برامج التجسس والإعلانات الخبيثة.. تهديد صامت في الحروب السيبرانية
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
سلط موقع "ديفيزا أونلاين" الضوء على التهديدات المتزايدة التي تمثلها برامج التجسس والإعلانات الخبيثة في عالم الأمن السيبراني، خاصة في المجالات العسكرية والاستخباراتية، إذ يتم استغلالها لمراقبة الأجهزة وسرقة البيانات الحساسة.
وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن برامج التجسس وبرامج الإعلانات المتسللة، التي غالبًا ما يتم التقليل من شأنها أو تجاهلها، تُعد تهديدات خطيرة للغاية، خاصة في المجالين العسكري والحكومي.
بعض برامج الإعلانات تجمع معلومات حساسة دون موافقة المستخدم، أما برامج التجسس فهي تُصمم بغرض مراقبة نشاط الأجهزة، وسرقة البيانات السرية، وتتبع المواقع، واعتراض الاتصالات.
وغالبًا ما تكون هذه البرامج مخفية داخل التطبيقات والمواقع الإلكترونية المخترقة، مما يسمح لها بالتسلل إلى الأجهزة دون أن يلاحظ المستخدم ذلك، لتتحول إلى أدوات للتجسس الرقمي. وإحدى النسخ الأكثر خطورة هي برامج الملاحقة المصممة لمراقبة نشاط المستخدم سرًا دون موافقته.
أضاف الموقع أن هذا النوع من البرمجيات انتشر في البداية على نطاق شخصي، حيث استُخدم لمراقبة الشركاء أو أفراد العائلة بشكل مسيء، لكنه امتد لاحقا ليشمل العمليات الاستخباراتية والمراقبة الموجهة، وعند تثبيته على الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر، يمكنه تسجيل المكالمات وجمع الرسائل وتشغيل الميكروفون والكاميرا دون علم المستخدم.
وفي السنوات الأخيرة، أظهرت الهجمات الموجهة باستخدام برامج التجسس المتقدمة فعالية هذه الأدوات في العمليات الاستخباراتية، مما أدى إلى اختراق أجهزة سياسيين وصحفيين ومسؤولين عسكريين، وهو ما يزيد من خطر التعرض للتهديدات، ويفرض تعزيز الوعي واتخاذ تدابير وقائية مناسبة.
الإعلانات المتسللة
ذكر الموقع أن برامج الإعلانات المتسللة وبرامج التجسس وبرامج الملاحقة تعتبر أنواعًا من البرمجيات الخبيثة المصممة لجمع البيانات بطرق مختلفة، لكنها تشترك في هدف واحد: انتهاك خصوصية المستخدمين.
وتُعرف برامج الإعلانات المتسللة بأنها برامج تعرض إعلانات غير مرغوب فيها، ورغم اعتبارها "غير خطيرة" في بداية ظهورها، إلا أن مستوى تطفلها ازداد بمرور الوقت. وأول برنامج إعلانات متسللة معروف يعود إلى التسعينيات، وكان جزءًا من حزم البرمجيات المجانية التي تعرض إعلانات بطريقة متطفلة.
يُعد "غاتور"، المعروف أيضًا باسم "كلاريا"، أشهر مثال على برامج الإعلانات المتسللة في بداياتها. كان هذا البرنامج مدمجًا في التطبيقات والمتصفحات لجمع البيانات عن المستخدمين وعرض إعلانات موجهة، ويمثل "غاتور" بداية ما يُعرف بالتسويق السلوكي، وهي تقنية تسويقية تعتمد على تحليل عادات المستخدمين على الإنترنت لعرض إعلانات مخصصة.
وأشار الموقع إلى أن "غاتور" كان يجمع بيانات حول سلوكيات التصفح لتوجيه الإعلانات بدقة كبيرة، ورغم أن هذه الممارسة بدت في البداية غير ضارة، إلا أنها أدت إلى ظهور صناعة ضخمة للإعلانات الرقمية، مما أثار مخاوف تتعلق بالخصوصية، حيث كانت هذه البرامج تجمع معلومات شخصية دون الحصول على موافقة صريحة من المستخدمين.
برامج التجسس
على عكس برامج الإعلانات المتسللة، اعتُبرت برامج التجسس منذ البداية أكثر خطورة وتطفلًا. ويعود أول برنامج تجسس معروف على نطاق واسع إلى بداية القرن الجديد، وهو "180 سوليوشنز"، وكان من أوائل الأمثلة على البرمجيات المصممة خصيصًا لجمع المعلومات الحساسة، مثل سلوكيات التصفح والبيانات الشخصية، دون موافقة المستخدم.
