قال بهنام بن طالبلو، المدير الأول لبرنامج إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، إن التصريحات الأخيرة للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أثارت شكوكاً حول إمكانية بدء مفاوضات مع الولايات المتحدة.

اللحظة الحالية ليست مناسبة للدبلوماسية المبكرة

وأضاف الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية إن تراجع خامنئي الواضح عن المحادثات مع واشنطن ليس جديداً، وإنما يعكس نمطاً راسخاً من موازنة القوة وتجنب المساءلة.


وفي حين أن تعليقاته الأخيرة قد تحد من المناورات السياسية لطهران، فهي لا تستبعد إمكانية إجراء مفاوضات مستقبلية، بل تشير بدلاً من ذلك إلى محاولة لزيادة قوة إيران التفاوضية مع تجنب استعادة عقوبات "الضغط الأقصى" الأمريكية أو التهديد بالعمل العسكري. موقف إيران الهش

وربط الكاتب بين استراتيجية خامنئي وموقف إيران الهش سياسياً واقتصادياً فعلى الصعيد المحلي، تواجه إيران اقتصاداً منهاراً، ودفاعات جوية مشلولة، وسكاناً يشعرون بالإحباط بشكل متزايد تجاه النظام.
وعلى الصعيد الإقليمي، سقط حليفها الوحيد، نظام الأسد في سوريا، وتعرض وكلاؤها، مثل حماس وحزب الله، لضربات كبيرة. 

Tehran’s Trump Trap - The National Interest https://t.co/nvLUlJsQ1V

— Massoud Maalouf (@Massoudmaalouf) February 19, 2025

وعلى الصعيد الدولي، أصبحت إيران معزولة، وتعتمد بشكل كبير على الصين لشراء النفط الخاضع للعقوبات بينما تعمل في الوقت نفسه على توسيع برنامجها لتخصيب اليورانيوم. ولا تعد هذه الإجراءات علامات على حسن النية بل محاولات لبناء النفوذ وإخفاء نقاط ضعف طهران.
ورغم تصريحات خامنئي، اتخذت إيران خطوات لتبدو كأنها مع المفاوضات والتصالح. فقد امتنع وكلاء إيران في العراق عن مهاجمة المواقع الأمريكية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وأطلق المتمردون الحوثيون في اليمن سراح طاقم ناقلة كانوا قد احتجزوها كرهائن. وانخرطت طهران في "دبلوماسية الرهائن"، فأطلقت سراح سجناء مزدوجي الجنسية لكسب ود الدول الأوروبية.
الواقع أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان نفى أي تورط في مؤامرة لاغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب، على الرغم من الأدلة التي تشير إلى العكس. وتشير هذه الإجراءات إلى محاولة يائسة لخلق بيئة مواتية للمفاوضات.
ومع ذلك، يحذر الكاتب من الخلط بين مبادرات إيران هذه وأي تغيير حقيقي في سلوكها، نظرا لأن عداء طهران تجاه ترامب عميق، ويتجذر في ثلاثة عوامل رئيسة:
1. دعم المحتجين الإيرانيين: دعم ترامب علناً المتظاهرين الإيرانيين خلال احتجاجاتهم المناهضة للنظام. ويتناقض دعمه الصريح بشكل حاد مع استجابة الرئيس أوباما الفاترة لاحتجاجات عام 2009.
2. سياسة "الضغط الأقصى": ألحقت عقوبات ترامب خلال ولايته الأولى أضراراً اقتصادية غير مسبوقة بإيران، متجاوزة خسائر الحرب الإيرانية العراقية. ومن خلال استهداف صادرات النفط والاقتصاد الإيراني من جانب واحد، أثبت ترامب أن العقوبات يمكن أن تكون فعالة دون دعم متعدد الأطراف.
3. القضاء على قاسم سليماني: كانت الضربة الأمريكية بطائرة دون طيار التي قتلت سليماني، رئيس فيلق القدس الإيراني، ضربة استراتيجية ونفسية لطهران. فقد عطلت العملية النفوذ الإقليمي لإيران وأفقدت النظام توازنه، كما يتضح من رده الخافت على إسرائيل في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول). 

