شعراء يستحضرون عرار والمرأة والأرض في ختام فعاليات مهرجان سمر الثاني للثقافة والفنون
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
#سواليف -محمد الاصغر محاسنه / اربد .
اختتمت فعاليات #مهرجان_بيت_سمر الثاني للثقافة والفنون الذي افتتح يوم الخميس الماضي بالشعر ، والذي استمر لمدة ثلاثة أيام، بفعاليات متنوعة من #موسيقى و #قراءات_شعرية لمجموعة من #الشعراء .
الأمسية التي أدار مفرداتها الأديب خليل كناني بامتياز شارك فيها كل من الشعراء : د.
الشاعر خالد الشرمان قرأ مجموعة من القصائد التي قدمها بين الشعر الفصيح والعامي ، قدم قصائد عاينت فيها الذات وهموم الناس ، ومن قصيدة له يقول الشرمان:
أسافر لكن قلبي معك
وأبحث عنك لكي أسمعك
وعند المساء أراك هناك
تلاحق نورا بذاك الفلك
وأسأل عنك نجوم الليالي
هديل الحمام الذي ضيعك
فلا أنت تأتي واا أنت تمضي
وأبقى أناجيك ما أجملك
وقرأ الدكتور الشاعر رامي العودات مجموعة من القصائد التي تغنت بالوطن والانسان ومن قصيدة يقول :
( جسدي غريب وروحي عندها تقف
هزي السرير فأني الأن أرتجف
أليس في اليم من يأتي ليرجعني
إلى ضفافك كي أدنو وأعترف
سرق المطار قطوف العمر منتشيا
وليس يأتي بهن العذر والاسف
حزني على بلدي لا الدمع يفهمه
حزني تعجب منه النخل والنجف
زيتون قريتنا ما عاد يعرفني
لما رأني الى الغرباء أنصرف)
الشاعرة والناقدة الدكتورة ليندا عبيد قرأت مجموعة من القصائد الحديثة تمثل خصوصية المرأة بلغة عالية نالت إعجاب الحضور . تقول في إحدى قصائدها التي قرأتها :
(وغبت حبيبي كأن لم تجيء ولم نلتقي
وأسأل عنك طيور الطريق
وحقل الفراش الذي يحترق
ونادت عليك الوجوه البعيدة
وعقد صغير بجيد الأرق
وهمس تلوى بقلب الورق)
واختتمت القراءات الشعرية بقراءات للدكتور الشاعر محمد محمود محاسنة الذي قدم مجموعة من قصائده استحضر عرار ، والحبيبه، تفاعل معها الحاضرون ولامست هموم الإنسان في همه اليومي في سبيل العيش، يقول المحاسنة في مقطع مما قرأ :
قد عدت من زمن الضياع فعودي
وذري التراب إلى جنان خلودي
ما أشرقت سمس القصيد قشيبة
حنى نثرت على الحياة قصيدي
إن كنت في سفر الحياة مضيئة
فأنا الذي صنع الحياة نشيدي .
وقبل نهاية الأمسية أعلن الشاعر أحمد الكناني رئيس بيت سمر للثقافة والفنون مدير المهرجان أن بيت سمر سعيد بالتبشير بولادة شاعر يسعده أن يقدمه وهو الشاعر الشاب أحمد خليل كناني الذي قرأ قصيدة عمودية تدفقت كالماء العذب قافية ورويًّا وفكرة وبنائية حارقة في ثوب لغوي أخاذ ، يقول أحمد خليل في مقطع منها :
ولقد هجعت إلى فراشي ليلة
وفراق من أهوى أنام جنانيه
فرأيت مغبرًّا سعى من قبره
سمح المحيا والطعان أرانيه
نادى أيا وادي سأروي قصتي
فاسمع رعاك الله ما أعنانيه
فعلى ضفاف النهر كنت محاربًا
وعدوت من أقصى الحجاز علانية
وأتيت يرموك الجهاد مسارعًا
لأجزّ رأس الروم من بلدانيه
وفي ختام الأمسية آخر أيام المهرجان كرم مدير مهرجان بيت سمر الثقافي الشعراء المشاركين والداعمين .
