أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مساء الأربعاء ندوة "القصة القصيرة جدًا في عمان: المفهوم وجمالية التشكيل" وقدمت طرحا نقديا حول هذا الجنس الأدبي في عمان، حيث قدم ثاني الحمداني عرضا تناول فيه إشكاليات المفهوم والخصائص، وناقشت غنية الشبيبية الاتساعية النصية في القصة القصيرة جدا، متتبعة كيف تستلهم النصوص الحديثة أعمالا تراثية وتعيد تشكيلها بأساليب جديدة.

وتناول أحمد الحجري الكثافة الأنثوية في مجموعة "شبابيك زيانة" مسلطا الضوء على حضور المرأة كعنصر محوري في البناء السردي، فيما أدارت الندوة الأستاذة زوينة سالم.

وقدم الأستاذ ثاني الحمداني عرضا تناول فيه إشكالية المفهوم والخصائص لهذا النوع الأدبي الحديث. استعرض الحمداني جذور القصة القصيرة جدا، متتبعا نشأتها وتطورها بين الأدب العربي والغربي، مع التركيز على الإشكالات النقدية التي أثيرت حولها.

ناقش الحمداني أبرز السمات الفنية للقصة القصيرة جدا، مثل التكثيف، الوحدة السردية، الدهشة، والمفارقة، مشيرا إلى أهمية القفلة المتوهجة في إحداث التأثير المطلوب لدى القارئ. كما استعرض عدة دراسات نقدية تناولت هذا النوع السردي، من بينها أبحاث حول التعاليات النصية، الخطاب السردي العماني، والتكثيف السردي.

كما أشار الحمداني إلى التحديات التي تواجه هذا الفن، خاصة فيما يتعلق بتأصيله في الأدب العربي، ومدى ارتباطه بالحكايات التراثية مثل النادرة والمثل. وختم عرضه بالإشارة إلى أن القصة القصيرة جدا تمثل نوعا أدبيا متجددا، يتطلب براعة في السرد واختزال المعنى دون الإخلال بالحبكة الفنية.

وقدمت الأستاذة غنية الشبيبية ورقة بحثية حول الاتساعية النصية في القصة القصيرة جدا، مستعرضة تطبيقات هذه التقنية في مجموعتي ظلال العزلة وموج خارج البحر لعزيزة الطائية. تناولت الشبيبية مفهوم الاتساعية النصية كما حدده الناقد جيرار جينيت، موضحة كيف أن القصة القصيرة جدًا تستلهم نصوصًا سابقة وتعيد تشكيلها بأساليب حديثة تحمل دلالات جديدة. ركزت الورقة على المحاكاة الساخرة والتحريف الهزلي كأدوات سردية، مستعرضة أمثلة من قصص الحيوانات المستوحاة من كليلة ودمنة، مثل قصة عزاء، التي تعكس استغلال السلطة للفئات الكادحة، وقصة خسارة، التي تُسقط واقع الأوطان المنهوبة على سرد حكائي بسيط.

كما سلطت الضوء على إعادة توظيف ألف ليلة وليلة، مثل قصة مواويل التي تصور شهريار في سياق سياسي حديث يعكس تجاهل الحُكّام لمعاناة شعوبهم. ولم تقتصر الورقة على الحكايات التراثية، بل تناولت تحوير الأساطير والأدب الجاهلي، كما في طائر الرماد، التي تسخر من القيود الاجتماعية المفروضة على المرأة.

واختتمت الشبيبية ورقتها بالتأكيد على أن القصة القصيرة جدًا لا تنغلق على ذاتها، بل تتسع وتتحاور مع نصوص الماضي، مما يجعلها أداة نقدية فعالة لعكس قضايا العصر الراهن بأسلوب مكثف وساخر.

وتناول الأستاذ أحمد الحجري، مجموعة "شبابيك زيانة" لبشاير حبراس للكشف عن الكثافة الأنثوية البارزة في نصوص المجموعة، حيث تشكل المرأة المحور الأساسي في أغلب القصص. استعرض الحجري كيف تم توظيف العناوين، والشخصيات، والرموز، والمواضيع لإبراز مركزية المرأة في السرد، عبر شخصيات نسائية مثل "زيانة، ليلى، سعدة، وأماندا"، وعبر إشارات متكررة لمراحل حياة المرأة، بدءا من الطفولة وحتى الشيخوخة.

