إذا كنتِ تتصفحين تطبيقات "تيك توك" و"إنستغرام"، فربما تكونين قد شاهدت أحدث صيحة رائجة على الإنترنت لتنويم الأطفال بطريقة سحرية خلال الليل.

فقد شارك الآباء والأمهات مقاطع فيديو وهم يقومون بإطعام أطفالهم ملعقة مليئة بالزبدة قبل النوم، مدعين أنها تساعد في تحسين نوم صغارهم العميق والمتواصل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لماذا لا يجب منع طفلك من تناول الحليب بالشوكولاتة؟list 2 of 210 طرق تساعد طفلك على ابتلاع حبة الدواء بسهولةend of list

ولكن بعد رواج هذه الحيلة ومئات مقاطع الفيديو التي تشارك نجاح تجربتها، تزايدت التساؤلات حول جدوى وفعالية هذه التقنية في مساعدة الطفل على النوم ساعات طويلة دون انقطاع، بينما حذّر آخرون من الأضرار الصحية المحتملة لهذه الطريقة، خاصة على المدى البعيد.

هل تساعد الزبدة على نوم أعمق للأطفال؟

إذا كان طفلك أقل من 6 أشهر، فمن الأفضل عدم تجربة هذه الطريقة معه. أما إذا كان أكبر من ذلك ويستمتع بمذاق الزبدة الكريمي، فقد يكون تناولها آمنًا بحدود معينة.

تُهضم الأطعمة الغنية بالدهون والبروتينات، مثل الزبدة الطبيعية، ببطء في المعدة، ما يؤدي إلى امتصاصها تدريجيا في مجرى الدم خلال الليل، مما يساعد على استقرار مستويات السكر في الدم. بناءً على هذا المبدأ، يعتقد البعض أن استقرار السكر يسهم في تحسين جودة النوم.

لكن المتخصصين يحذرون من هذه الممارسة، إذ لا يوجد دليل علمي يثبت أن الزبدة تعزز النوم لدى الأطفال. ووفقًا لخبيرة تغذية الأطفال، شارلوت ستيرلينغ ريد، فإن نوم الطفل يتأثر بعدة عوامل، من بينها النظام الغذائي، لكنه ليس العامل الوحيد، لذلك لا تنصح باستخدام ملعقة الزبدة كوسيلة لمساعدتهم على النوم.

إعلان

وتوضح أن تقديم الزبدة للأطفال باعتدال ليس مضرا، لكنها تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة والملح، مما يجعل من الأفضل تقديمها بكميات صغيرة، ويفضل اختيار الزبدة غير المملحة للرضع والأطفال الصغار.

كما أن الإفراط في استهلاك الزبدة قد يسبب مشاكل بالجهاز الهضمي ويزيد من خطر الاختناق، اعتمادًا على عمر الطفل. لذا، يشير الخبراء إلى أنه لا بأس من إضافة كميات صغيرة من الزبدة غير المملحة إلى الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، ولكن تجنب تقديم قطع كبيرة منها مباشرة للرضع باستخدام الملعقة.

الإفراط في استهلاك الزبدة قد يسبب مشاكل في الجهاز الهضمي ويزيد من خطر الاختناق (شترستوك) بدائل صحية

وبدلًا من الزبدة، أوصت طبيبة التغذية تشارلون ستيرلينغ ريد بإطعام الصغار زبدة المكسرات مثل زبدة اللوز أو زبدة السوداني، والبذور المطحونة، وزيت الزيتون (في الطهي) والأفوكادو، التي تُعد كلها "مصادر صحية للدهون".

ونصحت الطبيبة بتجربة الكيوي والكرز والحليب والأسماك الدهنية والمكسرات والأرز التي "تساعد الأطفال الصغار على النوم بشكل أفضل".

على الرغم من أنها حذرت من الحساسية لذا فمن الأفضل دائمًا تعريض الأطفال لهذه الأطعمة بكميات صغيرة وفي وقت مبكر من اليوم لاختبار رد فعل الجسم بشكل آمن.

النوم عند الرضع وعلاقته بالجوع

وفي حين اعتقد البعض أن الأطعمة الدسمة قد تساعد في استقرار مستويات السكر في الدم، مما يعزز النوم بشكل أفضل، تقول الدكتورة فونكي أفولابي براون، أخصائية طب النوم وتنفس الأطفال، إنه من المهم التأكد من أن الطفل لا يستيقظ خلال ساعات الليل بسبب الإحساس بالجوع.