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف مهرجان بيت سمر موسيقى الشعراء مجموعة من
إقرأ أيضاً:
قيمة الانتماء في مجموعة بنكهة البرزخ للشاعر يونس البوسعيدي
يُعدُّ الانتماء حالة وجودية عميقة ترتبط بهويته وثقافته وتاريخه. الشاعر يعيش الانتماء كجزء أساسي من تكوينه الإبداعي، حيث يصبح هذا الانتماء مصدر إلهامه وقوة تعبيره. الانتماء أيضًا يخلق لدى الشاعر مسؤولية تجاه مجتمعه، فهو لا يكتب لنفسه فقط، بل يصبح صوتًا يعبر عن آمال وآلام الجماعة التي ينتمي إليها. من خلال شعره، يمكن أن يعبر عن قضايا وطنه، يدافع عن قيمه، أو حتى ينتقد ما يراه معيقًا لتقدمه. هو الجسر الذي يربطه بماضيه وحاضره، وهو البوصلة التي توجه إبداعه نحو المستقبل. يُعدُّ الشاعر صاحب قضية، كما يُعدُّ الثائر بطبيعة الحال؛ فهو يعكس حال وواقع مجتمعه وأمته وظواهر هذا المجتمع وما فيه وما يعاني، وهو بصورة تامّة يرسم بوعيه الجمالي صورة واضحة المعاني الجمال، ويكون ذلك عفواً؛ أي من خلال إيمانه بقضيته التي يتحدث عنها، ولا يلبث الشاعر إلا أن يتبنى من ضمن هذه القيم الجمالية قيمةَ الانتماء؛ فهو لا يغفل عن هذه القيمة لما لها من أثر جمالي يصنع كينونته الشعرية وتفاعله الإنساني مع مجتمعه ووطنه؛ فهو عندما يخلّد هذا الانتماء –ونعني الانتماء الوطني – يعكس صورة جمالية لذاته بوعي مختلف عن القيم الأخرى، ولعلَّ هذه القيمة من أهمّ القيم لما تعنيه في فكر الشاعر وهويته ويمه الأخرى؛ فالشاعر عندما يبرز انتماءه لوطنه، فهو يجمع أغلب القيم الثانية: (الحزن والحب والألم والحياة والموت والسعادة)، ويمكننا أن نشاهد هذه القيمة في الشعر العماني المعاصر الذي عزّز هذه القيمة من خلال شعرائه الذين أولوها كلّ أهمية؛ فالشاعر يونس البوسعيدي يُعدُّ مثالاً ممتازاً جسَّد هذه القيمة بصورة حداثية جمالية جديدة بعيداً عن الاستعمال العادي المستهلك، إنَّما بقالب تتداخل فيه نكهات العام والخاص، فنجده يقول في قصيدة "أحجية في مرآة امرأة هولندية" من مجموعه بنكهة البرزخ:
"مسقطُ أحجيةٌ في مرآة امرأة هولندية
قالت:
((مسقطُ أمُّ الناسِ
الناسُ بمسقط مرجُ زهور يُسقى من حبٍ واحدْ
في مقهى في ((شطّ القرم)) و ((سوق السيب))
كما أسنان المشطِ
هنا الإنسانُ هو الميزانْ"
مسقطُ بنت الحبِّ، وبنت الحصنِ، وبنت النخل، وبنت البحر، وتلبس خنجر كالتنورْ
و (المريول) كأقفاصٍ من ذهبٍ لعصافير الفستانْ
مسقط يرمقها الحصنُ
ولكن يغفو في شاطئها الحورْ
مسقطُ بنت السمت الذهبي المتلألئ ...
وهي العذراءُ التختلس الرقص الشرقيَّ إذا سدرتْ في الخلوةِ والألحانْ
كالصوفيّ ينادمُ في محبسه السّجّانْ".
