فلسطين – كشفت الرئاسة الفلسطينية، امس الخميس، عن بنود الرؤية التي سيطرحها الرئيس محمود عباس أمام القمة العربية الطارئة لمواجهة التحديات الراهنة التي تعترض القضية.

وتستضيف القاهرة في 4 مارس/ آذار المقبل قمة عربية طارئة بشأن القضية الفلسطينية في ظل تحديات تمر بها، أبرزها الدمار الهائل بقطاع غزة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية الأخيرة، ومخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاستيلاء على القطاع بعد تهجير الفلسطينيين منه.

وأوضحت الرئاسة، في بيان نقلته وكالة الأبناء الفلسطينية، أن الرؤية “تشتمل على عناصر من شأنها الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني الشرعية، وضمان صموده وثباته على أرضه”.

وأضافت أن عناصر الرؤية ستركز كذلك على “منع محاولات التهجير، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في غزة والضفة، وصولا إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية على خطوط عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية”.

ووفق البيان، تشمل بنود الرؤية “تمكين دولة فلسطين وحكومتها الشرعية من تولي مهامها ومسؤولياتها في غزة كما هو في الضفة الغربية، انطلاقا من وحدة الأرض الفلسطينية ونظامها السياسي وولايتها الجغرافية والسياسية والقانونية”.

وتؤكد الرؤية في هذا الصدد “ضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، وعلى وجوب استلام الحكومة الفلسطينية للمعابر كافة، بما فيها معبر كرم أبو سالم، ورفح الحدودي مع مصر”، على أن يتم تشغيل المعبر الأخير بالتعاون مع مصر والاتحاد الأوروبي وفق اتفاق عام 2005.

وفي 2005، تم التوصل إلى “اتفاق المعابر” بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بوساطة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد انسحاب إسرائيل من غزة في سبتمبر/ أيلول من ذلك العام.

والهدف الأساسي منه كان تنظيم إدارة وتشغيل المعابر الحدودية بين غزة والدول المجاورة، خاصة معبر رفح على الحدود مع مصر.

الرؤية التي سيطرحها الرئيس عباس أمام القمة العربية الطارئة تشير أيضا إلى أن الحكومة الفلسطينية “حشدت، في حدود إمكانياتها، طاقاتها ومواردها المتوفرة في غزة، لاستعادة خدمتي المياه والكهرباء، ومساعدة النازحين على العودة إلى مناطقهم”.

وتلفت الرؤية إلى أن الحكومة الفلسطينية شكلت، كذلك، لجنة عمل لشؤون غزة، تشمل مهامها إسناد جهود الحكومة في تنسيق تقديم الخدمات الإنسانية والاجتماعية والصحية، وتوفير الإيواء المؤقت.

وتتشكل اللجنة من كفاءات من أبناء غزة المشهود لهم بالنزاهة والشفافية والخبرة في شؤون القطاع برئاسة وزير من الحكومة الفلسطينية.

** خطة للتعافي وإعادة إعمار غزة

وتشير الرؤية أيضا إلى أن الحكومة الفلسطينية “أعدت خطة للتعافي وإعادة الإعمار بغزة، مع إبقاء السكان داخل القطاع، بالتشاور والتعاون مع الأشقاء في مصر والمنظمات الدولية بما فيها البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي”، وهي الخطة التي سيتم تقديمها إلى القمة العربية لإقرارها.

وفي هذا الصدد، تلفت الرؤية إلى أن الحكومة الفلسطينية ستعمل مع مصر والأمم المتحدة على “عقد المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بغزة في أقرب فرصة ممكنة”.

وتضيف: “ندعو الأشقاء والأصدقاء من الدول والمنظمات الدولية إلى المشاركة الفعالة في هذا المؤتمر، وتقديم مساهمتها في إطار الصندوق الدولي للائتمان بالتعاون مع البنك الدولي”.

كما “تقدر عاليا مواصلة العديد من دول العالم دعمها لوكالة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي تعمل بتكليف أممي، وتقدم خدمات هامة لا يمكن الاستغناء عنها”.

وسيؤكد الرئيس عباس في رؤيته “مواصلة تنفيذ برنامج الإصلاح والتطوير في مختلف المجالات المؤسساتية والقانونية والخدماتية، وذلك حرصا على تقديم أفضل الخدمات” للشعب الفلسطيني.

وسيلفت إلى أن هذا البرنامج لاقى ترحيبا ودعما دوليا واسعا، و”ستعمل الحكومة مع البنك الدولي، والمنظمات الدولية المتخصصة، من أجل ضمان تطبيق أفضل الممارسات والمعايير في برنامجها الإصلاحي”.