Foundation for Defense of Democracies - Tehran’s Trump Trap @ https://t.co/SkCqOXNPi9

— drdivine (@drdivine) February 19, 2025

ونظراً لهذا التاريخ، فإن الإشارات المتضاربة التي ترسلها إيران لا تتعلق بالسعي إلى السلام بقدر ما تتعلق بتخفيف نقاط ضعفها الحالية. ويستخدم النظام الدبلوماسية كأداة لكسب الوقت وتقليل الضغوط وتجنب المزيد من الانتكاسات الاقتصادية أو العسكرية.

المسار المتوقع للولايات المتحدة وقال الكاتب إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تكثف الضغوط على إيران بدلاً من التسريع بالمفاوضات. ويمكن تحقيق ذلك من خلال عدة تدابير:
1. تشديد العقوبات: التركيز على تعطيل مبيعات النفط الإيرانية إلى الصين، شريان الحياة الاقتصادي الأساسي لها. من خلال وقف هذا التدفق من الإيرادات، يمكن للولايات المتحدة أن تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الإيرانية وإجبار النظام على تقديم تنازلات.
2. زيادة التهديدات العسكرية: تعزيز إمكانية العمل العسكري الأمريكي أو الإسرائيلي لإبقاء طهران على حافة الهاوية. ويمكن أن يردع الخوف من الضربات الجوية أو التدخلات العسكرية الأخرى إيران عن المزيد من الاستفزازات.
3. التقليل من أهمية المحادثات: التقليل علناً من احتمالات المفاوضات لتجنب منح إيران اليد العليا. ومن خلال الحفاظ على موقف صارم، يمكن للولايات المتحدة الضغط على طهران للجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر ملاءمة.
4. دعم المعارضين الإيرانيين: الاستمرار في تضخيم أصوات حركة المعارضة الإيرانية. ومن خلال تسليط الضوء على إخفاقات النظام ودعم الناشطين المؤيدين للديمقراطية، يمكن للولايات المتحدة تقويض شرعية طهران وزيادة الضغوط المحلية على النظام. تعليقات حامنئي...محاولة لكسب النفوذ وذكر الكاتب أن تعليقات خامنئي الأخيرة قد تبدو وكأنها تستبعد المفاوضات، لكنها تشكل جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً للتلاعب بالتصورات وكسب النفوذ، مؤكداً أن ظروف إيران والتصريحات الخارجة منها تعكس أزمة يعانيها النظام.
لذا، دعا الكاتب الولايات المتحدة إلى استخدام الوسائل المتاحة لإجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروطها الخاصة، وذلك من خلال تكثيف العقوبات، والحفاظ على الضغط العسكري، ودعم المعارضة الإيرانية.
ورأى الكاتب أن اللحظة الحالية ليست مناسبة للدبلوماسية المبكرة، بل للصبر الاستراتيجي والعزيمة. ومن خلال استغلال نقاط ضعف إيران ورفض مكافأة استفزازاتها، يمكن للولايات المتحدة تحقيق نتيجة أكثر ملاءمة في تعاملاتها مع طهران.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: إن الرسائل المختلطة التي تبعث بها إيران هي علامة على اليأس، وليس حسن النية، ويجب على الولايات المتحدة أن ترد بالقوة، وليس بالتنازلات.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: آيدكس ونافدكس رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية خامنئي إيران إيران وإسرائيل إيران خامنئي ترامب الولايات المتحدة أسلحة نووية یمکن للولایات المتحدة الولایات المتحدة ومن خلال من خلال

إقرأ أيضاً:

هل تعقد إيران صفقة مع أمريكا أم تمضي في طريق صنع أول قنبلة نووية؟

هل ستتمكن إيران من صنع أول قنبلة نووية أم ستنجح في التوصل إلى اتفاق مع الغرب وتحت أي ظرف؟ أسئلة نحاول الإجابة عليها في هذا التقرير

اعلان

بدأ النشاط النووي الإيراني في خمسينيات القرن الماضي، بدعم أمريكي ضمن برنامج "الذرة مقابل السلام". وقامت البلاد تحت حكم الشاه بتركيب مفاعل أبحاث بقدرة 5 ميغاوات في جامعة طهران عام 1967، عبر استخدام وقود يورانيوم مخصب بنسبة 93% تم توريده من الولايات المتحدة.

انتقلت طهران في السبعينيات إلى التعاون مع الدول الأوروبية لاستكمال برنامجها النووي، حيث وقعت عقدًا مع شركة سيمنز الألمانية لبناء محطة بوشهر للطاقة النووية، وهو مشروع أكملته روسيا بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979.

