فبراير 20, 2025آخر تحديث: فبراير 20, 2025

محمد الربيعي

بروفسور متمرس ومستشار علمي، جامعة دبلن

في قلب ولاية كاليفورنيا المشمسة، حيث تتراقص اضواء التكنولوجيا وتتلاقى عقول المبتكرين، تقبع جامعة ستانفورد، شامخة كمنارة للعلم والمعرفة. ليست مجرد جامعة، بل هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى صرح عظيم، يضيء دروب الاجيال.

منذ سنوات خلت، تشكلت لدي قناعة راسخة بجودة جامعة ستانفورد، وذلك من خلال علاقات علمية بحثية مشتركة في مجال زراعة الخلايا. فقد لمست عن كثب تفاني علماء الجامعة وتميزهم، وشهدت انجازات علمية عظيمة تحققت بفضل هذا التعاون المثمر.

ولعل ما يزيد اعجابي بهذه الجامعة هو شعار قسم الهندسة الحيوية (الرابط المشترك بيننا) والذي يجسد رؤيتها الطموحة: “بينما نستخدم الهندسة كفرشاة، وعلم الاحياء كقماش رسم، تسعى الهندسة الحيوية في جامعة ستانفورد ليس فقط الى الفهم بل ايضا الى الابداع”. انه شعار ينم عن شغف اعضاء القسم بالابتكار وتطوير المعرفة، ويؤكد التزامهم بتجاوز حدود المالوف.

البداية: قصة حب ملهمة

تعود جذور هذه الجامعة العريقة الى قصة حب حزينة، ولكنها ملهمة. ففي عام 1885، فقد حاكم ولاية كاليفورنيا، ليلاند ستانفورد، وزوجته جين ابنهما الوحيد، ليلاند جونيور. وبدلا من الاستسلام للحزن، قررا تحويل محنتهما الى منحة، وانشا جامعة تحمل اسم ابنهما، لتكون منارة للعلم والمعرفة، ومصنعا للقادة والمبتكرين.

ستانفورد اليوم: صرح شامخ للابداع

تقف جامعة ستانفورد اليوم شامخة كواحدة من اعرق الجامعات العالمية، ومنارة ساطعة للابداع والابتكار. فهي تحتضن بين جدرانها نخبة من الاساتذة والباحثين المتميزين الذين يساهمون بشكل فعال في اثراء المعرفة الانسانية ودفع عجلة التقدم الى الامام. ولا يقتصر دور ستانفورد على تخريج العلماء والمهندسين المهرة، بل تسعى جاهدة ايضا الى تنمية مهارات ريادة الاعمال لدى طلابها، لتخريج قادة قادرين على احداث تغيير ايجابي في العالم.

ويعود الفضل في هذا التميز لعدة عوامل، لعل من ابرزها تبنيها لمفهوم الحريات الاكاديمية. وكما اجاب رئيس الجامعة على سؤال لماذا اصبحت ستانفورد جامعة من الطراز العالمي في غضون فترة قصيرة نسبيا من وجودها اجاب لان: “ستانفورد تكتنز الحرية الاكاديمية وتعتبرها روح الجامعة”. هذه الحرية الاكاديمية التي تمنح للاساتذة والباحثين والطلاب، هي التي تشجع على البحث العلمي والتفكير النقدي والتعبير عن الاراء بحرية، مما يخلق بيئة محفزة للابداع والابتكار.

من بين افذاذ ستانفورد، نذكر:

ويليام شوكلي: الفيزيائي العبقري الذي اخترع الترانزستور، تلك القطعة الصغيرة التي احدثت ثورة في عالم الالكترونيات، وجعلت الاجهزة الذكية التي نستخدمها اليوم ممكنة.

جون فون نيومان: عالم الرياضيات الفذ الذي قدم اسهامات جليلة في علوم الحاسوب، والفيزياء، والاقتصاد. لقد وضع الاسس النظرية للحوسبة الحديثة، وكان له دور كبير في تطوير القنبلة الذرية.

سالي رايد: لم تكن ستانفورد مجرد جامعة للرجال، بل كانت حاضنة للمواهب النسائية ايضا. من بين خريجاتها المتميزات، سالي رايد، اول امراة امريكية تصعد الى الفضاء، لتثبت للعالم ان المراة قادرة على تحقيق المستحيل.

سيرجي برين ولاري بيج: هذان الشابان الطموحان، التقيا في ستانفورد، ليؤسسا معا شركة كوكل، التي اصبحت محرك البحث الاكثر استخداما في العالم، وغيرت الطريقة التي نجمع بها المعلومات ونتفاعل مع العالم.

