دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- للوهلة الأولى، قد يظن المرء أن أعمال الفنانة الإندونيسية المعاصرة، سيترا ساسميتا، تعود لمئات السنين. فمن بعيد، قد يلتبس عليه الأمر لجهة استيعاب أن تطريزاتها ولوحاتها ليست مخطوطات قديمة تصوّر أسطورة نابضة بالحياة. لكن عند الإمعان بالنظر، سترى أن فنها يحتضن تجسيدًا عنيفًا للأنوثة، ومعاصر بشكل فاقع.

وعلى منسوجات تقليدية كبيرة الحجم، تصور ساسميتا مجموعة من القصص التي تتحدى الأساطير والتقاليد الموروثة، وتتخيل عوض ذلك عالمًا ما بعد الأبوية تسكنه النساء فقط. 

وفي هذه الصور، تنبت رؤوس المحاربات المنفصلة عن أجسادهن بهدوء لتتحول إلى حياة جديدة على شكل أشجار، أو تحلّق في السماء بعدما تحوّلت إلى طيور، فيما تجلس أخريات بتأمل، محاطات بلهيب أحمر متقد.

وتدور أعمال ساسميتا حول التمرّد والتحوّل والبعث، وهي المواضيع التي تقلِب الأيقونات الباليّة التقليدية رأسًا على عقب. 

ويُقام معرضها الجديد، "Into Eternal Land" (إلى أرض أبدية)، في مركز باربيكان للفنون بلندن. وينقسم إلى مقدمة، وثلاثة فصول، وخاتمة، ويستغل بذكاء معرض Curve في المركز الفني، وهو عبارة عن مساحة بطول 90 مترًا، حيث تمتد مخطوطاتها الملحمية إلى مسافة بعيدة، لتأخذ الضيوف برحلة تمكنت من احتضان التقاليد وتحديها في ذات الوقت.

أوضحت الدكتورة سيوبان كامبل، الخبيرة في الفن الإندونيسي، أن "لوحات Kamasan التقليدية" "يتم إنتاجها من قبل مجموعة معينة من الناس، الذين ورثوا هذا التقليد في الرسم".Credit: Jo Underhill/Barbican

وخلال افتتاح المعرض، قالت ساسميتا لـCNN عن موطنها: "كنت مهتمة حقًا باستكشاف جذور الثقافة الأبوية في بالي".

وأضافت: "يصوّر الكثير من أدبنا الموروث، في مخطوطاتنا القديمة والملاحم، النساء على أنهن يمتلكن وظيفة جنسية فقط، لا سيما في قصة كاما سوترا وحكايات بانجي".

ومن خلال إعادة كتابة هذه الأساطير واستبدال كل رجل بامرأة، تقوم ساسميتا "بإعادة التفكير بالقصص التي تُروى"،  وفق ما أوضحت القيّمة على المعرض، لوتي جونسون، لـCNN. وأضافت: "هذه ليست قصصا عن الهيمنة، بل هي عن نساء يخضن تجارب عميقة بشكل مؤثر، وهنّ على تواصل مع بعضهن".

فن قديم، سرد حديث

في الصور الخيالية، تنبض الأفكار الحديثة بالحياة من خلال الرموز الثقافية التي شكّلت نشأة ساسميتا في بالي. إذ أنها تستكشف مواضيع الطقوس، والجنة، والجحيم، وتبتكر مجموعة جديدة من الشخصيات لنسختها الخاصة من الأساطير والقصص التقليدية، التي أصبحت الآن غنية بتمثيل تجارب النساء.

ويمكن وصف الكثير من أعمال ساسميتا بأنها إعادة تصوّر حديثة للوحات "Kamasan" التقليدية في بالي. وكما هي الحال في مسرح العرائس الظلي، استخدمت لوحات  "Kamasan" الملاحم القديمة والقصص الأسطورية كمصدر إلهام. ويعود هذا الأسلوب الفني إلى قرية تحمل الاسم نفسه شرق بالي، حيث تمت ممارسته منذ القرن الخامس عشر. 

