الشهيد السيد حسن نصر الله في دروس ومحاضرات الشهيد القائد
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
محمد موسى المعافى
يقترب موعد تشييع الشهيد القائد السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين -رضوان الله عليهما- وهو موعد للأحزان والبكاء وَالآلام والأوجاع، وموعد للوفاء وتجديد البيعة، كما وصفه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
في 27 سبتمبر 2024م كانت تلك الضربة الموجعة التي شنها الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت، وظلت العيون ترقب دخان تلك الضربة، وتنتظر انجلاءَ ذلك الغبار لمعرفة المستهدف في تلك الضربة، وبعد أن انقشع الغبار والدخان جاء بيان الحزب في نعي القائد الكبير السيد حسن نصرالله، كان الخبر مفاجئًا وموجعًا، استشهد نصرالله وارتقى إلى الرفيق الأعلى والتحق برفاقه الشهداء، ارتعشت قلوب المؤمنين والأحرار وامتلأت الأحداق بالدموع والقلوب من الأحزان، ومع تسارع الأحداث واحتدام المعركة وتطورات الصراع كان هذا الحزن يخفت قليلًا قليلًا.
وها نحن اليوم نرتقبُ موعدَ تشييع هذا الجبل والضرغام البطل، وهذا الموعد سينكأ جرحًا عميقًا في القلوب، أعمقَ من تلك الحفرة التي خلّفتها ألفا رطل من القنابل الأمريكية التي قصف بها الإسرائيلي مكان تواجد الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، نقف في هذا الموعد لننعَـــى هذا البطل، وَليس من الهين أن تنعَـــى جبلًا من وزن هذا السيد الشهيد؛ لأَنَّك لن تجد قلمًا يطاوعك، ولا من الممكن أن تبكي هذا الرجل العظيم؛ لأَنَّك لن تجدَ عينًا تذرفُ دمعَك، ولا من السهل أن ترثي هذا الضرغام المُعمّم ولن تجد حروفًا تنقاد لك؛ فالمصيبة أكبر من قدرة الأقلام على استيعابها وطاقة الحروف على تحمّلها واستطاعة العيون على سكب شلال من الدموع يليق بالتعبير عنها.
كيف يمكن نعي البطولة في حَــدّ ذاتها؟ ورثاء الأُسطورة بكامل صفاتها؟ وتأبين المعجزة في أعلى حالاتها؟ وندب الفضيلة في أطهر تجلياتها؟ والتعزية في رجل أنجبته الأرض واشتاقت له جنان الخلد، كيف يمكن أن يكون من السهل وداع رجل له تاريخه الجهادي الكبير؟ فهو من قضى عقودًا من الزمن مرابطًا في الخطوط الأولى في جبهة المواجهة مع كيان المحتلّ الإسرائيلي.
نعم، ليس من السهل وداع رجل كنصر الله ولا نعيه، ونظراً لعظم المقام لا يمكن أن يعطي المقام قدره أفضل وأحسن وأكرم وأبلغ مما قدمه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- الذي كرّر الحديث عن نصر الله وحزبه وجهاده ودوره وصدقه وإخلاصه وقيادته وولائه في أكثر من درس وَمحاضرة.
وعندما عُدتُّ إلى هذه الدروس والمحاضرات وجدتها قدمت السيد حسن نصرالله نموذجًا وروحية وثقافة وسأحاول أن أسرد ما ورد في بعضها:
– في محاضرة مسؤولية طلاب العلوم الدينية التي ألقاها الشهيد القائد في ٩ / ٣ / ٢٠٠٢م يُقدَّمُ السيدُ حسن نصر الله كنموذج وقائد مهم وقوي تحتاجُه الأُمَّــة؛ فيقول رضوان الله عليه: “يأتي في هذا الزمن مثلاً كالسيد حسن نصر الله، كحزب الله مثلًا ونصر الله؛ باعتبَاره شخصًا مهمًّا ورجلًا قويًّا ولديه حنكة قيادية عالية، هل تسمع وسائل الإعلام العربية تتحدث عن حزب الله؟ أَو تسمع وسائل الإعلام العربية تتحدث، أَو تعرض كلام نصر الله؟! يهربون من الرجل القوي، بينما أُولئك اليهود يبحثون عن الرجل القوي، كيف النتيجة الطبيعية لهذا؟ هو أن يكون هؤلاء ضعافًا بضعف زعمائهم، ضعافًا بضعف نفوسهم، ضعافًا؛ لأَنَّهم لا يحملون أي اهتمام بشيء”.
