فى زاوية صغيرة من أحد أحياء غزة، تقف خيمة متهالكة شاهدة على قصة صمود امرأة تواجه ما يفوق طاقة البشر، تحت سقفها البسيط تعيش زينب جمال خليل طلبة، تحارب السرطان بكل ما أوتيت من قوة، وسط واقع لا يرحم فى غزة، التى أرهقها الحصار وقسوة الحروب المتكرّرة، وأصبحت ليست مجرد مدينة تعيش صراعاً سياسياً، بل هى موطن لقصص إنسانية تقطر وجعاً وإصراراً.

«زينب»، واحدة من تلك الحكايات المؤلمة والمُلهمة، تختصر فى تفاصيلها مرارة الألم وعظمة الصمود، لتُثبت أن الإرادة قادرة على تحدى المستحيل حتى فى أحلك الظروف.

«كان العلاج متوافراً، لكن بصعوبة شديدة»، بهذه الكلمات بدأت «زينب» تروى رحلتها مع المرض، لم تكن معركتها فقط مع السرطان الذى أنهك جسدها، بل أيضاً مع واقع يفرض نقصاً حاداً فى الموارد الطبية والغذائية، وتقول بحسرة لـ«الوطن» «كنت أعانى من نزول المناعة، لأن احتياجاتى الأساسية من الغذاء لم تكن متوافرة، وجسدى كان أضعف من أن يتحمّل العلاج الكيماوى أو أى مضاعفات».

لكن ما زاد الأمر سوءاً، كما تروى، هو تلك اللحظات القاسية التى شعرت فيها بأن الموت يقترب منها، وبنبرة يملؤها الألم تقول: «أُصبت بضيق تنفس واختناق بسبب الورم الذى يضغط على الغدة الدرقية، حتى إننى أصبحت عاجزة تماماً عن الخروج من المنزل أو حتى طلب المساعدة، لأن جنود الاحتلال كانوا يحاصرون المنزل من كل جانب». وتتابع حديثها بمرارة وهى تستعيد تلك اللحظات العصيبة: «كانت تلك الفترة هى الأصعب فى حياتى، شعرت بالعجز والخوف يتسربان إلى أعماقى، كنت وحيدة وسط حصار لا يرحم، يمنع عنى حتى أبسط حقوقى فى العلاج، كل دقيقة مرت كانت كأنها دهر من الألم والتوتر.

ورغم كل ما مرت به من ألم ومعاناة، لم تفقد «زينب» الأمل، فهى مثل كثير من الغزاويين الذين يُبهرون العالم بصمودهم وإصرارهم على الحياة، بعد صراع طويل مع المرض والحصار، تمكنت من الحصول على العلاج الهرمونى عبر مؤسسة الإغاثة الطبية فى غزة، كان ذلك بمثابة شعاع صغير من الضوء وسط الظلام الحالك، لكنها كانت تدرك فى أعماقها أن هذا العلاج ليس كافياً للتغلب على المرض.

وتصف «زينب» الواقع باختصار: «إنه عبارة عن ألم وصبر، حيث يتحول الحصول على أبسط حقوقهم كالعلاج إلى معركة شاقة تبدو مستحيلة فى كثير من الأحيان، ولكن فى الوقت الحالى باتت المساعدات والأدوية معهم بالفعل، مما سيُسهم فى مساعدة المرضى وتخفيف آلامهم».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أهالى غزة السرطان توفير الأدوية اللازمة

إقرأ أيضاً:

الدكتورة هيفاء يونس تروي قصة تحولها من الطب إلى الدعوة

وخلال حلقة 2025/3/24 من بودكاست "ملهمات"، قالت هيفاء -وهي عراقية أميركية- إن إحدى المعلمات غرست فيها حب الدين منذ المرحلة الإعدادية، لكنها لم تهتم جديا بأمر الدين إلا بعد انتهاء دراستها.

ولاحظت الداعية الإسلامية أن الدين يظهر في الشدائد، وقالت إنها بدأت بحفظ القرآن وهي في مرحلة التدريب المهني عندما توفيت صديقتها وهي في العقد الثالث من عمرها، لأن هذا الأمر لفت انتباهها إلى أن الله لم يقبض روحها بعد كما قبض روح غيرها.

ومع التفاتها للقرآن، بدأت الطبيبة تنتبه إلى بعض الكلمات وترتيبها في القرآن الكريم، وشعرت بأن الله يدفعها نحو التعمق في الدين، وهو ما بدأته بعد حصولها على البورد الأميركي في الطب.

وبدأت هيفاء دراسة الشريعة الإسلامية في الجامعة الأميركية المفتوحة بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، وكان التعليم عن طريق الهاتف. وقد واصلت التعمق في التعليم حتى رزقها الله أداء فريضة الحج.

بداية هيفاء مع الدعوة

وبعد هذه الفريضة، شعرت هيفاء بأن شيئا لا تعرفه قد تغير فيها، رغم أنها كانت منتظمة في عملها كطبيبة، وكان الأميركيون في ذلك الوقت لا يعرفون شيئا عن الإسلام، كما تقول.

ومن هنا، بدأت الداعية الإسلامية الحديث للناس عن الإسلام وتعريفهم به، وذلك مع مواصلتها التعليم الشرعي حتى قررت دراسة الشريعة بشكل جاد في المملكة العربية السعودية عام 2006.

إعلان

ورغم أنها ذهبت إلى المملكة بعرض عمل، فإنها كانت عازمة على تعلم الشريعة الإسلامية لأنها لم تكن بحاجة لعمل خارج الولايات المتحدة، وهي تقول إن دراسة الإسلام كانت أهم لديها من دراسة الطب.

