محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع، ولن يعني ما سيكتب في أوراقها وإعلاناتها أي شيء. سيعتمد الدعم السريع، كما فعل دائمًا، على سلاح مليشياته وأموال الذهب المهرب وأموال المواطنين من الغنائم، وعلى أموال ونفوذ الإمارات، وهي التي ستحدد لحميدتي ووزرائه وللذين اختاروا التحالف معه كل شيء.
ستضاف حكومة الجنجويد إلى مشاريع الإمارات في ليبيا واليمن والصومال، وهي المشاريع الانفصالية والاستقلالية، والتي تسعى عبرها إلى تعزيز مصالحها الاقتصادية من موارد الشعوب المنهوبة، وإلى توسيع نفوذها في المنطقة واستخدامها كأدوات للمساومة على القضايا والملفات الإقليمية، ليصب كل ذلك في اتجاه تموضع تسعى إليه كلاعب سياسي واقتصادي وأمني رئيسي في المنطقة لا يمكن تخطيه من قبل اللاعبين الأساسيين في العالم.
ولكن السودان ليس كغيره، وربما ذلك أمر قد تمت ملاحظته مبكرا منذ بداية الحرب. فلقد خسرت الإمارات بسبب دعمها للجنجويد على مستوى الرأي العام العالمي كما لم يحدث في كل تجاربها السابقة، وستستمر في الخسارة. كما أن الدعم السريع يختلف عن كل المشاريع الأخرى، فهو مليشيا متهمة بأفظع جرائم الحرب، وفي مقدمتها الإبادة الجماعية. جماعة عسكرية أسسها النظام البائد لتحصين نفسه من التمرد والانقلابات وتضخمت تباعا لتصبح شركة أسرية تعمل من أجل المال والسلاح والسلطة بلا أي مشروع. في هذه الحرب ظل الدعم السريع يحاول في كل حين أن يعتنق مشروعًا جديدًا، بدءًا من حرب في سبيل الديمقراطية، إلى حرب ضد ما يسمى بـ “دولة 56” الظالمة، وصولًا إلى حرب ضد قبيلة أو قبيلتين. وكلها محاولات فاشلة لإضفاء شرعية على المشروع الأساسي، وهو دولة عائلة حميدتي المالكة.
لن تسمح الفظائع التي عايشها السودانيين من عنف المليشيا قديمًا، والآن في هذه الحرب التي دخلت كل البيوت بتغيير الرأي العام، الذي انحاز بصورة غير مسبوقة ضد الدعم السريع وفظائعه وانتهاكاته. ولن تؤثر في ذلك محاولات تجميل مصطنعة من مشاريع مستعارة بعضها عظيم كالسودان الجديد للزعيم الراحل جون قرنق، مشاريع قرر قادتها اليوم أن مصالحهم التكتيكية تتقاطع مع بنادق وذهب وأموال الجنجويد والإمارات، ليهزموا أنفسهم لا المشاريع. وستظل دولة المواطنة المتساوية والديمقراطية والسودان الجديد والجيش الواحد القومي البعيد عن الصراع السياسي أهداف نضال الملايين من أبناء وبنات الشعب السوداني عبر السنين، وأهداف الثورة التي خرجت ضد النظام البائد الذي صنع الجنجويد ومكنهم وأرسلهم ليحاربوا خارج البلاد ومكنهم من صنع علاقاتهم الخارجية المستقلة و امبراطوريتهم الاقتصادية.
لن نستطيع بصورة عملية مقاومة الحرب واستمرارها وسيناريوهات تمزيق السودان بدون الحديث بوضوح عن الدول التي تتدخل في الصراع السوداني ومن قبله لعقود عبر استغلال هشاشة الأوضاع الداخلية، من الإمارات ومصر، إيران، تركيا والسعودية وغيرها من الدول التي تدعم الحرب بالسلاح والمال والنفوذ وتتجه بالحرب في السودان إلى حرب كاملة بالوكالة لا يملك السودانيين من العسكريين والمدنيين القرار في استمرارها أو إيقافها. لتستمر أو تتوقف حينها في سبيل أجندات تلك الدول الخاصة التي تسعى لتحقيقها من خلال دماء وأرواح ومقدرات السودانيين.
