اعادة الاعمار واسترداد الودائع .. عبر صناديق مستقلة
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
تحديات اقتصادية تنتظر "حكومة الاصلاح والإنقاذ"، التي ستعمل،وفق بيانها الوزاري، من أجل النهوض بالاقتصاد الذي لا يقوم من دون إعادة هيكلة القطاع المصرفي ليتمكن من تسيير العجلة الاقتصادية. وستحظى الودائع بالأولوية من حيث الاهتمام، من خلال وضع خطة متكاملة وفق أفضل المعايير الدولية، للحفاظ على حقوق المودعين.
ويقول البيان الذي تضمن عناوين عريضة: "نريد دولة تسعى لرفع نسبة النمو الاقتصادي على أن تستفيد مختلف الفئات الاجتماعية منه، وتستعيد ثقة المستثمرين في لبنان والخارج، وتعمل على تحقيق الإنماء المتوازن، عن طريق تحفيز إشراك القطاع الخاص، وفتح مجالات الاستثمار والإنتاج، ودعم وتشجيع القطاعات المنتجة، وخلق فرص عمل جديدة للشباب. وتشترط التنمية الاقتصادية العمل على تحسين جودة الصناعات المحلية، والسعي لتوسيع مجالات التصدير، وتسهيل معاملاتها، وإنشاء أو تطوير مناطق صناعية".
ولفت البيان الوزاري إلى العمل على "تعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة، لا سيما من خلال إبداء الرأي في الحالات المنصوص عنها في القانون والالتزام بالتدقيق الجنائي والمحاسبي على الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة، وكذلك إجراء التعيينات، لا سيما في مجالس الإدارة والهيئات الناظمة، خصوصاً في قطاعات الكهرباء، الاتصالات، الطيران المدني، والإعلام فضلا عن الالتزام بإعادة إعمار الجنوب عبر صندوق مستقل يمتاز بالشفافية يتم تمويله من الأشقاء والأصدقاء.
يقول استاذ الاقتصاد السياسي الدكتور محمد موسى إن ترشيق القطاع العام ودعمه ضمن رؤية جديدة لهذا القطاع في إطار المنفعة أو التحول الرقمي يحتاج إلى تخطيط استراتيجي سليم تقاس به مؤشرات الأداء، لكنه يسأل هل تستطيع الحكومة حقيقة إجراء إصلاحات إدارية وهل ستتمكن من استكمال تحقيقات لابد من القيام بها على مستوى الفساد المالي واستكمال التدقيق المحاسبي و الجنائي في هذا الإطار؟
ما ورد في البيان يشير، إلى أن الحكومة ترغب بالنهوض بالاقتصاد عبر جملة أمور أولها هيكلة القطاع العام وهيكلة القطاع المصرفي تمهيدا لإطلاق العجلة الاقتصادية وهنا تحضر الودائع بشكل أساسي، حيث قارب مجلس الوزراء في البيان الوزاري موضوع الودائع برؤية خطاب القسم الذي شدد على حقوق المودعين وهذا ما أعلنه الرئيس جوزاف عون أمام جمعية المصارف حين قال: " لا حلَّ لملفِ المودعين، ولا إصلاحَ للقطاعِ المصرفيّ، إلا مِن خلالِ عملٍ مشتركٍ يُنتجُ رؤيةً اصلاحيةً موحَّدة، تضعُ الحلولَ الواقعيةَ التي تؤمِّنُ عودةَ المصارفِ إلى لعبِ دورِها الأساسيّ في تمويلِ الإقتصادِ المنتِج، وتحفَظُ حقوقَ المودعين"، في حين اعتبر وزير المال ياسين جابر أن الأولوية لصغار المودعين إذ سيتم وضع مبلغ فريش دولار في حساباتهم، ليس لسحبه إنما لاستخدامه تباعاً بسبب الظروف المعيشيّة، ثم إيجاد حل لباقي المودعين من خلال صندوق استرداد الودائع، علماً ان مشروع الصندوق قدمه نائب رئيس الحكومة السابق سعادة الشامي وأقره مجلس الوزراء أواخر 2023، لكنه لم يقر في مجلس النواب بسبب خلافات القوى السياسية حول تمويله، وعليه فإن هذه الحكومة، ووفق مصادر وزارية ستعمل على خطة لتفعيل الاقتصاد عبر إيجاد حلول ترضي المودعين ولا ترهق البنك المركزي و تحتاج حضور فاعل للمصارف.
