الاحتلال وسجونه القمعية.. تعذيب وإهمال طبي يهددان حياة الأسرى
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
الثورة /
يروي الطفل الأسير (م.و) كيف اضطر إلى إزالة الغرز الجراحية من أسنانه بمساعدة زملائه في سجن (عوفر)، بعد رفض إدارة السجن تقديم العلاج له. طالب مرارًا بإجراء فك الغرز، لكن إهمال إدارة السجن دفعه لاستخدام طرق بدائية لإزالتها.
يقول الطفل الأسير في شهادته نقلها محامو نادي الأسير: “عند اعتقالي كنت في مرحلة علاج لأسناني، وكان عدد من الطواحين قد أجريت لها جراحة، وطالبتُ مرات عديدة من إدارة السّجن أن يتم فك الغرز بعد أن مر عليها فترة، دون استجابة، ففعلت ذلك بنفسي بمساعدة الأطفال”.
تعكس تلك الحادثة وغير من الشهادات التي جمعها نادي الأسير الفلسطيني في يناير الماضي، كيف تستمر منظومة سجون الاحتلال في تنفيذ انتهاكات ممنهجة بحق الأسرى الفلسطينيين، وسط ظروف قاسية ومعاملة وحشية، حيث يعاني الأسرى من عمليات تعذيب، إهمال طبي، وتجويع متعمد، مما يجعل السجون امتدادًا للحرب والعدوان على الشعب الفلسطيني.
ففي إفادة لطفل آخر اضطر الأطفال الطرق على الأبواب والجدران، بعد تدهور الوضع الصحي لأحد الأطفال في القسم، حيث كان يعاني من مشاكل في التّنفس والحلق، وبعد عدة محاولات أُخرج الطفل إلى عيادة السجن، إلا أنّ إدارة السّجن قامت باقتحام (الغرفة- الزنزانة)، ونقلت عدد من الأطفال إلى (غرف أخرى – الزنازين)، عقاباً على ما فعلوه.
إجراءات مذلة
ويقول الأسير (أ. د) من سجن عوفر، إنّ وتيرة الاقتحامات، والاعتداءات، والقمع مستمرة للأقسام، وتزداد مؤخراً، مستخدمين الكلاب البوليسية، وقنابل الصوت عند الاقتحامات. وهو ما يؤكده الأسير (ت.ب)، حيث تمارس إدارة السجون عمليات إذلال وتنكيل متكررة بحقّ الأسرى، وتتعمد ضرب القنابل داخل الأقسام.
ويسرد الأسير (د. ي) كيف اقتحمت قوات الاحتلال القسم الذي يقبع فيه الأسرى بسبب رفضهم إجراء العد اليومي أو ما يسمى بالفحص الأمني ضمن إجراءات تفتيش مهينة ومذلة، ومرهقة للمرضى، مما أدى إلى اعتداءات عنيفة عليهم، بما في ذلك رش الغاز في وجوههم مباشرة، وفي إثرها تعرّض الأسير (س.ع) لضرب وحشي تسبب في تكسير أسنانه الأمامية، ومع ذلك، ترفض إدارة السجن تقديم أي علاج له.
كما تعرض الأسير (ن.ح) تعرّض لضرب مبرح وكدمات وكسور في أصابعه خلال اقتحام القسم في 12 يناير 2025، واستمرت معاناته خلال عزله 14 يومًا، حيث تعرض يوميًا للضرب والتعذيب، حُرم من الطعام وسُحبت منه الفرشة، بل تم تجريده من ملابسه.
إهمال طبي متعمد
في حين يقول الأسير محمد خضيرات من بلدة الظاهرية جنوبي مدينة الخليل، إنه اعتقل في الأول من يونيو 2024، بعد فترة وجيزة على إجرائه عملية زراعة نخاع، وكان قرر الأطباء إخضاعه لبروتوكول علاجي بيولوجي، حصل على جرعتين منه من أصل 14 جرعة، ومع ذلك يواصل الاحتلال اعتقاله في ظروف قاسية ومأساوية.