هؤلاء وغيرهم الكثير، هم نتاج عقول تفتحت في رحاب ستانفورد، وتشربت من علمها ومعرفتها، ليصبحوا قادة ومبتكرين، غيروا وجه العالم. انهم شهادة حية على ان ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي منارة للعلم والمعرفة، ومصنع للاحلام.

وادي السيلكون: قصة نجاح مشتركة

تعتبر ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيلكون، الذي اصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا والابتكار. فقد ساهمت الجامعة في تخريج العديد من رواد الاعمال الذين اسسوا شركات تكنولوجية عملاقة، غيرت وجه العالم. كما انشات ستانفورد حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لدعم الطلاب والباحثين وتحويل افكارهم الى واقع ملموس.

ولكن، كيف اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في هذا النجاح؟

الامر لا يتعلق فقط بتخريج رواد الاعمال، بل يتعدى ذلك الى عوامل اخرى، منها:

تشجيع الابتكار وريادة الاعمال: لم تكتف ستانفورد بتدريس العلوم والتكنولوجيا، بل عملت ايضا على غرس ثقافة الابتكار وريادة الاعمال في نفوس طلابها. وشجعتهم على تحويل افكارهم الى مشاريع واقعية، وقدمت لهم الدعم والتوجيه اللازمين لتحقيق ذلك.

توفير بيئة محفزة: لم تقتصر ستانفورد على توفير المعرفة النظرية، بل انشات ايضا بيئة محفزة للابتكار وريادة الاعمال. وشجعت على التواصل والتفاعل بين الطلاب والباحثين واعضاء هيئة التدريس، وتبادل الافكار والخبرات.

انشاء حاضنات الاعمال ومراكز الابحاث: لم تكتف ستانفورد بتخريج رواد الاعمال، بل انشات ايضا حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لتوفير الدعم المادي والمعنوي للطلاب والباحثين، ومساعدتهم على تحويل افكارهم الى شركات ناشئة ناجحة.

جذب الاستثمارات: لم تكتف ستانفورد بتوفير الدعم للطلاب والباحثين، بل عملت ايضا على جذب الاستثمارات الى وادي السيليكون، من خلال بناء علاقات قوية مع الشركات والمستثمرين، وعرض الافكار والمشاريع المبتكرة عليهم.

وبفضل هذه العوامل وغيرها، اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيليكون، وساهمت في تحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.

ومن الامثلة على ذلك:

شركة غوغل: التي تاسست على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما سيرجي برين ولاري بيج.

شركة ياهو: التي تاسست ايضا على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما ديفيد فيلو وجيري يانغ.

شركة هيوليت-باكارد: التي تاسست على يد اثنين من خريجي ستانفورد، وهما ويليام هيوليت وديفيد باكارد.

هذه الشركات وغيرها الكثير، هي دليل على الدور الكبير الذي لعبته ستانفورد في نجاح وادي السيليكون، وتحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.

ستانفورد: اكثر من مجرد جامعة

ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي مجتمع حيوي، يجمع بين الطلاب من جميع انحاء العالم، ليتبادلوا الافكار والخبرات، ويبنوا مستقبلا مشرقا لانفسهم ولوطنهم. كما انها مركز للبحث العلمي، حيث تجرى ابحاث رائدة في مختلف المجالات، تساهم في حل المشكلات العالمية، وتحسين حياة الناس.

الخلاصة: ستانفورد، قصة نجاح مستمرة

باختصار، جامعة ستانفورد هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى واقع ملموس. انها صرح شامخ للعلم والمعرفة، ومصنع للقادة والمبتكرين، ومركز للابداع والابتكار. وستظل ستانفورد تلهم الاجيال القادمة، وتساهم في بناء مستقبل مشرق للانسانية جمعاء.

 

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: للعلم والمعرفة جامعة ستانفورد مجرد جامعة قصة نجاح

إقرأ أيضاً:

جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة تطلق فعاليات «حول العالم في 3 أيام» بحضور السفير الكندي

أطلقت جامعة جزيرة الامير إدوارد بالقاهرة UPEI، والتي تستضيفها بالعاصمة الإدارية الجامعات الكندية في مصر، فعاليات «حول العالم في 3 أيام»، بحضور الدكتور مجدي القاضي، رئيس مجلس أمناء الجامعات الكندية في مصر، والدكتور رامي سلام، رئيس الجامعة، وذلك لتعزيز قيم التفاهم والانفتاح بين مختلف الثقافات، واحتفاءًا بهوية الجامعة العالمية، وإبراز روح التعايش المشترك بين طلابها من مختلف الخلفيات والثقافات، وذلك بحرم الجامعة، في العاصمة الإدارية الجديدة.

