ابراهيم الصديق على يكتب: اجندة المستقبل فى رؤية الوطني (1-2)
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
(1) أول ردود الأفعال على مشروع حزب المؤتمر الوطني (أجندة المستقبل) هو السؤال: هل هذه الرؤية للتداول ؟ ام للتشاور الداخلي ؟..
وكانت من قناعاتى لفترات طويلة (أن النقاشات الداخلية للتيار الاسلامي أثمرت وعياً لدى قاعدته ، وكانت خصماً عليه لدى بقية القوي والراى العام ، الذين ترسخ فى ذهنهم غياب التداول والشورى) ، ولو أن التيار الاسلامي والوطني فتح دوره وإجتماعاته للعامة ، ربما أكتشف الناس سعة الآراء والطرح والنقد والمقترحات ، وهذا ما تفطنت إليه هذه الورقة حيث طرحت الرؤي للحزب وللاحزاب الاخرى وللراى العام ، وهذه نقطة محورية.
وثاني الاشارات العامة ، ان (أجندة المستقبل) نقلت النقاشات من التوضيحات والتلميحات والتفسيرات إلى رؤية كلية مفتوحة ، تضمنت آراء صريحة فى أمر الحكم والانتقال والاقتصاد والاعلام والترتيبات الدستورية والمحاسبة والعدالة ، واغلب الشواغل السياسية والوطنية الكبيرة ، وهذا مرتكز مهم ومنطلق لأى حوار أو شراكة أو حتى معرفة توجهات ، وهى مبادرة تتجاوز الركون السياسي للاقتراب من الآخرين..
وثالثاً ، فإن الرؤية قدمت أكثر صور التفاعل السياسي تسامحاً وقبولاً بالآخر دون إستثناء لأى مجموعة سياسية وعدم إسقاط الآراء الفردية على القوى السياسية..
تلك نقاط عامة ، أولية فى طرح المستقبل لحزب المؤتمر الوطني برئاسة مولانا احمد محمد هارون ، وقد كان واضحاً الدقة فى استخدام المفردات والتعبيرات دلالة على خلفية قانونية..
(2)
ومع ذلك فإن ثمة نقاط ضرورية لابد من النظر إليها
واولها: هو تطور مفهوم العقد الإجتماعي ، ووسائله واطرافه ، فلم يعد الأمر علاقة بين سلطة حاكمة وفرد ، وإنما بين سلطة حاكمة ومجموعات مصالح ومجتمعات مترابطة وافراد ومجتمع مدني ، ولذلك كان حرياً بهذه الورقة النظر بتعمق أكثر إلى مجموعات المجتمع المدني وقضاياه واطرافه من جمعيات وشرائح إجتماعية ونقابات وتكتلات ، لقد اصبح تأثير هذه الفئة كبيراً على الراي العام ، فالقضايا والتوجهات أكبر من الارتباطات الحزبية والتنظيمية..
وثانياً: فإن للحرب تأثيرات على الرأى العام ، وعلى طريقة التعامل مع الظروف المحيطة ، وخلاصتها (التركيز على المصلحة الاقرب ، فى الحى ، وفى المنطقة وفى المدينة وفى الجهة) ، سيكون هناك تأثيرات على ابناء مدني ككتلة سكانية ومجتمعية ، والقضية الاهم فيها الاعمار وضمان الاستقرار وتوظيف الموارد ، وهذا سيكون شعار سنجة والدندر والسوكى والكاملين ورفاعة وأم روابة والفاشر ، كما هو مركز اهتمام الخرطوم وامدرمان وبحرى ، وهذه دائرة تستبطن اهمية التعامل مع المطالب والحقوق المجتمعية والاهلية..
(3)
ومع أن هذه الملاحظات ذات تركيز على جوانب اجتماعية ومهمة ، فإن اكثر القضايا إلحاحاً فى ذهن القوى السياسية السودانية وفى المحيط الاقليمي وفى بعض المحافل الدولية هو طبيعة العلاقة مع المؤسسة العسكرية ، وهى نقطة لابد من تفكيك ابعادها ، وتجديد الموقف والتعهد واضحاً:
– المؤتمر الوطني لن يسعى إلى السلطة إطلاقاً من خلال أى خيار عسكري ، هذا قرار لا رجعة عنه ، ودعم الانتقال الراهن هو حالة اقتضتها الضرورة..
– لن يسعى المؤتمر الوطني اليوم أو الغد لأى مكسب سياسي أو مغنم من دوره فى المدافعة عن الوطن فى معركة الكرامة ، فهو فصيل ضمن اصطفاف وطني شامل..
واجمالاً ، هذه أكثر الاطروحات وضوحاً ، بل وتقدماً فى رؤيتها وقيمتها..