وتلقت هيفاء تعليمها الشرعي في جامعة أم القرى بمدينة جدة، وقد لمست دعم الله لها بأن كان المستشفى الذي تعمل به مجاورا للمعهد الذي تدرس فيه مما سهل عليها كثيرا، كما تقول.

وقضت في هذه المرحلة عامين، وحضرت الكثير من الدورات والتقت كثيرا من العلماء، وهي تقول إن الاحتكاك بالعلماء مهم جدا في تلقي العلم والتعمق بالدين.

وترى هيفاء أن تلقيها العلم الشرعي على يد سيدات في المملكة كان له دور مهم في حياتها، لأنه ساعدها -كما تقول- على التعمق في كثير من أمور الدين المتعلقة بالنساء، مشيرة إلى أن مهنة الطب أيضا ساعدتها كثيرا في علمها الشرعي.

ورغم حالة المادية المسيطرة على العالم، فإن هيفاء تقول إن الناس متعطشة للدين لأنهم يبحثون عن شيء يمنحهم الراحة والسكينة في عالم لا يعرف الراحة، وهو أمر لمسته في دول غير مسلمة مثل هونغ كونغ.

ومن بين الأمور المهمة في الدعوة -برأي الطبيبة- أن يلامس كلام الداعية قلوب الناس لا أسماعهم فقط، وهي ترى أن على الداعية والإنسان عموما أن يجعل القرآن منهج حياة لا مجرد كلام يردده.

البساطة والصدق

وبعد تجربتها في الدعوة إلى الله، ترى الداعية أن تبسيط الدين وصدق الداعية واتساقه مع ما يقول في حياته تعتبر أمورا حاسمة في تحقيق المراد من الدعوة.

وفي حين تمنح الأسرة والأولاد والوظيفة والنجاح للإنسان كثيرا من الراحة، فإن البعد عن الدين سيشعره دائما بأن هناك شيئا ناقصا في حياته، برأي هيفاء التي تقول إن هذا الشيء لن يجده المرء إلا في دين الله.

لذلك، تقول الطبيبة إن كثيرين من الداخلين في الإسلام بالولايات المتحدة يقولون إنهم وجدوا فيه شيئا لا يعرفونه لكنهم لطالما كانوا يبحثون عنه، مضيفة أن قوة المرأة التي يتحدثون عنها غير موجودة إلا في الإسلام وكذا الطمأنينة.

إعلان

ولا ترى الطبيبة في العيش مع الله تشددا أو تشدقا، ولكنها تعتقد أن على الإنسان جعل حياته مزرعة لآخرته وليست هدفا، والتعامل مع كل يوم على أنه آخر أيام حياته.

ووفقا لهيفاء، فإن الله لم يمدح الدنيا أبدا في القرآن لكنه مدح الآخرة ووصفها بالخيرية، واستدلت على ذلك بأن المرء لو علم أنه سيموت في وقت محدد فلن يتمسك بشيء من الدنيا وإنما سيبحث عن الله.

البحث عن رضى الله

وتعتقد الداعية الإسلامية أن على المرأة المسلمة أن تكون قدوة لمجتمعها وأولادها لأنها لا تقل مكانة عن الرجل، وقالت إن البحث عن رضى الله تعالى سيجعلها تقوم بهذا الدور حتى لو من دون قصد منها.

وفي وصفها للقدوة، قالت الداعية إنها المرأة التي تعمل العمل الصحيح الذي يرضي ربها بغض النظر عن رضا الناس أو حظها من الدنيا، وأن تلتزم بهذه القاعدة، وترضى بحظها من الدنيا، حتى لو لم تكن مشهورة ولا معروفة، لأن الشهرة والظهور قدر من الله تعالى ولا يجب على الإنسان السعي له أو العمل من أجله.

واستدلت الداعية على ذلك بأم الإمام أحمد وأم الإمام البخاري وأم الإمام الشافعي، وقالت إنهن جميعا يذكرن في الكتب بهذا الوصف وقلة من تعرف أسماؤهن.

وخلصت الداعية الإسلامية إلى أن على المرأة -والمسلم عموما- وضع مرضاة الله نصب عينيه في كل عمل يعمله وألا ينساق وراء إرضاء الناس، محذرة من أن من سن سنة حسنة سيكون له أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة سيكون له وزرها ووزر من عمل بها.

24/3/2025

مقالات مشابهة

  • الدكتور الدبل: في ظل النقص الحاد للأدوية السرطانية، فإن آلاف المرضى ‏في سوريا عرضة لفقدان الفرصة في العلاج المناسب والفعال، ما يزيد من ‏نسبة الوفيات ويعمق معاناة الأسر التي تعاني بالفعل من الأعباء النفسية ‏والمالية الناتجة عن هذا المرض
  • شريف مدكور لـ«كلم ربنا»: رحلتي مع السرطان كانت إشارة من الله.. ومحبة الناس أكبر دعم
  • الرجال الذين يغفلون إجراء فحص البروستاتا تتزايد احتمالات وفاتهم بالسرطان
  • دراسة جديدة تكشف وهمًا غير مألوف قد يساعد في تخفيف الألم
  • آية سماحة: تعرضت للتحرش وأمي دايما كانت في ضهري
  • الزوي: لجنة علمية للتحقيق في انتشار السرطان شرقًا وخطة لتوفير العلاج
  • الدكتورة هيفاء يونس تروي قصة تحولها من الطب إلى الدعوة
  • آية سماحة: تعرضت للتحرش في طفولتي وأمي كانت في ضهري
  • اليوم العالمي للدرن.. ما وضع المرض في مصر وماذا قدمت الصحة؟
  • من الصداع إلى جلسات العلاج الكيماوي.. وزير التموين السابق يكشف رحلته مع السرطان -(صور)