** هدنة شاملة

وسيدعو الرئيس عباس إلى “ضرورة العمل على تحقيق هدنة شاملة وطويلة المدى في كل من غزة والضفة والقدس”، بما يشمل “وقف الأعمال الإسرائيلية أحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي، ووقف الممارسات والسياسات التي تقوض حل الدولتين، وتُضعف السلطة الوطنية الفلسطينية”.

وسيجدد عباس أمام القمة تأكيده “أهمية مواصلة التحرك السياسي والقانوني في المحافل والمحاكم كافة، وذلك انطلاقا من أن تنفيذ حل الدولتين المستند إلى الشرعية الدولية، بما يؤدي إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة، إلى جانب دولة إسرائيل، هو الضمانة الوحيدة التي تحقق الأمن والاستقرار في المنطقة”.

وهو الأمر الذي يستدعي الإسراع في عقد المؤتمر الدولي للسلام في يونيو/ حزيران المقبل برئاسة مشتركة من السعودية وفرنسا، ومواصلة حشد الطاقات، والتحضير لنجاح هذا المؤتمر من خلال التحضيرات التي يقوم بها التحالف العالمي الذي يضم أكثر من 90 دولة، وتحقيق المزيد من الاعترافات الدولية، وحصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة.

** الوحدة الوطنية

أيضا سيؤكد الرئيس الفلسطيني في رؤيته “أهمية تحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة الالتزام بمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبرنامجها السياسي، والتزاماتها الدولية، ومبدأ النظام الواحد والقانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد”.

وتتضمن رؤية الرئيس الفلسطيني في هذا الصدد “التأكيد على أن الخيار الديمقراطي والاحتكام لصندوق الاقتراع، هو الطريق الوحيد لاحترام إرادة الشعب لاختيار من يمثله من خلال انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، تجري في كل الأرض الفلسطينية، في غزة والضفة والقدس الشرقية، كما جرت في الانتخابات السابقة جميعها، وذلك بعد عام من الآن إذا توفرت الظروف الملائمة لذلك، والتي ندعو الجميع إلى المساهمة في تهيئتها”.

وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل، بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

وفي 19 يناير الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل أسرى بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

 

الأناضول

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: إلى أن الحکومة الفلسطینیة القمة العربیة مع مصر فی غزة فی هذا

إقرأ أيضاً:

دنابيع السياسة العربية.. من دنبوع اليمن إلى دنبوع فلسطين

محمد الجوهري

تصريحات الرئيس الفلسطيني المزعوم محمود عباس (أبو مازن) عن مجاهدي حماس في غزة، وألفاظه النابية بحقهم، لا تقدم جديداً سوى المزيد من السقوط الأخلاقي للسلطات العميلة التي تستمد شرعيتها من البيت الأبيض، الحليف الرئيسي للكيان الصهيوني. وهذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل هي عُرف سياسي متفشٍّ في أغلب الجمهوريات العربية، حيث تبقى تلك الأنظمة خانعة كماً وكيفاً، مقابل بقائها في السلطة الوهمية، واستفادة أصحابها من بعض الامتيازات الخاصة، كالأرصدة الضخمة وممارسة الفساد بحق الشعوب دون حسيب أو رقيب.

ولم يعد خافياً أن عباس وأفراد عائلته يملكون مصالح مشتركة مع الاحتلال، وبسببها لا يزال في السلطة منذ أكثر من عشرين عاماً، حيث ترتبط هذه المصالح باستمرار خدماته للكيان الصهيوني. وينطبق هذا الوضع على أعضاء حكومته العميلة، المشاركين في قمع الشعب الفلسطيني، وتبرير كل إجرام إسرائيلي بحقه، كما هو الحال في غزة والضفة، حيث ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات قتل وخطف علني، بتواطؤ عباس وأزلامه.

في اليمن، كما في فلسطين، توجد حكومتان: إحداهما مرضيٌّ عنها دولياً وتحظى بدعم أمريكي، وأخرى منبوذة دولياً لكنها تستمد قوتها من الشارع اليمني. ومن البدهي أن تقف الأخيرة مع الشعب الفلسطيني في مظلوميته الكبرى، حيث لا ضغوطات غربية تمنعها من ذلك، بخلاف الأخرى التي يتمنى أعضاؤها أن يكون لهم موقف مشرف من غزة، لكن ذلك يتعارض مع مصدر شرعيتهم في البيت الأبيض، ما يفقدهم إياها بمجرد إعلان تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

وعلى هذا القياس تتشكل أغلب الحكومات العربية؛ فإذا أراد شعبٌ ما أن يسترد حريته، صُدم بالهيمنة الأمريكية التي بدورها تفرض عليه حكومة شكلية لا شرعية لها سوى من المجتمع الدولي، الذي تهيمن عليه الغطرسة الأمريكية. ولهذا، فإن ظاهرة “الدنابيع” هي الأكثر انتشاراً في عالمنا العربي.