ومن المقرر أن تستمر الفعالية على مدار ثلاثة أيام، ويشارك فيها عددًا من السفراء وممثلين عن الوزارات والجهات الحكومية المصرية والكندية، بالإضافة إلى الطلاب الدوليين بالجامعة من 26 جنسية مختلفة، والذين يمثلون أكثر من 20% من طلاب الجامعة، وهو ما يعكس مكانة الجامعة كبيئة تعليمية متعددة الثقافات، باعتبارها نموذجًا يُحتذى به في تعزيز التعاون الدولي داخل مؤسسات التعليم العالي.

وانطلقت فعاليات اليوم الأول، بمشاركة العديد من الشخصيات الدبلوماسية البارزة مثل السفير أولريك شانون، سفير كندا لدى مصر، والسيد أليخاندرو أباركا، المستشار الثقافي والسكرتير الثالث في سفارة تشيلي، والقنصل بيتر أوكو أجوي ألسويل، قنصل غانا لشؤون التعليم، ومسؤول شؤون الجامعات والأنشطة الطلابية بسفارة دولة فلسطين في القاهرة، بالإضافة إلى السيد جاربا إيشايا، المستشار الاقتصادي للتجارة والاستثمار في سفارة نيجيريا لدى مصر.

وافتُتحت الفعاليات بفقرة استعراضية شارك فيها وفود من السفارات والطلاب الدوليين، الذين ارتدوا الأزياء التقليدية لبلدانهم وحملوا أعلامها، بالإضافة إلى عددًا من الجلسات التعريفية التي تناولت التراث والتاريخ والثقافة، لإتاحة الفرصة للطلاب للتعرف على مختلف الثقافات في المجتمع الجامعي.

وتشهد فعاليات اليوم الثاني، مجموعة متنوعة من الأنشطة والألعاب المستوحاة من التراث الشعبي، التي تتيح للطلاب فرصة فريدة لمشاركة ذكرياتهم في أوطانهم، كما سيتم تنظيم مسابقات تفاعلية تحمل طابعًا ثقافيًا، تقدم خلالها جوائز رمزية تعكس هوية كل بلد، وتخلل اليوم أيضًا عروض فنية مبهرة على خشبة المسرح، تشمل رقصات ومراسم تقليدية جسدت التنوع الثقافي للمشاركين.

وفي إطار الشراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة الشباب والرياضة، والاتحاد الرياضي المصري للجامعات، والجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية، تستضيف جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة، خلال فعاليات اليوم الثاني، أكثر من 100 طالب من مختلف الدول الإفريقية، وتشمل الفعاليات عرضًا مميزًا للفلكلور المصري لإبراز أصالة التراث المحلي، ويلي ذلك مباراة رياضية ودية تجمع فريق الجامعة الرياضي مع الطلاب الضيوف، في أجواء احتفالية تسود فيها روح الألفة والتآخي.

وتختتم الفعاليات بمهرجان للطعام الدولي، حيث يقدم الطلاب أطباقًا تقليدية تعبر عن مطابخ بلدانهم، مقدمين تجربة تذوّق غنية تعكس التنوع الثقافي العالمي.

مقالات مشابهة

  • انضمام جامعة بنها الأهلية في عضوية اتحاد الجامعات العربية
  • انضمام جامعة بنها الأهلية لعضوية اتحاد الجامعات العربية
  • جامعة بنها تحصد 20 ميدالية في بطولة الجامعات المصرية لألعاب القوى
  • هل جامعتك ضمنها؟.. تعرف على الجامعات التي عطلت الدراسة اليوم بسبب العاصفة
  • الأمير تركي الفيصل: دعم القيادة جعل من جامعة الفيصل قصة نجاح مبكرة
  • طلاب جامعة أسيوط التكنولوجية يحصدون مراكز متقدمة في المسابقات الفنية على مستوى الجامعات
  • جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة تطلق فعاليات «حول العالم في 3 أيام» بحضور السفير الكندي
  • وزارة التعليم العالي: جامعة شرق بورسعيد أحد ثمار التنمية بتكلفة 646 مليون جنيه
  • بالصور .. د.ماهرالحوراني يرعى افتتاح معرض “بريدج” للجامعات الدولية في عمان الأهلية
  • جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة تطلق فعاليات «حول العالم في 3 أيام» صور