أخيرا، تمزيق السودان لن يتم عبر سلطة أو حكومة الجنجويد الموازية، بل يمكن أن يحدث فعليا فقط إذا لم تتوقف آلة الكراهية البغيضة التي أشعلتها الحرب والتي تستثمر فيها العديد من الجهات، هذه الكراهية التي تزيد بسببها الشقة الاجتماعية بين مكونات السودان، تلك التي تنفي مواطنة البعض والتي تصنف الناس على أساس مناطقهم، قبائلهم، إثنياتهم وأديانهم لتمنحهم الحقوق أو تنزعها عنهم، والتي تعتبرهم محاربين أو مسالمين إذا كانوا من هذه القبيلة أو تلك والتي تسترخص دماء بعض السودانيين وتجعلها أقل من دماء سودانيين آخرين. وهي عنصرية وكراهية وتعصب ليست وليدة الحرب، ولكنها أشعلتها وزادتها ضراما وهي بدورها تعود لتزيد من اشتعال وتأجيج الحرب. كراهية يتمزق السودان من خلالها كل يوم وبسلطة وحكومة موازية أو بدونها.
محمد ناجي الأصم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن تطهير آخر جيوب مليشيا الدعم السريع في محلية الخرطوم
أعلن الجيش السوداني، الأربعاء، نجاحه في تطهير آخر جيوب مليشيا "الدعم السريع" في محلية الخرطوم، مؤكدًا أن "الحديث عن انسحاب المليشيا بالتفاوض مع الحكومة لا أساس له من الصحة"، وذلك وفق ما نقلته وسائل إعلام سودانية.
البرهان يعلن "تحرير الخرطوم"وبعد استعادة السيطرة على القصر الرئاسي، ظهر القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ليعلن أن العاصمة أصبحت "حرة"، في تطور مهم للصراع المستمر منذ عامين، والذي يهدد بتقسيم البلاد.
وكان الجيش قد تمكن، يوم الجمعة الماضي، من فرض سيطرته على القصر الرئاسي بوسط الخرطوم، في خطوة اعتبرها محللون نقطة تحول استراتيجية في المواجهة العسكرية مع قوات "الدعم السريع".
عمليات عسكرية مكثفةفي الوقت ذاته، يواصل الجيش السوداني هجومًا واسعًا على مواقع قوات "الدعم السريع" في الخرطوم، حيث أعلن المتحدث باسمه أن الجيش فرض سيطرته على أغلب مناطق المدينة، ضمن عمليات عسكرية متسارعة خلال الأيام الماضية.
ووفقًا للجيش، شملت المواقع التي تمت السيطرة عليها مطار الخرطوم الدولي القريب من القيادة العامة للجيش ومقر قيادة "الدعم السريع" في حي الرياض، وجسري المنشية وسوبا على نهر النيل الأزرق وقاعدة الدفاع الجوي ورئاسة شرطة الاحتياطي المركزي ومنطقة اليرموك للتصنيع الحربي ومعسكر "طيبة الحسناب" بجبل أولياء، الذي يعد المعقل الرئيسي لقوات دقلو في وسط البلاد وآخر معاقلهم بالخرطوم.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن القوات السودانية تطوّق المطار والمناطق المحيطة به، فيما تقترب القوات المساندة للجيش من جسر جبل أولياء، وهو أحد أهم معاقل "الدعم السريع" في العاصمة.
وفي السياق ذاته، أكد اللواء عبد المنعم عبد الباسط، قائد عمليات جنوب الخرطوم، أن قوات "الدعم السريع" لم تنسحب، وإنما "تعرضت لهزيمة ميدانية"، مشيرًا إلى أن العمليات العسكرية لن تتوقف عند الخرطوم، بل ستمتد إلى إقليمي دارفور وكردفان لملاحقة فلول المليشيا.