تشو شيوان **

 

قبل عشر سنوات وتحديدًا في مارس 2013، وفي أول جولة خارجية له كرئيس للصين، زار الرئيس الصيني شي جين بينغ أفريقيا وحضر القمة الخامسة لمجموعة بريكس، التي عُقدت في جنوب إفريقيا؛ حيث طرح المبادئ التوجيهية لسياسة الصين تجاه أفريقيا، وأوضح رؤاه الخاصة بتعزيز آلية بريكس.

وبعد عشرة سنوات من ذلك الوقت، ستُعقد قمة بريكس في القارة الأفريقية مرة أخرى يومي 22 و23 أغسطس، وسيحضر الرئيس شي القمة الـ15 لمجموعة بريكس التي ستُعقد في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، ويقوم بزيارة دولة إلى جنوب إفريقيا في الفترة من 21 إلى 24 أغسطس، وأثناء وجوده في البلاد، سيترأس "شي" حوار قادة الصين وأفريقيا، كما سيطرح الرئيس الصيني مقترحات صينية لتعميق شراكة بريكس وتحسين آلية تعاون بريكس، والمساهمة بالحكمة الصينية، ورسم مخطط لتطوير العلاقات بين الصين وجنوب إفريقيا والعلاقات بين الصين وأفريقيا، وجعل كعكة التعاون أكبر، بحيث يصبح التقدم أقوى.

تُعقد قمة هذا العام تحت شعار "بريكس وأفريقيا.. شراكة من أجل النمو المتسارع المتبادل والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة"؛ حيث تُسلِّط الضوء على كيف يمكن لهذه الاقتصادات الناشئة تعزيز الروابط مع قارة تضم عددًا كبيرًا من الدول التي تنتمي أيضًا إلى الجنوب العالمي. وقد دعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أكثر من 60 رئيس دولة وحكومة إلى القمة في جوهانسبرج.

إنَّ مجموعة بريكس أتاحت للدول النامية فرصة لتعزيز تأثيرها وإيصال أصواتها في الحوكمة العالمية، وتمثل بريكس حاليًا حوالي ربع إجمالي الناتج المحلي العالمي وحوالي 40 في المائة من سكان العالم، وثمة آمال كبيرة يعقدها الخبراء والمراقبون على نتائج القمة. ويتمثل أحد محاورها الرئيسية في توسيع عضوية المجموعة.

وقد تطورت المجموعة لتصبح أكثر منصات التعاون فيما بين بلدان الجنوب تأثيرًا، علاوة على كونها محركًا مُهمًا للنمو العالمي؛ حيث تعمل 3 ركائز رئيسية على تعزيز آليتها، وهي التعاون السياسي والأمني، والتعاون الاقتصادي والمالي، فضلًا عن التبادلات الثقافية والشعبية.

وخلال السنوات العشر بين القمتين اللتين عقدتا في جنوب أفريقيا، نمت مجموعة بريكس- التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا- لتصبح إطارًا شاملًا ومتعدد المستويات يُؤدي دورًا حيويًا على الساحة العالمية. ومن ناحية أخرى، تم إثراء الصداقة بين الصين وأفريقيا مع ازدهار تعاونهما في جميع النواحي.

ولأن العالم يواجه العديد من أوجه عدم اليقين ويمر بتغييرات متسارعة لم يشهد لها مثيلًا منذ قرن من الزمان، يأمل المراقبون أن تؤدي زيارة شي والاجتماعات في جنوب أفريقيا إلى مواصلة ضخ الحيوية في آلية بريكس ودخول مرحلة جديدة من التعاون بين الصين وأفريقيا والتعاون بين بلدان الجنوب.

ويشكل إنشاء بنك التنمية الجديد في عام 2015 مَعلمًا رئيسيًا للتعاون بين دول مجموعة بريكس. ويهدف البنك- ومقره شانغهاي- إلى حشد الموارد لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في مجموعة بريكس والاقتصادات الناشئة الأخرى. وقد أظهرت الأرقام الصادرة عن البنك في وقت سابق من هذا العام، أن البنك وافق على ما يقرب من 100 مشروع بقيمة إجمالية تبلغ 33.2 مليار دولار أمريكي، هو ما يُساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الأعضاء فيه. كما قام البنك بتعزيز مؤهلاته الخضراء والمستدامة؛ حيث تركز حوالي 40 في المائة من مشاريع البنك على التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه.

