تقرير: واشنطن تنتظر الخطة العربية في غزة
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
بعدما صدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم العربي الشهر الماضي، باقتراحه نقل كامل سكان غزة من القطاع، أعاد مساعدوه تأطير الفكرة على أنها دعوة موجهة إلى زعماء الشرق الأوسط، كي يضعوا خطة أفضل.
مصر ستدعو مجموعة من الشركات، المحلية والدولية، لإعادة إعمار غزة
وكتب "باتريك كينغسلي" و"فيفيان يي" في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال الأسبوع الماضي إن"كل هذه الدول تعبر عن مدى اهتمامها بالفلسطينيين، إذا كان لدى الدول العربية خطة أفضل، فهذا أمر رائع".
#FPWorld: Arab nations including Egypt, Jordan, Saudi Arabia, Qatar and the United Arab Emirates have sat down to brainstorm an alternative blueprint for post-war Gaza, one that would not force Palestinians out of their homes and reconstruct the region.https://t.co/OW1v9nf2I8
— Firstpost (@firstpost) February 20, 2025ومن المقرر أن يقوم مبعوثون من الدول الخمس بإيضاح التفاصيل، غداً الجمعة، في السعودية، ثم مرة أخرى في قمة أوسع في 4 مارس (آذار) بالقاهرة. وفي تلك الاجتماعات، من المرجح أن تقترح مصر تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين وقادة المجتمع، وجميعهم غير منتسبين إلى حماس، ويمكنهم إدارة غزة بعد الحرب، وفقاً لدبلوماسيين عرب ومسؤول غربي كبير والسناتور الأمريكي الديمقراطي عن ولاية ميريلاند كريس فان هولين، الذي قال إنه تحدث خلال الأسبوع الماضي مع وزراء الخارجية لمصر والسعودية والأردن حول الاقتراح الجاري البحث فيه.
وأضاف "أن الكثير من التركيز سينصب على الإثبات لترامب وآخرين أنه نعم، هناك خطة قابلة للتطبيق لإعادة البناء، وأنه سنستثمر الموارد هناك".
وأشار إلى أن "وجهة نظرهم هي أن ترامب رجل عقارات، وقد تحدث عن إعادة تطوير غزة، وأنهم يريدون وضع خطة قابلة للتطبيق تظهر لترامب أنه يمكنك إعادة بناء غزة، وتوفير مستقبل لمليوني فلسطيني"، دون إجبارهم على مغادرة المنطقة.
Alarmed by Trump’s Gaza Plan, Arab Leaders Brainstorm on Their Own https://t.co/cySnvaIdhO
— Jen Giacone (@MaddFan1) February 19, 2025وعلى مدى أشهر، روجت مصر لفكرة لجنة تكنوقراط، واستضافت القادة الفلسطينيين في القاهرة لمناقشة الفكرة. وعلى مدى عقود من الزمن، دعا الزعماء العرب إلى إنشاء دولة فلسطينية تشمل غزة.
ويعارض القادة الإسرائيليون خطط ما بعد الحرب، التي من شأنها أن تمهد الطريق للسيادة الفلسطينية. لكن الزعماء العرب لن يدعموا إلا إطاراً يرسم مساراً نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
وهم يريدون أيضاً مباركة السلطة الفلسطينية، الهيئة المعترف بها دولياً، والتي أدارت غزة، إلى أن انتزعت حماس السيطرة عليها قبل نحو عقدين من الزمن، ولكن رئيس السلطة محمود عباس، بدا حذراً من هيكل الحكم في فترة ما بعد الحرب، الذي لا يمنحه بشكل لا لبس فيه السيطرة الكاملة على المنطقة، وهو الموقف الذي يضعه على خلاف مع لجنة التكنوقراط.
وقال مسؤولو حماس إنهم على استعداد للتنازل عن السيطرة على الشؤون المدنية لمثل هذه الهيئة، ولكنهم رفضوا حلّ جناحهم العسكري، وهو موقف غير مقبول لكل من إسرائيل وترامب، في وقت يسعيان إلى نزع سلاح حماس بالكامل.
وقال إبراهيم دلالشة مدير مركز هورايزون، وهو مجموعة أبحاث سياسية في رام الله بالضفة الغربية، إن "التحدي الأكبر الذي يواجهه القادة العرب، يكمن في تقديم خطة واقعية، يمكن فرضها على الفصائل الفلسطينية، وتكون مقبولة أيضاً من الولايات المتحدة وإسرائيل.. ستكون عملية معقدة جداً".