ابراهيم الصديق
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی
إقرأ أيضاً:
في وداع أخي الصديق علي أبرسي
بسم الله الرحمن الرحيم
حسن تاج السر - لندن
{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ}
ايام كئيبة قد مضت ودعنا فيها رفاة رمز من رموز الوطنية والخير والفضيلة ومكارم الأخلاق. وبرغم هول الفاجعة كان لزاما علينا الصبر بهدي التوكل واليقين.
قال المتنبي
"وما الموت إلا سارق دق شخصه**
يسعي بلا كف ويمشي بلا رجل"
فالموت كلمة قاسية تسقع علاقات الناس وتبدد أحلامهم حين تكون النازلة في حجم فقدنا العظيم نهرع الي قول الله تعالى
{" ان للمتقين عند ربهم جنات النعيم"}
وايضاً صور المتنبي حاله حين قال
" صــرتُ إذا أصابتني سهامٌ ** تكسّرتِ النِّصالُ على النصال "
وقال
" كَأَنَّ المَــوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ ** وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ"
"وأفجع من فقدنا من وجدنا عند الفقد مفقود المثال"
ولد علي أبرسي وترعرع في سنينه الاولي عند أخواله ووالدته حاجه الحرم عبدالرحيم بالنهود الي ان انتقل مع والده الكريم الي كورتي مقر الكوارته الكرام. وأُلحق بالخلوة حيث حفظ قدراً من القران انعكس في ثقافته، ثم ارتحل الي امدرمان ملتحقا بالمعهد العلمي وهناك أجاد علوم الدين واللغة العربية ثم بعد ذلك امتطي جواد العصامية بدء بعمله التجاري بالدويم ثم النهود مروراً بنيالا فزالنجي ثم هبط عائداً الي أمدرمان ومارس تجارة عمومية الي ان حباه الله بذكائه اللماح بدخول قطاع النقل وكان ذلك فتحا عظيما أبلى فيه بلاء حسنا لحسن ادارته وبفضل مواهبه العديدة اصبح من كبار رجال قطاع النقل وصار مرجعاً وهادئاً لشئون النقل كما اغتنم فرصة دخول القطاع الخاص في مجال الغاز وأسس شركة ابرسي للغاز التي أصبحت ايضاً من كبريات شركات الغاز وأسهمت مع غيرها في تخفيف ضائقة الحاجة الي الغاز وكان لها اثرها في حياة المواطنيين.
أدار عمله بحنكة ودراية والتزم فيها جانب المهنية والاستقامة الأخلاقية والنزاهة في التعامل مع الآخرين حيث كان يتوخي العفة والنزاهة والرزق الحلال وهذا شي وجزء من طبائعه الحميدة التي عرفناه بيها.
إنه رجل مجتمع يشارك الناس لحظاتهم خيرها وشرها، علي سجاياه كريمة وخصاله عظيمة مروءة دافقة وكرم اصيل دون تكلف او رياء وهو دوماً من طبعه حسن استقبال قاصديه في بشاشة وابتسامة تخرج من وجه طلق صبوح.
كانت له إسهاماته في مجال التعليم وإنشاء مدارس اساس تحمل اسمه في شمال أمدرمان وايضاً أسهم في الجامعة الأهلية وكذلك جامعة الأحفاد بمفهوم عطاء القادرين علي فعل الخير من رجال الأعمال.
علي أبرسي رحمه الله كان رجل أعمال ناجح وسياسي فطن ومحدث لبق ومحاور بارع أديب مطبوع وشاعر مجيد. حديثه عذب وأنسه جميل ومجلسه عامر وله حضور باين في ساحات العمل العام ترك فيها اسماً لامعاً عرف بالشجاعة وقوة المنطق كما قال شوقي
"ربت الشجاعة في الرجال جلائل
**وأقلهن شجاعة الاراء "
ستبقي ذكراه الطيبة عالقة عند اهله واصدقائه وعارفي فضله ما بزغ فجر بالضياء او اضاءة نجوم الليل الساري.
ستفتقده ساحات العمل العام لدوره في قضايا الوطن اذ كان يمثل تيار الاعتدال والوسطية كما كان من ابرز رجال الطريقة الختمية وكان له مكانة خاصة عند مولانا السيد محمد عثمان حفظه الله.
خلف الراحل اسماً طيبا تعتز وتفخر به اسرة الكوارته وعائلته الكريمة من زوجته السيدة سعاد وانجاله احمد واخوانه وكريماته أزاهر وشقيقاتها.
أما أنا فسيبقي حزني مقيما عليه ما حييت وستبقي ذكرياتي الطويلة وأيامي الخالدة معه تذكي نار أحزاني الي الأبد.
اللهم اكرم وفادته وانزله منزل الاخيار والصالحين واجعل الجنة متقلبه ومثواه
{"إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ"}
وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حولة ولاقوة إلا بالله
hassan.t.ali@gmail.com