ومن خلال بريكس نجد أن "الصين قدمت نموذجًا يُحتذى به في ممارسة التعاون متبادل المنفعة والقائم على قدم المساواة، ولعبت دور أمة عظيمة في مجموعة بريكس لتحقيق التوازن والاستقرار في العلاقات الدولية"، خصوصًا وأن هناك الكثير من الدول التي طلبت الانضمام للمنظمة ليكون لها تعاون أكبر مع الدول الداخلة في المنظمة؛ باعتبار أن هذه الدول تشكل جزءًا كبيرًا من التنمية العالمية، وهناك فرص عالمية واعدة للتعاون والتبادل، وقادم الأيام سيشهد تطورًا مُهمًا في حجم المجموعة وتأثيرها العالمي، ما يؤكد أنها ما زالت متمسكة بالمبادئ الأساسية القائمة على التعاون والتبادل.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: جنوب إفریقیا جنوب أفریقیا مجموعة بریکس بین الصین

إقرأ أيضاً:

أيرلندا تقدم إعلان تدخل بقضية جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي

قالت محكمة العدل الدولية، إن أيرلندا قد تقدمت بـ"إعلان تدخل" بقضية جنوب أفريقيا، ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك استنادا على المادة 63 من النظام الأساسي.

وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الإيرلندي، مايكل مارتن، قد أعرب عن قلقه العميق إزاء الهجمات التي شنها الاحتلال على آخر مستشفى رئيسي في شمال غزة، واعتقالها لموظفيه، في إشارة إلى مستشفى كمال عدوان. 

وقال مارتن، عبر بيان: "أشعر بقلق عميق إزاء التقارير الواردة من منظمة الصحة العالمية، التي تفيد بأن آخر مستشفى رئيسي في شمال غزة أصبح غير صالح للاستخدام جراء هجوم للجيش الإسرائيلي، وأن العاملين فيه، بمن فيهم مدير المستشفى (حسام أبو صفية)، تعرضوا للاعتقال".

وفيما تطرّق مارتن، إلى تحذير لبرنامج الأغذية العالمي بشأن عدم إمكانية ضمان الأمن الغذائي في غزة؛ في ظل هجمات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة. أكد على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني من قبل جميع الأطراف وفي جميع الأوقات، وحماية المستشفيات والمنظمات الصحية وعمال الإغاثة الإنسانية.


دول تتّهم الاحتلال.. تعرّف عليها

كانت حكومة جنوب أفريقيا قد رفعت في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2023 قضية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي تتّهمها فيها بـ"ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية على كامل قطاع غزة المحاصر".

تجدر الإشارة، إلى أنه لحدود اللحظة، طلبت تركيا ونيكاراغوا وكولومبيا وليبيا والمكسيك وفلسطين وإسبانيا الانضمام إلى طلب جنوب أفريقيا لدى المحكمة الدولية، غير أن المحكمة لم تبت بعد في هذه الطلبات.

وبتاريخ 29 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كانت جنوب أفريقيا، قد تقدمت بدعوى من 84 صفحة تعرض خلالها دلائل على انتهاك الاحتلال الإسرائيلي التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وكذا تورطها في "ارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".

إلى ذلك، كانت المحكمة قد أصدرت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، وهو ما أثار غضب دولة الاحتلال الإسرائيلي وحلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة، على الرغم من كونها ليست عضوا في المحكمة.


تشريعا لمعاقبة المحكمة
في سياق متصل، قدم رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، مايكل ماكول، "تشريعا" من أجل معاقبة المحكمة الجنائية الدولية لاستهدافها دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد تقديم مشروع القانون، قال رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري، مايك جونسون: "سوف نصوت الأسبوع الجاري على تشريع لفرض عقوبات ضد مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية".

وأشار جونسون إلى أنّ: "المحكمة لا تتمتع بأي سلطة قضائية على إسرائيل أو الولايات المتحدة"، فيما واعتبر أنه: "من غير المقبول أن تصدر الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت".

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، وضرب عرض الحائط كافة القوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان، يواصل الاحتلال الإسرائيلي، لأكثر من عام كامل، حرب الابادة الجماعية التي يشنّها ضد كامل قطاع غزة المحاصر.

أيضا، يتجاهل الاحتلال الإسرائيلي، في حربه الهوجاء، قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

مقالات مشابهة

  • رسميا.. انضمام إندونيسيا لمجموعة “بريكس”
  • ترحيب مصري بانضمام إندونيسيا لتجمع دول «بريكس»
  • القمة الثلاثية العاشرة| العلاقات المصرية اليونانية القبرضية ..شراكة تاريخية وحاضرة واعدة
  • عمرو خليل: مصر وقبرص واليونان نموذج للتعاون والشراكة
  • اتحاد الغرف: فرص استثمارية واعدة بين مصر وقبرص واليونان
  • أيرلندا تقدم إعلان تدخل بقضية جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي
  • السيسي: التعاون بين مصر وقبرص واليونان بات نموذجا للتعاون الإقليمي المتكامل
  • الصين: سنعمل مع دول أفريقيا لبناء الحزام الشمسي الأفريقي وتحقيق التنمية الخضراء
  • الصين: تعاون شامل مع بريكس الكبرى نحو مستقبل عالمي مشترك
  • تلفزيون بريكس: ماليزيا تسعى لتصبح مركزا عالميا في مجال التكنولوجيا الطبية