جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-05@08:00:00 GMT

وداعًا الشيخة الكريمة

تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT

وداعًا الشيخة الكريمة

 

سلمى المعشني

لعل ليس هناك أكثر ألمًا من فقد الخيريين من النَّاس، وليس هناك رحيلًا أصعب من ذلك الرحيل الذي ليس بعده عودة، وقدر الموت حتما نؤمن به؛ فكلنا راحلون يوما ما، ولكن من رحل وترك الأثر الطيب في قلوب النَّاس فهذا عزاؤنا فيهم، وتبقى ذكراهم خالدة في قلوبنا، وبصمات أعمالهم الصالحة باقية تحكي مآثرهم.

لقد أحزنني رحيل تلك الشيخة الكريمة، أو "شيخة النساء" كما يحب كثير من الناس أن يلقبوها، حكيمة بنت سالم بن حربي جداد، الشيخة الوقورة الحكيمة الصبورة.

في ظهيرة الثلاثاء الموافق 23 مايو 2023، رحلت أم العطايا الكريمة ورمز الإيثار والسخاء بلا حدود في ثمريت وظفار، تاركةً وراءها قلوبا باكية، وعيونا ترقب الفقد الأليم.

من يشبه الشيخة الكريمة.. حكيمة بنت سالم حربي جداد؟

وهنا أستحضر مرثية المتنبي لأم سيف الدولة حين قال:

ولو كان النساء كمن فقدنا // لفضلت النساء على الرجال

وما التأنيث لاسم الشمس عيب // ولا التذكير فخر للهلال

فليس من الغريب في شيء أن يرثي العرب النساء الماجدات، ذوات العطاء والسخاء وكرم الأخلاق والتقوى، فقد كانت الوالدة حكيمة جداد كريمة إلى الحد الذي لا يوصف، تغلبها نزعة الإيثار غلبا لا تكاد تُبقي لنفسها مع تلك الخصلة شيء، وهبت جُلَّ ما تملك طوعا وضيافة للناس ممن تعرفهم عن قرب وممن لم تعرف، بيتها الواقع في ولاية ثمريت لا يُغلقُ أبدا، تستقبل ضيوفها القاصي منهم والداني برحابة صدر بالغة لا متناهية.

فكم أريقت الذبائح عند عتبة بيتها لأغلب زائريها وضيوفها ومحبيها وما أكثرهم، ولعابري السبيل من المسافرين المارين من وإلى مسقط وصلالة من كرمها وضيافتها أوفر الحظ والنصيب.

ضيوف أمي حكيمة كُثُر: السالمون من بعد مرض، العائدون من بعد غياب، والكثير ممن أحبتهم هي وأحبوها هم؛ كرمها لا توقفه الظروف، ولا تمنعه الحجج والأحوال، رحمها الله وأحسن إليها وأكرم وفادتها إليه في جنة النعيم.

من يشبه أمي حكيمة؟

شيخة النساء وقدوتهن، ورائدة البذل والعطاء النسائي في ظفار، الطائية الكرم الذي لا يُضاهى، فقدها لم يكن بالسهل ولا بالهين، كان وقع رحيلها صادما ومؤلما، ولولا اليقين بحتمية الموت لما استطاعت قلوبنا وقلوب أحبتها وذويها ومن يعرفها أن تتجلد بالصبر والثبات.

كيف لي أن أصف كرمها؟

كانت- رحمها الله- على استعداد دائم لإكرام زوارها بالهدايا والعطايا؛ حيث اعتادت أن تحتفظ في درج دولابها بثياب (بوذيل) من كافة النقوش والألوان والأصناف، جديدة ومخاطة وموضوعة في أكياسها بعناية، إلى جانب علب مختلفة الأحجام والأنواع من البخور الظفاري، وعطور متعددة الأصناف؛ تحتفظ بتلك الأغراض المشتراة بقصد أن تهديها لزائراتها النساء ممن تعرف بمقدمهن المخطط له أو ممن يأتينها في زيارات مُفاجئة غير مدبرة، والمعروف أنها- رحمها الله- تجدد تلك الهدايا بشكل دوري ومستمر كلما نقصت زادت منها احتياطيا في دولابها؛ كما تفعل الكثيرات من نساء ظفار الكريمات.

ومن أكثر قصص كرمها تأثيرًا قصة منحة الديوان التي حظيت بها؛ إذ استلمت أم محمد- رحمها الله- مبلغَ معونةٍ وقدره 2000 ريال، فأخذت توزع المعونة المُرسلة لها على أهلها وقرابتها ومن تصادفه من الصغير والكبير حتى لم يتبق معها إلا 200 ريال فقط.

