نھج أمریكي أكثر جرأة لإنھاء الحرب في السودان: معالجة التھدیدات الرئیسیة وتحدید المصالح
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
الأھلیة الدائرة في السودان الیوم تسببت في أسوأ أزمة إنسانیة في العالم وأثارت أعمالًا إبادة جماعیة. كما أنھا تشكل تھدیدات وفرصًا جدیدة للولایات المتحدة. ھنا، یتم توضیح ھذه التھدیدات والفرص لأولئك الذین یقیّمون الإجراءات التي قد تتخذھا الولایات المتحدة، إن وجدت، بشأن الصراع في السودان. من الأھمیة بمكان أن تحدد أي سیاسة تتعلق بالسودان
بقلم: السفیر دونالد إي.
الأھلیة الدائرة في السودان الیوم تسببت في أسوأ أزمة إنسانیة في العالم وأثارت أعمالًا إبادة جماعیة. كما أنھا تشكل تھدیدات وفرصًا جدیدة للولایات المتحدة. ھنا، یتم توضیح ھذه التھدیدات والفرص لأولئك الذین یقیّمون الإجراءات التي قد تتخذھا الولایات المتحدة، إن وجدت، بشأن الصراع في السودان. من الأھمیة بمكان أن تحدد أي سیاسة تتعلق بالسودان خطوطًا إرشادیة داخلیة واضحة حول المصالح الأمریكیة، وبالتالي تحدید ما یستحق استخدام القوة والنفوذ الأمریكي لتحقیقھ أو منعھ. تحدید المصالح والتھدیدات الأمریكیة في السودان.
یشكل الصراع الحالي في السودان تھدیدات خطیرة محتملة للولایات المتحدة، وأبرزھا خطر عودة الإرھاب. فقد استضاف النظام الإسلامي الذي حكم السودان لمدة ثلاثین عامًا حتى عام 2019 أسامة بن لادن وغیره من المنظمات الإرھابیة التي استھدفت الولایات المتحدة وإسرائیل. ومن السودان، خطط تنظیم القاعدة لھجمات إرھابیة عام 1998 على السفارات الأمریكیة في شرق إفریقیا والھجوم على المدمرة الأمریكیة یو إس إس كول عام 2000. أنھت الثورة الشعبیة في 2018 و2019 ذلك النظام.
ومع ذلك، یعتمد الجیش السوداني (القوات المسلحة السودانیة - SAF) الآن بشكل متزاید على القوى السیاسیة الإسلامیة المتجددة والمیلیشیات المسلحة التي تعود جذورھا إلى النظام السابق في حملتھ ضد قوات الدعم السریع (RSF)، التي ارتكبت إبادة جماعیة في بعض المناطق التي تسیطر علیھا. قد یكون اعتماد قیادة الجیش السوداني على الدعم الإسلامي نتیجة نقص البدائل القابلة للتطبیق أكثر من كونھ بسبب توافق أیدیولوجي. یمكن أن یؤدي عودة حكومة إسلامیة في أعقاب انتصار الجیش إلى إحیاء التھدید الإرھابي للولایات المتحدة. كما قد یؤدي ذلك إلى تنفیذ اتفاق النظام السابق لمنح روسیا قاعدة بحریة على البحر الأحمر، وتعزیز النفوذ الاقتصادي الصیني، وإحیاء التعاون الأمني الإقلیمي مع إیران.
إلى جانب كونھا تھدیدات للمصالح الأمریكیة، بما في ذلك حریة الملاحة في البحر الأحمر، فإن ھذه النتائج غیر مرغوبة لشركائنا الإقلیمیین الرئیسیین – مصر، والإمارات العربیة المتحدة، والمملكة العربیة السعودیة. كما أن التزام السودان باتفاقیات إبراھام سیكون معرضًا للخطر مع عودة القوى السیاسیة الإسلامیة السودانیة. لن یتم ترسیخ النفوذ الأمریكي في السودان وتحقیق الاستقرار إلا من خلال إنشاء حكومة مدنیة دیمقراطیة غیر إسلامیة تعمل مع قوات مسلحة سودانیة موحدة ومھنیة.
تنسیق نھجنا مع الشركاء الرئیسیین في المنطقة – مصر، السعودیة، والإمارات العربیة المتحدة یكمن مفتاح تحقیق السلام المستدام وتجنب النتائج الضارة بالمصالح الأمریكیة في
تنسیق نھج الشركاء الإقلیمیین. حالیًا، تدعم مصر الجیش السوداني (SAF)، بینما تدعم الإمارات العربیة المتحدة قوات الدعم السریع (RSF). الفرصة المتاحة لجعل مصر والإمارات تتعاونان تكمن في رغبتھما المشتركة في منع عودة النظام الإسلامي. أما المملكة العربیة السعودیة، فھي غیر مھتمة برؤیة السودان یعود إلى الوضع الذي كان علیھ قبل عام 2019، عندما كان بحاجة دائمة إلى الموارد بدلاً من أن یكون وجھة استثماریة مستقرة. ھناك مؤشرات على أن الإمارات قد تعید تقییم دعمھا لقوات الدعم السریع في ضوء انتكاساتھا العسكریة الأخیرة.
