تراجي امرأة مختلة وفاقدة للبوصلة
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
تراجي امرأة مختلة وفاقدة للبوصلة، وتمثِّل خلاصة ما يمكن للعَتَه أن يفعله بعقل الشخص. إن كانت معجبة جدًا بأشاوسها، فلتذهب إليهم بعد انتهائهم من معركة، بعد أن يفرغوا من نهب وسلب وتكسير وتدمير بيوت الناس، فلتذهب إليهم وتهبهم نفسها إن شاءت كغنيمةٍ إضافيَّة لغزوهم وفتحهم، فربما يعيدون بعض الحياة إلى بوارها.
تراجي مهزلةٌ مستمرة مع كل فصول المشهد السِّياسي السوداني وتقلباته المجنونة. هي نجمة مسرح هذا العبث في أبهى تجلياته.
هنيئًا لكِ بالأشاوس/أشاوسكِ، واتركي نساء السودان وفتياته المغتصبات يتعافين بمعزلٍ عن رشق سمومك. أجسادهن ليست لكِ لتستبيحيها بتمجيدك للمغتصبين.
أنتِ لا تمثلين إلا نفسك البارعة جدًا في القفز بين السّروج.
Rania Mamoun
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
إعادة إنتاج شباب امرأة.. مسلسل ولد ميتا
لم يكن الجدل الذي أثاره مسلسل "شباب امرأة" مفاجئًا، إذ خاض فريق العمل، من المخرج أحمد حسن، إلى الأبطال غادة عبد الرازق، يوسف عمر، بسنت شوقي، ومحمد محمود، مغامرة محفوفة بالمقارنات مع صُنّاع أحد أبرز كلاسيكيات السينما المصرية، من الكاتب أمين يوسف غراب والمخرج صلاح أبو سيف، إلى النجوم شادية، شكري سرحان، وعبد الوارث عسر.
ورغم محاولات الكاتب محمد سليمان عبد المالك لإضفاء بعض التعديلات على القصة الأصلية، فإنها بدت أقرب إلى تمرينات "جري في المكان"، لم تُحرّك النص دراميًا للأمام، بل أضافت أزمة سردية إلى مشكلات التمثيل والإخراج، مما جعل المسلسل نسخة باهتة من عمل سينمائي لا يزال نابضًا بالحياة بعد أكثر من نصف قرن على إنتاجه.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2المخرج ربيع التكالي: مسلسل "رافل" ملحمة بصرية تحكي وجع تونسlist 2 of 2"ليالي روكسي".. مسلسل شامي بنكهة تنويريةend of listوبرز أداء غادة عبد الرازق بشكل لافت في قدرتها المذهلة على تقليد الراحلة تحية كاريوكا؛ لم تكتف بتقليد صوتها وأسلوب حديثها، بل أعادت تقديم حركات يديها وتعابير وجهها ونظراتها بدقة شديدة، إلى درجة أن "غادة الممثلة" اختفت تمامًا خلف الشخصية، في محاكاة تجاوزت الأداء التمثيلي إلى الاستنساخ.
حكاية شفاعاتتدور أحداث مسلسل "شباب امرأة"، الذي عُرض في النصف الثاني من رمضان، حول "شفاعات"، التاجرة الأرملة (غادة عبد الرازق)، التي تحاول إغواء الشاب الريفي الساذج "إمام" (يوسف عمر) بعد وصوله حديثًا إلى القاهرة، مستغلة فارق السن بينهما. غير أن الأمور تتعقّد عندما يقع إمام في حب فتاة شابة تدعى "سلوى" (بسنت شوقي)، ما يثير غيرة شفاعات ويدفعها للتخطيط للانتقام.
إعلانورغم محاولة كاتب العمل نقل القصة إلى سياق عام 2025، فإن الأسئلة الحقيقية لم تُطرح: هل لا تزال هذه النماذج والشخصيات موجودة في المجتمع؟ وهل القصة قابلة للتكرار في زمن تغيّرت فيه طبيعة العلاقات الاجتماعية واختفى فيه الفارق بين الريف والمدينة؟
الحكاية، التي كتبها أمين يوسف غراب وأخرجها صلاح أبو سيف قبل أكثر من نصف قرن، كانت جزءًا من سياق اجتماعي محدد، لم يعد قائمًا اليوم. لذا، يبدو أن إعادة تقديمها الآن لا تخدم سوى أهداف تسويقية، أو أمنية البطلة ارتداء عباءة تحية كاريوكا.
