الجزيرة:
2025-03-26@13:47:49 GMT

كيف تستخدم إسرائيل الأطفال كأداة استعمارية؟

تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT

كيف تستخدم إسرائيل الأطفال كأداة استعمارية؟

في السابع من فبراير/ شباط، توفي صدام رجب، الطفل الفلسطيني البالغ من العمر عشرة أعوام، في أحد مستشفيات الضفة الغربية المحتلة، متأثرًا بجراحه بعد أن أطلق عليه جندي إسرائيلي النار قبل أيام. كان صدام واقفًا في الشارع أمام منزله عندما اجتاحت قوات الاحتلال قريته قرب طولكرم وبدأت بإطلاق النار.

أظهرت كاميرات المراقبة لحظة إصابته، حيث سقط أرضًا ممسكًا ببطنه، متكورًا في وضعية الجنين من شدة الألم.

لم يتمكن المستشفى الأول الذي نُقل إليه من علاجه، فتم تحويله إلى مستشفى آخر في نابلس. وفي الطريق، احتُجزت سيارة الإسعاف لساعات عند حاجز عسكري، حيث سخر جندي إسرائيلي من والد صدام، قائلًا: "أنا من أطلق النار على ابنك، وإن شاء الله سيموت".

صدام هو واحد من 13 طفلًا فلسطينيًا قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة منذ بداية العام. ومنذ يناير/ كانون الثاني 2023، تجاوز عدد الأطفال الفلسطينيين الذين استُشهدوا على أيدي الجنود والمستوطنين الإسرائيليين 220 طفلًا.

لكن قصة صدام – كحال غيره من الأطفال الفلسطينيين الذين يُقتلون – لم تتصدر عناوين الأخبار العالمية. لم يكن هناك أي رد فعل من المجتمع الدولي على مقتله، لأن الأطفال الفلسطينيين يُجرَّدون باستمرار من إنسانيتهم.

إعلان

هذا واضح حتى في الحالات النادرة التي تحظى باهتمام إعلامي، مثل قصة الطفلة هند رجب، التي قتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة يوم 29 يناير/ كانون الثاني 2024، أي قبل نحو عام من إطلاق النار على صدام.

كانت هند، البالغة من العمر ستّ سنوات، تحاول مع عمتها وعمها وأبناء عمومتها الفرار من غزة على متن سيارة، عندما حاصرتهم القوات الإسرائيلية وأطلقت النار عليهم. قُتل جميع أفراد العائلة في الحال، لكن هند نجت في البداية، وتمكنت من الاتصال بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني طالبةً المساعدة، بينما كانت الدبابات الإسرائيلية تقترب منها.

أحدثت تسجيلات مكالماتها مع الهلال الأحمر صدمةً في العالم، لكن سيارة الإسعاف التي أُرسلت لإنقاذها لم تعد أبدًا. وبعد نحو أسبوعين، عُثر على جثث هند وأفراد عائلتها، إلى جانب جثتي المسعفين يوسف زينو، وأحمد المدهون، حيث أظهرت التحقيقات أن الجيش الإسرائيلي استهدف سيارة الإسعاف والمركبة التي كانت هند بداخلها، رغم معرفته بإحداثياتهما. ورغم أن جريمة قتل هند لاقت اهتمامًا عالميًا – وهو أمر نادر وسط أكثر من 17.000 طفل فلسطيني قتلوا في غزة – لم تسلم حتى هي من محاولات نزع صفة الطفولة عنها.

فعلى سبيل المثال، عندما أوردت شبكة CNN خبر إطلاق اسم "هند" على أحد مباني جامعة كولومبيا من قِبل طلاب متضامنين، وصفتها بأنها "امرأة قُتلت في غزة" بدلًا من الإشارة إليها كطفلة.

ومثال آخر أكثر فجاجة جاء في تقرير لشبكة Sky News في يناير/ كانون الثاني 2024، حيث قال المذيع: "عن طريق الخطأ، وجدت رصاصة طائشة طريقها إلى الحافلة أمامنا، مما أدى إلى مقتل شابة تبلغ من العمر ثلاث أو أربع سنوات".

تلك "الشابة" لم تكن سوى الطفلة الفلسطينية "رُقيّة أحمد عودة جحايلين"، التي قُتلت برصاصة في ظهرها، بينما كانت تجلس في سيارة أجرة مع عائلتها في الضفة الغربية.

إعلان "تجريد الأطفال من طفولتهم" كأداة استعمارية

تلك الأمثلة توضح ما أسمته الباحثة الفلسطينية نادرة شلهوب-كيفوركيان بـ "تجريد الأطفال من طفولتهم" (Unchilding)، وهو مفهوم يكشف كيف يُستخدم نزع الطفولة كأداة استعمارية لنزع إنسانية الأطفال الفلسطينيين، لتبرير العنف الوحشي ضدهم.