یجب أن تركز المشاركة الأمریكیة بشأن السودان أولاً وقبل كل شيء على تحقیق تفاھم مع ھذه الدول الثلاث وبینھا حول كیفیة إنھاء الحرب عبر اتفاق یحمي المصالح الأمنیة والسیاسیة والاقتصادیة الأساسیة للولایات المتحدة وشركائھاالإقلیمیین في السودان. التوفیق بین المصالح الاقتصادیة والحكم المدني والعسكري یتطلب تحقیق المصالح الأمریكیة تعاونًا سودانیًا بالإضافة إلى التعاون الإقلیمي. أثبتت الثورة في 2018-2019 الرغبة العارمة للسودانیین في حكومة مدنیة دیمقراطیة. یمكن لتحالف مدني واسع للسلام أن یسرّع تحقیق السلام وإعادة ھیكلة الحوكمة. ومع ذلك، لا یمكن تحقیق ذلك إلا إذا تم طمأنة قیادة الجیش السوداني بأن القوات المسلحة الموحدة والمھنیة ستظل ركیزة مؤسسیة رئیسیة ولاعبًا اقتصادیًا مھمًا في السودان الجدید.
ھناك بالفعل أدلة على أن أعدادًا متزایدة من المدنیین السودانیین ینظرون إلى الجیش السوداني كمنقذ من الأفعال المفترسة لقوات الدعم السریع. في عام 2021، أطاح الجیش السوداني وقوات الدعم السریع معًا بالحكومة الانتقالیة المدنیة إلى حد كبیر لأن تلك الحكومة بدت وكأنھا تتخذ إجراءات عدوانیة لتقویض المصالح الاقتصادیة للقوات المسلحة وقوات الدعم السریع. في الآونة الأخیرة، أشارت قیادة الجیش السوداني إلى انفتاحھا على حكومة انتقالیة. في المستقبل، قد تكون ھناك فرص للعمل مع تحالف مدني أوسع من الأحزاب السیاسیة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الشعبیة، لا سیما إذا كان ذلك سیسرع من إنھاء الحرب.
كلما طال أمد القتال، زاد اعتماد الجیش السوداني على الإسلامیین ومیلیشیات أمراء الحرب الإقلیمیة، مما یؤدي إلى تكوین تحالفات ھشة وتقلیل سیطرة الجیش السوداني بشكل عام. ھذا یھدد أھداف الجیش السوداني وكذلك المصالح الأمریكیة المستقبلیة. المساعدات الإنسانیة الكبیرة التي قدمتھا الولایات المتحدة في السودان تمنحھا نفوذًا لدى المدنیین السودانیین، خاصة إذا تم توجیھ المزید منھا إلى “غرف الطوارئ الشعبیة”. كما أن العقوبات المفروضة على قیادة الجیش السوداني تمنح الولایات المتحدة القدرة على التوصل إلى اتفاق بین الجیش والمدنیین.
إن وجود سودان مدني یقوده جیش محترف وموحد یمكن أن یمكّن البلاد من الالتزامباتفاقیات إبراھام ویؤسس لشریك أفریقي استراتیجي مستعد للتعاون في مجالات أخرى ذات أھمیة للولایات المتحدة. قوات مسلحة سودانیة موحدة ومھنیة عنصر رئیسي آخر مطلوب لجعل السودان مستقرًا وقابلًا للحكم وجاذبًا للاستثمار الأمریكي والإقلیمي ھو تشكیل جیش وطني واحد مستدام. قد یؤدي إقناع قیادة الجیش السوداني بأن الولایات المتحدة مستعدة، من خلال العمل أساسًا مع شركائنا الإقلیمیین الرئیسیین، للمساعدة في تشكیل قوة موحدة ومھنیة إلى كسب تعاون الجیش السوداني في حمایة المصالح الأمریكیة ووضع السودان على طریق الحكم المدني الدیمقراطي.
قد تنضم بعض المیلیشیات المسلحة المتحالفة مع الجیش السوداني طوعًا، بینما قد تحتاج أخرى إلى حوافز لقادتھا وأفرادھا، في حین قد یكون من الضروري قمع البعض بالقوة. إنشاء جیش وطني موحد ومھني ھو في مصلحة شركائنا الإقلیمیین الذین یریدون شریكًا موثوقًا بھ على طول قناة السویس والبحر الأحمر ونھر النیل، وبالتالي فھم مؤھلون بشكل جید لمساعدة السودان في ھذه المھمة الضروریة.
