صحيفة أثير:
2025-02-07@01:45:21 GMT

هاني نديم يجمع نصوصًا من العالم في رثاء الآباء

تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT

هاني نديم يجمع نصوصًا من العالم في رثاء الآباء

أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري

ماذا يمكنني أن أقول عن هاني نديم؟ هل أقول إنّه شاعر وإعلامي سوري، يقترف الأدب من قبل أن يبلغ 17 سنة، وأضيف تراكمات أخرى كثيرة جعلته من أهمّ الأسماء الناشطة في المشهد الأدبي والمسرحي وفي تأليف الأغاني، هل أقول هذا وأمرّ لتقديم كتاب لهاني نديم صدر بعنوان “خيمة الربّ -رثاء الآباء- نصوص من العالم”، مكتفيا بما حبّرته من كلمات أم أسحب من ذاكرتي ما أعرفه عنه، يا لذاكرتي كم تتوهّج في موفى القرن الفائت وكأنّي وسط جماعة من الشباب العرب في نزل بغدادي ومن ضمنهم هاني نديم يقرأ شعره وينصت للآخرين؛ بلى كان مربد الشعر بالعراق أيام كنّا فتيانا مولعين بالشعر والمحبّة والإخاء، نعم عرفته في بغداد في نهاية القرن الماضي، وكنّا جميعا بذور لشعراء وأدباء كبار منّا من لبّى نداء ربّه ومنّا من ما زال يعطي ويقدّم الإضافة تلو الإضافة، وها هو هاني نديم بعد ما لا يحصى من الإصدارات وما لا يُعدّ من الإنجازات الهامة في مجالات كالمسرح والصحافة والغناء، ها هو وفي يده كتاب جديد يُضاف لمخزونه الإبداعي واليوم أنا أحتفي به وبكتابه الصادر حديثا:

قبل أن أغوص في الكتاب، يجب أن أتوقّف عند عتبته وأقرأ ما كتبه هاني نديم عن سبب جمع هذا المتن الشعري وعن الحادثة التي رسخت في ذهن هاني وجعلته يكرّس حياته أو نصيبا منها لإعداد الضخم القيّم الذي تشي محتوياته المعروضة أوّل الكتاب أنّ المشاركات من مختلف أقطار العالم وما يشي أيضا بالمجهودات المبذولة لتبويبه وإعداده حتّى يخرج على هذا الشكل البهيّ وقبل أن نقرأ بعض نصوصه هذه فقرة مقطوفة من حديقة المقدّمة:

“هذا الكتاب هو حصاد سنوات طوال من التدوين، سألت في كلّ بلد زرتها عن عيون نصوصها في هذا الاتجاه، وترجمتُ عن عدّة لغات بواسطة مختصّين وزملاء لي، كما ترجمت بنفسي عن الإنجليزية معظم القصائد، آملا أن تكون صياغتي لتلك النصوص شعرية وجديرة بما يكفي، كما استفدت بالسؤال والاستقصاء حتّى وصلت إلى كمّ هائل من النصوص، لانتخب ما رأيته أجدرها من كلّ أنحاء العالم.

.”

هذه من أواخر الكلمات المحبّرة في نصّ الراحل محمود درويش وهي مهداة لروح والده، أردت أن يكون الأوّل في الاستشهاد به فلا يخفى على أحد قيمة درويش ومكانته في الذاكرة الحديثة للشعر وللشعراء، رحمه الله فقد كان كبيرنا ودليلنا في هذا التيه المسمّى الحياة الدنيا…

“سامحني يا أبي…
وسامحني لأنّي لم أنجب لك حفيدا
يفعل بي ما فعلت بك يا أبي
وأبي يا أبي
غضّ طرفا عن القمر
وانحنى يحفن التراب
وصلّى
لسماء بلا مطر
ونهاني عن السفر”

يمكن القول إنّه كتاب شامل جامع فيه القديم والحديث ويجمع في رثاء الأب ما لا يحصى من الشعراء والشاعرات من كلّ أصقاع العالم ممّن بكوا الأب ورثوه وعدّدوا مناقبه وصفاته وأخلاقه، وهذا لعمري عمل كبير وجهد عظيم أحيّي الصديق الشاعر هاني نديم عليه وأشكره على البذل والعطاء في جمع كلّ هذه النصوص وفرزها وترجمتها وتقديمها للقارئ العربي.