تقليديًا، كان الرجال يقررون القصص التي يتم تصويرها وكيفية رسمها، بينما استُشيرت النساء فقط بشأن اختيار الألوان واستخدامها في المراحل النهائية.

من جانبها، قالت الدكتورة سيوبان كامبل، الباحثة في الفن والمنسوجات الإندونيسية، لـCNN، إنه إسوة بالعديد من  الممارسات الفنية التعاونية في جميع أنحاء إندونيسيا، "كان هناك تقليديًا تقسيم للعمل على أساس الجنس". ومن خلال عملها في مجتمع "Kamasan"، وجدت كامبل أن أدوار النساء في عملية الرسم تم التقليل من شأنه تاريخيًا. 

وأوضحت كامبل: "كان الفنانون الأكثر شهرة في الماضي من الذكور وافترض الناس أن الرجال فقط هم من يرسمون مخطوطات Kamasan".

معرض إلى أرض أبدية مستمر في مركز باربيكان بلندن حتى 21 أبريل 2025Credit: Jo Underhill/Barbican

وعن استخدامها الخاص للممارسات الفنية التقليدية الباليّة، شرحت ساسميتا: "أحب حقًا أن أثير حوارًا بين العناصر القديمة والعالم المادي الحالي. إنه يصبح لغة معينة يتواصل فيها الناس انطلاقًا من السياق الحديث وربطه بالسياق التاريخي".

وتدربت ساسميتا تحت إشراف الكاهنة الهندوسية والفنانة مانكو مورياتي، وهي واحدة من النساء القليلات اللواتي اشتهرن بنقش قصصهن الخاصة على مخطوطات "Kamasan". من هنا، تعهدت ساسميتا بإنشاء رمزية خاصة بها للأنوثة، غابت بشكل صارخ في الأعمال التقليدية. 

وأضافت: "إدخال النساء في السرد الرئيسي لهذا العمل الفني، وجعلهن بطلات قصتي الخاصة، يعد بيانا شخصيا لي كنسوية".

ويخدم عملها أيضًا استعادة تاريخ الفن البالي. وترى ساسميتا أن الاحتلال الهولندي العنيف لبالي في العام 1908، قد غيّر مسار الفن الباليّ، محولًا الممارسات التقليدية إلى سلعة يمكن بيعها للسياح. 

ورغم أن هذا أول معرض فردي لها في المملكة المتحدة، فإن عيون ساسميتا تركّز بقوة على استمرار الثقافة الفنية بوطنها، حيث تعمل عن كثب مع مجتمع فني تقليدي. وقالت: "أريد من حكومتنا أن تولي اهتمامًا للحرفيين والفنانين التقليديين. إن الطريقة التي نرث بها المعرفة ونحافظ عليها قوية للغاية. إنها بمثابة أصل وطني، وهو أصل جميل للغاية".

المملكة المتحدةاندونيسيارسمفنونمعارضنشر الخميس، 20 فبراير / شباط 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: المملكة المتحدة اندونيسيا رسم فنون معارض

إقرأ أيضاً:

فنانة سورية تثير الجدل من جديد: «بشار الأسد» ليس طاغية!

عادت الفنانة السورية “سلاف فواخرجي”، لتثير الجدل من جديد، عبر تصريحات أخرى عن الرئيس السابق “بشار الأسد”.

وقالت الفنانة السورية سلاف فواخرجي، “إنها تلقت رسائل تهديدات بالقتل هي وعائلتها بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق “بشار الأسد”.

وأضافت في لقاء مع برنامج “أسرار” المذاع عبر قناة النهار المصرية، “أنها تلقت رسالة على هاتفها المحمول تتضمن موقع منزلها وتحمل تهديدا بأن أشخاصا قادمون لقتلهم”، موضحة أنها “لا تستطيع تأكيد مدى صحتها أو من أرسلها، لكن فضلت الاحتياط وعدم ترك الفرصة للاحتمالات”.

وأشارت إلى أنها “غادرت مسرعة خوفا على عائلتها وجيرانها، وقررت التوجه إلى مصر، مؤكدة أن سوريا هي موطنها ولا يستطيع أحد حرمانها من العودة، وأنها ستعود لها يوما ما، لأنها لم تقتل أو تؤذ أحدا”.