انتشر هذا البرنامج الخبيث عبر البرمجيات المجانية والمواقع الإلكترونية المخترقة، حيث قام بجمع البيانات من أجهزة الحاسوب الخاصة بالشركات والأفراد.
ومع مرور الوقت، تطورت برامج التجسس لتشمل وظائف أكثر تطفلًا، مثل تسجيل ضغطات لوحة المفاتيح، ومراقبة الأنشطة عبر الإنترنت، وسرقة بيانات الحسابات المصرفية.
وفي عام 2006، اندمج "180 سوليوشنز" مع "زانغو"، وهو برنامج آخر اشتهر بسلوكه المتطفل وجمع المعلومات دون إذن المستخدمين، وأدى هذا الاندماج إلى إنشاء واحدة من أكبر شبكات التجسس انتشارًا.
ووفقا للموقع، تُعد برامج التجسس ذات تأثير كبير في المجالين العسكري والحكومي، حيث أن المعلومات وتحديد مواقع الأفراد والوحدات يقدم معلومات حساسة للغاية.
برامج الملاحقة
يضيف الموقع أن برامج الملاحقة تنتمي إلى نفس فئة برامج التجسس، وهي تطبيقات مصممة لمراقبة أنشطة الأفراد دون موافقتهم، مما يشكل انتهاكًا خطيرًا للخصوصية.
في البداية، طُورت هذه البرامج لأغراض مشروعة، مثل مراقبة الأطفال القُصّر أو إدارة الأنشطة داخل العائلة، لكن سرعان ما استُغلت لأغراض غير قانونية، مثل التحكم في الشركاء أو أفراد العائلة البالغين دون علمهم، إذ تتمتع هذه الأدوات بقدرة على جمع مجموعة واسعة من المعلومات، مثل تحديد المواقع، وتسجيل المكالمات، والوصول إلى الرسائل الخاصة، ومراقبة سجل النشاطات على الإنترنت، وتشغيل الكاميرات والميكروفونات عن بُعد.
ولفت الموقع إلى أن إساءة استخدام برامج الملاحقة أصبحت مشكلة خطيرة، إذ تسمح بالمراقبة الخفية لفترات طويلة دون أن يدرك الضحية ذلك. وفي بعض الحالات، يتم استخدامها في عمليات مراقبة أكثر تعقيدًا، مثل عمليات التجسس التي تنفذها منظمات إجرامية أو جهات استخباراتية.
بالمقابل، تم تطوير تقنيات وسياسات أكثر صرامة لمكافحة إساءة استخدام هذه البرمجيات، لكن تبقى هذه المشكلة تحديا كبيرا في مجال الأمن الرقمي وحماية الخصوصية.
التجسس والحرب المعلوماتية
يضيف الموقع أن استخدام برامج التجسس من قبل الجهات الحكومية والجهات الأخرى التي تُعرف بمجموعات التهديدات المستمرة المتقدمة (APT)، يرتكز على تحويل هذه التقنيات إلى أدوات حيوية في عمليات التجسس الرقمي والحرب المعلوماتية.
بالتالي لم تعد برامج التجسس مجرد تهديدات إلكترونية ذات طابع تسويقي أو شخصي، بل أصبحت تُستخدم من قبل الجهات الحكومية وغيرها لجمع المعلومات الحساسة، ومراقبة المعارضين السياسيين والصحفيين والعسكريين، إضافةً إلى تنفيذ هجمات موجهة ذات أهمية عملياتية واستراتيجية.
وقد تستغل الجهات الحكومية برامج غير ضارة في ظاهرها، مثل تطبيقات المراسلة أو أنظمة البريد الإلكتروني المشفر، لاختراق الأجهزة ومراقبة الأهداف دون إثارة الشبهات. وتتم هذه المراقبة بشكل خفي وطرق لا يدركها المستخدم، وأحد أشهر برامج التجسس المستخدمة في عمليات المراقبة هو بلا شك "بيغاسوس"، الذي طورته شركة "إن إس أو غروب" الإسرائيلية.