قصصها في الكرم والإيثار لا تُحصى ولا تُعد، ومآثرها في تقديم الآخر على الذات كثيرة جدًا.

أمي حكيمة الطيبة القلب، المُرددة أدعية الحفظ والتوفيق لكل من حولها ليس من السهل أن تُنسَى- رحمها الله- وأحسن إليها، وأكرم نزلها، وجعل وفادتها إليه وفادة الصالحين الطيبين.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الشيخة فاطمة: الإمارات بقيادة رئيس الدولة تلتزم بتبني المبادرات المعززة لرفاهية الإنسان

أكدت الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات" رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية الرئيسة الفخرية لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، أن الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حريصة على الأخذ بكافة المبادرات البناءة التي تنفع الإنسان في كل مكان، انطلاقا من منظومة القيم والمبادئ التي تنتهجها الدولة في مسيرتها نحو الحاضر والمستقبل.

جاء ذلك خلال كلمة الشيخة فاطمة بنت مبارك، في افتتاح مؤتمر الصحة النفسية للمرأة اللاجئة في ظل التغير المناخي، الذي نظمه صندوق الشيخة فاطمة للمرأة اللاجئة بمقر جامعة أبوظبي، أمس الثلاثاء، والتي ألقاها نيابة عنها، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش.
ورحبت "أم الإمارات" بالمشاركين في المؤتمر، مشيرة إلى أهمية مناقشة العلاقة بين القضايا التي تؤثر على جوانب الحياة المختلفة في هذا العصر، بما في ذلك حماية المرأة والطفل، شؤون اللاجئين، الرعاية الصحية، وتحديات التغيرات المناخية.

رعاية صحية شاملة

وأكدت أن "المؤتمر يسعى لأن يكون منصة مهمة للتواصل والحوار، من خلال مناقشة الاستراتيجيات وخطط العمل التي تهدف إلى توفير رعاية صحية شاملة للمرأة اللاجئة في ظل التحديات البيئية والمناخية"، مشيرة إلى أهمية الحفاظ على كرامة المرأة، وضرورة الالتزام بأعلى المعايير العالمية، كما دعت إلى تجسيد قيم الرحمة والتكافل، ورعاية المحتاجين في المجتمع والعالم، والمساهمة في رفع مستوى الوعي بالتحديات الصحية والنفسية التي تواجه اللاجئات، وتأثير التطورات البيئية والمناخية على ظروفهن.
وقالت إن "من شأن المؤتمر بلورة مفهوم مشترك حول التحديات الصحية والنفسية التي تواجه المرأة اللاجئة، أمامكم فرصة كبرى للتأكيد على أهمية التعاون والعمل المشترك من أجل الحفاظ على الحق في حياة المرأة والطفل بمخيمات اللاجئين، وإن تأكيد التواصل والتعاون بين سكان هذا العالم، هو أمر ضروري من أجل أن يكون العطاء الإنساني وحب الخير للجميع أساساً قوياً، لتحقيق التقدم والأخوة والسلام في هذا العصر" .
وأشارت إلى أن "الصندوق يسعى إلى مساعدة ضحايا الحروب ومواجهة الظروف الصعبة، من خلال توفير سبل العيش الكريم في المخيمات، وتشمل الجهود توفير العلاج للمرضى، وتنظيم حملات التطعيم ضد الأمراض، وتقديم كسوة للنساء والأطفال، بالإضافة إلى توفير الغذاء والمياه النظيفة"، موضحة أن هذه البرامج تعكس تراث الإمارات الوطني الذي يحث على رعاية الإنسان، ويعزز قيم العطاء والتضامن بين أبناء الوطن، مشيرة إلى أن هذه الجهود تمثل استجابة صادقة لدعوة الله لنشر قيم السلام والأخوة والتعايش والسلوك الحسن في المجتمع.