– كان السيد حسن نصر الله مليءَ الثقة بالله ودلت على ذلك مواقفه التي كانت نابعة عن شجاعة مستمدة من الله سبحانه وتعالى، وهذا ما ورد في الدرس الرابع من سلسلة دروس آل عمران الذي قدم نصر الله كمثال للأشخاص الذي يثقون بالله من منطلق ثقتهم بالقرآن؛ فيقول رضوان الله عليه: “الأشخاص الذين يثقون بالله يتكلمون بملءِ أفواههم بكل تحدٍّ لـ “إسرائيل” عند رأسها، حسن نصر الله، وأمثاله، بكل صراحة، وبكل قوة، من منطلق ثقته بصدق القرآن، أن هؤلاء -اليهود- أجبن من أن يقفوا في ميدان القتال صامدين، وجربوهم فعلًا، جربوهم في جنوب لبنان، كيف كانوا جبناء، يهربون، جندي واحد يرد قافلة، ورتل من الدبابات، الشاحنات العسكرية، أرعبوهم حتى أصبح اليهود متى ما خرج اليهودي من جنوب لبنان إلى داخل فلسطين يبكي من الفرح، ويقبِّل أسرته، خرج من بين غمار الموت”.
– وكانت مواقف هذا الرجل العظيم شاهدًا كَبيرًا أن قلبه مُلئ ولاءً لله ورسوله والذين آمنوا فكان من حزب الله الغالب، وفي سياق هذا الموضوع يقول الشهيد القائد -رضوان الله عليه- في الدرس الأول من سلسلة دروس سورة المائدة: “هل أحد منكم شاهد [السيد حسن نصر الله] في التلفزيون وهو يتكلم بملء فمه، وبكل قوة وبعبارات تهز “إسرائيل”، ما هي عبارات مثلما يتكلم زعماءُ العرب الآخرين: كلمتين أَو ثلاث، وسموه [فارس العرب].
كلمات مجاهد، كلمات شجاع، كلمات تحتها جيش من الشباب المجاهدين الأبطال، يتكلم كلمات حقيقية مؤثرة، وهو بجوارهم، وهو يعلم أن معهم قنابل ذَرِّيّة، وأن معهم صواريخ ومعهم دبابات، ومعهم كُـلّ شيء، لكن قلبه من القلوب المملوءة بتولّي الله ورسوله والذين آمنوا فأصبحوا حزب الله، وحزب الله هم الغالبون”.
– تحدث الشهيد القائد عن عطاء السيد حسن نصر الله وتضحيته وبذله وروحيته حتى وهو يقدم فلذة كبده في سبيل الله؛ فيقول -رضوان الله عليه- في محاضرة وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن: “السيد حسن نصر الله عندما قتل ابنه هل بكى كما يبكي أُولئك؟ بكل ارتياح، بل قال عن ابنه إنه هو من هاجم أُولئك وغزاهم هم، لم ينتظر في بيته حتى يأتوا هم فيضربوه، هكذا كلام الرجال”.
