بعد فرضه الرسوم.. هل يتودد «ترمب» لـ«الصين»؟
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
بعد أن فرض اعتبارا من مطلع فبراير الجاري رسوما جمركية إضافية بنسبة 10% على كلّ واردات بلاده من البضائع الصينية، اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنّه من “الممكن” التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين.
وبحسب وكالة “فرانس برس”، قال ترامب: “أبرمت في 2020 اتفاقية تجارية عظيمة مع الصين، وأنّ التوصّل إلى معاهدة جديدة اليوم أمر “ممكن”.
وكانت الصين “ردت على فرض الرسوم الجمركية عليها بالمثل، وقدمت شكوى لمنظمة التجارة العالمية ضد واشنطن، واتهمت بكين واشنطن بالتسبب في “صدمات عبر فرض رسوم جمركية” من شأنها أن تقلب نظام التجارة العالمية”.
وقال مبعوث الصين لدى منظمة التجارة العالمية لي تشنغجانغ: “هذه الصدمات الجمركية تزيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي، وتعطل التجارة العالمية، وتثير مخاطر ارتفاع التضخم المحلي، وتشوهات السوق، أو حتى الركود العالمي”، وأضاف “الأسوأ من ذلك، أن التصرفات الأحادية الأميركية تهدد بقلب نظام التجارة متعدد الأطراف القائم على القواعد”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الرئيس الصيني شي جين بينغ الصين وأمريكا دونالد ترامب فرض رسوم جمركية التجارة العالمیة
إقرأ أيضاً:
خبير أمريكي: هوس ترامب بالرسوم الجمركية خيار خاسر للجميع
في مقال نُشر اليوم الإثنين في صحيفة "الغارديان" البريطانية، يُقدّم الصحفي الأمريكي ستيفن غرينهاوس تحليلاً مفصلاً لسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية، موضحًا أن هذه السياسات لا تعدو كونها "استراتيجية خاسرة للجميع". يعتبر غرينهاوس أن ترامب، الذي يصف الرسوم الجمركية بأنها "أعظم اختراع على الإطلاق"، يبدو وكأنه يتخذ قراراته التجارية بناءً على أهوائه الشخصية، وليس استراتيجيات مدروسة بعناية.
1 ـ تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي:
غرينهاوس يشير إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، والتي تشمل منتجات متنوعة من الصين إلى الاتحاد الأوروبي وكندا، ليست متسقة أو محددة بل فوضوية ومتقلبة. ففي بعض الأحيان يتم فرض الرسوم، ثم تُعلق، ثم تُفرض مجددًا، مما يخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق. وهذه الفوضى التجارية، بحسب غرينهاوس، تُلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي بشكل عام.
2 ـ الرسوم الجمركية وتأثيرها على الطبقات الأقل دخلاً:
أحد أكبر الآثار السلبية التي يسلط غرينهاوس الضوء عليها هو التأثير المباشر للرسوم الجمركية على الأسر الأمريكية الأقل ثراءً. فمع ارتفاع الأسعار نتيجة فرض الرسوم، تُعاني هذه الأسر بشكل أكبر، حيث أنها تنفق جزءًا أكبر من دخلها على السلع المستوردة مثل الملابس والمنتجات الإلكترونية. بينما كان ترامب قد وعد في حملته الانتخابية بخفض الأسعار، فإن الرسوم الجمركية تتسبب في عكس ذلك تمامًا، مما يؤدي إلى زيادة تكلفة المعيشة.
3 ـ التأثير على صناعة التصنيع الأمريكية:
فيما يتعلق بالصناعة الأمريكية، يرى غرينهاوس أن ترامب يروج لفرض الرسوم الجمركية باعتبارها طريقة لإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، لكنه يتجاهل حقيقة أن استقرار الاقتصاد والسياسة هو ما يشجع الشركات على الاستثمار في بناء مصانع جديدة. بدلاً من ذلك، فإن القرارات التجارية غير المتوقعة والمتقلبة تُثير خوف الشركات الأمريكية من ضخ استثمارات ضخمة في مشروعات طويلة الأمد. كما أن ترامب يُهدد بالتصعيد ضد الصناعات المستقبلية مثل صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، الأمر الذي يعرقل انتقال الاقتصاد الأمريكي نحو المستقبل الصناعي.