المساعدات الإنسانية

وتابعت الشيخة فاطمة بنت مبارك: "نحن في الإمارات نعتز بكون دولتنا سباقة دائماً في تقديم المساعدات الإنسانية في مختلف أنحاء العالم، ولا نعتبر ذلك مِنةً أو إحساناً، بل هو واجب إنساني نبيل، يعكس التكافل والتعاون لخدمة جميع الناس دون تفرقة أو تمييز، ونفخر بدورنا البارز في التعامل مع قضايا العصر، وفي مقدمتها قضايا التغير المناخي، التي كانت محور اهتمام مؤتمر COP28 الذي عُقد في دولتنا العام الماضي".
وقالت: "في الإمارات ندعم بقوة أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وملتزمون بتخفيف معاناة المرأة والطفل، نعمل بجد لتوفير بيئة إنسانية مناسبة، ونسعى لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي الذي يبرز أفضل ما لدينا من أجل تمكين المرأة ودعم صحتها النفسية والجسدية، كما نهدف إلى تنمية قدراتها على مواجهة التحديات القاسية، بما في ذلك تلك الناتجة عن اللجوء في المخيمات، والمخاطر الصحية المرتبطة بها، وظروف المعيشة بشكل عام".
وأضافت "في هذا السياق، إن أسلوب تواصلكم مع بعضكم البعض بشأن القضايا المرتبطة بصحة المرأة والوضع في المخيمات بالمناطق التي تشهد تغيرات مناخية سيكون له أثر كبير في تحقيق أهدافنا، وأكدت على أهمية التعاون والتنسيق على جميع المستويات لمواجهة هذه التحديات"، مشيرة إلى أن الحكومات وقطاع الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد يتحملون مسؤولية مشتركة في تعزيز العزائم ودعوة الجميع لتحمل مسؤولياتهم في العمل المنظم والمنتج، من أجل توفير رعاية صحية شاملة للمرأة اللاجئة، وتحسين جودة الحياة في المخيمات ، بما في ذلك دور الفنون ووسائل الترفيه، لتخفيف المعاناة لدى المقيمات في هذه المخيمات.

استراتيجيات فعالة

ولفتت إلى أن "نجاح مؤتمركم في تحقيق كل هذا، إنما هو رهنٌ بجهودكم وعملكم، وأود أن أشير إلى أن الأولويات على جدول أعمالكم ينبغي أن تكون في طرح استراتيجيات فعالة، لتحقيق ما ترونه مناسباً ونافعاً لمساعدة المرأة اللاجئة، في الحصول على رعاية صحية ملائمة، والأخذ بيدها إلى أن تعود إلى بلادها وديارها في حالة عقلية وجسمانية سليمة".
وقالت "أم الإمارات": "لا نسعى في هذا المؤتمر إلى مجرد النقاش أو الحوار فقط، لأن الطموح أكبر من ذلك بكثير"، مؤكدة على أن نجاح المؤتمر سيتحقق بكل تأكيد من خلال الخروج بنتائج وتوصيات تنبثق من أرض الواقع لتجد الطريق إلى التطبيق والتنفيذ.
وأشارت "أم الإمارات" إلى أن "جهود حماية المرأة اللاجئة يجب أن تكون تجسيداً أصيلاً لفكر استراتيجي متطور، ينبُع من تحليلٍ واعٍ لبيئة العمل"، مشددة على أن التفكير المبدع والعمل الناجح، هما عناصر القدرة على مواجهة كافة التحديات، وهما الطريق إلى الإسهام الكامل لجميع العاملين والمتطوعين في تطوير العمل، وإطلاق كل ما وهبه الله لهم من طاقاتٍ وإمكانات.

مقالات مشابهة

  • أنور إبراهيم أول رئيس حكومة يزور بنغلاديش بعد سقوط حكم الشيخة حسينة
  • مهرجان الموسيقة العربية.. تفاصيل وموعد وأسعار تذاكر حفل تامر عاشور
  • ألمانيا تنظم احتفالية «وداع الرباعي»
  • 11 أكتوبر.. تامر عاشور وإليسا يجتمعان في كوكاكولا أرينا دبي
  • صدور الموافقة الكريمة بتعيين عدد من الأئمة بالحرمين الشريفين
  • بدعم من الذكاء الاصطناعي.. هل تقودنا الروبوتات إلى وداع الأعمال المنزلية؟
  • الشيخة فاطمة: الإمارات بقيادة رئيس الدولة تلتزم بالمبادرات المعززة لرفاهية الإنسان
  • الشيخة فاطمة: الإمارات بقيادة رئيس الدولة تلتزم بتبني المبادرات المعززة لرفاهية الإنسان
  • وداعًا لرائحة الأحذية الكريهة.. 4 حلول طبيعية وفعالة
  • باحثة بريطانية تطور تقنية لزراعة الياقوت من نفايات الأحجار الكريمة