وحين كشفت الجمهورية الإسلامية عام 2002 عن منشآت ناتانز وآراك، فرض الغرب المزيد منالعقوبات واشتدت الضغوط على إيران.إلى أن جاء عام 2015، عندما نجحت المفاوضات في التوصل إلى الاتفاق النووي المسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة، الذي تم توقيعه بين إيران ومجموعة ال5+1 المؤلفة من الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا.

لكن مع تغير الإدارة الأمريكية ومجيئ الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة، انسحبت واشنطن من الاتفاق في مايو أيار 2018، مما دفع إيران إلى تقليص التزاماتها النووية والاقتراب أكثر من القدرة على إنتاج قنبلة نووية.

وبينما تقول طهران إن برنامجها النووي "سلمي"، تتزايد المخاوف الغربية من تحوله إلى طموحات نووية عسكرية. ومع سعي ترامب إلى ممارسة مزيد من الضغط، تبقى خيارات الجمهورية الإسلامية متنوعة، حيث يمكنها اللجوء إلى المفاوضات أو التصعيد العسكري.

إيران والقنبلة النووية: ثلاثة سيناريوهات محتملةالسيناريو الأول - الأكثر احتمالاً: إيران على وشك بناء قنبلة نووية، لكن لا يوجد قرار حاسم في هذا الاتجاه حتى الآن. إذ تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪، وهو ما يمكن أن يصل سريعًا إلى 90٪ وهي النسبة اللازمة لصناعة الأسلحة النووية. ويؤكد المسؤولون الإيرانيون أن استراتيجيتهم هي خلق نفوذ من خلال التخصيب لزيادة الضغط في المفاوضات والردع دون تجاوز الخط الأحمر. لكن تشير مصادر الاستخبارات الغربية إلى أن طهران قد تكون على "حافة الحصول على القدرة النووية".السيناريو الثاني - احتمال قوي: إيران قد تكون قد قررت بناء قنبلة نووية، لكنها لم تبدأ التنفيذ الفعلي بعد. فإذا اختارت التوجه نحو اقتناء السلاح النووي، فيمكنها الحصول على اليورانيوم المخصب اللازم لإنتاج قنبلة في غضون "بضعة أيام". علاوة على ذلك، فإن إيران لا تواجه تحديات كبيرة في بناء رأس حربي أو منصة إطلاق، حيث تمتلك صواريخ باليستية مثل خرمشهر وساجيل التي تستطيع حمل رؤوس حربية.السيناريو الثالث - الأقل احتمالاً: طهران قد تكون قد أكملت بالفعل بناء القنبلة النووية، ولكن هذا يبقى السيناريو الأقل احتمالاً. إذ لا توجد أدلة قاطعة من أي وكالة استخبارات تدعم هذا الادعاء، ويبدو أن القيادة في طهران تدرك أن مثل هذا التصرف قد يؤدي إلى تفكيك النظام الحاكم. مقارنة بالوضع في الهند وباكستان أو كوريا الشمالية، لا ترغب إيران في أن تصبح في وضع كالذي تعيشهبيونغ يانغ، حيث سيؤدي ذلك إلى عزلة شديدة وغير محتملة على مستوى الشعب والحكومة.Relatedإيران تفرج عن الفرنسي أوليفييه غروندو بعد 900 يوم سجنإيران في مواجهة العقوبات: دعم الصين وروسيا يفتح الباب للحوار النوويخامنئي يرد على ترامب: التهديدات الأمريكية ضد إيران لن تجدي ولن تحقق أي نتائج التريث و"الفحص الكامل" سيدا الموقف .. كيف ردّت إيران على رسالة ترامب؟إيران تحت نير العقوبات

تعد إيران ثاني دولة في العالم بعد روسيا من حيث عدد العقوبات المفروضة عليها. وعلى الرغم من مرور 46 عامًا على العقوبات التي فرضت عليها، فإن الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني قد اعتادا على العيش في ظل هذه القيود. ورغم ما يُسمى بـ"الصبر الاستراتيجي"، الذي يوشك على الانهيار، تمكنت طهران دائمًا من إيجاد طرق للاستمرار، من خلال توسيع علاقاتها مع الصين وروسيا، فضلاً عن إيجاد طرق مبتكرة ووسطاء لبيع نفطها الذي يخضع للعقوبات.

