أضحى الحفاظ على التراث الحِرَفيِّ إحدى أهمِّ الأدوات التي تحافظ على الهُوِيَّة الوطنيَّة للبُلدان، وتسارعت وتيرة الحفاظ على التراث والصِّناعات الحِرَفيَّة من الاندثار؛ نظرًا لِمَا تُمثِّله من صورة مُشْرقة تُميِّز الحضارات المختلفة في هذه الدولة أو تلك. لذا وضعت العديد من الدوَل حَوْلَ العالَم الحفاظ على موروثها الحِرَفيِّ أحَدَ أبرزِ الأهداف الرئيسة، ووضعت لذلك استراتيجيَّة دعم ورعاية، على اعتبار أنَّ هذا الحفظ يُعدُّ جزءًا مُهمًّا ورئيسًا لحماية المُكوِّن المادِّيِّ للهُوِيَّة الثقافيَّة للشخصيَّة الوطنيَّة، وبات التراث الحضاريُّ على اختلاف أنواعه وأشكاله مبعثَ فخرٍ للأُمم، وأكبرَ دليلٍ على عراقتها وأصالتها، وخيرَ تعبيرٍ عن هُوِيَّتها الوطنيَّة، وصِلَةً وثيقة لا تنفصم ولا تنقطع بَيْنَ الماضي والحاضر.

ومنذُ انطلاق عصر النهضة المباركة، عملت سلطنة عُمان على الحفاظ على التراث الحِرَفيِّ، وقدَّمت ـ في سبيل ذلك ـ الدَّعم المادِّيَّ والفنِّيَّ المطلوب، إدراكًا مِنْها بأهمِّيَّته أوَّلًا كرمزٍ للهُوِيَّة الوطنيَّة والإنسانيَّة الخاصَّة بالشَّعب العُمانيِّ، وإبرازًا لِمَا وصلت إليه المُجتمعات العُمانيَّة على مرِّ التاريخ من تطوُّر معرفيٍّ تناقلته الأجيال وأعادت تكوينه لِيناسبَ جميع العصور، كما يؤدِّي الاعتزاز بهذا التراث دَوْرًا مُهمًّا وحيويًّا في زيادة التماسك الاجتماعي، والمساعدة على تعزيز السَّلام من خلال دَوْره في تعزيز الثقة والمعرفة المشتركة، بالإضافة للدَّور الذي يؤدِّيه صون التراث الحِرَفيِّ على الصعيد الاقتصاديِّ والتنمويِّ، حيث يُسهم التراث في تعزيز الاقتصاد وإنعاشه، وخصوصًا الاقتصادات المحليَّة، ودَوْره المساعد في زيادة معدَّلات التنمية في البلاد. ومن هذا المنطلق، تُنفِّذ الجهات الحكوميَّة المسؤولة عددًا من المشروعات الرامية لصون التراث الحِرَفيِّ الذي يُعدُّ كنزًا وطنيًّا، وأحَدَ أهمِّ أركان الحفاظ على الهُوِيَّة العُمانيَّة، وانطلاقًا من القِيمة المضافة التي يُمثِّلها التراث الحِرَفيُّ، سواء للقِطاع السِّياحيِّ عَبْرَ إثراء المنتج السِّياحيِّ الجاذب وتوفير تجربة متفرِّدة للزائر، فضلًا عن دعم الحِرَفيِّين وتنمية قدراتهم، والإسهام في التسويق والترويج للمنتج الحِرَفيِّ، وتعزيز مساهمته الاقتصاديَّة. لذلك تحرص سلطنة عُمان على الاهتمام بكافَّة شؤون التراث الحِرَفيِّ على نَحْوَ يكفل جَمْعَه وتوثيقَه، وحُسْنَ إدارته وحمايته، ونقلَه إلى الأجيال القادمة، والاهتمام بالأنشطة البحثيَّة في مجالات التطوير الحِرَفيِّ، والعمل على تسجيل بعض الحِرَف كتراث غير مادِّيٍّ في منظَّمة اليونسكو. وفي طريق الحفاظ على هذا التراث المُلْهِم، تُنفِّذ الحكومة العُمانيَّة عددًا من المشروعات الخاصَّة بالتراث الحِرَفيِّ، أبرزها: مشروع الابتكار في الصاروج الذي تهدف إلى تطوير عمليَّة إنتاج الصاروج العُماني وفق معايير وجودة عالية، وأيضًا مشروع استزراع القطن الخضرنـجي وهو اسمٌ للقطن العُماني (البذرة العُمانيَّة) والذي كان يستزرع سابقًا في عُمان منذ زمن بعيد، وهو القطن الذي نُسِجت مِنْه المنسوجات الصحاريَّة وغيرها في ولايات سلطنة عُمان، والتي كانت تقوم عليه الصِّناعات النسيجيَّة القطنيَّة من الإزار والمنسوجات الأخرى، وما يُميِّزه هو لَوْنُ القطن وكثافة البذور التي تنتج كميَّات من الزيت التي كانت تستخدم قديمًا في كثير من الاستخدامات، كما أنَّ هناك دراسة لاستثمار الجلود بالسَّلطنة وهو مشروع يعمل على وضع آليَّة لتفعيل المسالخ بأعلى كفاءة، وطرحه للاستثمار لهدف وجود الجلود الطبيعيَّة للحِرَفيِّين العاملين بالسَّلطنة بأسعار منافسة، ما يُعزِّز من القِيمة التنافسيَّة للمنتج الحِرَفيِّ في المستقبل، وهي خطوات تعكس الرغبة في ربط الجدوى الاقتصاديَّة بالصِّناعات الحِرَفيَّة العُمانيَّة، ما يُسهم في ديمومتها وتوريثها للأجيال القادمة.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الحفاظ على ة الع مانی