ولا شك أن هناك اندفاعة لإعادة إحياء المفاوضات مع صندوق النقد وقد أكد صندوق النقد رغبته في إحياء هذه المفاوضات ومن الواضح، أن الحكومة، بحسب موسى، تحاول استمالة الصندوق فهي شددت في بيانها الوزاري على أنها ستعمل على تعزيز قدرات الدولة المالية وتعزيز الإيرادات وتفعيل الجباية والمضي بالإصلاحات الضريبية والجمركية ومكافحة الهدر والضرب بيد من حديد على الاقتصاد غير الشرعي ومكافحة التهريب، فهي بذلك تؤكد لصندوق النقد ما كان يرغب به من معالجات وقوانين إصلاحية عطلتها في السابق المناكفات السياسية، علما أن صندوق النقد الدولي طالب بإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، بداية بمؤسسة كهرباء لبنان. لكن موسى يشير في الوقت نفسه إلى أنه لابد أن يكون على الحكومة أن تأخذ الجانب الاجتماعي بعين الاعتبار في هذا الاتفاق خاصة أن ما يفوق نصف اللبنانيين باتوا فقراء، بحسب دراسات البنك الدولي.
أشار البيان الوزاري بوضوح إلى رغبة الحكومة في محاولة رفع نسبة النمو الاقتصادي وإلى الرغبة في استعادة الثقة التي ترغب بها من المستثمرين عبر جملة إجراءات ليس أقلها اشراك القطاع الخاص وفتح المجالات على مستوى الاستثمار والإنتاج وتشجيع القطاعات المنتجة وإضافة إلى ذلك رغبتها في توسيع التصدير وتسهيل المعاملات ومزيد من الاتفاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، لكن الأكيد وفق استاذ الاقتصاد السياسي أن كل النيات والأفكار المطروحة على المستوى الاقتصادي والمالي والاعماري لا بد أن تبدأ بتحقيق الاستقرار السياسي والعمل على مقاربة الموضوعات الشائكة على مستوى البلاد بحكمة، لا سيما ان كل الدعم مشروط. وعليه يبقى ان التحدي الأول والأخير أمام الحكومة يمكن في التنفيذ، لا سيما ان هذه الحكومة هي حكومة انتخابات بلدية ونيابية، وكل ما طرح من أفكار يتطلب قرارات جريئة قد تعطلها المكونات السياسية كما عطلتها في السابق عندما كانت تلتقي مصالحها عشية الاستحقاقات الدستورية.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: صندوق النقد لا سیما
إقرأ أيضاً:
منتدى الرؤية الاقتصادي يناقش قضايا الاستدامة ومسارات التنويع الاقتصادي
افتتحت اليوم أعمال الدورة الرابعة عشرة من منتدى الرؤية الاقتصادي «الاستدامة المالية ومسارات توسيع قاعدة الاقتصاد الوطني»، التي ركزت على محورين رئيسيين: «مستهدفات الاستدامة المالية في سلطنة عُمان.. التحديات والآفاق»، و«نحو مسارات عملية لتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني».
ناقش المنتدى جهود تحسين المؤشرات الاقتصادية وتطوير القطاع المالي في ضوء مستهدفات «رؤية عُمان 2040»، وخطط توجيه الموارد المالية نحو المشروعات التنموية ذات العوائد الاستثمارية لتعزيز التنمية الاقتصادية، والشراكة بين القطاعين لإيجاد قطاع مالي متطور وحيوي يسهم في الناتج المحلي الإجمالي.
