شواطئ.. مكاوي سعيد والقصة القصيرة في مصر (1)
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بدأت رحلة مكاوي سعيد مع الكتابة في أواخر السبعينيات من القرن العشرين عندما كان طالبا بكلية التجارة، وكان مهتما بالشعر عقب تأثره بدواوين صلاح عبد الصبور، واحمد عبد المعطى حجازي، وبدر شاكر السياب، ومحمد الفيتورى، ونشرت له قصائد في مجلة صوت الجامعة، حتى حصل على لقب شاعر الجامعة عام 1979م.
والحدث في القصة القصيرة – على عكس الرواية – لا يعتمد على الوصف الزائد للمواقع التي يحدث فيها، إنما يحاول الكاتب السيطرة على حدثه من خلال رسم الشاهد ووصف دقيق موجز للمواقع التي يدور فيها. وقد عمد مكاوي سعيد إلى هذه الطريقة في قصة "تنهيدة" من مجموعة "غرفة لم يدخلها رجل" حيث رسم المشاهد، ووصف موقع الحدث بدقة، ووضعنا في نطاق الحدث، يقول "كانت أشعة الشمس قد استطاعت أن تنفذ من الزجاج المطلي باللون الأزرق والمروحة العتيقة لا تزال تهدر بالصوت العالي، عاجز عن تبديد موجة الحر الشديدة التي اجتاحت الغرفة، كور الموظف الورقة التي أمامه خالطا بقايا الأكل، وتجشأ بصوت، وبعد ان مسح فمه بظهر يده، صرخ طالبًا كمية من الماء.. نظر في الورقة الممتدة إليه، وسحب دوسيها ضخما، مضى يقلب أوراقه.. ثم من خلال زجاج العدسة السميكة حدق في الكهل المتهالك أمامه، ووقع عدة أوراق أعطاها بتكاسل إلى الكهل وهو يقول: ليك ميتين جنيه في الخزنة يابا". هكذا تم رسم المشهد بدقة ووصف المكان بإيجاز وبراعة، لندخل مع هذا الرسم والوصف إلى حيز المكان الذي أصبحنا نعرفه الآن، وهو إحدى المصالح الحكومية العتيقة الى عفا عليها الزمن، وهو أحد الموظفين غائبي الضمير، وأمامه رجل ضعيف كهل متهالك، عرفنا فيما بعد أنه يبحث عن تعويض لاستشهاد ابنه في الحرب.
ويناقش الحرب قضية استشهاد الأبناء في الحرب، وفزع الآباء وخوفهم عليهم، فهذا الأب المسكين فقد ابنه، وكان التعويض مائتي جنيه فما كان منه إلا أن "كست الدمعات عينيه ثم حصل الصمت فجأة، ظن ان الطريق قد خلا.. ترك لقدميه العنان".
لقد تحدث مكاوي سعيد عن عالم عايشه وعاصره كمال ذهب إلى ذلك عمار على حسن في مقال عن المجموعة القصصية "البهجة تحزم حقائبها" إذ قال: "لا يكتب مكاوي عن عالم لا يعرفه، بل يلتقط تفاصيل حياة عايشها وكابدها وتأملها في روية، وسحب شخوصها وطقوسها على الورق لينسج حكاياته، التي يضيفها إلى رصيد سابق من الروايات والقصص يتراكم بمرور السنين ويجعل منه واحدًا من الشاهدين على أحوال قطاع عريض من المجتمع القاهري، ينتمي إلى شريحة الطبقة الوسطى وكل درجات الطبقة الكادحة والضائعة والتهائة واللاهثة".
إن مكاوي سعيد يعبر عن المهمشين وعن زمنهم الذى نسيهم الناس فيه، حيث " يعبر هذا الزمن – زمن المهمشين – بين صباح ومساء، يتكرر وكأنه في حركته هذه لا ينتهى، لا ينتهى فيما هو يمضى في غفلة عن أناسه الذين يحتضون قلقهم الصامت وينسجون حياة ينساهم التأريخ لها.. كأنهم خارج التاريخ".
