هل تعود رؤوس الأموال المهاجرة قريبا إلى سوريا؟.. هذا ما يؤخرها
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
مرت أكثر من ثلاثة أشهر على سقوط النظام السوري السابق، ولم تسجل البلاد عودة لأصحاب رؤوس الأموال والصناعيين بعد، وخاصة من دول الجوار السوري (تركيا، الأردن، مصر)، الأمر الذي يطرح باب التساؤلات واسعاً عن الحسابات التي تعرقل ذلك.
ويرى محللون اقتصاديون وخبراء تحدثوا لـ"عربي21"، أن سوريا بقيادتها لم تلتقط أنفاسها بعد لتتحول إلى بلد جاذب للاستثمار، وأرجعوا ذلك إلى جملة من الأسباب، أهمها استمرار العقوبات الغربية على البلاد، إلى جانب عدم استقرار سعر العملة المحلية، وصولاً إلى فقدان حوامل الطاقة، وانقطاع التيار الكهربائي.
ومنذ اندلاع الثورة السورية، شهدت البلاد هجرة غير مسبوقة لأصحاب رؤوس الأموال من الصناعيين والتجار، وغالبيتهم استقروا في دول الجوار السوري.
سطوة العقوبات
الأكاديمي والباحث في الاقتصاد يحيى السيد عمر، يتحدث عن جملة من الموانع أمام عودة أصحاب رؤوس الأموال السوريين إلى البلاد، قائلاً لـ"عربي21" إن "الحديث عن استقطاب الاستثمارات لا يزال مبكراً، فحتى الآن لا تزال سوريا تحت العقوبات، والذي حصل حتى الآن هو تعليقها وليس إلغاء، العقوبات موجودة، وهي تمنع أي استثمارات حقيقية، أو على الأقل تضع عقبات أمامها".
ومن جهة أخرى، وفق الباحث، فإن سوريا في هذه اللحظة ليست جاهزة لاستقبال الاستثمارات، فالطاقة في حدودها الدنيا، ولا يمكن تأسيس أي مشروع، كما أنه لم تصدر حتى الآن قوانين جديدة لتحفيز الاستثمار.
وتابع السيد عمر بالإشارة إلى عدم استقرار قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية، معتبراً أن "من الضروري استقرار العملة قبل الحديث عن الاستثمار".
وفي السياق ذاته، كشف المستشار الاقتصادي الدولي أسامة قاضي، عن تريث الدولة السورية في موضوع استبدال العملة السورية، إلى حين معرفة القيمة الحقيقية لليرة في السوق.
وأضاف لـ"عربي21"، أن ثبات سعر الصرف العملة يعد من العوامل الجاذبة للاستثمار، وهذا ما تعمل عليه الحكومة السورية الجديدة.
ضعف القدرة الشرائية
في الاتجاه ذاته، أشار المفتش المالي منذر محمد إلى ضعف القدرة الشرائية لدى غالبية السوريين، وقال لـ"عربي21": إن "في سوريا لا زال متوسط الدخل في الحد الأدنى، وهذا ما يجعل القدرة الشرائية ضعيفة وغير مشجعة للمستثمرين".
لكن مع ذلك، لفت إلى "تعطش الأسواق" في سوريا، وقال: "باعتقادي تشكل سوريا فرصة واعدة للمستثمرين، والبلاد تحتاج إلى بعض الوقت حتى تستطيع جذب المستثمرين".
وقال محمد، إن غالبية المستثمرين السوريين يترقبون القوانين الاقتصادية الجديدة، التي ستنظم سوق الاستثمارات.
عودة قريبة
في المقابل، تحدث مصدر من دمشق عن "عودة قريبة" لأصحاب رؤوس الأموال السورية إلى البلاد، مشيراً في حديثه لـ"عربي21" إلى الاجتماعات التي أجراها الرئيس السوري منذ تسلمه السلطة مع الوفود الاقتصادية ورجال الأعمال السوريين.
على النسق ذاته، اعتبر يحيى السيد عمر أنه رغم كل العقبات والتحديات، فإن علاجها يبقى بالأمر الممكن خلال أقل من عام، وأضاف أنه "من الممكن ملاحظة تغيرات إيجابية، في حال وضع خطة واضحة لتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، وهنا يمكن الاستفادة من التجارب الدولية المماثلة، مثل تجربة ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من التجارب".
