هاني نديم يجمع نصوصًا من العالم في رثاء الآباء
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري
ماذا يمكنني أن أقول عن هاني نديم؟ هل أقول إنّه شاعر وإعلامي سوري، يقترف الأدب من قبل أن يبلغ 17 سنة، وأضيف تراكمات أخرى كثيرة جعلته من أهمّ الأسماء الناشطة في المشهد الأدبي والمسرحي وفي تأليف الأغاني، هل أقول هذا وأمرّ لتقديم كتاب لهاني نديم صدر بعنوان “خيمة الربّ -رثاء الآباء- نصوص من العالم”، مكتفيا بما حبّرته من كلمات أم أسحب من ذاكرتي ما أعرفه عنه، يا لذاكرتي كم تتوهّج في موفى القرن الفائت وكأنّي وسط جماعة من الشباب العرب في نزل بغدادي ومن ضمنهم هاني نديم يقرأ شعره وينصت للآخرين؛ بلى كان مربد الشعر بالعراق أيام كنّا فتيانا مولعين بالشعر والمحبّة والإخاء، نعم عرفته في بغداد في نهاية القرن الماضي، وكنّا جميعا بذور لشعراء وأدباء كبار منّا من لبّى نداء ربّه ومنّا من ما زال يعطي ويقدّم الإضافة تلو الإضافة، وها هو هاني نديم بعد ما لا يحصى من الإصدارات وما لا يُعدّ من الإنجازات الهامة في مجالات كالمسرح والصحافة والغناء، ها هو وفي يده كتاب جديد يُضاف لمخزونه الإبداعي واليوم أنا أحتفي به وبكتابه الصادر حديثا:
قبل أن أغوص في الكتاب، يجب أن أتوقّف عند عتبته وأقرأ ما كتبه هاني نديم عن سبب جمع هذا المتن الشعري وعن الحادثة التي رسخت في ذهن هاني وجعلته يكرّس حياته أو نصيبا منها لإعداد الضخم القيّم الذي تشي محتوياته المعروضة أوّل الكتاب أنّ المشاركات من مختلف أقطار العالم وما يشي أيضا بالمجهودات المبذولة لتبويبه وإعداده حتّى يخرج على هذا الشكل البهيّ وقبل أن نقرأ بعض نصوصه هذه فقرة مقطوفة من حديقة المقدّمة:
“هذا الكتاب هو حصاد سنوات طوال من التدوين، سألت في كلّ بلد زرتها عن عيون نصوصها في هذا الاتجاه، وترجمتُ عن عدّة لغات بواسطة مختصّين وزملاء لي، كما ترجمت بنفسي عن الإنجليزية معظم القصائد، آملا أن تكون صياغتي لتلك النصوص شعرية وجديرة بما يكفي، كما استفدت بالسؤال والاستقصاء حتّى وصلت إلى كمّ هائل من النصوص، لانتخب ما رأيته أجدرها من كلّ أنحاء العالم.
هذه من أواخر الكلمات المحبّرة في نصّ الراحل محمود درويش وهي مهداة لروح والده، أردت أن يكون الأوّل في الاستشهاد به فلا يخفى على أحد قيمة درويش ومكانته في الذاكرة الحديثة للشعر وللشعراء، رحمه الله فقد كان كبيرنا ودليلنا في هذا التيه المسمّى الحياة الدنيا…
“سامحني يا أبي…
وسامحني لأنّي لم أنجب لك حفيدا
يفعل بي ما فعلت بك يا أبي
وأبي يا أبي
غضّ طرفا عن القمر
وانحنى يحفن التراب
وصلّى
لسماء بلا مطر
ونهاني عن السفر”
يمكن القول إنّه كتاب شامل جامع فيه القديم والحديث ويجمع في رثاء الأب ما لا يحصى من الشعراء والشاعرات من كلّ أصقاع العالم ممّن بكوا الأب ورثوه وعدّدوا مناقبه وصفاته وأخلاقه، وهذا لعمري عمل كبير وجهد عظيم أحيّي الصديق الشاعر هاني نديم عليه وأشكره على البذل والعطاء في جمع كلّ هذه النصوص وفرزها وترجمتها وتقديمها للقارئ العربي.