وأكد الموقع أن عدة جهات تستخدم بيغاسوس لاختراق أجهزة الصحفيين والسياسيين والنشطاء من خلال التنصت على المكالمات، واعتراض الرسائل، وجمع معلومات سرية دون علم أو موافقة الضحايا. وتتمتع برامج التجسس المتطورة مثل "بيغاسوس" بقدرة على تتبع المواقع الجغرافية، واختراق الاتصالات الخاصة، وسرقة البيانات الاستراتيجية المتعلقة بالعمليات والخطط العسكرية وغيرها من المعلومات السرية.
ويكون خطر برامج التجسس كبيرا عندما يستهدف شخصيات تتولى مسؤوليات بيئات حساسة، ومن بينهم القيادات العسكرية.
الحماية من برامج التجسس
أوضح الموقع أن الحماية من برامج التجسس والتقنيات المشابهة تتطلب إجراءات محددة، خاصةً للعاملين في الجهات العسكرية والحكومية، والذين يجب أن يكونوا مدركين تمامًا للمخاطر، ومطلعين على أفضل الممارسات لاستخدام الأجهزة، سواء الشخصية أو المهنية.
ووفقا للموقع، يجب تدريب الأفراد على التعرف على التهديدات واتباع بروتوكولات أمنية صارمة لحماية بياناتهم وأجهزتهم من الهجمات الإلكترونية، وخاصة المسؤولين المعرضين لخطر التجسس، مع معرفة أفضل طرق التصرف في البيئات العملياتية.
ويجب أن تتضمن برامج التدريب التحذير من النقر العشوائي على الروابط المشبوهة، وإدارة الاتصالات الإلكترونية بأمان، والتعرف على الأنشطة غير الطبيعية في الأجهزة، والتي قد تشير إلى عمليات اختراق أو تجسس.
وأضاف الموقع أنه يجب على المؤسسات أيضًا اعتماد حلول تقنية متقدمة، مثل برامج مكافحة الفيروسات، وأنظمة اكتشاف نقاط النهاية والاستجابة لها (EDR)، وبرنامج إدارة الأجهزة المحمولة (MDM)، لمراقبة الأجهزة وحمايتها من برامج التجسس والتهديدات الأخرى. وعلى المؤسسات وضع سياسات صارمة بشأن استخدام الأجهزة الشخصية في البيئات الحساسة، مع ضمان أن يكون الوصول إلى الموارد الحيوية محدودًا فقط على الأجهزة الآمنة والمعتمدة.
كما يجب التنبه حسب الموقع إلى أن الخدمات المجانية غالبًا ما تعني أن المستخدم هو السلعة، مما يعرّضه إلى انتهاك الخصوصية والتعرض لبرامج التجسس عبر استخدام بعض التطبيقات المجانية.
واعتبر الموقع أنه أصبح من الضروري للجهات الحكومية والعسكرية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في اكتشاف ومنع الهجمات الناتجة عن برامج التجسس والبرمجيات الخبيثة، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي مراقبة الاضطرابات في تدفق البيانات، واكتشاف السلوكيات المشبوهة، وحظر الأنشطة الضارة في الوقت الفعلي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا التجسس اختراق تجسس اختراق حروب سيبرانية المزيد في تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا سياسة سياسة تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة برامج التجسس الموقع أن من برامج التی ت
إقرأ أيضاً:
ما الذي تعرفه شركات الإعلانات الكبرى عنك؟
هل شعرت يوما أن هاتفك يقرأ أفكارك؟ تبحث عن حذاء رياضي، فتغزو إعلانات الأحذية صفحاتك على الإنترنت. وتذكر نيتك السفر إلى المكسيك في رسالة خاصة، فتجد فيضانا من عروض الفنادق في كانكون على حسابك في إنستغرام. هذه ليست مصادفات، بل نتيجة مباشرة لثورة في عالم الإعلان الرقمي يقودها الذكاء الاصطناعي.
في تقرير نشرته مجلة نيوزويك الأميركية، يكشف الصحفي خيسوس ميسا كيف باتت شركات الإعلانات الكبرى تعرف عن المستخدمين أكثر مما يتصورون، عبر أدوات تقنية متقدمة تجمع وتحلل سلوكهم بدقة متناهية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف تتحول أسواق المال الهابطة إلى فرص استثمارية؟list 2 of 2ما دور الشخصيات التجارية في العراق خلال رمضان؟end of list من ملفات تعريف الارتباط إلى خرائط الهوية المتصلةفي الماضي، اعتمدت الإعلانات الرقمية على "الكوكيز" أو تتبّع الأجهزة. أما اليوم، فتعتمد شركات مثل "ببليكس غروب" على خرائط هوية رقمية متصلة تعرّف المستخدم كفرد حقيقي، وتربط نشاطه عبر عدة منصات.