– وقدم الشهيد القائد -رضوان الله عليه- السيد نصر الله نموذجًا للقيادة من أهل البيت التي لا يمكن أن يتحقّق أي نصر للأُمَّـة على أعدائها إلا تحت قيادتهم ورايتهم؛ فيقول -رضوان الله عليه- في محاضرة يوم القدس العالمي: “رأينا قائدًا من أبناء رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) حسن نصر الله، كيف أربك “إسرائيل”، وكيف قناة واحدة أربكت إعلامَ “إسرائيل”، وشَوَّشْت حتى على اليهود داخل “إسرائيل”…… فعلًا لن يُهزم اليهود إلا تحت قيادة أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، تحت قيادة من ينهجون نهج علي، تحت قيادة من يوالون عليًّا (صلوات الله عليه)”.
– وفي كُـلّ جولة حرب كان موقف السيد حسن نصر الله موقف المؤمنين الصادقين، وفي هذا السياق يقول الشهيد القائد -رضوان الله عليه- في محاضرة اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا: “انطلق أمين عام حزب الله بكلماته القوية يتحدى أمريكا، ويتحدى “إسرائيل”، ويشد من معنويات اللبنانيين، ويقول بعبارة: إن كُـلّ ذلك لا يرعب ولا طفلًا واحدًا في حزب الله، أليس هذا هو موقف الرجال، هو موقف المؤمنين؟ أم أُولئك الزعماء الذين يمتلكون أضعافَ أضعاف ما يمتلكه حزب الله من المعدات، ويهيمنون على ملايين البشر، فيطأطئون رؤوسهم للأمريكيين، لمساعد مساعد وزير خارجية، أَو مساعد نائب وكيل وزير داخلية.. من هذه الأشياء، يرسلون بطفل أمريكي، ولو بفرَّاش أمريكي فيطأطئ من يحكم ملايين البشر رأسه، ويعدهم بأنه مستعد أن يجند نفسه لخدمتهم، أما أُولئك الأبطال الذين آمنوا بقول الله تعالى -بعد أن يهيئوا أنفسهم ليكونوا بمستوى المواجهة في إيمانهم، في إعداد ما يستطيعون من قوة- صدَّقوا بقول الله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السید حسن نصر الله رضوان الله علیه الشهید القائد فی محاضرة حزب الله
إقرأ أيضاً:
الصرخة في وجه المستكبرين.. سلاح فاعل ضد أعداء الامة
في مطلع العام 2002م، كانت الأُمَّــة العربية والإسلامية تعيش واقعًا مزريًا، مع تحديات كبيرة تعصف بها في بيئة تسيطر عليها حالة التيه، وزمن أخرست فيه الألسن وأُصمت فيه الآذان وأُبكمت فيه البصائر، حَيثُ نجح الأعداء في حرف مسارِ الأُمَّــة وقرارها وثقافتها.
حينها، ظهر موقف مختلف وصوت حر يُطرق أبواب الأُمَّــة، حَيثُ أطلق السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) مشروعه القرآني، والذي قاده بالصرخة في وجه المستكبرين، وبالدعوة إلى البراء من أعداء الله وبالتمسك بالهُــوِيَّة الإسلامية المحمدية الأصيلة، واستطاع أن يحدّد للأُمَّـة هُــوِيَّة الأعداء (أمريكا وإسرائيل) ودورهما الشيطاني في المنطقة، لتبرز بذلك دورة الإيمان والجهاد ضد أعداء الله، والتي صارت رمزاً للثورة اليمنية ومنطلقا للحق في قلب الأُمَّــة.
لقد كان ولا يزال ذلك المشروع القرآني، المرتبط بمعاني الإسلام الأصيلة وبالهُــوِيَّة الإيمانية وقيمها هو الدافع الذي يدفع اليمنيين لتحقيق النصر على أعدائهم، واليوم نرى الشعب اليمني وهو متمسك بالأهداف التي رسمها الشهيد القائد، يمضي قدماً بالتعاون والتضامن مع جميع أحرار الأُمَّــة العربية والإسلامية في هذه الرحلة الطويلة من طريق المواجهة الفعلية مع أعداء الله.