نمرّ إلى صوت نسائي مغربي، وهو لصوت الشاعرة لطيفة ادهو في قصيدة مؤثرة وفيها صدق القول بين ابنة وبين والدها وإن كان متوفّيا فثمة كلمات لا تصدر من الإنسان إلا لمّا يكون الآخر عزيزا، اسمعوها في مقطع من قصيدة “لم يعجبني موتك”:
“كان يقول لي
لا تتردّدي أن تخبريني إن بدر منّي ما لا يعجبك
وكنت أستحي أن أفعل.
حين قرّرت ذلك
لم أجده لأقول له:
أبدا لم يعجبني موتك”
عاد هاني نديم في بحثه عن مرثيات للوالد حتّى للتاريخ العربي وانتقى منه جواهر أدبية من ضمنها قصيدة لأبي العلاء المعري بعنوان “ضاحك المزن” سنطلّع علة بعض أبياتها القيّمة المؤثرّة:
“أبي حكمت فيه الليالي ولم تزلْ
رماح المنايا قادرات على الطعنِ
مضى طاهر الجثمان والنفس والكرى
وسُهد المنى والجيب والذيل والرُّدنِ
…………..
وأحمل فيك الحزن حيّا فإن أمت
وأَلقكَ لم أسلك طريقا إلى الحزنِ
وبعدك لا يهوى الفؤاد مسرّة
فإن خان في وصل السرور فلا يَهني”
منذ البداية أشرت إلى أنّ هذا عمل ضخم ويحتاج الوقت لقراءته ربّما أحتاج المرء أن يقتنيه وأن يعود إليه كلّما رغب في ذلك، صدقا أسماء كبيرة أعرف البعض منها وأسماء أجنبية عديدة وأنصح كلّ قرّاء مقالي بشراء الكتاب والاحتفاظ به فهو متن شعري ثمين على كلّ ..سأختم “نزهتي” في “خيمة الربّ” بأن أقتني لكم هذا المقطع راجيا أن يعجبكم وهو لشاعرة من أستراليا اسمها جوليا كيس:
“والآن
بعد أن أصبحت ملاكا
أرجو مساعدتي إن كنت تستطيع
لمواصلة وجودي هنا على الأرض
هذه الأرض الغامضة والغريبة”
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
احتفال مهيب بأحد الآباء في كنيسة القيامة بالقدس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أقيمت منتصف ليلة أمس، خدمة القداس الإلهي داخل القبر المقدس في كنيسة القيامة بمدينة القدس، وذلك بمناسبة أحد الآباء والأجداد ، وترأس القداس المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، بمشاركة عدد من الكهنة والرهبان، وبحضور جموع من المصلين والمؤمنين من مختلف أنحاء المدينة المقدسة.
تضمن القداس صلوات وتسابيح خاصة بهذه المناسبة، التي تعد إحدى المناسبات الكنسية المهمة التي تدعو للتأمل في مسيرة الآباء والأجداد ودورهم في نشر الإيمان والحفاظ على القيم المسيحية ، وفي كلمته خلال القداس، شدد المطران على أهمية التمسك بالإيمان والمحبة رغم التحديات، مؤكداً على دور القدس كمدينة للسلام والتسامح، ورمز للوحدة الروحية بين الشعوب.
وأضاف المطران في كلمته: "نصلي من أجل القدس وأهلها، ومن أجل أن يعم السلام في منطقتنا، وأن يحل العدل والحرية في هذه الأرض المباركة".
كما وجه دعوة للجميع للتكاتف في وجه التحديات التي تواجه أبناء المدينة المقدسة، مؤكدًا أن قوة الإيمان والمحبة قادرة على تجاوز كل الصعاب.
واختتمت الخدمة بدعوات جماعية من أجل السلام والاستقرار في القدس والمنطقة بأسرها، وسط أجواء من الخشوع والرجاء، فيما أعرب المشاركون عن سعادتهم بالمشاركة في هذه المناسبة الروحية التي تعزز روح الأمل والتفاؤل.