لكن الوضع أصبح أكثر صعوبة، حيث أدى ارتفاع التضخم، وتدهور قيمة الريال، والسخط العام، والعقوبات المشددة إلى وضع اقتصادي صعب للغاية. وتذكر هذه الضغوط الجميع بالظروف التي دفعت طهران لقبول الاتفاق النووي"خطة العمل الشاملة المشتركة" في عام 2015، لكنها اليوم أشد وطأة. فالجمهورية الإسلامية تصارع من أجل ضخ دماء جديدة في اقتصادها المتعثر وهي تُدرك أنه لا يمكنها العيش في عالم اليوم دون أن تكون لها علاقات وتفاعل مع دول أخرى.

بين الاتفاق أو الحرب مع إسرائيل والولايات المتحدة

تتبنى إسرائيل، التي تمتلك أسلحة نووية ولم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، "عقيدة بيغن" التي تتعهد بموجبها بعدم السماح لإيران أو لأي دولة مجاورة بامتلاك أسلحة نووية. وقد كانت هذه العقيدة أساسًا للهجمات الإسرائيلية الاستباقية على مفاعل أوزيراك العراقي عام 1981، وأيضا على المنشآت النووية السورية عام 2007.

من جانبها، لا ترغب الولايات المتحدة، ولا الاتحاد الأوروبي، ولا حتى حلفاء إيران الاستراتيجيين مثل روسيا في اقتناء طهران أسلحة نووية. تظل هذه القضية محط اهتمام كبير على الصعيدين الدولي والإقليمي. كما أن الجيران العرب، مثل السعودية والإمارات، يعتبرون هذه المسألة في غاية الأهمية، لما لها من تأثير مباشر على أمن المنطقة واستقرارها.

رسالة ترامب لخامنئي: التفاوض أو التصعيد

الرسالة الآن في يد الشخص الذي أمر يوما باغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، أحد أقرب مستشاري الزعيم الإيراني علي خامنئي وأكثرهم تأثيرًا، بالقرب من مطار بغداد. وقد أصبحت الكرة الآن في ملعب مرشد الثورة، مما يفتح المجال أمام احتمالات تحول كبير في سياسة إيران تجاه الولايات المتحدة، رغم أن خامنئي كان قد صرح في وقت سابق قائلاً: "أنا لا أتفاوض معك، إفعل ما تريد، بحق الجحيم".

وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن خامنئي لم يغلق الباب تماما أمام المفاوضات. إذ ثمة إشارات تدل على أن إيران قد تكون مستعدة لاستئناف التفاوض بشرط تقديم ضمانات معينة، خصوصًا إذا تم تقديم هذه الضمانات عبر قنوات دبلوماسية قبل بدء المحادثات الرسمية.

في السابق، كان خامنئي قادرًا على إلقاء اللوم على الحكومة الإيرانية الحالية بشأن إخفاقات المفاوضات مع الغرب، ولكن اليوم، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، يواجه مرشد الثورة تحديًا أكبر. لا يمكنه تجاهل دوره في تعميق الأزمة الراهنة والمعاناة التي يعيشها الشعب الإيراني. ومع ذلك، يعرف خامنئي أن استمرار سياسات المواجهة مع واشنطن قد يؤدي إلى تقليص قاعدة دعمه في الداخل الإيراني وفي المنطقة، ما يضعه أمام خيارات صعبة ومعقدة.

هل تنجح المباحثات الموازية بين إيران وأوروبا في منع اندلاع الحرب؟

انخرطت إيران في أكبر حرب تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية من خلال الزج بمسيراتها من نوع شاهد، وهي خطوة جريئة لم يكن هدف طهران منها إلا إرضاء موسكو وتقديم الدعم لها على الساحة الدولية وهي أيضا خطوة لتخفيف الضغوط العالمية عليها. لكن الثمن كان غاليا وهو الدخول في مواجهة أكثر حدة مع الغرب والاتحاد الأوروبي. وقد بررت طهران موقفها ذاك بأن الأوروبيين كانوا دائما يصطفون إلى جانب الولايات المتحدة وضد إيران وأنه كان عليها أن تختار انطلاقا من مصالحها الوطنية.