في ذلك الوقت، في زمن التيه، والصمت والخذلان، لم يملك الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) سوى قلبه وروحه، لكنه بحكمته وصوته النابض بالحق وبهديه ودروسه ومحاضراته وملازمه، وعلى الرغم من الحرب التي تعرض لها والحصار والتنكيل ومحاولات وأد مشروعه القرآني بالمهد، إلا أن الله أبى إلا ليتم نوره ولو كره الكافرون.
لا شك أن السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- يُعتبر منذ صغره مدرسةً في ثقته بالله وبالإيمان، حَيثُ حافظ على ارتباط وثيق بالله العزيز، وسعى دائماً لتوعية مجتمعه بكتاب الله الكريم، وبفضل هذا الارتباط الوثيق، تمكّن من تجسيد الإيمان والتفاني في حياته اليومية، سواء من خلال أخلاقه الحسنة أَو من خلال قيمه المستقاة من القرآن الكريم، ولهذا أصبح رافداً أَسَاسياً للعلم والمعرفة، يتقاطر إليه الناس من قرى صعدة وما حولها لحضور دروسه والاستماع لهديه رضوان الله عليه، وكما برزت نماذج كثيرة منه تأثر بها الأشخاص المحيطين به، وكانت كلماته دائماً مفعمة بالروحانية والرحمة والإحساس بالأمّة، وهو ما يدلل على عمق دينه وأعلميته وتقواه بشكل عام.
إن الشهيد القائد هو مهدي وهادي الأُمَّــة، وشجرة رفيعة تظلل إلى اليوم الأُمَّــة بأغصانها الطيبة، لذلك فَـــإِنَّه حتى بعد رحيله سيظل حاضراً في قلوبنا، فهو نهج نبيل بيننا، وروح تجسد لنا معاني الدين، الوطن والحرية والكرامة.
حقيقية، لم تك نظرة الشهيد القائد لشعار الصرخة في وجه المستكبرين محصورة في ذلك المجلس الذي احتضن أول صوت هتف بشعار البراءة من أعداء الله، إنما نظرة عالمية تحقّقت اليوم وشملت أرجاء المعمورة، وقد سبق أن أعرب -رضوان الله عليه- عن ثقته بتأثيرها العظيم، الذي سيتحَرّك بها المؤمنون، مستمدين منها العزم والقوة لمواجهة أعداء الله والأمّة في جميع توجّـهات الحياة بوعي ثاقب لا يقبل بالمساومة حتى بتوجيه واحد من توجيهات الله تعالى.
اليوم تمثل الصرخةَ في وجه المستكبرين بما تحمله من مضامين توجيهية مستمدة من القرآن الكريم لتحقيق البراءة من أعداء الله اليهود والنصارى وتحديد هُــوِيَّة الأعداء (أمريكا وإسرائيل) وإعلان العِداء لهم، منهجًا ومحطة لتهيئة الناس، حَيثُ تعبر عن موقف إيماني وسلاح رباني يكشف مخطّطات المستكبرين ويعري المنافقين
شعار الصرخة رسم مسار التحرر من هيمنة القوى الخارجية
يمثل شعار الصرخة امتدادا للمشروع القرآني الذي بدأه الشهيد القائد لإخراج الأمة من واقعها المزري إلى موقف عملي يناهض الاستعمار الجديد الذي يسعى لنهب مقدرات الشعوب، بقيادة أمريكا وإسرائيل.
تحرك الشهيد القائد من أجل أن يكون للناس موقف عملي، وفقا للنهج القرآني، لكي تصحو الأمة من غفلتها وتعود إلى مواقع العزة والكرامة التي أرادها الله لها، فانطلق ليرسم معالم المشروع من عظيم القرآني، بدءا بتقديم محاضرات توعوية ليشد الناس نحو الله تعالى، فلا يخافون شيئا سواه سبحانه وتعالى.