ونقلت الصحيفة عن الجنرال المصري المتقاعد سمير فرج، في مقابلة، إن مصر ستدعو مجموعة من الشركات، المحلية والدولية، لإعادة إعمار غزة على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، وإن المرحلة الأولى من زيادة المساعدات الإنسانية لغزة وإزالة الأنقاض سيتبعها بناء المستشفيات والمدارس وغيرها من البنية التحتية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: آيدكس ونافدكس رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل اتفاق غزة
إقرأ أيضاً:
آن الأوان لإصلاح جامعة الدول العربية
مرت اليوم السبت الذكرى الثمانون على تأسيس جامعة الدول العربية، ذلك الكيان الذي وُلد في لحظة أمل تاريخية عام 1945م، كانت فيه الأمة تعيش على حلم الوحدة والتحرر الوطني من طغيان الاستعمار الغربي وبث روح الحياة في طموحات عربية لبناء تكتل سياسي إقليمي يحفظ سيادتهم، ويصون وحدتهم، ويكون مظلة جامعة لقضاياهم المشتركة. لكن ونحن نطوي العقد الثامن من عمر الجامعة، تبدو المسافة شاسعة بين ما تأسست لأجله في ظل تلك الطموحات، وما آلت إليه اليوم من غياب شبه كامل عن المشهد العربي، حتى في اللحظات المفصلية التي تتطلب موقفا جامعا، وصوتا عربيا موحدا وقويا.
يعيد العالم من حولنا تشكيل نفسه عبر تكتلات وتحالفات كبرى؛ من آسيا الصاعدة التي تقودها الصين في تحالفات كـ «بريكس» و«منظمة شنغهاي»، إلى أوروبا التي عززت وحدتها رغم التباينات وتفكر اليوم في تحالف غربي بعيدا عن ترامب، وصولا إلى أمريكا اللاتينية التي تبني سرديتها الجديدة بعيدا عن الهيمنة الغربية. أما العالم العربي فيغيب عنه المشروع الجامع، ويتوارى خلف أزمات تتعمّق، ومصالح تُدار بقرارات فردية متنافرة، وملفات عالقة بلا أفق. ووسط كل هذا تبدو الجامعة العربية وكأنها مؤسسة شرفية لا فاعلية حقيقية لها ولا صوت مؤثر في كل الأحداث التي تبدو وكأنها تجري في كوكب آخر تماما.
ومع أن الإنصاف يقتضي التذكير ببعض الأدوار التي اضطلعت بها الجامعة في مراحل من التاريخ العربي، فإن من الضروري الاعتراف بأن البنية الحالية لم تعد صالحة لمواجهة تحديات العصر. فالجامعة بصيغتها التنظيمية، وآليات اتخاذ القرار فيها، وعجزها عن احتضان خلافات أعضائها وتجاوزها، لم تعد قادرة على الاستجابة لطموحات الشعوب العربية، ولا لصياغة رؤية مشتركة للمستقبل يبدو وكأنه في مهب الريح.
ما نحتاجه اليوم ليس توجيه تحية للجامعة العربية وتاريخها التليد أو دعوة للاحتفال بذكرى تأسيسها، بل انطلاقة جديدة تُعيد تعريف الجامعة بوصفها تكتلا سياسيا فاعلا في عالم تتصارع فيه الإرادات الكبرى، وتتغير فيه قواعد اللعبة الدولية بشكل غير مسبوق. وتبدأ الانطلاقة الجديدة بإصلاحات جذرية تشمل إعادة صياغة ميثاق الجامعة، وتطوير آليات اتخاذ القرار من الإجماع إلى التصويت بالأغلبية، وإنشاء مجلس أمن عربي فاعل وقادر ومؤثر ومهاب، وتحديث الهياكل المؤسسية بما يتوافق مع التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم.
إن اللحظة العربية اليوم، المأزومة على أكثر من صعيد ـ من فلسطين التي تواجه أخطر مراحل تصفية قضيتها، إلى العراق وسوريا ولبنان والسودان واليمن، حيث تمزّق النزاعات جسد الدولة الوطنية ـ تستدعي عمقا في التفكير، وجرأة في المراجعة، لا مجرّد شعارات تُكرر في البيانات الختامية. ولعلّ الأجدى هو التفكير في تحوّل الجامعة من كيان تقليدي إلى منصة استراتيجية للتنسيق السياسي والاقتصادي والأمني.
إن الشعوب العربية لم تعد تنتظر خطابات التضامن التي تصدرها الجامعة العربية، بل أفعالا ملموسة تعبّر عن إرادتها، وتحمي مصالحها، وتعيد لها الثقة بأن مشروع الوحدة العربية الذي نشأت من أجله، ليس حلما مستحيلا، بل ضرورة تاريخية، ليس بالصيغة التي كان عليه الحلم في عام 1942م عندما بدأت المداولات لإنشاء الجامعة ولكن بما يتوافق مع معطيات اللحظة التاريخية الآنية وطموحات المستقبل.
وثمانون عاما تكفي لتدرك الجامعة العربية أنها وصلت عند مفترق طرق صعب جدا، يتطلب أن تكون فيه قادرة على اتخاذ قرارات شجاعة وتاريخية، تمكن الأمة من تجاوز الخلافات الصغيرة لصالح المصير المشترك. فإما أن تنهض وتُصلح نفسها لتكون رافعة لمستقبل العرب، أو تبقى مجرّد ذكرى تُروى، ومؤسسة تُزار، دون أن تصنع الفرق في مسار الأمة.