إقرأ أيضاً:

«حماة الوطن»: الدولة تتعرض لحرب شائعات شرسة.. والوعي الوطني خط الدفاع الأول

أكدت الدكتورة مها الأنصاري، أمين أمانة التضامن الاجتماعي بحزب حماة الوطن، أن الدولة المصرية تتعرض لحملات شائعات ممنهجة وأكاذيب مستمرة على مدار السنوات العشر الماضية، خاصةً منذ أن اتخذ الشعب المصري قراره التاريخي في 30 يونيو 2013 بإزاحة جماعة الإخوان الإرهابية عن الحكم، ثم التفاف الشعب حول القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكدة أن الهدف من هذه الشائعات زعزعة استقرار الدولة وتقويض ثقة المواطنين في مؤسساتها.

استهداف الروح المعنوية للشعوب من خلال الشائعات

وأضافت أمين أمانة التضامن الاجتماعي بحزب حماة الوطن في بيان لها، أن وعي المصريين بمثابة الحائط المنيع ضد هذه الهجمات الشرسة، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها القيادة السياسية والمؤسسات المعنية لكشف الحقائق ومكافحة الشائعات التي تروجها الجماعات الإرهابية وبعض الأطراف الخارجية. 

وأشارت إلى أن الشائعات أصبحت أداة تستخدمها بعض الدول لاستهداف الروح المعنوية لشعوب دول أخرى، من خلال محاولة تفكيك المجتمع وزعزعة الثقة بين الشعب وقيادته السياسية، ولهذا، فإن تعزيز الوعي المجتمعي يعد ضرورة، ويجب أن تشمل هذه الجهود وسائل الإعلام والمدارس، التي تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل الوعي الوطني.

شن حروب نفسية تهدف إلى توجيه الأفكار وتشويه الحقائق

وأبرزت أن الجماعة الإرهابية تعتمد على منصات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لشن حروب نفسية تهدف إلى توجيه الأفكار وتشويه الحقائق، محذرة من أن هذه المنصات تستخدم لنشر أفكار خبيثة لتحقيق أهداف دولية معادية، مؤكدة أن الشعب المصري يدرك جيدًا حجم الإنجازات التي تحققت في السنوات العشر الماضية في مختلف المجالات، ولن ينجرف وراء هذه الشائعات المغرضة.

مقالات مشابهة

  • حماة وطن بورسعيد يناقش فى ندوة تعزيز الانتماء الوطني ومحاربة الأفكار المغلوطة
  • بالصور.. بعثة المنتخب الوطني تعود إلى أرض الوطن
  • لقجع: التشريع الجمركي الذي نقوم به يخدم الإقتصاد الوطني ولا يخضع لمقاربات خدمة مصالح الأشخاص
  • الإتحاد الدستوري: ميزانية الإستثمار التي جاءت بها حكومة أخنوش رافعة للإقتصاد الوطني
  • 198 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني للآثار
  • «حماة الوطن»: الدولة تتعرض لحرب شائعات شرسة.. والوعي الوطني خط الدفاع الأول
  • تسجيل 198 موقعًا جديدًا في السجل الوطني للآثار
  • "التراث" تُعلن تسجيل 198 موقع أثري جديد في السجل الوطني للآثار بالمملكة
  • هيئة التراث تُعلن تسجيل 198 موقعًا جديدًا في السجل الوطني للآثار
  • أصبح إجمالي المواقع المسجلة 9317 موقعًا.. “التراث” تسجل 198 موقعًا جديدًا في السجل الوطني للآثار