الشعار منبعه القرآن الكريم:
بدأ السيد حسين بترجمة تلك التربية الإيمانية إلى واقع ومشروع عملي، فأطلق شعار الصرخة في وجه المستكبرين، والتي منبعها من القرآن الكريم ومضامينه، وليست شعارا حزبيا أو دعائيا ولا عنوانا طائفيا كما يحاول البعض تصويرها.
جاء ذلك بعدما أدرك الشهيد القائد خطورة المخطط الأمريكي الذي بدأ منذ أحداث الـ 11 من سبتمبر، والذي اتخذت واشنطن من هذه الأحداث ذريعة لتصعيد حربها على الإسلام والمسلمين معلنة عن تحالف عالمي ضد ما سمي بالإرهاب من أجل القضاء على الإسلام والمسلمين.
حينها خفتت كل الأصوات بل وسارعت الكثير من الأنظمة الحاكمة في المنطقة والعالم لتبارك لأمريكا هذه الحرب التي استهدفت الإسلام وتعاليمه وسعت بكل الطرق لتشويهه وإلصاق التهم والجرائم به.
لم يجرؤ أحد على اتخاذ موقف شجاع في وجه المؤامرة الأمريكية سوى الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، والذي كان الصوت الوحيد الذي تحرك عندما صمت الجميع، استشعارا منه للمسؤولية، وانطلاقا من واقع هذه الأمة وثقافة القرآن وضرورة أن يكون للإنسان موقف، مع أعداء الله نصرة لدينه.
أمريكا وإسرائيل أئمة الكفر:
عرف السيد حسين بدر الدين الحوثي مبكرا أن أمريكا وإسرائيل هم أئمة الكفر الذين يقودون الحرب على الإسلام والمسلمين، ما يستدعي اتخاذ موقف عملي تجاههم، وهذا ما جسده من خلال إطلاق شعار الصرخة في العام 2002م، ليعبر عن الخروج من حالة السكوت والخوف والخضوع لأعداء الأمة، ورسم مسار التحرر والرفض للهيمنة والقوى الخارجية.
أطلق الشهيد القائد صرخة الحق والعزة والكرامة في وجه المستكبرين من الأمريكان والصهاينة ومن سار في فلكهم من المطبعين والمنبطحين العرب، بالتوازي مع تزايد الانتشار الأمريكي في المنطقة، وتزايد التشبيكات الأمنية العربية مع الأمريكان للمشاركة في ما يسمى بمحاربة الإرهاب.
ساهم الشعار كثيرا في إفشال المشروع الأمريكي في اليمن، ولولاه لكان اليمن في قطار المطبعين مع العدو الصهيوني، فالصرخة هي حصانة من مؤامرات أعداء الله، خاصة في ظل ما يشهده العالم من سعي حثيث لتعميم النموذج الأمريكي بثقافته وتوجهاته على العالم.
كثيرة هي الدلالات والمعاني العظيمة التي يحملها، شعار الصرخة وما يجسده من عزة وكرامة وحرية للأمة، فضلا عن دوره وفاعليته في إفشال مساعي وأهداف أمريكا للهيمنة على اليمن وإخضاعه لإملاءاتها كما هو حال الكثير من الأنظمة العميلة.
الصرخة شعار جامع:
ليست الصرخة شعارا حزبيا أو طائفيا أو مذهبيا، ولا لتمييز مكون عن غيره، بل هي جامعة وموحدة يمكن لها أن تكون شعارا لكل الأمة الإسلامية للخروج من مأزقها، خصوصا إذا ما تم استشعار مضامينها ودلالتها، باعتبارها ثقافة عامة للأمة وتحصينا لها من الاختراق.
وعليه فإن الصرخة تمثل شعارا جامعا لكل المسلمين ولا تخص مكونا أو فصيلا بعينه كونها الضمانة الحقيقية لإخراج الأمة من واقعها المزري إلى آفاق الحرية والكرامة واستقلال القرار.