يونس الكريم وهو خبير اقتصادي، قال لـ"عربي21" إن دمشق سجلت زيارات متلاحقة للتجار ورجال الأعمال ما بعد سقوط النظام، واستدرك: "لكن للآن لم تبدأ المشاريع الاستثمارية بالعمل، وذلك بسبب العقوبات".
وأضاف: "للآن الجميع ينتظر خطوات حكومة دمشق، وخاصة في إطار إعلان تشكيل الحكومة الانتقالية الموسعة"، مؤكداً أن "جذب الاستثمارات يتطلب إشراك الجميع في حكم سوريا، وعزل أو إزاحة الأسماء الخاضعة للعقوبات، وأخيراً تفعيل القضاء".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية اقتصاديون سوريا دمشق سوريا اقتصاد الأسد دمشق الشرع المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رؤوس الأموال
إقرأ أيضاً:
سوريا بين شبح العقوبات وترتيبات إعادة التموضع الإقليمي
في أروقة الأمم المتحدة وعلى مقاعد مجلس الأمن، تتشكل ملامح مرحلة جديدة في الملف السوري، لكنها لا تخلو من التعقيد والغموض. بين مطالب أميركية صارمة بقطع طريق الإرهاب، وإبعاد النفوذ الإيراني، والتخلي عن أي دور للفصائل الفلسطينية، تقف دمشق عند مفترق طرق تاريخي، تحاول من خلاله التخفيف من العقوبات الخانقة وتلميع صورة الدولة الجديدة أمام المجتمع الدولي.
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بلغة دبلوماسية ناعمة، أعاد التأكيد أن العقوبات لا تطال النظام فحسب، بل تساهم في تفشي اقتصاد الظل وتغذية الشبكات غير الشرعية، بينما تحرم البلاد من فرص التعافي الاقتصادي والعدالة الانتقالية. في المقابل، لم تغفل الإدارة الأميركية عن طرح شروط تبدو، في بعض جوانبها، تعجيزية، مما يوحي بأن واشنطن لا تبحث فقط عن تغيير في السلوك، بل عن تغيير في البنية السياسية العميقة.
في الخلفية، تتسارع تحركات إقليمية غامضة. فقد شهدت دمشق، لأول مرة منذ عقود، زيارات حاخامات من أصول سورية إلى مسقط رأس أجدادهم، وسط ترحيب إعلامي إسرائيلي لافت. بالتوازي، جرت زيارات نادرة لشيوخ دروز إلى الأراضي المحتلة، في خطوات تبدو كمحاولات متقدمة لاختراق الحواجز النفسية بين مكونات الجغرافيا السورية وإسرائيل، استعدادًا لاحتمالات جديدة للتموضع السياسي.
أما على الصعيد الاقتصادي، فتتوالى الأنباء عن جهود تقودها الرياض والدوحة لإنهاء ملف الديون السيادية السورية المتعثرة، مما يمهد الطريق لتحريك ملف إعادة الإعمار الذي ظل حتى الآن رهينة للصراعات الدولية والإقليمية. ومن المتوقع أن تسدد السعودية جزءًا من متأخرات سوريا لدى البنك الدولي، في خطوة قد تفتح الباب أمام تدفق منح وقروض بمئات الملايين لإصلاح قطاعي الكهرباء والبنية التحتية.
وفي كواليس هذه الترتيبات، تجري اتصالات سرية مع الجانب الروسي، الذي بدا أكثر انفتاحًا على تخفيف الحضور العسكري المباشر، مقابل ضمان مصالحه الاقتصادية والأمنية عبر صيغ جديدة للشراكة مع السلطة السورية ومؤسسات دولية، في مشهد يُراد له أن يعيد رسم خريطة النفوذ بطريقة أكثر مرونة وأقل صدامًا مع الغرب.
تبدو سوريا اليوم ساحة اختبار كبيرة: هل تنجح القيادة الجديدة في تجاوز إرث الماضي، والالتفاف على شروط الغرب الثقيلة؟ أم أن شبكة المصالح الإقليمية والدولية ستعيد إنتاج أزمات قديمة بثوب جديد؟
في كل الأحوال، لم يعد المشهد السوري شأنًا داخليًا خالصًا، بل أصبح قطعة شطرنج تتحرك فيها أيادٍ كثيرة في الخفاء، بانتظار اللحظة التي يتم فيها الإعلان عن قواعد اللعبة المقبلة.