الأمة والمقاومة وعبث المرحلة..؟!
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
نعيش وتعيش أمتنا وعلى الصعيدين القطري والقومي مرحلة تاريخية مفعمة بكل مظاهر الفوضى والغطرسة والعبث، مرحلة مفصلية يمكن وصفها في تاريخنا ومسارنا الحضاري، تماهت فيها أطياف العبث وحلت فيها الفوضى وكأنها قدر أو قانون على هذه الأمة التعاطي الإيجابي معها، في ذات السياق بدت غطرسة الأقوياء كقدر هي الأخر وعلى الأمة التعامل معها بقدر من الجدية والمسؤولية والتعاطي مع أصحابها كجزء من استراتيجية التعامل المنظم للعلاقات البشرية.
لم تكن معركة طوفان الأقصى وليدة الصدفة ولا فعلاً عبثياً أو حادثاً عابراً ارتبط بمغامرة قامت به المقاومة صباح 7 أكتوبر 2023م بقدر ما كانت حصيلة عقود من القهر والاحتلال الاستيطاني لشعب شاءت الأقدار أن يخوض معركة تحرير وطنه بمعزل عن الرغبة الجمعية للأمة التي يمكن استشراف مواقفها في رد فعلها لمواقف الغطرسة الإمبريالية الداعية إلى تهجير سكان القطاع إلى مصر والأردن أو إلى أي بلد عربي أو عالمي لا يهم المهم إخلاء القطاع من أهله وسكانه من أصحاب الأرض، بقدر من السخرية حين اعتبر القطاع بأنه مجرد (مشروع عقاري قابل للاستثمار) وليس جزءا من وطن محتل شعبه يقاتل الاحتلال منذ أكثر من قرن من الزمن قدم خلالها آلاف الشهداء والجرحى والمعاقين والملايين هجروا وتشردوا وأجبروا على ترك وطنهم ومدنهم وقراهم ليعيشوا لاجئين في بلدان الشتات ليغطي حضورهم قارات العالم الخمس..!
لم يكن هناك بد من المقاومة دفاعا عن وطن محتل وحق مغتصب بدون وجه حق، بل لدوافع استعمارية هدفها تركيع الأمة العربية من محيطها إلى خليجها وكان على فلسطين بحكم موقعها الجغرافي أن تدفع ثمن انتمائها للأمة وتخوض معركة الدفاع عن الأمة في وقت تخلت فيه الأمة عن فلسطين والمقاومة والحق المشروع لهما..؟
نعم معركة فلسطين هي معركة الأمة العربية، ومسؤولية تحرير فلسطين هي مسؤولية كلية للأمة العربية، إن فلسطين ليست قضية شعبها بل هي قضية الأمة بكل أقطارها ونطاقاتها الجغرافية، ويمكن القول إن أخطر من الوجود الصهيوني في فلسطين هو رؤية الأمة بأن قضية فلسطين هي قضية شعبها وان الأمة بأقطارها لا علاقة لها بهذه القضية..؟!
قناعة رسختها القوى الإمبريالية والاستعمارية بدعم من بعض اتباعها في المنطقة من الأنظمة الوظيفية التي أنشأت خصيصا لرعاية وحماية الاحتلال الصهيوني وفي الطليعة ( النظام السعودي) الذي قام وفق مخطط استعماري ليؤدي دورا وظيفيا في خدمة الوجود الصهيوني وحمايته ورهنت القوى الاستعمارية وجود الأنظمة الوظيفية كالنظام السعودي وبقائه ببقاء كيان الاحتلال الصهيوني في فلسطين وان زوال هذا الكيان يعني زوال ( نظام آل سعود) وأنظمة أخرى مشابهة له زرعت على الجغرافية العربية ولذا رأينا كيف طفحت النزعة القطرية بمفرداتها الانعزالية حين ردد البعض شعار فحواه (فلسطين للفلسطينيين، ومصر للمصريين، والأردن للأردنيين، والسعودية للسعوديين) قد يأخذ البعض هذا الشعار بعيدا عن أبعاده القذرة، لكنه في واقع الأمر يعكس حقيقة الوعي المستلب _جماهيريا _ويرسخ ثقافة استعمارية انعزالية تعزل قضية الأمة عن الأمة وكأن من رددوا هذا الشعار حريصين على القضية ومتضامنون معها ومع حق شعبها، لكن ما هو أخطر هو تجزئيه الحدث القومي وتحميل الشعب العربي في فلسطين وزر مواجهة الاحتلال الذي لم يستهدف الشعب الفلسطيني _أصلا _ولم يكن غايته طرد هذا الشعب واحتلال وطنه، بل الهدف هو الأمة العربية بكاملها وبكل قدراتها، لدرجة أن رئيس وزراء العدو حين قال (على السعودية أن تقيم للفلسطينيين دولة على أراضيها وهي لديها أراضي شاسعة) لم يكن يقصد ما قصده حرفيا بل كان يذكر ( نظام آل سعود) بحقيقته وبدوره وبتعهد مؤسس هذا النظام بأن يكون حاميا وحارسا للكيان الذي يواجه اليوم خطرا وجوديا ومنذ بداية معركة الطوفان و( التطبيع) مع السعودية يتردد في خطابات وتصريحات المسؤولين الصهاينة والأمريكان، وكل هذا لم يكن إلا تعبيرا عن موقف يراد من ( نظام آل سعود) تنفيذا لشروط وتعهدات التزم بها منذ تأسيسه، وقد حان الوقت أن يثبت انه لا يزال على العهد..؟!