نمرّ إلى صوت نسائي مغربي، وهو لصوت الشاعرة لطيفة ادهو في قصيدة مؤثرة وفيها صدق القول بين ابنة وبين والدها وإن كان متوفّيا فثمة كلمات لا تصدر من الإنسان إلا لمّا يكون الآخر عزيزا، اسمعوها في مقطع من قصيدة “لم يعجبني موتك”:

“كان يقول لي
لا تتردّدي أن تخبريني إن بدر منّي ما لا يعجبك
وكنت أستحي أن أفعل.
حين قرّرت ذلك
لم أجده لأقول له:
أبدا لم يعجبني موتك”

عاد هاني نديم في بحثه عن مرثيات للوالد حتّى للتاريخ العربي وانتقى منه جواهر أدبية من ضمنها قصيدة لأبي العلاء المعري بعنوان “ضاحك المزن” سنطلّع علة بعض أبياتها القيّمة المؤثرّة:

“أبي حكمت فيه الليالي ولم تزلْ
رماح المنايا قادرات على الطعنِ
مضى طاهر الجثمان والنفس والكرى
وسُهد المنى والجيب والذيل والرُّدنِ
…………..
وأحمل فيك الحزن حيّا فإن أمت
وأَلقكَ لم أسلك طريقا إلى الحزنِ
وبعدك لا يهوى الفؤاد مسرّة
فإن خان في وصل السرور فلا يَهني”

منذ البداية أشرت إلى أنّ هذا عمل ضخم ويحتاج الوقت لقراءته ربّما أحتاج المرء أن يقتنيه وأن يعود إليه كلّما رغب في ذلك، صدقا أسماء كبيرة أعرف البعض منها وأسماء أجنبية عديدة وأنصح كلّ قرّاء مقالي بشراء الكتاب والاحتفاظ به فهو متن شعري ثمين على كلّ ..سأختم “نزهتي” في “خيمة الربّ” بأن أقتني لكم هذا المقطع راجيا أن يعجبكم وهو لشاعرة من أستراليا اسمها جوليا كيس:

“والآن
بعد أن أصبحت ملاكا
أرجو مساعدتي إن كنت تستطيع
لمواصلة وجودي هنا على الأرض
هذه الأرض الغامضة والغريبة”

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: نأمل أن تكون منبرًا يجمع بين الأصالة والتجديد

أعرب المفتي عن سعادته بالمشاركة في الاحتفالية العلمية والفكرية لإطلاق العدد الأول من مجلة طابة، التي نأمل أن تكون منبرًا يجمع بين الأصالة والتجديد، بحضور قامات علمية وفكرية مرموقة، في مقدمتهم الشيخ الحبيب علي الجفري، الذي طالما كان صوتًا للحكمة والوسطية، والأستاذ الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق وأحد أعمدة الفقه والفكر المستنير، وسعادة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف المصري، العالم المحدث الجليل.

المفتي: وجود الله حقيقةٌ أزلية ثابتة لا يعتريها ريبٌ ولا تنال منها الظنون بمشاركة المفتي .. جناح الإفتاء يشهد ندوة "الفتوى ومسائل الهُويَّة وتعزيز الانتماء"