ولا يقل توجس المرشد الإيراني من أوروبا عن توجسه من أمريكا. إذ صرح مؤخرا: "قولهم إن إيران لا تفي بالتزاماتها قائم على منطق القوة، وهذا واضح جدا. أنتم وعدتم بأنكم ستعوضون الأضرار الناجمة عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بشكل أو بآخر، بعدها قلتم شيئا آخر وقدمتم وعدا ثانيا".

وبدءا من تاريخ 18 أكتوبر 2025، فأن بريطانيا وفرنسا وألمانيا باعتبارها الدول الموقعة على الاتفاق النووي، لن يكون بإمكانها تفعيل ما يسمى بآلية "الزناد" “snapback” أو آلية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران. فعند ذلك التاريخ، سينتهي مفعول تلك العقوبات التي نص عليها القرار الأممي رقم 2015.

اعلان

وكانت دارت مناقشات في الأشهر الأخيرة حول احتمال تفعيل تلك الآلية قبيل انتهاء المهلة. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق أو التمكن من تمديد القرار الأممي رقم 2231 بحلول ذلك التاريخ، فمن المحتمل أن تعيد الدول الغربية فرض العقوبات. وسيكون يوم ال17 أكتوبر هوآخر يوم لاستعمال الآلية وإلا فتصبح غير قابلة للاستخدام.

ورغم أن ترامب لا يعول كثيرا على دور بروكسل، يمكن للأوروبيين أن يلعبوا دورا مؤثرا في الوساطة بهدف التتوصل إلى اتفاق نووي جديد من خلال من خلال منح حوافز اقتصادية لطهران. إذن أن التوتر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط يؤثران على أمن أوروبا واقتصادها وبالتالي فإن دولا مثل فرنسا وألمانيا معنية بإقامة علاقات اقتصادية مع إيران إذا ما كان هناك تفاهم وتحسن في العلاقات الثنائية.

عليه، وأن أوروبا لم تلتزم بتعويض الأضرار الناتجة عن انسحاب الولايات المتحدة اتفاق عام 2018. وترى طهران أن أوروبا لم تحقق وعودها بخصوص معالجة العقوبات الأمريكية، وهو ما دفعها إلى اتخاذ خطوات بديلة تتماشى مع مصالحها الوطنية.

وفي ما يتعلق بآلية "الزناد" أو "snapback"، التي تسمح باستعادة العقوبات الدولية ضد إيران، هناك مناقشات في الأروقة الأوروبية حول إمكانية تفعيلها قبل الموعد المحدد في أكتوبر 2025. لكن إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد أو تمديد قرار الأمم المتحدة بحلول ذلك التاريخ، فسيكون من الممكن للدول الغربية تفعيل هذه الآلية لاستعادة العقوبات المفروضة على إيران.

اعلان

لكن الاتحاد الأوروبي الواقع تحت تأثير واشنطن، لم يكن لديه ما يكفي من استقلالية وفاعلية حتى يستطيع تقديم ضمانات من شأنها تخفيف أثر العقوبات الأمريكية. وإذا ما حدث وتعثرت المحادثات وانتهت بشن هجوم أمريكي إسرائيلي على إيران، فإن التكتل سيكتفي في أكثر الحالات تفاؤلا بالتعبير عن رفضه للجوء إلى خيار الحرب لكن لن يكون بمقدوره منع اندلاع المواجهة العسكرية.

رغم محدودية تأثير الاتحاد الأوروبي في بعض القضايا الكبرى، يمكن لدول مثل فرنسا وألمانيا لعب دور حيوي في التوصل إلى اتفاق نووي جديد من خلال تقديم حوافز اقتصادية لإيران. ومع ذلك، يظل تأثير الولايات المتحدة كبيرًا على السياسة الأوروبية، ما يعوق قدرة الاتحاد على تقديم ضمانات حقيقية لإيران بشأن تخفيفالعقوبات الأمريكية. إذا فشلت المحادثات النووية، قد يجد الاتحاد نفسه عاجزًا عن منع التصعيد العسكري إذا اتخذت الولايات المتحدة أو إسرائيل إجراءات ضد إيران.

