضت التعديلات الجديدة رسومًا على العقارات الشاغرة داخل النطاق العمراني المعتمد بنسبة من أُجرة المثل (الأجرة السنوية) بما لا يزيد على 5٪ من قيمة العقار وفقًا لما تحدده اللوائح.

وشملت التعديلات رفع الحد الأعلى لنسبة الرسم السنوي بما لا يتجاوز (10٪) من قيمة العقار، وإعادة النظر في المساحات المفروض عليها الرسم في الأراضي البيضاء، على ألا تقل مساحة الأرض أو مجموع الأراضي داخل النطاق الخاضع للتطبيق عن (5) آلاف م2 وفقًا لما تحدده اللوائح.

ويأتي تطبيق الرسوم بعدالة وشفافية بناءً على قواعد بيانات موحدة ودقيقة وفقًا لما تحدده اللوائح مع توفير آليات واضحة للاعتراض والتظلم، على أن يشمل تطبيق النظام جميع مناطق المملكة ليُمثل أداة تنظيمية فعالة تهدف إلى تعزيز استدامة المدن والحد من الاحتكار، وتحقيق الاستخدام الأمثل للأراضي والعقارات بما يخدم المواطنين والسوق على حد سواء.

مقالات مشابهة

  • المملكة تدين الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت محيط القصر الرئاسي بدمشق
  • غارة إسرائيلية قرب القصر الرئاسي بدمشق ونتنياهو يهدد: لن نسمح بنشر أي قوات جنوب سوريا
  • بمناسبة عيد العمال… مدير مؤسسة توليد الكهرباء يتفقد محطة توليد الزارة بحماة
  • نيويورك تايمز: إرث نظام الأسد المميت… ألغام أرضية وذخائر غير منفجرة
  • اعترافات ضابط في نظام الأسد عذّب جثثاً: “أنا مريض نفسي” ..فيديو
  • المراحل العشر التي قادت فيتنام إلى عملية الريح المتكررة ضد أميركا
  • «التوطين»: سحب مكافأة نهاية الخدمة خلال 14 يوماً
  • وزير البلديات والإسكان يشكر القيادة لموافقة مجلس الوزراء على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء
  • نبش قبر الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد بعد شهور على إحراقه (شاهد)
  • رسالة من المصرية للاتصلات للعملاء بشأن نظام الفواتير