من ذلك ما جاء في شخصية " انشراح " للقصة التي تحمل أسمها، فقد عاشت " انشراح " حياة القهر، وعاشت ورحلت دون ان يلتفت إلها أحد، او يراعى مشاعرها، حتى زوجها المدرس والتي اكرمت معاشرتها له، وكذلك في قصة عم حسن الذي لا يبيع ولا يشترى الذي لم ينظر أحد إليه، ولم يعره أحد اهتماما إلا سخرية منه وعبثا به، أو يجعله مادة للضحك والاستهزاء، ورحل لم يذكر موته أحد. وتنوعت مصادر شخصيات مكاوي سعيد، فكانت معظم القصص من الواقع المعيش، ومن عامة النا، وكانت قصص أخرى من طبقة اللامرئيين أو المهمشين، والذين عنهم في براعة ن والتقط تفاصيلهم بإتقان، وكانت شخصيات قصص أخرى من الأطفال، وهى ظاهرة صحية أطلعتنا على عالم الطفال السحري، وكانت شخصية الكلب سامبو شاهدة على عالم الحيوان بما فيه ضمن أسرار، وربما فيه من مكنونات لا يراها إلا أديب مرهف الحس كمكاوي سعيد، وهو في كل تلك المصادر المتنوعة يضعنا أمام عالم قصصي شديد الثراء، وعالم فنى أكثر إنسانية، كما انه شديد الثراء، وعالم فنى أكثر إنسانية.
في قصة " اخت حبيبتي " من مجموعة "سرى للغاية" كان الزمان غير محدد بتحديد دقيق، وإنما عبارة عن سنوات كثيرة تمر وتنتهي، لتعبر عن الزمن الماضي، بعبارة "جارتنا التي كنت أحبها قديما". هذا القديم سيصبح بعد فتره ذكريات كان يتمناها ألا تكون، لأنه لم ينعم بحب جارته في هدوء، فقط كان يرسل إليها رسائل في كرسي المصعد، يقول " أدس لها الرسائل في كرسي المصعد أرقب وجنتيها المجمرتين وضفائرها المرتعشة وبسمتها الخجلى، وهي تختلس النظر على ظلي المختبئ خلف الزجاج المصنفر لباب شقتنا ". وكان عدم تحديد الزمن في صالح القصة، فقد خدم الإطار العام للقصة الذي يدور حول رجل فقد الزمن، ولم يدر بما يجرى حوله، وما يتذكره هو العام السادس عشر من العمر، الذي علم بعد سنوات وسنوات بحب أخت حبيبته له، كما أن عدم تحديد الزمن يخدم شخصية أخت حبيبته وهي الشخصية المحورية في القصة، لأنها هي الأخرى فقدت الزمن بمعرفتها أنه يحب أختها.
وقد ظهرت تقنية الاسترجاع الخارجي عند مكاوي سعيد في قصة " الهابطون من السماء " من مجموعة " سرى للغاية " وذلك في قوله:" حين ولد إبراهيم زغردوا وهللوا، وقاموا بعمل عقيقة في سبوعه، أبى حضر العقيقة، بينما انصرفت أمي مسرعة بحجة انى محموم، رقدت في سريري وكل فترة أقف وأراقبهم من نافذة الغرفة محذرا أن يلمحني أحدهم فيعرف أن أمي تكذب، أو تدخل أمي الغرفة فجأة فتضربني، أخي أيضا لم يحضر العقيقة مدعيًا أنه حبيس الوحدة العسكرية، كما علمت من حوار أبى وأمي ليلا وأنا أتصنت عليهما". وقد كان هذا الزمن يختلف عن بداية الحدث الذي ظهر فيه إبراهيم وهو يقترب من ثلاث سنوات، وليس أسبوعًا فقط، يقول: " سنوات خمس كانت تفصلني عن إبراهيم الذي لم يعبر عن سن الثالثة بعد". وقد كان هذا الاسترجاع مؤثرا ومهما لأنه أطلعنا على سبب العلاقة المتوترة بين الأسرتين اللتين تقع شقة إحداهما في مقابلة الأخرى، وأن هذا التوتر في العلاقة قديم وليس وليد اللحظة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شواطئ القصة القصیرة فی قصة
إقرأ أيضاً:
هل يشعر الميت داخل قبره بمرور الزمن؟.. أستاذ فيزياء كونية يثير تفاعلا (شاهد)
أثار مقطع مصورة متداول أستاذ الفيزياء الكونية محمد باسل الطائي تفاعلا على منصات التواصل الاجتماعي إثر حديثه بشأن إمكانية شعور الميت داخل قبره بالزمن ومرور الوقت.
