منتدى 2025 – كيف يصنع الإعلام السعودي مستقبل الإقليم؟
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
للعام الثاني على التوالي، أشارك في منتدى الإعلام السعودي، ذلك الحدث الذي أصبح منصةً تجمع أبرز القادة الإعلاميين وصنّاع القرار والخبراء من مختلف أنحاء العالم. وكراصدٍ لهذا التطور، أجد نفسي أمام تحول رقمي وإعلامي غير مسبوق، لا يقتصر على السعودية وحدها، بل يشمل المنطقة العربية بأكملها، مما يجعلني أشعر بسعادة غامرة بأننا نعيش عصرًا جديدًا للإعلام بكل أبعاده.
جذور الإعلام السعودي: من الصحافة المطبوعة إلى الثورة الرقمية
لا يمكن فهم الحاضر دون استحضار الماضي. بدأ الإعلام السعودي مع تأسيس صحيفة "أم القرى" الرسمية عام 1924، تلاها ظهور مجلة "اليمامة" (1952) وصحف مثل "الجزيرة" و*"عكاظ"* (1960)، التي شكلت نقلةً في الصحافة المحلية. وفي الستينيات، دخلت السعودية عصر الإعلام المرئي بإطلاق التلفزيون السعودي (1965) والإذاعة (1949)، لتصبح أول دولة خليجية تبث محتوى مرئيًا ومسموعًا. ومع تأسيس وزارة الإعلام عام 2003، بدأ عصر التخطيط الاستراتيجي للإعلام، الذي بلغ ذروته مع رؤية 2030، حيث تحولت السعودية إلى مركز إقليمي للإنتاج الإبداعي والرقمي.
المنتدى: منصّة تجمع الفكر والتقنية
هذا العام، شهد المنتدى حواراتٍ عميقةً حول مستقبل الإعلام الرقمي، وأخلاقيات الصحافة، وتأثير الذكاء الاصطناعي على المحتوى الإعلامي، إلى جانب الدور المتزايد لمنصات البث الرقمي في تشكيل المشهد الإعلامي العربي. كما قدمت شركات صناعة الصوت والصورة أحدث ابتكاراتها، إلى جانب العروض المذهلة لصنّاع أجهزة البث الرقمي، مما أتاح فرصةً لرؤية كيف أصبحت التكنولوجيا الحديثة تساهم في تطور الإعلام.
تحديث تقني: لفتت تقنيات مثل الواقع الافتراضي (VR) والذكاء الاصطناعي التوليدي الأنظار، خاصة بعد إطلاق منصات سعودية مثل "إثراء" و**"شاهد"** التي تعتمد على تحليل البيانات لتخصيص المحتوى، مما يعكس تبنيًا غير مسبوق للتقنية في صناعة الإعلام المحلي.
الإعلام السعودي.. قاطرة النهضة الإعلامية العربية
الإعلام السعودي، خلال السنوات الأخيرة، أصبح نموذجًا للتحول والتحديث، سواء من خلال توسيع نطاق الصحافة الرقمية أو تطوير قنوات البث الإخبارية والترفيهية، أو حتى الاستثمار في صناعة الأفلام والدراما.
استراتيجيات مبتكرة:
• سينمائيًا: تأسيس "هيئة الأفلام" (2018) ومهرجان البحر الأحمر السينمائي (2021) حوّلا السعودية إلى وجهةٍ لإنتاج الأفلام العالمية.
• إعلاميًا: قناة "العربية" و**"الإخبارية"** أصبحتا نموذجين للصحافة الاحترافية المؤثرة إقليميًا.
• تشريعيًا: إطلاق "نظام الإعلام" الجديد (2022) الذي ينظّم قطاع الإعلام ويشجع الاستثمار الأجنبي.
هذا التطور لم يكن محليًا فقط، بل امتد تأثيره إلى العالم العربي بأسره، حيث تشهد الدول الأخرى حراكًا مشابهًا في تطوير بيئتها الإعلامية، مستفيدةً من التجربة السعودية.
صعود المنصات الإعلامية والترفيهية: من الاستهلاك إلى التفاعل
التطور اللافت في قطاع البث الرقمي والمنصات الترفيهية كان محورًا أساسيًا في المنتدى. فالمنصات الإعلامية لم تعد مجرد ناقلٍ للمحتوى، بل أصبحت قوةً مؤثرةً في تشكيل الرأي العام، سواء عبر الأخبار أو البرامج الوثائقية أو حتى المحتوى الترفيهي.
تجارب رائدة:
• "تيد إكس الرياض" و**"منصة نفهم"** التعليمية: نموذجان لمحتوى عربي تفاعقي يدمج بين الترفيه والمعرفة.