ولأنه مستوحى من كتاب الله لم يتوقف الشعار لحظة واحدة منذ أطلقه الشهيد القائد قبل اثنين وعشرين عاما رغم التحديات والحروب التي تعرض لها كجزء من المشروع القرآني الذي كان له الأثر الكبير في جعل اليمن من الدول الرائدة في محور المقاومة ضد المشاريع الصهيونية والأمريكية في المنطقة.
دلالات إحياء سنوية الصرخة:
تكمن أهمية إحياء الذكرى السنوية لشعار الصرخة الذي اقترنت به كل معاني العزة والكرامة والحرية، أنه مثّل منطلقا لإخراج الأمة من الواقع الذي أراد لها الأعداء أن تعيش فيه بمستنقع التبعية والوصاية والارتهان والتسلط، وأن يكون أبناؤها جنودا مجندين يتحركون كيفما يشاء الأعداء وفي خدمة أجنداتهم.
كما أن إحياء الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين له دلالات عظيمة كموقف وسلاح معنوي لإلحاق الهزيمة النفسية بالأعداء، وهز كيانهم وكسر جرأتهم على شعوب الأمة.
ومن النتائج العظيمة التي حققها الشعار على صعيد الحياة السياسية في اليمن، هي التحول من حالة التبعية إلى حالة التمكين واستقلال القرار، والتحرر من الوصاية الأمريكية والصهيونية، وصولا إلى امتلاك البلد القدرة على مواجهة قوى الشر والطغيان والإجرام وانخراطه في مواجهة مباشرة معهم.
الشعار سلاح وموقف:
لا يعد الشعار مجرد كلمات فضفاضة بل هو سلاح وموقف ترتب عليه الكثير من الإنجازات على كافة الصعد والتي كان من أبرزها التحرر من الهيمنة الأمريكية بعد أن كان السفير الأمريكي هو المتحكم بكل مجريات الأمور في البلد.
فالصرخة تعني العزة والكرامة والتطلع للمستقبل، وتحقيق وعود الله تعالى لعباده المستضعفين، والتي بدأت تتحقق من خلال ما يشهده الوطن من عزة وحرية في ظل المشروع القرآني.
الشعار يثمر مواقف بطولية:
استطاع الشهيد القائد الذي تحرك من واقع بسيط ومستضعف أن يجعل ممن حوله قوة تواجه الاستكبار الأمريكي، ويحسب لها أعداء الأمة اليوم ألف حساب، ولعل ما يسطره الشعب اليمني من مواقف بطولية في الدفاع عن القضية الفلسطينية والوقوف في وجه العربدة الأمريكية البريطانية الإسرائيلية لأكبر شاهد على عظمة المشروع القرآني وما حققته من ثمار ونتائج عظيمة.
وبعد 23 عاما من إطلاقها أصبحت الصرخة اليوم بمثابة صمام أمان وسلاح فاعل يعزز وعي الأمة ويستثيرها لمعاداة عدوها الحقيقي لتشكل له عامل قلق كبير وإحباط وعجز عن استهداف واستغلال هذه المجتمعات الواعية.
الدول العربية والإسلامية اليوم يحملونه ويصدحون به لأنه يعبر تعبيرا حقيقيا عن العداء لأمريكا وإسرائيل، خصوصا بعدما استشعر الجميع حقيقة أن الصهاينة والأمريكان هم الأعداء الأشد خطورة ليس فقط على الإسلام والمسلمين بل على الإنسانية جمعاء.
عاما بعد آخر تأتي الذكرى السنوية للصرخة والشعب اليمني أكثر تمكينا وأعظم شأنا وأشد قوة وبأسا، بفضل تمسكه بالنهج الإيماني الصحيح، وتسلحه بهذا الشعار الخالد، والتفافه حول قيادته الصادقة، التي أعادت لليمن هيبته، وفرضت احترامه على الجميع.