وكلاء طهران في الشرق الأوسط

يقول ترامب إنه مستعد للتفاوض مع إيران إذا تخلت عن برنامجها النووي "بشكل كامل" وأنه سيحمل طهران مسؤولية أي هجمات يشنها الحوثيون. وبناءً على ذلك، فإن أي اتفاق بينواشنطن وطهران لن يقتصر على المسائل النووية والاقتصادية فقط، بل إن قدرات إيران الصاروخية ودعمها للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط ستكون أيضا ركنا رئيسيا في المحادثات وفي أي اتفاق محتمل.

يطالب الإيرانيون، أكانوا في أعلى هرم السلطة أو على مستوى رجل الشارع، بان يكون لهم "مكان في النظام الدولي" سواء في ظل حكم رجال الدين أو بدونه.

اعلان

فمن هم في السلطة لا يزالون تحت تأثير دعاية الثورة والإسلام السياسي، أما الشارع كأمة إيرانية، فهو لا يستنكف عن التفكير في استعادة أمجاد الامبراطوية السابقة أكان ذلك عن وعي أم عن غير وعي.

وبالتالي فإنه يمكن للسلطة أن تقدم مثلا تنازلات في المجال النووي وتتوقف عن تخصيب اليورانيوم لكنها لن تمنح ترامب أوراقها الرابحة وهي قوة الردع الصاروخي وعلاقتها بحزب الله.

النفط وفوائده للاقتصاد الإيراني

لكن استمرار المثالية الإيرانية أكان في ظل نظام الملالي أو بدونه، مستحيل دون تصدير النفط، العصب الرئيس لاقتصاد البلاد. فلا صادرات الفستق ولا سجاد أباطرة المال ولا الصواريخ ولا مسيّرات شاهد بقادرة على تعويض الفراغ الذي تتركه العائدات البترولية في خزينة حكومة وشعب لا يستطيع العيش دون البنزين والخبز المدعم. وإيران لم تنجح بعد في تجاوز ما يسمى بالمرض الهولندي وهو الارتباط بين الازدهار الاقتصادي ووفرة الموارد الطبيعية. وعليه، فإن طهران قد سقطت في شرك اقتصادٍ أحادي المصدر يعتمد بشدة أساسا على الاعتماد الشديد على عائدات النفط الذي تزخر به البلاد.

هل أمام طهران خيارات أخرى غير التوصل لاتفاق مع ترامب؟

هل يمكن للنظام أن يقايض وينسى محور المقاومة وإطلاق الصواريخ مقابل ديناميكية اقتصاد النفط وتبني خيار السهولة وعدم المبالاة الذي ينتهجه الجيران العرب في الخليج الفارسي؟ هذا احتمال غير وارد في حسابات أغلب رجالات الدبلوماسية والسلطة بشكل عام فجميعهم يضع عينيْه المصير الذي لقيه العقيد الليبي معمر القذافي.

اعلان

إن الحل الوحيد أمام الإيرانيين هو التفاوض والمساومة التي حشروا أنفسهم داخلها. والخيار الأفضل بالنسبة للنظام هو أن يبقى الوضع على ما هو عليه وتجنب أقصى قدر ممكن من الضغوط الأمريكية لكن القيادة في طهران ستحاول هذه المرة شراء الوقت وبأدنى جهد حتى نهاية الولاية الثانية لدونالد ترامب. أمريكا، هذه القوة العظمى والشيطان الأكبر تريد اتفاقا، وقد منح الرئيس الجمهوري طهران مهلة شهرين من أجل ذلك.

تواجه القيادةُ الإيرانية مشكلتين رئيسيتين في مواجهة واشنطن: هما الاقتصاد وعدم إشراك المجتمع والأمة ككل. فمجيء ترامب قد صعّب الأمور أمام الجمهورية الإسلامية. إيران التي ليس لديها حليف وصديق قوي يمكن الاعتماد عليه في يوم من الأيام. وهي لا تستعين بقوى أجنبية وأنها تحقق مثُل ثورتها الإسلامية وأنها أيضا تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تقول إنها ستردّ على الحرب بالحرب.

لكن خيار الحرب ليس مصلحة إيرانية. إذ أن مزيدا من الضغوط من جانب ترامب سيفاقم الظروف الاقتصادية وإذا ما اندلعت حرب، فإن طهران لن تكون الرابحة. إذا استهدفت البوارج والقواعد الأمريكية أو الدول العربية أو إذا أقدم الحوثيون على إغلاق مضيق هرمز أو باب المندب، فإنها ستواجه ردا من العرب. كما أن النظام يدرك أيضا أن روسيا لن تستجيب لصراخه.