كما ناقش المنتدى مبادرات تحسين المؤشرات المالية العامة، وتطوير منظومة القطاع المالي لتمكين الأفراد والمؤسسات للقيام بأدوارهم في مسارات التنمية المختلفة، مع تسليط الضوء على تعزيز مشاركة القطاع المالي الخاص لتوفير خيارات تمويلية موجهة لمختلف الفئات، ونمو قطاعات التنويع الاقتصادي، وتحسين تموضع سلطنة عُمان على المؤشرات الدولية، فضلًا عن استعراض وتقييم جهود التنويع وتحسين الانضباط المالي، وخطط التنويع الاقتصادي وتوسيع قاعدة الإنتاج لضمان الاستقرار، وسياسات الإنفاق الحكومي ومسارات الاقتراض الداخلي والخارجي، إضافة لجهود تعزيز الحيز المالي وتوسيع القاعدة الضريبية، والخطط الاستراتيجية ومنهجيات الموازنة بين السياسات المالية والاقتصادية وفق متطلبات التنمية، وكذلك خطط تقليل الاعتماد على النفط وحماية الاقتصاد من تقلبات الأسعار، والإنفاق على المصروفات الاستثمارية والبرامج الإنمائية الداعمة للمشروعات التنموية المختلفة، وحزم التحفيز الاقتصادي ومستقبل التنمية.
شارك في أعمال المنتدى مجموعة من الخبراء والمعنيين من أهل الاقتصاد؛ وأثرى المشاركون الجلسات بوجهات نظر نوعية وعميقة حول قضايا الاستدامة المالية والتنويع الاقتصادي.
وفي تصريح صحفي، أكد المكرم الدكتور ظافر الشنفري رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الدولة على أهمية المنتدى الاقتصادي الذي يتيح الفرصة للخبراء والمختصين في القطاعات المعنية لتبادل الآراء حول ربط السياسات المالية بالاقتصاد الوطني مشيرًا إلى النقاش تركز على كيفية تنشيط القطاعات غير النفطية والقطاعات الواعدة من خلال البرامج الوطنية المختلفة.
وأضاف الشنفري: إن مجلس الدولة يعمل باستمرار على تحديث وتطوير الجوانب التشريعية والقوانين المرتبطة بالاقتصاد، وذلك من خلال مراجعة المشروعات الواردة من الحكومة لتحديثها وتطويرها بما يتناسب مع المرحلة القادمة واحتياجات الجهاز التنفيذي، بهدف منحها المرونة اللازمة في استحداث أو تحديث هذه القوانين، مضيفًا إن المجلس يعمل أيضًا على استكمال التشريعات المرتبطة بالاقتصاد والجانب المالي لتحقيق الأهداف المستقبلية، خاصة الخطة الخمسية الحادية عشرة.
وأكد حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية الأمين العام رئيس اللجنة العليا للمنتدى خلال كلمته على تحقيق منجزات ملموسة مع نجاح تطبيق خطة «التوازن المالي»، خلال السنوات الأربع الماضية؛ حيث استطاعت الحكومة ترشيد الإنفاق المالي وضبط المصروفات بأنواعها، علاوة على اتخاذ ما يلزم لضمان زيادة الإيرادات العامة للدولة، واستعادة الجدارة الاستثمارية مع رفع التصنيف الائتماني السيادي لسلطنة عُمان، أكثر من مرة، ليصل إلى أعلى معدل في سبع سنوات.
وأشار إلى أن النتائج عكست تحولًا ملحوظًا في منهجية التفكير الإستراتيجي المستهدف لتبني نهج الاستدامة المالية، بديلًا عن «التوازن المالي»، تمهيدًا للمسار أمام الاقتصاد الوطني لبلوغ أعلى درجات التعافي والنهوض، لا سيما وأن خطة التوازن المالي على نتائجها الإيجابية البارزة، إلا أنها تسببت في الحد من فرص النمو الاقتصادي، وأضعفت نوعًا ما القطاع الخاص، وأحدثت تراجعًا في المعروض الوظيفي، فتنامت أعداد الباحثين والمسرحين عن عمل؛ نتيجة عدم قدرة شركات القطاع الخاص على تحمل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والتي لا تخفى تداعياتها وآثارها عليكم جميعًا.