• الرياضة الإلكترونية: السعودية أصبحت رائدةً عربيًا في هذا المجال عبر استثمارات ضخمة في "الاتحاد السعودي للألعاب الإلكترونية"، وبثّ مسابقات عالمية.
• الشراكات الدولية: تعاون السعودية مع منصات مثل نتفليكس وأمازون برايم لإنتاج أعمال درامية تعكس الهوية المحلية بقالب عالمي.
الإعلام العربي.. نحو أفق جديد
لم يعد الإعلام العربي محصورًا في قوالبه التقليدية، بل أصبح جزءًا من مشهدٍ عالميٍ أكثر ديناميكية، بفضل الاستثمار في التقنيات الحديثة، والانفتاح على التجارب العالمية، والتفاعل المستمر مع الجمهور عبر وسائل التواصل الحديثة.
تدريب الكوادر: أشار المتحدثون إلى مبادرات مثل "برنامج خادم الحرمين الشريفين للإعداد القيادي" و**"كلية الإعلام"** في جامعة الملك سعود، التي تُعد جيلًا جديدًا من الإعلاميين القادرين على قيادة التحول الرقمي.
منتدى الإعلام السعودي لم يكن مجرد مؤتمر، بل كان إعلانًا عن مرحلةٍ جديدةٍ من النهضة الإعلامية، حيث تتجاوز التطورات الحدود الوطنية لتشمل المنطقة العربية بأكملها، مما يجعلنا أمام تحدٍ كبير، ولكنه يحمل في طياته فرصًا هائلةً لمستقبل إعلامي أكثر تطورًا وتأثيرًا.
ثقافة الإبداع وتحقيق الرؤية
التحول الذي يقوده الإعلام السعودي ليس تقنيًا فحسب، بل هو جزء من رؤيةٍ ثقافيةٍ أوسع تهدف إلى بناء "مجتمع معرفي" ينقل صورة المملكة كحاضنةٍ للإبداع. عبر الجمع بين الأصالة والابتكار، يكتب الإعلام السعودي فصلًا جديدًا في تاريخ الإعلام العربي، يُعيد تعريف دور المنطقة في المشهد الإعلامي العالمي.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الإعلام السعودی
إقرأ أيضاً:
19 طرازًا معماريًا ضمن خريطة العمارة السعودية ترسم مستقبل المدن في المملكة
تشهد المدن في المملكة تحولًا عمرانيًا غير مسبوق، يعيد رسم ملامحها بهوية مستوحاة من جذورها الثقافية وبيئتها المحلية، ضمن مشروع “خريطة العِمَارَة السعودية” الذي يقدم 19 طرازًا معماريًا مستلهمًا من تنوع المملكة الجغرافي والحضاري.
ويهدف المشروع إلى تحقيق تنمية عمرانية متوازنة تجمع بين الأصالة والحداثة، وتسهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز جاذبية المدن في المملكة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.
وتكتسب “خريطة العِمَارة السعودية” أهميتها من خلال ما تعكسه من تنوع ثقافي وجغرافي، وما ستشكله على المدى البعيد من تطوير مدن حضرية مستدامة متجانسة مع طبيعتها المحلية وتعد العمارة السعودية مفهومًا عمرانيًا متكاملًا يعرّف بالعمارة الأصيلة والمتنوعة في مختلف مناطق المملكة، ويعززها من خلال موجهات تصميمية تحقق التوازن بين الأصالة والحداثة، وتسهم في تقديم حلول معمارية معاصرة تعكس القيم الجمالية والتراثية للمملكة، لتطوير بيئة عمرانية حديثة في الطابع المحلي.
وتجسيدًا للهوية العمرانية تأتي الخريطة بصفتها إحدى المشاريع الوطنية التي تعيد صياغة ملامح المدن في المملكة، وتفاصيل الحياة ضمن طابع معماري معاصر يرتكز على الإنسان والمكان، ليُجسد الهوية الوطنية وروح كل منطقة.
وتعتمد الخريطة على 19 طرازًا معماريًا جرى اختيارها بعناية لتتناسب مع طبيعة وثقافة كل منطقة، بما يشكل امتدادًا للبيئة المحلية ومرآة تعكس التنوع الجغرافي والثقافي، وتوفر خيارات مرنة تلبي مجموعة واسعة من الرغبات وتناسب أنماط العيش المختلفة تشمل العمارة النجدية، والعمارة النجدية الشمالية، وعمارة ساحل تبوك، وعمارة المدينة المنورة، وعمارة ريف المدينة المنورة، والعمارة الحجازية الساحلية، وعمارة الطائف، وعمارة جبال السروات، وعمارة إصدار عسير، وعمارة سفوح تهامة، وعمارة ساحل تهامة، وعمارة مرتفعات أبها، وعمارة جر فرسان، وعمارة بيشة الصحراوية، وعمارة نجران، وعمارة واحات الأحساء، وعمارة القطيف، وعمارة الساحل الشرقي، والعمارة النجدية الشرقية.