4 ـ التأثير على النمو الاقتصادي:
يُؤكد غرينهاوس أن الرسوم الجمركية تُقوض النمو الاقتصادي الأمريكي بشكل كبير. يشير إلى أن الرسوم تعطل سلاسل التوريد، مما يؤدي إلى تعطيل الإنتاج في المصانع وتراجع الاستثمارات في المعدات الجديدة. هذه العوامل تضعف الاقتصاد بشكل عام. كما أن المخاوف من ارتفاع الأسعار بفعل الرسوم الجمركية أدت إلى تراجع ثقة المستهلكين، مما قد يُسهم في انخفاض الإنفاق الاستهلاكي، وهو المحرك الرئيسي للاقتصاد الأمريكي.
5 ـ الخسائر الناتجة عن الرسوم الجمركية:
غرينهاوس يعرض تفاصيل دقيقة حول خسائر الرسوم الجمركية. فقد أظهرت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والبنك الدولي وجامعة هارفارد أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لم تؤدِّ إلى زيادة في معدلات التوظيف كما كان يُروج لها، بل تسببت في خلق عدد قليل من الوظائف في بعض القطاعات بينما تسببت في فقدان وظائف أخرى بسبب تعطل سلاسل التوريد. علاوة على ذلك، يرى غرينهاوس أن الأضرار التي سببتها هذه الرسوم تفوق المكاسب المحتملة، مشيرًا إلى أن الرسوم الجمركية قد تسببت في تراجع أسواق الأسهم الأمريكية بمقدار 4 تريليونات دولار.
6 ـ التأثير على العلاقات الدولية وحلفاء أمريكا:
كما يلفت غرينهاوس إلى التأثير السلبي للرسوم الجمركية على العلاقات التجارية الدولية، حيث أضرّت الرسوم بكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، مما زاد من توتر العلاقات مع أقرب حلفاء أمريكا. بالإضافة إلى ذلك، يرى غرينهاوس أن تصعيد ترامب في استخدام الرسوم الجمركية يُعزز من النفور الدولي تجاه الولايات المتحدة، ويُهدد بتدمير التحالفات التي كانت أساسية في الحفاظ على السلام والازدهار بعد الحرب العالمية الثانية.
7 ـ التهديدات المستقبلية للاقتصاد:
في ختام المقال، يستعرض غرينهاوس السيناريوهات المستقبلية المحتملة التي قد تنتج عن استمرار ترامب في فرض رسوم جمركية عشوائية. في حال استمرار هذه السياسات، قد يؤدي ذلك إلى تراجع النمو الاقتصادي الأمريكي بشكل أكبر، كما قد يرفع التضخم بنسب كبيرة، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين الأمريكيين. ويقارن غرينهاوس ذلك بحالة "إلمر فاد"، الشخصية الكرتونية التي كانت تُطلق النار بشكل عشوائي لتصيب نفسها بدلًا من هدفها، مما يراه غرينهاوس تنبؤًا بما قد يحدث في حالة استمرار هذه السياسات الحمائية.
في النهاية، يخلص غرينهاوس إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لن تحقق الأهداف التي روج لها، بل ستسبب ضررًا أكبر للولايات المتحدة والعالم. فقد تسببت هذه السياسات في خسائر مالية هائلة وأضرّت بالعلاقات التجارية الدولية، بينما كان من الممكن اتخاذ إجراءات أكثر استدامة لدعم الاقتصاد الأمريكي دون دفعه إلى الركود.
المصدر: ستيفن غرينهاوس، "الغارديان"، 24 مارس 2025.
https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/mar/24/trumps-tariff-obsession