"البسيج" يرصد معلومات أمنية عن وجود منطقة جبلية نواحي الرشيدية يشتبه في تسخيرها قاعدة خلفية للدعم اللوجيستيكي بالأسلحة لخلية الساحل
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
مكنت الأبحاث والتحريات التي يباشرها المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في إطار البحث الجاري على خلفية تفكيك خلية إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش بمنطقة الساحل، من رصد معلومات ميدانية معززة بمعطيات تقنية حول وجود منطقة جبلية، يشتبه في تسخيرها كقاعدة خلفية للدعم اللوجيستيكي بالأسلحة والذخيرة الموجهة لأعضاء هذه الخلية من أجل تنفيذ مخططاتها الإرهابية.
وكشف بلاغ لقطب المديرية العامة للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، أن الخبرة التقنية وعملية تحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية المنجزة باستخدام الإحداثيات والمعطيات الجغرافية المحجوزة في إطار البحث أسفرتا عن تحديد المنطقة المشكوك فيها بإقليم الرشيدية، وتحديدا بالضفة الشرقية « لواد گير » بـ « تل مزيل »، جماعة وقيادة « واد النعام » بمنطقة بودنيب على الحدود الشرقية للمملكة.
وأضاف أن المعاينات الميدانية وعمليات المسح الجغرافي أوضحت أن المنطقة المشكوك فيها توجد عند سفح مرتفع صخري، موسوم بوعورة المسالك غير المعبدة، وهو ما استدعى تسخير وانتداب معدات لوجيستيكية لتيسير الولوج إلى مكان التدخل بغرض القيام بإجراءات التفتيش الضرورية والأبحاث التمهيدية اللازمة.
وإعمالا لبروتوكول الأمن والسلامة الخاص بالتهديدات الإرهابية، خصوصا في الأماكن التي يشتبه في احتوائها على أسلحة ومواد متفجرة، فقد استعان المكتب المركزي للأبحاث القضائية بدوريات للكلاب المدربة للشرطة، المتخصصة في الكشف عن المتفجرات، وآليات للكشف عن المعادن، وجهاز لرصد وتحديد طبيعة المواد المشبوهة، وروبوتات تقنية لرصد الأجسام الناسفة، فضلا عن جهاز للمسح بالأشعة السينية.
وقد مكنت عمليات التفتيش والتمشيط، التي استغرقت أكثر من ثلاث ساعات تقريبا، من العثور على شحنة من الأسلحة والذخيرة النارية مدفونة في مكان منزو أسفل المرتفع الصخري، كانت ملفوفة في أكياس بلاستيكية وجرائد ورقية منشورة بدولة مالي، من بينها أسبوعيات ورقية صادرة بتاريخ 27 يناير 2025.
وتتمثل الأسلحة النارية المحجوزة، في إطار هذه العملية، في سلاحي كلاشينكوف مع خزانين للذخيرة، وبندقيتين ناريتين، وعشرة مسدسات نارية فردية من مختلف الأنواع، وكمية كبيرة من الخراطيش والطلقات النارية من عيارات مختلفة.
وقد تم وضع مختلف الأسلحة والذخيرة المحجوزة في أختام للحجز، وجردها بشكل مفصل، من أجل إحالتها على المختبر الوطني للشرطة العلمية بغرض إخضاعها للخبرات الباليستيكية والتقنية اللازمة.
وتشير التحريات المنجزة إلى غاية هذه المرحلة من البحث إلى أن الأسلحة والمعدات المحجوزة تم توفيرها وإرسالها من طرف قيادي تنظيم « داعش » بمنطقة الساحل، المسؤول عن العلاقات الخارجية، وذلك عبر مسالك وقنوات تهريب غير شرعية.
وبعد تأمين تهريب الأسلحة والذخيرة وضمان إخفائها بهذه القاعدة الخلفية للدعم اللوجيستيكي، قام قيادي تنظيم « داعش » بإرسال إحداثيات المكان لفريق « المنسقين » ضمن الخلية الإرهابية التي تم تفكيكها أمس الأربعاء، وذلك من أجل الانتقال لاستلامها والشروع في استخدامها في تنفيذ المشاريع الإرهابية.
وأشار البلاغ إلى أنه بموازاة مع هذه العمليات الميدانية، لا زالت الأبحاث والتحريات التي يجريها المكتب المركزي للأبحاث القضائية متواصلة تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع امتدادات هذه الخلية الإرهابية، ورصد ارتباطاتها الكاملة بالفرع الإفريقي لتنظيم « داعش » بمنطقة الساحل.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الأسلحة والذخیرة
إقرأ أيضاً:
للدعم وجه آخر
لا يُنكر عاقل أن للدعم وجهاً آخر قد يتحول من أداة حماية اجتماعية إلى عبء اقتصادي إذا أُسيء تطبيقه، لكن الفرق بين “الغباء الاقتصادي” و”الحكمة الاجتماعية” يكمن في كيفية إدارة هذا الدعم،
يعتقد البعض أن الدعم على بعض السلع هو خسارة اقتصادية، متناسيا أن كبار الدول مثل بريطانيا تدعم الصحة مثلا بقاربة 188.5 مليار باوند سنويا، وأن بعض الدول تخسر لشراء السلم المجتمعي، فليس كل خسارة هي خسارة بل أن الاقتصاد ليس أرقام فقط بل أحيانا تخسر الدولة من أجل كرامة المواطن صاحب المال.