وأشار أن تاريخ الحضارة يؤكد أن تأثير الفلسفة في الواقع، نشأ مع نشأة الفلسفة، وتطور مع تطورها، ففلاسفة مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو أسهموا في صياغة أدوات عقلانية لتحليل الوجود والإنسان، انعكست لاحقًا على تشكيل المنظومات الفكرية والعملية عبر العصور. مشيرا على اعتماد سقراط على الحوار الجدلي كمنهج لتفكيك الخرافة والمسلَّمات الأسطورية عبر التساؤل النقدي، وهو ما أسس لثقافةٍ تعلي من شأن العقل كمرجعيةٍ لفهم العالم. وإلى ربط أفلاطون في محاورة "الجمهورية" بين الفلسفة والسياسة عبر تصوره حول "طبقات المجتمع والفيلسوف الحاكم"، مؤكدًا أن العدالة الاجتماعية لا تُبنى إلا بأسس عقلانية. وإلى تطوير أرسطو منهجيةً استقرائيةً تربط بين الملاحظة الواقعية والاستنتاج المنطقي.
وأكد فضيلته أن الفلسفة ليست كما يقول المدعون حكرا على اليونان، وأن فلاسفة المسلمون مجرد مترجمون مقلدون، لقد طور فلاسفة المسلمون تراثًا فكريًا خاصًّا، تفاعل مع الواقع الإسلامي بمنهج تكاملي يجمع بين العقل والنقل. مشيرا إلى إسهامات بعضهم مثل الكندي، والفارابي وابن سينا وحجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي وابن رشد وابن خلدون. 
وبين فضيلته أنه قد تجلَّى بوضوح تأثير الفلسفة في الحضارة الإسلامية من خلال تأسيس المدارس النظامية، وصك العملات المُستوحاة من مفاهيم العدالة، وظهور مفاهيم مثل "المصلحة العامة" في الفقه، و"النظر" في أصول الدين، و"الاستخلاف" في الفلسفة السياسية، وأن كل هذه النماذج تُظهر أن الفلسفة الإسلامية لم تكن امتدادًا سلبيًا للتراث اليوناني، بل كانت تفاعلًا نقديًا حوَّل الأفكار إلى مؤسسات تعليمية وقضائية واقتصادية.
وأكد فضيلته أننا إذا كنا بصدد الإعلان عن انطلاق مجلة طيبة التي تسهم في نشر وإثراء المعرفة الفلسفية والإنسانية، فإننا نستلهم روح الحضارات التي حوَّلت الأفكار المجردة إلى نصوصٍ خالدة، وأن المجلات الثقافية الحديثة تعدُّ امتدادًا لتقليدٍ معرفيٍ يعود جذوره إلى صالونات الفكر في العصر العباسي، حيث كانت "دار الحكمة" في بغداد منصةً لجمع الترجمات والمناقشات الفلسفية. 
وأكد فضيلته أن المجلة الثقافية الحديثة تُعدُّ منبرًا معرفيًّا مركبًا يجمع بين التعددية الفكرية والتفاعلية المجتمعية: حيث يتنوع الإصدار الواحد ليشمل مقالاتٍ في «الفلسفة، والعلوم، والأدب، والفنون» يكتبها مؤلفون من خلفيات متباينة؛ من الفيلسوف الأكاديمي إلى الكاتب الصحفي، ومن العالم المتخصص إلى المبدع الأدبي. وتعتمد المجلات على لغةٍ وسيطةٍ تتبنى "التبسيط دون التسطيح"، فتحوّل المفاهيم المعقدة إلى نصوصٍ مفهومةٍ عبر الاستعارة والسرد القصصي. يُضاف إلى ذلك دور المجلات في تعزيز الوعي النقدي عبر طرح الأسئلة الوجودية والاجتماعية بلغةٍ تلائم الجمهور غير المتخصص، مما يسهم في بناء مجتمعٍ قادرٍ على التفاعل مع التحولات العالمية دون انفصام عن الهوية المحلية.
وأشار فضيلة المفتي إلى أن تأثير المجلات لا يقتصر على الفرد بوصفه قارئًا، بل يمتد إلى تشكيل خطابٍ جمعيٍ يُعيد إنتاج المعرفة وفقًا لاحتياجات العصر. لافتا النظر إلى أن رصيد عالمنا العربي الحديث من المجلات المؤثرة في الواقع وافر وكثير، مشيرا إلى مجلة "الهلال" التي أسسها جورجي زيدان، ومجلة "المنار" التي أطلقها الشيخ محمد رشيد رضا عام 1898 كامتداد لفكر أستاذه محمد عبده الإصلاحي، ومجلة "الرسالة" التي أسسها الشيخ أحمد حسن الزيات، ومجلة "الأديب" اللبنانية، التي أنشأها سهيل إدريس، ومجلة "الكاتب" التي أطلقها الدكتور طه حسين، ومجلة "الفكر المعاصر" التي أشرف عليها الفيلسوف زكي نجيب محمود، ومجلة المقتطف: التي تأسست في بيروت ثم انتقلت لاحقًا إلى مصر، ومجلة الأزهر: والتي تأسست عام 1930 في مصر، بهدف نشر الفكر الإسلامي الوسطي، والدفاع عن التراث الإسلامي، والرد على الشبهات الفكرية. 
وقال فضيلته: "نحتفي اليوم بإصدار العدد الأول من مجلة طابة، التي تمثل إضافة نوعية إلى المشهد الثقافي والفكري العربي والإسلامي. فقد جاءت هذه المجلة لتواكب التحولات الفكرية الراهنة، وتسهم في إعادة قراءة قضايا الفكر الإسلامي والفلسفة والدراسات الاجتماعية بمقاربات علمية ومعمقة".
وقال فضيلته بعد أن استعرض المقالات في هذا العدد: "إن هذه التوليفة من المقالات تعكس التزام المجلة بمقاربة معرفية شاملة، تعيد طرح الأسئلة الكبرى في الفكر الإسلامي والفلسفة والعلوم الاجتماعية، وتساهم في صياغة رؤية فكرية متجددة تستجيب لمتطلبات العصر".
وفي ختام كلمته توجه فضيلة المفتي بخالص الشكر والتقدير إلى الشيخ الحبيب علي الجفري، والأستاذ الدكتور علي جمعة، والدكتور أسامة الأزهري، وجميع الأساتذة والمفكرين المشاركين، على إسهاماتهم القيمة التي أثرت هذه المناسبة الفكرية المهمة. كما شكر القائمين على مجلة طابة على هذا الجهد العلمي الرصين، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويفتح آفاقًا جديدة للحوار والتجديد. داعيا الله أن يبارك في هذا العمل، وأن يكون منبرًا للعلم والفكر المستنير.

مقالات مشابهة

  • المبدعة أندريه شديد.. إنتاج أدبي غزير بالإنجليزية والفرنسية
  • كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
  • استخدام الآباء المفرط للشاشة يدفع الطفل إلى محتوى غير ملائم
  • مؤتمر "ليب 25" بالسعودية يجمع قادة ورواد الابتكار والذكاء الاصطناعي من مختلف أنحاء العالم
  • 10 نصوص مسرحية في كتابين جديدين .. صدرت عن الجمعية العمانية للمسرح
  • شتاء الطحايم يجمع بين الترفيه والتراث في جنوب الشرقية
  • المطارنة الموارنة تمنوا على سلام الالتزام بما أعلنه وتأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن
  • دراسة جديدة تكشف: القلق من الرياضيات عند الآباء يؤثر سلباً على أداء الأطفال
  • مفتي الجمهورية: نأمل أن تكون منبرًا يجمع بين الأصالة والتجديد
  • العنف ضد الأطفال داخل الأسرة: معاناة في صمت