سلطت القراءة الضوء على استخدام الرمزية، مثل قصة "كعبة للبحر"، التي تضع المرأة في موقع المركز والقطب الذي تدور حوله الأحداث، إضافة إلى قصص أخرى مثل "كوميدينة ليلى" و"البقعة الصفراء" التي تعزز صورة المرأة كمحور أساسي في العالم السردي للمجموعة. كما ناقش الحجري تكرار الثيمات المرتبطة بالمرأة، مثل الحب، الفقر، والخيانة، وكيف تساهم هذه العناصر في ترسيخ حضورها القوي داخل النصوص.

وأكد الحجري أن هذه المركزية لا تعني غياب الرجل، لكنه غالبًا ما يكون في موقع التابع أو العابر، بينما تبقى المرأة في قلب الحدث.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

هيئة الكتاب تعيد إصدار صوت أبي العلاء للدكتور طه حسين

أصدرت وزارة الثقافة، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «صوت أبي العلاء»، للدكتور طه حسين، وذلك ضمن مشروع استعادة طه حسين عميد الأدب العربي.
يُعَدُّ كتاب صوت أبي العلاء واحدًا من أبرز أعمال الدكتور طه حسين، حيث يتناول فيه شخصية الشاعر والفيلسوف العربي الكبير أبي العلاء المعري بأسلوب نقدي وتحليلي، نشر طه حسين هذا الكتاب عام 1936، وقد كان امتدادًا لاهتمامه العميق بأبي العلاء، الذي تجلّى سابقًا في كتابه مع أبي العلاء في سجنه.
يركز الكتاب على دراسة فكر المعري، وأسلوبه الشعري، ومواقفه الفلسفية تجاه الحياة والدين والمجتمع، ويعرض طه حسين صورة أبي العلاء كشاعر متشائم، لكنه في ذات الوقت عقل متحرر، تجاوز عصره بجرأته الفكرية ونقده العميق للعادات والتقاليد، كما يسلط الضوء على أثر الظروف الاجتماعية والسياسية في تشكيل رؤيته الفلسفية، خاصة أنه عاش في عصر مضطرب مليء بالصراعات الفكرية.

يتّبع طه حسين منهجًا أدبيًا ونقديًا يجمع بين التحليل العميق والاستشهاد بالنصوص، مما يجعل الكتاب ليس مجرد عرض لسيرة المعري، بل محاولة لفهم فكره في سياق أوسع. وبأسلوبه السلس والراقي، ينجح في تقريب شخصية أبي العلاء إلى القارئ الحديث، كاشفًا عن تناقضاته وهمومه الفكرية.
يعتبر صوت أبي العلاء كتابًا مهمًا لمحبي الأدب العربي والفكر الفلسفي، إذ يجمع بين الأدب والتاريخ والنقد، مقدّمًا رؤية ثاقبة لأحد أعلام الفكر في التراث العربي.
 

مقالات مشابهة

  • هيئة الكتاب تعيد إصدار صوت أبي العلاء للدكتور طه حسين
  • غدًا.. "قصور الثقافة" تقيم الاحتفالية السنوية لتكريم المرأة على مسرح السامر
  • الرئيس السيسي: المرأة المصرية أساس بناء حضارتنا الراسخة التي استمرت آلاف السنين
  • تدشين مشروع الحاجز الحجري لحماية القرى من سيول وادي مور
  • «سيدات من مصر».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
  • صلاح و مرموش على رأس التشكيل المتوقع للفراعنة أمام إثيوبيا
  • اللغة وتقبّل المجتمع أبرز التحديات التي تواجهها المرأة العربية بألمانيا
  • نهيان بن مبارك: في يوم الأم نفخر بـ "أم الإمارات" التي تُعد نموذجاً ملهماً في العطاء
  • تعرف على التشكيل المتوقع لمنتخب مصر أمام إثيوبيا