وتوضح براون أنه عندما يستيقظ الطفل، من المهم الانتباه لما يفعله في سريره، لأنه إذا كان جائعًا قد تظهر عليه عادةً بعض العلامات المحددة، منها مثلا وضع يديه في فمه، أو أن يلعق شفتيه، أو يفتح ويغلق فمه، حينئذ على الأرجح قد يكون جائعًا.

إعلان

وفي تلك الحالات، إذا حاولت تهدئة الطفل للعودة إلى النوم، ولكنه واجه صعوبة بعد حوالي 30 دقيقة، فقد يعني ذلك أنه جائع (على الرغم من أنه قد تكون هناك أشياء أخرى تحدث أيضًا في بعض الحالات، مثل المرض أو التسنين أو الشعور بالحر الشديد أو البرد الشديد).

وإذا بدا أنه جائع يُنصح بالتحدث إلى طبيب الأطفال الخاص حول جدول تناول الطعام، نظرًا لأن كل طفل لديه احتياجات تغذية مختلفة، وبالتالي لا توجد خطة واحدة تناسب الجميع عندما يتعلق الأمر بكمية الطعام التي يجب أن يأكلها طفلك الصغير، ولكن هناك بعض الإرشادات العامة التي يمكن تجربتها.

مشاكل أخرى

علاوة على الجوع، قد تكون هناك أسباب أخرى قد تجعل طفلك يعاني من مشاكل في النوم ليلاً مثل مراحل وطفرات النمو، وعدم وجود روتين وقت النوم، وعدم الحصول على قيلولة مناسبة أثناء النهار، وغير ذلك الكثير.

لذلك بدلاً من إطعام الطفل ملعقة من الزبدة، هناك طرق آمنة ومجربة ومختبرة لتعزيز نوم الرضع والأطفال الصغار التي يُنصح بها عوضا عن اتباع صيحات وسائل التواصل الاجتماعي غير الموثوقة والتي قد تضر أكثر مما تنفع.

ومن بين الأشياء التي يمكنك تجربتها لتعزيز نوم طفلك خلال الليل:

تأسيس روتين نوم ثابت مع طفلك قبل النوم. الحرص على كون غرفة طفلك مظلمة وهادئة. التأكد من أن غرفة الطفل ليست باردة جدا أو ساخنة جدا. بالنسبة للأطفال في عمر سنة أو أكبر، قد يكون من المريح إعطاء الصغار دمية أو بطانية لكي يبدأ في ربط هذه القطعة مع وقت النوم في فراشه. بدلاً من إطعام الطفل ملعقة من الزبدة، هناك طرق آمنة ومجربة ومختبرة لتعزيز نوم الرضع (شترستوك) لكل طفل نظامه الخاص

بحلول الشهر الثامن أو التاسع، يبدأ معظم الأطفال في تناول 3 وجبات متوازنة يوميا، تشمل مصادر متنوعة من الفواكه، والخضروات، والبروتين، ومنتجات الألبان، إلى جانب وجبة أو وجبتين خفيفتين. كما يستهلكون 60-120 مليلترا من الماء وأكثر من 500 مليلتر من الحليب يوميًا، بالإضافة إلى 180-240 مليلترا قبل النوم.

إعلان

لكن هذه مجرد إرشادات عامة، وقد تختلف احتياجات كل طفل. لذا، إذا كانت لديكِ أي مخاوف بشأن نمو طفلك أو تأثير نظامه الغذائي على نومه، فمن الأفضل استشارة طبيب الأطفال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات خلال اللیل على النوم من الأفضل من الزبدة

إقرأ أيضاً:

كيف نُعيد الطفل إلى الطبيعة؟

 

 

ريتّا دار **

 

 

في خضمّ الحياة الرقمية المتسارعة أصبحت الأجهزة الذكيّة تحتلّ مكان المساحات الخضراء؛ حيث يعيش الأطفال اليوم بعيدين عن أبسط أشكال التواصل مع الطبيعة، ما يهدّد توازنهم النّفسي والجسدي، والسّؤال الّذي يفرض نفسه هنا: كيف نُعيد أطفالنا إلى أحضان الطّبيعة قبل أن تفقد مكانتها في وجدانهم؟

تشير الدّراسات إلى أنّ غياب الطّبيعة عن حياة الطّفل ليس تفصيلًا هامشيًّا، بل يؤثّر بشكل مباشر على نموّه وسلوكه. فقد كشف تقرير المجلس العربيّ للطفولة والتّنمية لعام 2020 أنّ 70% من الأطفال العرب يقضون أوقات فراغهم في استخدام الأجهزة الإلكترونية، بينما تقلّ نسبة مشاركتهم في أنشطة بيئية أو رياضيّة في الهواء الطّلق إلى أقلّ من 20%.