توفر مشاركة الولایات المتحدة مع السودان فرصة لیس فقط لتجنب نتائج خطیرة محتملة، ولكن أیضًا لبناء تعاون مفید مع الشركاء الرئیسیین في الشرق الأوسط. إن وجود سودان مدني یقوده جیش موحد ومھني یمكن أن یعزز التزام السودان باتفاقیات إبراھام، ویجعل منھ شریكًا أفریقیًا استراتیجیًا مستعدًا للتعاون في المجالات الأخرى ذات الاھتمام الأمریكي.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قیادة الجیش السودانی المصالح الأمریکیة قوات الدعم السریع للولایات المتحدة الولایات المتحدة فی السودان کما أن
إقرأ أيضاً:
منظمة Global Justice تكرم في دمشق سفير الولايات المتحدة الأمريكية لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب
دمشق-سانا
عُقد اليوم مؤتمر جائزة Global Justice السنوية لتكريم سفير الولايات المتحدة الأمريكية لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب والذي أقامته منظمة Global Justice تحت عنوان “بناء سوريا عادلة، سلمية، وديمقراطية”، وذلك في فندق البوابات السبع بدمشق.
ونوهت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات، في كلمة لها، بالجهود الكبيرة التي قدمها السيد راب في دعم العدالة في سوريا وفضح جرائم النظام بحق السوريين، مشيرة إلى أنه تكريماً لضحايا النظام سيتم إنشاء مشفى باسم الدكتور مجد كم ألماز الذي قُتل داخل معتقلات النظام البائد، إضافة إلى إنشاء مركز لدعم الشباب وضحايا المعتقلات باسم مازن حمادة الذي عُذّب وقُتل كآلاف السوريين في معتقلات النظام البائد.
بدورها بينت نائب رئيس منظمة Global Justice ميساء قباني في كلمة لها أن سوريا الجديدة الحرة تفخر بكل أبنائها الذين قدموا خلال سنوات الثورة كل غالٍ لدعم بلادهم، سواء كانوا داخل سوريا أو خارجها، بما فيها منظمات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن المغتربين، بمن فيهم المقيمون في الولايات المتحدة، جاؤوا إلى سوريا بعد التحرير لتقديم المساعدة في بناء سوريا.
من جهته لفت سفير الولايات المتحدة لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب، في كلمة له، إلى الجهود الكبيرة التي بُذلت لتوثيق جرائم النظام البائد عبر التعاون مع سوريين شجعان خاطروا بحياتهم لفضح فظاعة تلك الجرائم وتعريف العالم بها، والتي شملت التعذيب والقتل في السجون، والاعتقال، والإخفاء القسري، ومحاصرة المناطق وتجويعها، ومنع وصول الدواء إليها، واستخدام الأسلحة الكيماوية، وانتهاك اتفاقية جنيف، مشيراً إلى أن جرائم نظام الأسد تُعد من أبشع الجرائم التي ارتُكبت في القرن الحالي، والتي مورست في ظل صمت دولي.
وبيّن راب أن تلك الجرائم وُثّقت بشكل أفضل بكثير مما وُثّقت به الجرائم التي ارتكبها النظام النازي خلال الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن الجهود التي بُذلت خلال سنوات الماضية أفضت إلى دفع القضاء في بعض الدول إلى اعتقال عدد من مسؤولي النظام البائد الذين عاشوا في الولايات المتحدة وأوروبا.
ورأى راب أن صور “قيصر” التي أنكرها النظام وأكدت صحتها المؤسسات المختصة، كانت سبباً أساسياً في دعم الحملة الدولية التي عرّت نظام الأسد، إضافة إلى الشهادات الخاصة بالمقابر الجماعية، والتي وُثّقت بصور الأقمار الاصطناعية، مؤكداً أنهم على استعداد للتعاون مع الحكومة والسلطات السورية للمضي في تحقيق العدالة من خلال توثيق الجرائم، والكشف عن مصير المختفين قسرياً وضحايا المقابر الجماعية عبر إجراء تحاليل /DNA/ ومحاسبة الأشخاص المسؤولين عنها.
تخلل الفعالية عرضٌ لأهم ما قامت به المنظمة في سوريا من مشاريع دعم وتمكين على الصعد الاقتصادية والسياسية والصحية، والسعي نحو رفع العقوبات، وبناء المدارس في المخيمات وغيرها، وفي نهاية الفعالية تم تسليم درع التكريم للسفير ستيفن راب.
تابعوا أخبار سانا على