في عرض تقديمي نُشر على يوتيوب، قال المدير التنفيذي لأكبر شركات الإعلان في العالم آرثر سادون: "نحن لا نتعامل مع الأجهزة أو الكوكيز، بل مع أشخاص حقيقيين.. الذكاء الاصطناعي لا يساوي شيئا بدون بيانات".
وأشار سادون إلى أن نظام الذكاء الاصطناعي الجديد الذي طورته شركته، والمعروف باسم "كوري" (Cori)، قادر على التتبع والتفاعل مع 91% من البالغين المتصلين بالإنترنت حول العالم.
بحسب "ببليكس"، فإن قاعدة بيانات "إيبسيلون" التي تستخدمها الشركة تحتوي على معلومات عن 2.3 مليار شخص حول العالم، وتتضمن 7 آلاف نقطة بيانات للفرد الواحد داخل الولايات المتحدة فقط. وتشمل هذه البيانات:
إعلان ما يشاهده المستخدم وما يقرأه. من يعيش معه. من يتابعه على وسائل التواصل الاجتماعي. ما يشتريه (عبر الإنترنت وفي المتاجر). متى وأين ولماذا يقوم بالشراء؟تتبع هذه البيانات لا يقتصر على النشاط الرقمي، بل يشمل أيضا 75% من المعاملات التي تتم داخل المتاجر.
كمثال على مدى الدقة، عرضت الشركة "لولا"، وهي شخصية افتراضية مبنية على بيانات حقيقية، تعرف الشركة عنها كل شيء من اهتماماتها إلى عاداتها الشرائية، وحتى احتمال تغييرها ولاءها لعلامة تجارية في حال تغيّرت أسعار منتجاتها أو دخلها.
"إذا ارتفع سعر عصيرها المفضل وبقي دخلها كما هو، يتوقع النظام أنها ستنتقل إلى علامة تجارية أرخص، ويتم تعديل الإعلانات تلقائيا بناء على ذلك"، بحسب سادون.
قطاعات كبرى على خطى ببليكسشركات عملاقة أخرى مثل ميتا (فيسبوك وإنستغرام) وأدوبي تبنّت هذا النموذج. وطورت ميتا أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين استهداف الإعلانات بشكل لحظي، بينما أطلقت أدوبي إطارا كاملا لإدارة الحملات التسويقية عبر الذكاء الاصطناعي التوليدي، بهدف تحسين تجربة المستخدم.
وفي تصريح لافت، قال دان ديرن، المدير المالي لأدوبي: "طموحنا أن يتأثر كامل دخل الشركة بالإعلانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي".
في المقابل، تزداد المخاوف بشأن الخصوصية. فحتى عند اختيار المستخدمين عدم تتبعهم، تشير تقارير إلى أن البيانات لا تزال تُجمع وتُستخدم. ونشرت دراسة عام 2022 على موقع "أرشيف دون أورغ" كشفت أن العديد من المعلنين لا يزالون يعالجون ويتبادلون بيانات المستخدمين، رغم وجود قوانين مثل اللائحة العامة لحماية البيانات في أوروبا (جي دي بي آر) وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا (سي سي بي إيه).
وقالت النائبة روث كادبري في تصريحات لوسائل الإعلام البريطانية: "من الواضح أن هناك أسئلة تُطرح عن مدى اعتمادنا على أنظمة تتعامل مع بيانات المستخدمين بهذا الحجم وبدون رقابة فعالة".
إعلانالإعلانات التي تستهدفك اليوم لم تعد تستند فقط إلى ما تنقر عليه، بل إلى آلاف الإشارات الرقمية التي تُجمع عنك كل يوم.
وبينما ترى الشركات أن الذكاء الاصطناعي جعل التسويق أكثر فعالية وأقل تبذيرا، يرى النقاد أنه فتح الباب لاقتصاد يقوم على مراقبة الفرد وتوجيه سلوكه الاستهلاكي بدقة غير مسبوقة.
قد يكون الذكاء الاصطناعي قد حوّل الإعلانات إلى "محادثات شخصية"، لكنه طرح كذلك سؤالا مقلقا: إلى أي مدى نتحكم فعليا في بياناتنا وهوياتنا الرقمية؟