ويضيف خضيرات في إفادته لمحامية نادي الأسير: “وضعي الصحيّ يتفاقم، وتحديداً بعد إصابتي بمرض الجرب، الذي حوّلته منظومة السّجون إلى أداة لتعذيبنا، وأصبح كابوس يخيم على الزنزانة التي نقبع فيها، وأنا ومجموعة من الأسرى. جميعنا نعاني من حكة شديدة والدماء تنزل من أجسادنا نتيجة للحكة، هذا عدا عدم قدرتنا على النوم”.
وتابع: “الأمر لم يعد مقتصرا على عدم توفير العلاج الخاص بالجرب، بل حتى علاجي للسرطان، فمنذ شهر أكتوبر الماضي، خضعت فقط لصورة رنين بعد مطالبات عديدة، وحتى اليوم لا أعلم ما النتيجة، رغم مطالبتي العديدة بشرح التطورات على وضعي الصحي، أو حتى عرضي على طبيب لكن دون فائدة. تتعامل إدارة السجن تتعامل معي باستهتار”.
وإلى جانب كل ذلك، يخيم سوء التغذية على زنازين السجون الإسرائيلية كافة، فالأسرى فعليا يموتون جوعا، ولا يسمح لهم بتخزين الطعام المتبقي من شرحات الخبز، ومن يجدون لديه شرحات خبز متبقية يتم اقتحام الزنزانة والاعتداء على الأسرى، كما يعاني الأسرى من البرد الشديد ولا تقدم لهم أغطية، ولا توجد ملابس كافية، عدا عن حالة الاكتظاظ التي تزداد يوما بعد آخر.
مطالبات بتحرك دولي
جدد نادي الأسير في تقريره مطالبته للمنظمات الحقوقية الدولية بالتحرك الجاد لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائم الحرب التي يرتكبها بحق الأسرى.
ولفت إلى أنّ الحالات المرضية تزداد في سجون الاحتلال، لعاملين أساسين وهما: مرور المزيد من الوقت على استمرار اعتقال الآلاف في ظروف صعبة ومأساوية، إضافة إلى اعتقال المزيد من المواطنين ومنهم الجرحى والمرضى الذين بحاجة إلى رعاية صحيّة مكثفة.
أما على صعيد الجريمة الأساس لكل ما يجري في السجون وهي عمليات التّعذيب فهي لا تزال تشكّل العنوان الأبرز للظروف الاعتقالية للأسرى، وفق تأكيد نادي الأسير. وشدد على ضرورة اتخاذ قرارات ملزمة تضع حدًا لهذه الجرائم، وفرض عقوبات دولية تضمن مساءلة الاحتلال قانونيًا، وإنهاء حالة الحصانة التي يتمتع بها في المحافل الدولية.
وقال: “آن الأوان لإنهاء هذه الجرائم المتواصلة بحق الأسرى والشعب الفلسطيني ككل، ووضع حد لهذا النظام الاستعماري الذي يمارس الإبادة المنظمة دون رادع”.
*المركز الفلسطيني للإعلام
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: إدارة السجن نادی الأسیر
إقرأ أيضاً:
تل أبيب تزعم أن إحدى الجثث التي تسلمتها بغزة ليست لأسير إسرائيلي
زعم الجيش الإسرائيلي، فجر الجمعة، أن إحدى الجثث التي تسلمها من الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة الخميس، ليست لأسير إسرائيلي، فيما تتواصل الانتقادات الداخلية ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بسبب إدارة ملف الأسرى.
وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي: "خلال عملية التشخيص التي أجراها المعهد العدلي، تبيّن أن إحدى الجثث التي تم تسليمها الخميس لا تعود لشيري بيباس، ولا لأي محتجز أو محتجزة آخرين"، واصفًا الجثة بأنها "مجهولة الهوية ولم يتم التعرف عليها بعد".