يظهر في هذا النصّ قيمة الانتماء بصورة سامية وذكية، يستخدم فيها الشاعر شيفرات سيمائية تقرّب القيمة الجمالية إلى النصّ، وتسبغ عليها طابعاً دلالياً جديداً محمّلاً بالحوار والدهشة والرمز؛ إننا نلحظ هذا منذ العنوان الذي كان حداثياً جداً، الأحجية هي السرُّ الذي يدور حوله موضوع الانتماء الذي يديره على لسان امرأة (هولندية )، ولعلّ اختياره لكونها هولندية ينبع من رغبته في أن يكون الحديث على لسان غريب، فهو لم يقل عمانيّة، ليكون الحديث أصدق، وليدلل على أنَّ الجميع يحبّون عمان ليس فقط أولادها، وأنَّ الحديث على لسان امرأة يعطي النص عاطفةً أصدق، فالشاعر بدأ الحديث بلسان المرأة ليعطي النص صدقه وعاطفته. في قوله (مسقط أم الناس) إشارة إلى أنّ مسقط وطنٌ جامع، يلمّ شمل الإنسانية جمعاء، يكتمل المشهد في حديثها فترى الإنسان في عمان حراً والناس جميعاً سواسيةً لا يفرق أحدهم عن الآخر في شيء، يسود العدل في النظر إليهم بشراً في وطن يحترم إنسانيتهم، وذكر الأماكن في النص دليل على قوة هذه الفكرة؛ المقهى والسوق أهم مكانين يجتمع بهما الناس من كل لون ، لا يلبث الشاعر العماني يطرح فكرة انتمائه لوطنه، ولا ينسى أن يصور محيطه ومكانته في داخل هذا الانتماء الاجتماعي والثقافي الذي يكوّنه ويتعايش معه وقد يختلف عنه أحياناً؛ فهو مع إبراز عاطفته التي تظهر في اعتزازه بهذا الانتماء، يظهر كينونته الاجتماعية داخل مجتمعه وما يعكس داخل هذا المجتمع، وأيضاً يصور حاله فيه وما يجابهه، وما يحاوله في رسمه الذي يستخدم فيه الكلمات:
"مسقط يشجر فيها الرعدُ بصوت النهّام
يصعد فيها المخيال لأعلى من نخلة فرضٍ بسمائلْ
والشاعرُ يطفو كبلادٍ بمدار السرطانِ
على أصداءِ قبائلْ
ويكسّر أسر الكلماتِ ليحيي سربَ أيائلْ
والمعنى جرحٌ خمريٌّ سائلْ
والرؤيا جوهرةٌ
تظهر دلالات قيمة الانتماء الجمالية في النص من خلال لمحات بلاغية بيانية، فعلى صعيد المعنى نجد فكرة الانتماء حاضرة بقالب بياني يؤكد فيه الشاعر على ذكر ضمير الـ (نا) أي نحن، ليؤكد فكرة الاتحاد والانصهار مع الجماعة، وهذا التوكيد مهم جداً، لا سيّما أن الانتماء الذي يتطرق إليه الشاعر انتماءٌ وطني يمثل هوية الشاعر ونزعاته وعواطفه:
"شرفات الحصن أمّي أثّثتها
بالحكايات: (ألا ياما.. وياما)
أفقها القاني كما التاريخ سرٌّ
دمُنا للأفق قد كان مُقاما
والسماوات لنا قد أرسلتنا
للطواغيت قياماتٍ ضراما
نحن معنى قولهم (ذات عمادٍ)
بالعمانيين دين الحبِّ قاما
ويظهر الشاعر متحدثاً باسمه المنصهر مع اسم الجماعة التي ينتمي إليها وهم أبناء وطنه، يصفهم ويفصل في صفاتهم وعاداتهم ومواقفهم وأيامهم، ولا ننسى أنَّ العلاقة بين الإنسان والانتماء علاقةٌ تلازمية، يتنوّع فيها التلازم (الانتماء) بتنوّع العلاقات الإنسانية في مكان وزمان محددين، فهو ظاهرة إنسانية قُدمى يرقى تاريخها إلى بداية تاريخ الوجود الإنساني نفسه. وإنَّ الرابط الأولى الذي يربط بين المرء وانتمائه هو الحب؛ فبتجربة الشاعر الإنسان لا بد من ظهور العاطفة التي تعدّ ركيزة من ركائز الانتماء الذي يمثّل جملةً من العواطف.
* فاطمة حيدر العطاالله شاعرة وروائية سورية