في فلسطين المحتلة، يُحرَم الأطفال الفلسطينيون من صفة الطفولة، لأن الاعتراف بهم كأطفال يعني الاعتراف بمظلومية الاحتلال. لذلك، صُوِّروا لعقود في الرواية الإسرائيلية والغربية إما على أنهم أقل شأنًا من غيرهم من الأطفال، أو على أنهم ليسوا أطفالًا من الأساس، بل مجرد "إرهابيين محتملين".

وبهذا الشكل، يُعتبرون خطرًا فطريًا يُبرر قمعهم وقتلهم، ويُحرمون من أي حماية تمنحها صفة "الطفل" عادةً، مثل البراءة والضعف الذي يقتضي التعاطف.

لكن التجريد من الطفولة لا يقتصر على القتل والتشويه، بل يمتد ليشمل الاعتقال والتعذيب داخل السجون الإسرائيلية. في العام الماضي، أصبح أيهم السلايمة، الطفل الفلسطيني البالغ من العمر 14 عامًا من بلدة سلوان في القدس المحتلة، أصغر فلسطيني يقضي حكمًا في سجون الاحتلال.

اعتُقل أيهم قبل عامين، عندما كان في الثانية عشرة من عمره، بتهمة رشق الحجارة على المستوطنين الإسرائيليين. بعد اعتقاله، خضع لتحقيق قاسٍ، ثم وُضع تحت الإقامة الجبرية لعامين قبل أن يُدان بموجب قانون إسرائيلي جديد يجيز سجن الأطفال الفلسطينيين بتهمة الإرهاب. إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم الأطفال بشكل ممنهج، وتزج بهم في سجونها.

وفي إعلامها، يُصوَّر الأطفال الفلسطينيون مثل أيهم على أنهم "تهديدات أمنية محتملة"، و"قنابل موقوتة"، و"دروع بشرية"، في محاولة لتبرير تعذيبهم وسجنهم.

في ظل الإبادة المستمرة ستزداد المآسي

بينما تمتد الإبادة الجماعية عبر فلسطين، تستمر المجازر بحق الأطفال والبالغين الفلسطينيين، والعالم يراقب بصمت.

إعلان

لن تغطي وسائل الإعلام الغربية مقتلهم، لن تُعرض صور طفولتهم، ولن تُجرَى مقابلات مع عائلاتهم، ولن تصدر إدانات من القادة العالميين.

لقد تم تجريد أطفال فلسطين من طفولتهم، ومن إنسانيتهم معها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الأطفال الفلسطینیین من العمر

إقرأ أيضاً:

نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدين استهداف إسرائيل للصحفيين في غزة

أدانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين قتل قوات الاحتلال الإسرائيلي صحفيين فلسطينيين، عبر استهدافهما بشكل مباشر في قطاع غزة، في جريمة حرب مروعة تهدف إلى طمس الحقيقة.
وأشارت النقابة الفلسطينية إلى أن هذه الجريمة جزء من سياسة ممنهجة يتبعها الاحتلال لتصفية الصحفيين الفلسطينيين، عادة استشهاد مئات الصحفيين والعاملين في الإعلام برصاص وصواريخ الاحتلال، أكبر مجزرة دموية تُرتكب بحق الإعلاميين، تستوجب تحركًا فوريًا من المجتمع الدولي، لوضع حد لهذه الجرائم التي تمثل اعتداءً صارخًا على حرية الصحافة وحقوق الإنسان.
وطالبت نقابة الصحفيين الفلسطينيين الأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، والمؤسسات الحقوقية والإعلامية الدولية كافة باتخاذ خطوات جدية وفورية لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه، وفرض عقوبات رادعة تضع حدًا لسياسة الإفلات من العقاب التي تشجعه على التمادي في انتهاكاته.

مقالات مشابهة

  • لماذا تشن إسرائيل الحرب على الأطفال الفلسطينيين
  • إسرائيل.. الشرطة تطلق النار على سيارة بعد محاولة دهس
  • خبير: إسرائيل تستخدم حادثة الصواريخ ذريعة لخرق وقف إطلاق النار في لبنان
  • سفير إسرائيل بالنمسا يقترح إعدام الأطفال الفلسطينيين
  • تسجيل خطير.. تسريب فيديو لسفير إسرائيل لدى النمسا يدعو لقتل الأطفال الفلسطينيين في غزة (فيديو)
  • رابطة العالم الإسلامي تستنكر إعلانَ إسرائيل إنشاء وكالة لتهجير الفلسطينيين من غزّة
  • نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدين استهداف إسرائيل للصحفيين في غزة
  • سفير إسرائيلي يحرض ضد الفلسطينيين في غزة
  • مؤرخ يبرز تعنّت نتنياهو واستخدامه الحرب كأداة.. هل اقتربت إسرائيل من حرب أهلية؟
  • سفير إسرائيل بالنمسا يدعو لقتل الأطفال الفلسطينيين وتدمير غزة