التقليد والتمثيليُعلن مخرج "شباب امرأة" منذ المشهد الأول عن نقله القصة من عام 1956 إلى عام 2025، بأسلوب أقرب إلى الشرح المدرسي، من خلال حوار مفتعل بين شخصيتي عمرو وهبة، ممثلًا لجيل الشباب، ومحمد محمود (حسبو)، ممثلًا لجيل الماضي. يشير وهبة إلى مظاهر العصر الحديث كالمحمول والدردشة الإلكترونية، فيرد عليه حسبو بنقد ساخر، وكأن المخرج يُملي على المشاهد التحديث الزمني بدل أن يدمجه بسلاسة في السرد.
في المشهد التالي، يحدد العمل عمر "شفاعات" عبر لقطة رمزية لقص شعرة بيضاء من رأسها، ثم ينتقل فجأة إلى مشهد يبدو خارج الإيقاع، حيث تظهر شفاعات (غادة عبد الرازق) في أداء مبالغ بتقليد انفعالات تحية كاريوكا، وهي تصرخ وتهين من حولها، ليُفهم المشاهد أن الثراء والسلطة التي تملكها مصدرها زوجها الراحل صاحب سلسلة المتاجر.
ثم تنتقل الكاميرا إلى قرية "إمام البلتاجي" (يوسف عمر)، حيث تبدو البيئة ريفية بالكامل، باستثناء "إمام" نفسه، الذي يظهر بأداء شاعري وملابس لا تمت للريف بصلة، بل توحي بأنه وافد من أحد أحياء القاهرة الراقية، لا من قلب الريف.
المشاهد الثلاثة الماضية وضعت المفارقة أمام عين المشاهد من اللحظات الأولى للعمل، إذ انتزعت الشخصيات من سياقها الاجتماعي والزمني، ليتم زرعها في اللحظة الحالية، فبدت غريبة في سياق أغرب، وصنعت حاجزا بين المشاهد والعمل.
إعلانجاء أداء غادة عبد الرازق، الذي اعتمد على تقليد أسلوب تحية كاريوكا في الحوار والحركة والملابس، ليُحاكي الأصل أكثر مما يقدّم رؤية جديدة، فيما سعت بسنت شوقي بدورها إلى استحضار روح شادية، لكن محاولاتهما معًا خلقت مسافة بين العمل ووجدان المشاهد، الذي كان يأمل في إضافات درامية جديدة وشخصيات مبتكرة تُبرر إعادة تقديم القصة.
أما الشخصيات المُضافة بحجة معاصرة الحكاية، فقد جاءت خاوية من المعنى، إذ اقتصرت على قصص حب وزواج وانتقام تدور حول الغيرة أو صراع الميراث، دون عمق أو معالجة درامية مميزة، ما أبقى المسلسل حبيس عباءة الفيلم الأصلي.
رغم ذلك، برز في العمل أداء لافت لكل من عمرو وهبة في دور "سيد" ومحمود حافظ في دور "حامد". إذ تميز وهبة بعفوية محببة وخفة ظل، رغم محدودية مساحته الدرامية، ليصبح أحد الإشراقات القليلة في العمل.
أما محمود حافظ، فواصل تأكيد موهبته التي سبق أن برزت في "عمر أفندي"، من خلال دور "حامد" الذي يسعى للانتقام من شفاعات لاستيلائها على ميراثه. أداؤه جاء واثقًا ومتماسكًا، ويؤهله لمزيد من الأدوار المؤثرة في الفترة المقبلة
ديكور في عالم آخريلخص مسلسل "شباب امرأة" تناقضا غريبا بين رؤيتين، فبينما يؤكد الحوار منذ البداية على انتماء القصة والأحداث للحظة الحالية، ينتمي الديكور داخل منازل "شفاعات" و"المعلم مدبولي" الذي جسد دوره الممثل طارق النهري لرواية أمين يوسف غراب، كما حملت الحارة الشعبية التي صور فيها العمل ملامح حارة قديمة إلى حد كبير.
وقف المسلسل حائرًا بين تحية كاريوكا وغادة عبد الرازق، وتاهت الأحداث بين زمنين أحدهما يظهر في الصورة وتراه العين والآخر يسمع في الحوار وتسمعه الأذن، فكأنه خضع لرؤيتين، إحداهما للمخرج والأخرى للمؤلف، وهو ما جعل مشاهدته مهمة شديدة الصعوبة، لكنه أيضا درس مهم لمن يتصدى لإحياء عمل كلاسيكي ناجح، ليتعلم من أخطاء صناع "شباب امرأة" بدلا من أن يعيد العمل الجديد قتل شفاعات مرة أخرى.
إعلان