وعلى الصّعيد العالميّ، تؤكد منظمة الصّحة العالميّة أن قضاء الأطفال وقتًا منتظمًا في الطّبيعة يحسّن المزاج العام، ويخفض مستويات التوتّر، ويعزز مهارات التّركيز والتعلّم.

كما أظهرت مراجعة علميّة نشرتها مجلّة علم النّفس الأمامي عام 2019 أنّ التّفاعل مع البيئة الطّبيعية يُسهم في تحسين القدرات الاجتماعيّة والحدّ من السّلوكيات العدوانية لدى الأطفال.

وفي هذا السياق نؤكّد أن "العودة إلى الطّبيعة" ليست ترفًا تربويًّا؛ بل ضرورةً حيويةً لصناعة جيلٍ متوازنٍ نفسيًا وجسديًا.

لم تغفل الدّراسات أهمية النشاطات البيئية المباشرة؛ إذ أثبتت دراسة جامعة كولومبيا البريطانية أنَّ زراعة الأطفال للنباتات، حتى في بيئات حضريّة صغيرة، تعزز لديهم الإحساس بالمسؤولية والانتماء، وغرس قيم التعاون والمثابرة.

أما في سلطنة عُمان، فقد أطلقت وزارة التربية والتعليم مبادرة "المدارس الخضراء"، التي تهدف إلى غرس الوعي البيئي في نفوس الطلاب عبر أنشطة عملية مثل الزراعة المدرسية وإعادة التدوير، مما يُعزز العلاقة بين الطفل والبيئة المحيطة به.

ورغم ما قد يبدو من تحدّيات، إلّا أنّ العودة إلى الطبيعة لا تتطلب إمكانيات ضخمة أو استثنائية. يكفي تنظيم نزهة أسبوعية إلى حديقة قريبة، أو مشاركة الطفل في زراعة نبتة بسيطة مثل الحبق أو النعناع على شرفة المنزل؛ والاحتفال بإنجازاته الصغيرة باستخدام بعضٍ مما زرعه والثّناء عليه وتشجيعه. كما يمكن تخصيص "ركن أخضر" في المنزل حيث يتابع الطفل نمو النباتات ويتعلم الصبر والرعاية.

تلعب القدوة دورًا جوهريًا في تشكيل علاقة الطفل بكل ما حوله. الطفل الّذي يرى والديه يهتمّان بالبيئة سيتبنّى هذا السلوك بالفطرة وسيتعلّم أن الأرض كائن حيّ يمنحنا الحياة.

توصي منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" أيضًا بإدخال أنشطة الزراعة البسيطة ضمن الحياة اليومية للأطفال، لترسيخ مفاهيم الاستدامة والمسؤولية البيئية.

إنَّ إعادة الطفل إلى الطبيعة أصبحت مسؤولية حقيقية تقع على عاتق الأسرة والمدرسة والمجتمع بأسره؛ فلنعمل على أن تبقى الطبيعة جزءًا حيًّا في حياة أطفالنا، لا مجرّد صورة رقمية تمرّ عبر الشاشات.

***********

المصادر:

تقرير المجلس العربي للطفولة والتنمية 2020

منظمة الصحة العالمية (WHO)

مراجعة علمية بمجلة علم النفس الأمامي 2019  (Frontiers in Psychology)

دراسة جامعة كولومبيا البريطانية.

مبادرة المدارس الخضراء، وزارة التربية والتعليم في سلطنة عُمان.

منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).

** كاتبة سورية

مقالات مشابهة

  • سامح حسين يعلق على قضية الطفل ياسين
  • حمية غذائية تحسن جودة النوم وتدعم الاسترخاء في الليل.. تعرف عليها
  • “الأعلى للإعلام” يهيب بالصحف الالتزام بكود أخلاقيات نشر أخبار الجرائم خلال تغطية قضايا الأطفال
  • الأعلى للإعلام يضع ضوابط لتغطية قضايا الأطفال
  • ماذا يحدث لجسم طفلك عند تناول التفاح؟
  • حقيقة أم أسطورة.. هل يترك طعام الوحم أثرا على جسم الطفل؟
  • متخصصون في أدب الطفل: الخيال قوة سحرية تعزز قدرات الأطفال وتثري قصصهم
  • رغم التزامك بالجرعة.. لماذا يعاني طفلك من نقص فيتامين د؟ أسباب خفية تدهشك
  • كيف نُعيد الطفل إلى الطبيعة؟
  • طفلك يفهم كلمات لم يسبق أن رآها!.. هذا ما يحدث في عقل الرضيع عند سماع كلمة جديدة