وعلى غرار الاتفاق النووي المعروف أيضا بخطة العمل الشاملة المشتركة، فإن طهران ستتفاوض مجددا لكن ليس كما في السابق. فهي عام 2015، قبلت بالاتفاق على أمل تحقيق انفراجة اقتصادية. لكن انسحاب الرئيس ترامب، خلق لدى إيران حالة من عدم الثقة. لذا فهي قد تقبل باتفاق محدود وعلى مراحل، بمعنى آخر أنها ستوافق على خطة لا تكبّلها ومع ضمانات أكثر قوة بأن واشنطن لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى والمحافظة على برنامج نووي سلمي مع مراقبة مكثفة ومشددة.

اعلان

إن ما يهدد السلطة والبلد برمته ليس هجوما من الخارج قد تشنه إسرائيل وأمريكا على "النظام الثوري" الذي يفتقر للموارد المالية اللازمة والمناسبة، بل هو تهديد يأتي من الداخل ويتمثل في حالة السخط الشعبي بسبب الوضع الاقتصادي السيء الذي يواجه خطر الإفلاس.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لترامب: "لن أتفاوض معك وافعل ما شئت" ترامب يوجه رسالة إلى إيران: التفاوض أو التصعيد العسكري وزير خارجية إسرائيل: الوقت ينفد وإيران تمتلك ما يكفي لصنع قنبلتين نوويتين إسرائيلروسياالصينالاتحاد الأوروبيدونالد ترامببرنامج الصواريخ الإيرانياعلاناخترنا لكيعرض الآنNext خامس ليلة من الاحتجاجات في تركيا بعد أن أمر القضاء بسجن خصم أردوغان أكرم إمام أوغلو يعرض الآنNext كايا كالاس تزور إسرائيل للاستفسار عن عودة الحرب على غزة يعرض الآنNext وزارة الصحة: حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية في غزة تتجاوز 50 ألفًا يعرض الآنNext ستيف ويتكوف في مديح بوتين: إنه قائد عظيم وقد صلّى لأجل ترامب بعد حادث إطلاق النار يعرض الآنNext رئيس وزراء كندا يدعو إلى انتخابات مبكرة في نيسان المقبل اعلانالاكثر قراءة ترامب: أنا الوحيد القادر على إيقاف بوتين.. وعلاقتي جيدة معه ومع زيلينسكي أزمة بيض في فرنسا بسبب رمضان؟ المسلمون يردّون بسخرية على الاتهامات ضحايا حريق النادي الليلي في جمهورية مقدونيا الشمالية يُشيَّعون إلى مثواهم الأخير الكابينيت الإسرائيلي يصادق على إنشاء إدارة خاصة لـ"الهجرة الطوعية" من غزة إلى دول ثالثة القضاء التركي يصدر حكماً بسجن إمام أوغلو والمعارضة تتهم الحكومة بالسعي لإقصائه اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبقطاع غزةفلاديمير بوتينإسرائيلروسياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسطنبولرجب طيب إردوغانحركة حماستركياأوكرانياالصينالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • هذا "لم ولن يحدث".. واشنطن توضح غرض رسالة ترامب إلى إيران
  • واشنطن تواصل التصعيد ضدّ طهران.. استعداد لاتخاذ إجراءات جديدة!
  • إيران تحذر من تداعيات التصعيد الإسرائيلي الجديد ضد لبنان
  • هل تعقد إيران صفقة مع أمريكا أم تمضي في طريق صنع أول قنبلة نووية؟
  • أنور قرقاش: نجاح زيارة طحنون بن زايد للولايات المتحدة يعكس مصداقية الإمارات
  • قرقاش: زيارة طحنون بن زايد للولايات المتحدة تعكس مصداقية ونجاح الإمارات
  • إيران: لم يعد ممكنًا التفاوض مع واشنطن ما لم تتغير بعض الأمور
  • هل تستعيد إيران نفوذها في سوريا؟
  • صحيفة أمريكية: ترامب يخطط لضرب إيران من العراق في حال لم تنفذ طلباته
  • هل تتّجه إيران للتعامل مع الحوثيين على غرار حزب الله بعد تهديدات ترامب؟