وكلمة “دنبوع” -في الأصل- تشير إلى الفار عبد ربه منصور هادي، فهذا لقبه، وهو ليس أول رئيس شكلي في المنطقة، لكن غباءه الشديد فضح عمالته وتبعيته للسعودية وأسيادها الغربيين في أكثر من موقف، وأهمها تصريحه العفوي بشأن تفاجئه بالعدوان السعودي على بلاده، رغم أن الأخيرة زعمت أن عاصفة الحزم كانت بطلب منه. وله أيضاً تصريح سابق يكشف عبوديته لنظام عفاش، حين أكد أنه لم يستلم أي سلطة من سلفه سوى العلم الجمهوري.

مطلع العام 2022، اضطرت السعودية إلى استبدال الدنبوع بآخر لا يقل عنه عمالة للغرب، وهو المرتزق رشاد العليمي الذي لا يقل عنه ولاءً للخارج، إذ يطالب منذ عام ونصف بتدخل أمريكي لاحتلال بلاده بحجة حماية الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر، في سقوطٍ أخلاقي لا نظير له في التاريخ اليمني الحديث أو القديم. فالعليمي لا يبالي بأي معايير أخلاقية، ولا يكترث لأي دوافع سوى عبوديته للمال، كما لا يحرص على تقديم أي صورة مشرفة له أمام المجتمع اليمني، إذ إن الشرف ليس من دوافعه هو وأمثاله في مجلس الثامنة الخونة الموالي للغرب والصهاينة.

وهكذا يتجلى المشهد العربي في صورته القاتمة: زعامات مستوردة، أنظمة مصطنعة، لا شرعية لها إلا بقدر خدمتها لمصالح الاستعمار الغربي، ولا قيمة لها لدى شعوبها إلا بمقدار ما تُمعن في قهرهم ونهبهم. وما محمود عباس سوى حلقة صغيرة في سلسلة طويلة من دنابيع السياسة العربية الذين ما إن تهب عليهم رياح التحرر حتى ينكشف عوارهم، ويسقط قناع الزيف عن وجوههم الباهتة.

ولم يكن عباس حالة شاذة؛ فقد سبقه ولحقه كثيرون، كأنور السادات، الذي رهن القرار المصري لواشنطن، ووقع اتفاقيات الاستسلام مع الصهاينة، ثم سُمّي عهده “عصر الانفتاح على الغرب” ولو على حساب كرامة مصر، وكذلك خلفه حسني مبارك، الذي جعل من مصر مخفراً كبيراً لحماية حدود الكيان الصهيوني في وجه المقاومة الفلسطينية، وبارك حصار غزة لسنوات طويلة.

وكذلك حال ملوك الخليج والأردن، فالشرعية هناك مطلقة للطغاة، وليس للشعب أي حق في الحديث عن حقوقه المصادرة، وأولها حق التعبير والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكل هؤلاء، وأمثالهم، يثبتون حقيقة أن الاحتلال العسكري ليس الشكل الوحيد للاستعمار، بل إن أخطر أشكاله هو الاحتلال السياسي الداخلي، عبر وكلاء صغار بلباس الزعماء.

مقالات مشابهة

  • وفدا المكسيك وناميبيا: “إسرائيل” مُلزمة بإدخال المساعدات ولا يحق لها منع الجهات الدولية من أداء مهامها داخل الأراضي الفلسطينية
  • الكهرباء العراقية تكشف بنود اتفاقية سيمنز: توفر 38 ألف ميغاواط من الطاقة
  • رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج يصل واشنطن.. عقد اجتماعات مهمة
  • الرئيس اللبناني يشيد بالدعم الإماراتي.. ويؤكد: الدولة تعود بثبات
  • الأردن أمام العدل الدولية : الاحتلال ينتهك حق تقرير المصير في الأراضي الفلسطينية
  • مبعوث الرئيس العراقي يسلم رسالة الى بوريطة لحضور القمة العربية
  • الرئيس العراقي يدعو جلالة الملك إلى حضور القمة العربية المقبلة ببغداد
  • ممثل السعودية أمام العدل الدولية: إسرائيل ترفض الامتثال للقانون الدولي وتواصل انتهاكاتها في غزة
  • دنابيع السياسة العربية.. من دنبوع اليمن إلى دنبوع فلسطين
  • اتصال هاتفي بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء العراقي لبحث القمة العربية المقبلة