وأضاف الطائي: إن التحديات الاقتصادية عادة ما تمثل فرصة لاتخاذ قرارات حاسمة ومحفزة للنمو، وتسهم في تعميق الاقتصاد؛ لذلك ينبغي على المعنيين لدينا -كل من منطلق مهامه ومسؤوليته- البناء على ما تحقق من إنجازات في مسألة «التوازن المالي»، ومن ثم البدء دون تأخير في اتخاذ كل ما يلزم لإنعاش الاقتصاد الوطني، وإطلاق العنان للقطاع الخاص كي يقود المرحلة الراهنة والمستقبلية؛ بما يعمل على إيجاد الوظائف لحلحلة ملف التوظيف، وزيادة إسهام القطاعات غير النفطية في النمو الاقتصادي؛ إذ أن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يساعد في تحقيق التطلعات المستقبلية، وعلى رأسها رؤيتنا الوطنية الواعدة التي نحلم بتنفيذها في أسرع وقت ممكن، «رؤية عُمان 2040».
وأوضح الطائي أهمية البحث عن الفرص المضيئة في القطاعات الواعدة، كالسياحة والثروة السمكية، والتعدين، والتصنيع، شريطة أن تعتمد هذه الصناعات على تكثيف الإنتاج، وتشغيل أكبر عدد من الشباب في مختلف الوظائف، مع إعادة النظر في طبيعة الاستثمارات، والتركيز على جذب القادر منها على توظيف الشباب؛ باعتبار هذا الملف هو بؤرة الاهتمام والنقطة المحورية التي تدور حولها جميع القطاعات.
ولفت الطائي إلى أن قطاع ريادة الأعمال هو عنصر الأساس في رهان نمو الاقتصادات الحديثة، فهي لا تسهم فقط في تنشيط الاقتصاد الوطني، وإنما تعمّق مفهوم الاقتصاد المجتمعي المستدام، بإسهاماتها في توفير الوظائف بالعديد من القطاعات التنموية، رغم أنها المؤسسات لا تحتاج لتمويلات ضخمة للعمل والتوسع.
وأضاف: ونحن نتحدث عن توسيع حقيقي لقاعدة اقتصادنا الوطني نأمل أن يعاد النظر في أدوار هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ بهدف تبسيط إجراءات الحصول على تمويل لتأسيس المشروعات، وتقديم مزيد من التسهيلات للشباب، والحد من العقوبات أو الغرامات وغيرها، التي تمثل عوامل تنفير.
تركز اللجنة الرئيسة لأعمال المنتدى لمحوري النقاش «الاستدامة المالية» و«توسيع قاعدة الاقتصاد الوطني» على اعتبارهما جزءًا أساسيًا من خطط التعاطي مع التحولات التنظيمية، لما يوفرانه من فرص مواتية للمساعدة في زيادة الكفاءة التشغيلية، وتحسين الإنتاجية، وتنويع مصادر الإيرادات، واستكشاف أسواق جديدة، وتحسين إدارة المخاطر، وتعزيز القدرة التنافسية، وفق تخطيط مالي استراتيجي يأخذ بعين الاعتبار الأهداف المالية طويلة الأجل، وتحليل الوضع المالي الحالي وتكوين فهم دقيق له على مستوى: الإيرادات، والنفقات، والديون، والأصول، فضلًا عن تحديد أهداف مالية واضحة، تسهم في تطوير خطط العمل وفق مؤشرات واضحة، وإدارة التكاليف بكفاءة ومن ثم تحسين العمليات وتقليل الاعتماد على مصدر أحادي للدخل، وصولًا لتعزيز جاهزية منظومة القطاع المالي لاستيعاب التحولات القادمة في القطاعات الاستثمارية والاقتصادية، وجعلها ممكنًا رئيسًا لتحقيق مستهدفات «رؤية عُمان 2040»، ورفع معدل التنافسية والمشاركة في القطاع المالي الخاص، ودعمه لتوفير خيارات تمويلية مناسبة لمختلف الفئات المستهدفة.
رعى المنتدى معالي الشيخ غصن بن هلال العلوي رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، برعاية ذهبية من «كريدت عُمان»، وبتنظيم من جريدة الرؤية.