يقال إن ( لحم السبع يكسر سنة الثعلب) والمقاومة هي ( السبع) وقد كسرت ( أنياب وأسنان الثعلب الصهيوني)، لذا ليس علينا أن نأخذ على محمل الجد أن الكيان يهدد نظام آل سعود، وإن كان فعلا يهدد مصر والأردن، غير أن تصريحاته عن السعودية تندرج مجتمعة في سياق تذكير هذا النظام بدوره الوظيفي من ناحية ومن الأخرى إجبار هذا النظام على إيجاد حلول سريعة تحقق الأمن للكيان وتعفيه من تهديد المقاومة بعد فشل تصفيتها رغم بشاعة حرب الإبادة التي صمت عليها كل العرب والمسلمين ولم يكن صمتهم إلا رغبة منهم بتصفية المقاومة التي القيت التهمة بصمودها لإيران وحزب الله وسوريا واليمن، وكأن الرد السريع بعد عام وبضعة أشهر فشل فيه الكيان ورعاته ودول العالم التي ساندته وصمت العرب، فشل كل هؤلاء في هزيمة المقاومة أو تجفيفها من القطاع ومن فلسطين، فكان التركيز أولا على حزب الله وتصفية قادته وخاصة أمينه العام الشهيد السيد حسن نصر الله الذي شكل استهدافه انتصارا ماديا ومعنويا للاحتلال عوضه عن هزيمته أمام المقاومة في القطاع وفي البحر الأحمر الذي فوجئ العدو ورعاته بجبهته وكانت فعالة معركة البحر الأحمر ومؤثرة ليس على العدو بل على دول العالم واقتصاده، ثم اتجه الأعداء نحو سوريا وحركوا أدواتهم وبطريقة درامية مثيرة سقط النظام في دمشق وعربد العدو في الجغرافية السورية وغادرت إيران سوريا وبقت روسيا وقواعدها العسكرية في سوريا رغم التباين في المعتقدات بينها وبين السلطة الجديدة في دمشق لكن هذا التباين يتلاشى إذا ما تابعنا تداعيات العلاقة الأمريكية _الروسية وملف أوكرانيا وحالة الانفراج المثيرة للدهشة في هذه الجبهة.. وهذا يفسر بقاء روسيا في سوريا، وتقدمها في أوكرانيا مقابل تخليها عن نظام الرئيس بشار الأسد وهذا ما حصل.. لبنان أيضا وما شهد من ترتيبات ليأتي على إثر كل هذا تصريحات ترامب بشراء قطاع غزة التي ليست بنظره أكثر من مشروع عقاري لا اكثر..!
لكن ثمة تداعيات برزت تحت الرماد، تداعيات محرجة للسعودية ومهددة فعلا لمصر والأردن فكانت العقبة أمام مخطط ترامب عصية على الاختراق لأنها لامست بشكل مباشر أمن مصر والأردن، فيما أوراق المقاومة ظلت متماسكة وثابتة لأن ما يطمح إليه العدو وامريكا فعل يتجاوز قدرة حلفاء وعملاء أمريكا على القيام به، الذين يبررون تحت الطاولة بأن فشلهم سببه نتنياهو الذي اخفق في هزيمة المقاومة عسكريا= رغم الصمت الرسمي العربي _ وهذه هي الورقة التي يشهرها العرب أمام أمريكا سرا ويحملون الكيان المسؤولية، الأمر الذي دفع وزير خارجية أمريكا أن طلب من أصدقاء بلاده من العرب البحث عن حلول ترضيهم لحل مشكلة غزة والمقصود هو حل مشكلة حماس والمقاومة المرفوض بقائها على رأس السلطة في القطاع.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
قاضي قضاة فلسطين: مصر سد منيع أمام مخططات التهجير.. ووحدة الأمة ضرورية
أكد الدكتور محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، أن مصر كانت وما زالت سدًا منيعًا أمام مخططات تهجير الفلسطينيين، ورفضها القاطع لهذه الفكرة يعكس التزامها التاريخي بدعم القضية الفلسطينية.
وأشار الهباش، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم على هامش مشاركته في مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي المنعقد بالبحرين، إلى أن المخطط الأساسي وراء التهجير هو تصفية الوجود الفلسطيني، وهو أمر يتنافى مع القانون الدولي، مشيدا بدور الدول العربية الرافض والحريص على حقوق الشعب الفلسطيني.
وأضاف أن موقف الدول العربية، وفي مقدمتها مصر، يبعث برسالة واضحة بأن حقوق الفلسطينيين غير قابلة للمساومة، وأن مخططات التهجير والتصفية لن تمر أمام هذا التضامن العربي والإسلامي الصلب.
وفيما يتعلق بمؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي، أكد أن أهمية المؤتمر تكمن في ضرورة أن يتحاور المسلمون مع أنفسهم قبل أن يتحاوروا مع الآخرين، إذ إن هناك خلافات داخلية يجب تضييق الفجوة بينها، لنعود أمة واحدة كما أرادها القرآن الكريم ورسول الله ﷺ.
وأشار الهباش إلى أن مؤتمر "الحوار الإسلامي - الإسلامي" يشكل فرصة مهمة لتعزيز التقارب بين المذاهب والطوائف الإسلامية، وتقوية الصف الداخلي للأمة الإسلامية لمواجهة التحديات التي تستهدف وحدتها واستقرارها.
وأكد أن الوحدة الإسلامية ضرورة استراتيجية لمواجهة المخططات التي تستهدف الأمة، وأن تقليص الخلافات الفكرية والمذهبية سيسهم في إعادة بناء الصف الإسلامي على أسس متينة من التفاهم والتعاون.