وادعى البيان أن جثة شيري بيباس لا تزال في قطاع غزة، وزعم أنه تم التعرف على جثتي طفليها أرئيل وكفير، مدعيًا أنهما قُتلا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 على يد مسلحين فلسطينيين.
في المقابل، أكدت حركة "حماس" زيف الرواية الإسرائيلية، حيث أعلنت الخميس، أن الجثث الثلاث التي تم تسليمها تعود إلى شيري سلفرمان بيباس وطفليها، الذين قتلوا جراء قصف إسرائيلي على غزة في 29 نوفمبر 2023.
وكان رئيس معهد الطب العدلي الإسرائيلي، خان كوجل، أعلن الخميس أن إحدى الجثث تعود للأسير الإسرائيلي عوديد ليفشيتس.
من جهته، قال أبو بلال، الناطق باسم "كتائب المجاهدين" الذراع العسكري لـ"حركة المجاهدين" الفلسطينية، إن مقاتلي فصيله هم من أسروا أفراد عائلة بيباس الثلاثة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأضاف: "حُفظت حياتهم وعوملوا وفق تعاليم الإسلام قبل أن يتم قصفهم بصواريخ الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى مقتلهم واستشهاد المجموعة التي كانت تحتجزهم".
وسبق أن حذرت حركة "حماس" أكثر من مرة من أن الجيش الإسرائيلي قصف أماكن احتجاز الأسرى الإسرائيليين خلال الحرب، متهمةً نتنياهو بالسعي إلى التخلص منهم لمنع استخدامهم كورقة تفاوض ضده.
وعقب تسليم جثامين الأربعة الخميس، حملت الحركة الجيش الإسرائيلي المسؤولية عن مقتلهم، قائلةً إن الفصائل "عاملتهم بإنسانية وحاولت إنقاذهم"، كما أشارت إلى أن القصف الإسرائيلي أسفر عن مقتل 17 ألفًا و881 طفلًا فلسطينيًا في غزة.
وقالت الحركة في بيان: "يتباكى المجرم نتنياهو اليوم على جثامين أسراه الذين عادوا إليه في توابيت، في محاولة مكشوفة للتنصل من مسؤولية قتلهم".
ولفت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يواجه غضبًا متصاعدًا في الشارع الإسرائيلي بعد عودة الأسرى في نعوش للمرة الأولى ضمن صفقة التبادل الجارية.
وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، فإن تصاعد الانتقادات أجبر نتنياهو على التراجع عن المشاركة في مراسم استقبال جثامين الأسرى الأربعة، بعدما كان يسعى إلى استغلال الحدث سياسيًا، لكن الأمر تحول إلى نقمة عليه وسط اتهامات له بإطالة أمد الحرب وعرقلة صفقات التبادل.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، والتي تتضمن ثلاث مراحل تمتد كل منها 42 يومًا، مع اشتراط التفاوض على المرحلة التالية قبل استكمال المرحلة الجارية.
ولا تزال إسرائيل تماطل في بدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، التي كان من المفترض أن تبدأ في 3 فبراير/ شباط الجاري، رغم أن المرحلة الأولى تتضمن تسليم تل أبيب 33 أسيرًا إسرائيليًا، بينهم أحياء وأموات.
وحتى الآن، تسلمت إسرائيل 19 أسيرًا حيًا و4 جثث، ومن المقرر أن تتسلم السبت 6 أسرى أحياء، إضافة إلى 4 جثامين أخرى الأسبوع المقبل، لتنتهي المرحلة الأولى من الاتفاق.
في المقابل، أفرجت إسرائيل عن 1135 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم عشرات ممن صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد، ومن المتوقع أن تفرج عن 602 آخرين خلال الأسبوعين المقبلين، ليصل إجمالي المفرج عنهم ضمن المرحلة الأولى إلى 1737 أسيرًا فلسطينيًا.
وبدعم أمريكي، شنت إسرائيل حربًا على غزة بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، أسفرت عن أكثر من 160 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود، وفق معطيات فلسطينية.