وتحدثت عن الرئيس السابق بشار الأسد، قائلة إن “له ما له وعليه ما عليه والتاريخ سيحكم”، رافضة وصفه “بالطاغية”.

وعن ديانتها، قالت “إنها لا تعرف لماذا يشغل هذا الأمر الناس، وأنها تتعامل بمحبة مع الجميع”، وأضافت: “لما يكون اسمي سلاف محمد فواخرجي وأولادي حمزة وعلي ماذا ستكون ديانتي؟”.

وعن الرئيس الحالي “أحمد الشرع”، قالت: “الله يبعت الخير على يديه للبلد والناس، وكل ما نطلبه هو الآمان، وناس كثير تتوسم الخير وآخرون لا يتوسمون ذلك وهو شيء طبيعي، وكل الكلام اللي يقال كلام موزون ومعتدل ونتمنى يكون على أرض الواقع”.

وفي فبراير الفائت، قالت الممثلة السورية، خلال ظهورها عبر قناة “المشهد” في مقابلة مع برنامج “عندي سؤال”، “إنها قابلت “بشار الأسد” 4 مرات، مبينة أنه مرتين كان اللقاء مع جمع فني، بينما المرتان الأخريان كانتا لقاء شخصياً على انفراد أحدهما كانت بمفردها والثانية مع زوجها وائل رمضان مبينة أن اللقاء كان عن الفن”.

ووصفت سلاف فواخرجي في حديثها “بشار الأسد”، بأنه “رجل شريف، وقالت: إلى هذه اللحظة أراه شريفاً”، معبرة عن تمسكها بهذا الموقف “إلى أن يظهر عكس ذلك”، وأضافت أنه “رجل شديد الاحترام وشديد التهذيب وبسيط”، مبينة أنه “سمح لها بالدخول إلى قاعة الاجتماعات قبله”.

وقالت: “في أحد اللقاءات طلبت من “بشار الأسد” أن يرفع سن الحضانة للأم، ونفذ الطلب وصدر قرار بذلك”، مبينة أنها “تقدر ذلك للرئيس السابق ومبينة أن كل طلباتها كانت عامة وغير شخصية”.

أما عن وقوع انتهاكات جسيمة ومجازر في البلاد علقت بالقول: “بشار الأسد لم يفعل ذلك بشكل شخصي”، مبينة “أن الرئيس لا يعرف ما يفعله الرجالات في محيطه”، مضيفة “إذا لم يعرف فالمشكلة كبيرة ولا يستحق أن يكون رئيسا”، وعن هروبه إلى روسيا قالت “لا أعرف إن كان هرب من نفسه أو أجبر على الهروب”.

رسائل تهديد بالقـ????ـتل.. سلاف فواخرجي تتحدى الخوف وتعلن عن موقفها????: مين ممكن يحل مكان بشار؟???? #أسرار مع #أميرة_بدر #النهار

تم النشر بواسطة ‏أميرة بدر – Amira Badr‏ في الخميس، ٢٠ مارس ٢٠٢٥

مقالات مشابهة

  • محافظ أسيوط يتفقد مؤسسة سعد زغلول للفنون والحرف التقليدية
  • أحمد العوضي: كارولين عزمي فنانة موهوبة
  • "كلاسيكو" الأساطير.. ريال مدريد يقول كلمته
  • فنانة مغربية تحرج قارع طبول أمام الجمهور .. فيديو
  • حرّضت على ضرب أطفال.. فنانة مصرية تثير غضب الجماهير
  • أداة ذكاء اصطناعي قادرة على توليد صور فائقة الجودة أسرع من الطرق التقليدية|تعرف عليها
  • نسائية «ديوا» تدعو للعمل بقيم رمضان
  • فنانة سورية تثير الجدل من جديد: «بشار الأسد» ليس طاغية!
  • أمريكا تستبدل ترومان بعد فشلها في البحر الاحمر
  • صور| إلغاء 16 رحلة في مطار بالي بإندونيسيا بعد ثوران بركان "ليوتوبي"