وظهر الطائي السبت الماضي في مقابلة مع برنامج "الليوان" الذي يبث على شاشة قناة "روتانا خليجية"، قائلا في رده على سؤال حول إذا ما يشعر الميت بالزمن إنه "من الناحية العلمية، حسب ما نعرف أنه إذا مات الإنسان وتوقفت فعالياته ووعيه وكذا، انتهى، لا يوجد زمن، لا يعد الزمن".
هل يشعر الميت في قبره بالزمن؟#محمد_الطائي_في_ليوان_المديفر pic.twitter.com/0u8DfMcdnA — الليوان (@almodifershow) March 21, 2025
وأضاف الطائي أن ذلك يعود "لأن الزمن هو معداد الحوادث، فإذا مات ما ظل هناك حوادث انتهت، موته كان آخر حدث، هذا من الناحية العلمية"، على حد قوله.
وتطرق أستاذ الفيزياء الكونية إلى المسألة من الجانب الإيماني، قائلا "أما إيمانيا بالمناسبة فأيضا نفس النتيجة، والدليل (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون (55) وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون (56)) -سورة الروم-".
وتابع متسائلا "ماذا يعني هذا؟ يعني أننا نحن عندما نموت.. أنا أكثر شي أخاف منه من الموت. أنا لا أخاف من الموت، لكن أكثر شي أخافه بسبب الموت هو هو القيامة، رح أشوف فجأة القيامة في زمن لا يكاد يحسب".
وأشار الطائي إلى أنه "في حال مات الرجل قامت قيامته. قامت قيامة الكون كله، فمن مات حفيد آدم أو آدم نفسه ونحن سواء فالزمن لا يحسب"، حسب تعبيره.
وأثار المقطع المصور لأستاذ الفيزياء تفاعلا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث قام ناشطون بإعادة نشره على نطاق واسع.
#فيزياء_الكم #دكتور_محمد_باسل_الطائي في حلقة #الليوان
تكلم عن توقف الزمن بعد الموت بما ان الزمن مقياسا للحوادث وقد توقفت الحوادث بالموت وكانت الفكره المخيفه له ليس الموت بحد ذاته وانما ان كل ميت ستقوم قيامته فورا
( حتموت و تقوم القيامه على طول )
مهما كان تاريخ موتك pic.twitter.com/KmxXU449vp — فاطمه ???????????? (@amosama1) March 23, 2025 هل يشعر الميت بالزمن.. مقطع يستحق النشر والتفضيل pic.twitter.com/9Hc9tGbmj3 — فوائد صورة ومقطع (@mm36996) March 22, 2025 كتب العلماء والسلف الصالح كتب ومؤلفات في الموت ، لا أعتقد ان ماكتب يناسب العامّة من الناس ولكن فصّلو في امور يراها العامّي خزعبلات ويراها المتمكّن حقائق ..
اما هذه المسألة فقد انقسمو بها لقسمين ولكلٍ ادلته ، والراجح هو أن الميت يشعر والادلة أقوى . pic.twitter.com/6RnJfsHktu — رائد العوفي (@R1_Lawyer) March 22, 2025 هل يشعر الميت بالزمن ؟ وماهو المخيف بالموت ؟
#ليله_القدر pic.twitter.com/DKMRNbMZ1I — أبُو عَبْدَاللّه (@kolaip) March 23, 2025 كلامه اكثر كلام منطقي عن الموت،
إذا مات الإنسان ينعدم إدراكه للزمن لأنه لم يعد هناك وعي لديه ليستشعر مرور الوقت من منظور الميت، لا يوجد زمن، تماما كما لم يكن يشعر بالزمن قبل ولادته لكن الزمن نفسه يستمر في الوجود بغض النظر عن وعي الأفراد به، لذلك قد تموت وتستفيق في يوم الحساب https://t.co/49CYrYNvBC — ىاصر (@thfukngsocity) March 22, 2025 شعور ان الزمن يتوقف ثم يستأنف شعور مخيف وانا اتفق مع
محمد الطائي
يعني لو توفيت 100 سنة وقامت القيامة انت راح تشعر ان القيامة قامت في ساعات او ايام قليلة
حساب الزمن غير في القبر وللميتين
وراح نحس فيها اذا متنا
الله يحسن الخاتمه . https://t.co/BTAZy1bOtm — نواف (@N_XNA1) March 22, 2025 هل يشعر الميت في قبره بالزمن ؟
العراقي د. محمد باسل الطائي أستاذ الفيزياء الكونية pic.twitter.com/HnyZIZOpm9 — محمد الأحمدي ' أبو يحيى ' (@Mhamad_alHarbi9) March 22, 2025