وترتكز الخريطة على موجهات تصميمية مرنة تتوزع على ثلاثة أنماط رئيسة النمط التقليدي الذي يحفظ تفاصيل العمارة التراثية، والنمط الانتقالي الذي يمزج بين الأصالة والحداثة، والنمط المعاصر الذي يقدم حلولًا حديثة مستلهمة من الطابع المحلي.
ويُنتظر أن تُحدث “خريطة العمارة السعودية” أثرًا اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، بتقدير مساهمة تتجاوز 8 مليارات ريال في الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وتوفير أكثر من 34 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بحلول 2030، مع دور فاعل في دعم قطاع السياحة من خلال تقديم مدن متفردة في طابعها المعماري الجاذب.
وتنطلق العمارة السعودية في مرحلتها الأولى من أربع مدن رئيسة مكة المكرمة، والأحساء، والطائف، وأبها، نماذج أولى لتطبيق الطُرز العمرانية الأصيلة على أن تُعمم لاحقًا في باقي مدن المملكة.
اقرأ أيضاًالمجتمعمتطوعو “تعظيم البلد الحرام” يقدمون خدمات جليلة بإرشاد ومساعدة ضيوف الرحمن
وضمن خطة التنفيذ، تعتمد “العمارة السعودية” على شراكات متكاملة مع الجهات الحكومية والمطورين العقاريين والمكاتب الهندسية، وتقدم من خلال مركز دعم العمارة السعودية أستديوهات للتصميم الهندسي ومراجعة التصاميم، إضافة إلى ورش عمل تدريبية لتأهيل الكفاءات الوطنية في مجالات التصميم والهندسة، وتُعد العمارة السعودية رافدًا مهمًا في تعزيز الهوية الوطنية، وتحقيق التنمية المستدامة عبر اعتماد مواد بناء محلية وحلول تصميمية تلائم متطلبات العصر، فضلًا عن كونها ركيزة لإثراء الثقافة الوطنية والمشهد الفني والإبداعي، عبر مدن تعكس تراث المملكة وتتفاعل مع طابعها البيئي.
وتوازن الموجهات التصميمية للعمارة السعودية بين الجودة والاستدامة دون أن تؤدي إلى زيادة تكاليف البناء، وتعتمد على تصاميم مرنة لا تفرض قيودًا مكلفة، مما يجعلها قابلة للتطبيق في المشاريع الحكومية والتجارية والسكنية دون تحميل الملاك والمطورين أعباء إضافية، وتعزز جاذبية المدن من خلال بيئات عمرانية مستوحاة من الطابع المحلي، مما يسهم في ترسيخ مكانتها السياحية والثقافية، وينعكس ذلك إيجابيًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة أعداد الزوار والسياح، وتنشيط القطاعات المرتبطة بالسياحة والضيافة، مما يحفز النمو الاقتصادي ويشجع الاستثمار في المدن في المملكة، ويسهم في رفع إجمالي الناتج المحلي التراكمي.
وتُمثل “خريطة العمارة السعودية” مشروعًا وطنيًا متكاملًا لتطوير هوية عمرانية، من خلال طُرز معمارية مستلهمة من ثقافة كل منطقة، كما تسهم هذه المبادرة في بناء مدن مستدامة تعكس التنوع الطبيعي والثقافي للمملكة، وترتقي بجودة الحياة وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وتؤكد العمارة السعودية دورها في تعزيز الهوية الوطنية داخل المشهد الحضري، وتحقيق تنمية عمرانية تواكب متطلبات العصر، ويشمل توفير بيئة معيشية متكاملة للسكان، وتجربة غنية للزوار تبرز الإرث الثقافي والمعماري الفريد للمملكة، لتكون مدنها مرآة حية لقيمها وتاريخها العريق.
يذكر أن “خريطة العمارة السعودية” مشروع وطني جرى تطويره بالشراكة مع وزارة البلديات والإسكان، ومركز دعم هيئات التطوير السعودي، وبرنامج جودة الحياة، وبدعم من جهات حكومية وهندسية متعددة، لتجسد طرز معمارية مستوحاة من ثقافة وبيئة كل منطقة، وتسهم في تشكيل هوية عمرانية متفردة تعكس روح المكان والإنسان.