فالاقتصاد الجزئي الذي يُنبى على الربح يختلف عن الاقتصاد الكلي للدولة، كما أن الفلسفة التي تدعو لخلق طبقتين هما عمال ورأس مال لخلق دولة صراع ديمقراطي مازلنا بعيدين عنها.
اليوم الدعم متواجد في مختلف الهويات الاقتصادية وهذه نماذج لبعض الدول التي لديها دعم: فبريطانيا ليس وحدها من الدول الكبرى التي تلجأ للدعم بل فنلندا والسويد والنرويج تدعم التعليم والصحة فهي مجانية، وكندا تدعم التعليم العالي بمنح كبيرة وفرنسا تدعم التأمين الصحي الإلزامي والإمارات والجزائر تدعم المشروعات الصغرى والمتوسطة والبرازيل تدعم الفقراء للارتقاء بحياة كريمة.
إن الجدل حول الدعم هو في الحقيقة جدل حول أولويات الحكومات ورؤيتها للمواطن.
فالدولة التي ترى شعبها مجرد أرقام في جداول الميزانيات ستسارع إلى قطع الدعم باسم “الترشيد المالي”، أما الدولة التي تعتبر الإنسان ركيزة التنفس فستسعى إلى عدم المساس بالدعم.
القضية ليست “دعم أم لا دعم”، بل “كيف نُحسن الدعم” لنصنع اقتصاداً يُحقق التوازن بين العقل والقلب.
الأهم من ذلك، أن الدعم يجب أن يكون جسراً للإصلاح، لا بديلاً عنه، وقبل كل هذا يبقى السؤال الأهم هو كيف نوزع الثروة على الناس حتى لا يضطرون للدعم.
لم يعد السؤال “هل نلغي الدعم؟”، بل “كيف نعيد اختراعه؟”، فالدعم في القرن الحادي والعشرين يجب أن يكون نظاماً ذكياً مرتبطا بالتنمية.
وفي خضم الجدل حول الدعم الحكومي للسلع الأساسية، يغفل الكثيرون عن الحكمة العميقة الكامنة وراء هذه السياسات، فالدعم ليس مجرد إنفاق عشوائي يُثقل كاهل الموازنة العامة، بل هو استثمار حقيقي في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، عندما تتدخل الدولة لضمان أسعار معقولة للخبز أو الوقود أو الكهرباء، فإنها لا تحمي فقط الفئات الهشة من الغلاء، بل تحافظ أيضًا على تماسك المجتمع وتجنبه موجات الغضب والاضطرابات التي قد تكبد الاقتصاد خسائر أكبر بكثير من تكلفة الدعم نفسه.
خذ على سبيل المثال الدول الأوروبية التي تقدم دعماً سخياً لقطاعات مثل الصحة والتعليم، رغم تصنيفها كاقتصادات ليبرالية. وكما ذكرت بريطانيا، التي تمثل أحد أعمدة الرأسمالية العالمية، تقدم العلاج المجاني عبر “خدمة الصحة الوطنية” (NHS) لأنها تدرك أن المواطن السليم هو أساس الإنتاجية والابتكار، فهل يُعتبر هذا الدعم “هدراً” للموارد أم ضماناً لرأس المال البشري الذي تقوم عليه الثروة الحقيقية للأمم؟.
الأمر ذاته ينطبق على “الخسارة المدروسة” التي تتحملها بعض الحكومات لشراء السلم المجتمعي. ففي دول تعاني من تفاوتات طبقية حادة أو تهديدات أمنية، يصبح الدعم درعاً واقياً ضد الانفجار الاجتماعي، التاريخ يخبرنا أن ثورات الجياع كانت دائماً أكثر كلفة من سياسات الدعم، وأن الأرقام الجافة في الموازنات لا تقيس قيمة الأمن أو العدالة التي توفرها هذه البرامج.
ختاماً، فإن الحديث عن المساس بالدعم في ظل غياب الدولة مثل ليبيا يعتبر نوعا من “الغباء الاقتصادي” أو ما يمكن ان نطلق عليه (الغباء المدعوم)، ورفع الدعم أو استبداله في هذه الظروف تبسيط يفتقر إلى الرؤية الشمولية في ظل دولة لا تملك مواصلات عامة ولا طيران اقتصادي ولا سكك حديد.
كما أن تحويل الدعم إلى نقد سيزيد من حجم التضخم فكل شيء مرتبط بالوقود من الخبز إلى نقل الدواء إلى تذاكر السفر، كما أن الحكومة غير قادرة على توفير المرتبات في موعدها فلا بالك بإضافة الدعم، والمواطن لم يعد يثق في الحكومة التي وعدته بدفع نقدا للدعم على المواد الغذائية ولم يرى ذلك نهائيا.
الحل في جودة العملية الظبطية لأن مهما رفعنا السعر سيظل يهرب الوقود، فمثلا في السودان سعر اللتر يصل إلى 6 دينار ليبي مهما رفعت الدعم ستظل هنالك فرصة للتهريب.
أخيرا نقول إن الاقتصاد الناجح ليس ذلك الذي يحقق فائضاً مالياً على الورق فقط، بل الذي يضمن حياة كريمة لمواطنيه ويبني مجتمعاً متوازناً قادراً على النمو المستدام. لذلك، قبل إطلاق الأحكام، علينا أن نسأل: هل نريد اقتصاداً يخدم البشر، أم بشراً يُضحَّى بهم في سبيل اقتصاد وهمي؟.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.