تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

من يصدق أن ممثلاً كوميدياً سابقاً سيصبح العقل الاستراتيجى الأكثر إثارة للجدل فى القارة العجوز؟ فى حدثٍ استثنائى بمؤتمر ميونيخ للأمن، أطلق الرئيس الأوكرانى تحذيراً صاعقاً: حان الوقت لأوروبا أن تبنى جيشاً موحداً خاصاً بها، معلناً نهاية عصر الاعتماد على الحماية الأمريكية الذى دام ٨٠ عاماً.


وفى مقال نشرته مجلة "ذا ناشيونال إنترست" تحت عنوان "فلاديمير زيلينسكي.. عراف ميونخ"، يحلل أندريو كوشينز دور الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى فى مؤتمر ميونيخ للأمن، مؤكدًا أن المؤتمر كشف عن ضرورة تبنى أوروبا لاستراتيجية مستقلة لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة. هذه الدعوة لم تأت من فراغ، بل تشكل صفعة لواقع تتهاوى فيه الركائز الأمنية للقارة، بينما تتسارع التغيرات الجيوسياسية العالمية.
كلمات تغير مسار التاريخ
ويعتبر المحلل أن كلمات زيلينسكى قد تكون الأهم فى المؤتمر، ويشبه خطاب زيلينسكى بخطاب فلاديمير بوتين الشهير فى المؤتمر ذاته عام ٢٠٠٧، الذى هاجم فيه الهيمنة الأمريكية الأحادية، لتبدأ بعدها روسيا حروبها التوسعية فى جورجيا وأوكرانيا.
واليوم يعيد التاريخ نفسه مع تحولات أكثر خطورة: انسحاب أمريكى متصاعد من الملف الأوروبي، ومفاوضات سرية بين واشنطن وموسكو تدار بعيدا عن بروكسل، رغم الدعم الأوروبى غير المسبوق لأوكرانيا منذ الغزو الروسى عام ٢٠٢٢.
ترامب يعيد رسم التحالفات.. والأوروبيين خارج الطاولة
كشف الجنرال الأمريكى المتقاعد كيث كيلوج، المبعوث الخاص لإدارة ترامب، عن مفاوضات ثنائية مع الروس فى السعودية، ملقيا باللوم على إدارة أوباما لفشل اتفاقيات مينسك السابقة، ومُلمحاً إلى أن دور الأوروبيين المستقبلى سيكون محدوداً فى أى تسوية، حتى كـ"قوات حفظ سلام".هذه الرؤية تتعارض مع تصريحات زيلينسكى التى تطالب أوروبا بالتحرر من التبعية الأمنية لواشنطن.
ولم يكن خطاب نائب الرئيس الأمريكى "جيه.دي. فانس" فى المؤتمر مجرد انتقاد لسياسات الهجرة الأوروبية أو الرقابة، بل شكل إشارةً مبطنةً لدعم التيارات اليمينية الصاعدة.
كما أن اجتماعه السرى مع أليس فايدل، زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" المتطرف، ينظر إليه كدعم ضمنى لتحالفات تهدد الوحدة الأوروبية، مع صعود ميلونى فى إيطاليا، ومارين لوبان فى فرنسا، وتقدم حزب "AfD" فى استطلاعات ألمانيا، يبدو أن اليمين المتطرف يعيد تشكيل خريطة القارة.
ترامب وأوروبا
تكشف سياسات ترامب عن رؤية جديدة: محاولة السيطرة على جرينلاند، ضم كندا، والهيمنة على قناة بنما، كلها إشارات لعودة النزعة الإمبريالية التى تعتبر "المجتمع الدولي" وهمًا.
وفق هذه الرؤية فإن القوة وحدها هى التى تحكم، ما يضع أوروبا فى مواجهة خيار مصيري: إما التكتل كقوة عظمى مستقلة، أو التحول إلى ساحة صراع بين القوى العظمى.
يواجه المشروع الأوروبى أخطر تحدٍ منذ الحرب الباردة، وتحذيرات زيلينسكى لم تأت فقط كنداء لمواجهة التهديد الروسي، بل كجرس إنذار لخلق هوية أمنية واقتصادية مستقلة.
التحرك الأوروبى نحو تعزيز القدرات العسكرية قد يعيد إحياء روح التكامل التى شهدتها تسعينيات القرن الماضي، ويجعل من أوروبا شريكاً متكافئاً مع واشنطن، بدلاً من تابعٍ هش.
إذا كانت أوروبا قد تعلمت درسا من تاريخها، فهو أن الأزمات وحدها تدفع نحو التغيير صعود اليمين، التهديد الروسي، والانسحاب الأمريكي، كلها عوامل قد تجبر القارة على خوض تحولٍ جذري.
ربما يكون زيلينسكى – بخطابه الاستثنائى – قد رسم خريطة الطريق، لكن القرار النهائى يبقى بين يدى القادة الأوروبيين: إما أن يصغوا لـ"عراف ميونيخ"، أو يواجهوا مصيراً يعيدهم إلى حقبة ما قبل الوحدة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الرئيس الأوكراني أوروبا

إقرأ أيضاً:

تاريخ يعيد نفسه… أوروبا تلبس ثوب “الرجل المريض” الذي خاطته للعثمانيين

استخدمت أوروبا اليوم نفس العبارة التي كانت قد أطلقتها على الدولة العثمانية قبل 150 عامًا، وهي “الرجل المريض”، ولكن هذه المرة في وصف نفسها. فقد نُشر تحليل لافت في وسائل الإعلام الأوروبية تناول الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، حيث تم وصف أوروبا بـ”الرجل المريض”.

وأشار التحليل إلى أنه في عام 2008، كان الاتحاد الأوروبي يُعد أكبر اقتصاد في العالم، بينما أصبحت اليوم الاقتصاد الأمريكي أكبر من اقتصاد الاتحاد الأوروبي بفارق 9.5 تريليون دولار.

وقد نُشر هذا التحليل على موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، المؤسسة الإعلامية الرسمية للمملكة المتحدة، تحت عنوان “أوروبا: الرجل المريض؟”، حيث سلط الضوء على تراجع مكانة الاتحاد الأوروبي أمام الولايات المتحدة في ظل الحرب الاقتصادية القائمة بين الطرفين.

اقرأ أيضا

رجل أعمال تركي يتبرع بفيلا لغزة

مقالات مشابهة

  • تاريخ يعيد نفسه… أوروبا تلبس ثوب “الرجل المريض” الذي خاطته للعثمانيين
  • وزيرة التضامن تستعرض تجربة مصر في الحماية الاجتماعية بسنغافورة
  • حزب المؤتمر: قانون الإيجار القديم يعيد التوازن بين المالك ‏والمستأجر
  • “ناشيونال إنترست” تكشف تفاصيل غير متوقعة عن جنازة البابا فرنسيس
  • نائب رئيس المؤتمر: قانون الإيجار القديم يعيد التوازن بين المالك والمستأجر
  • اتفاقية بين جامعة الكرة و الجامعة الدولية بالرباط لتكوين وكلاء كرة القدم
  • شريف الجبلي: مصر تسعى لتعزيز التعاون مع أفريقيا تحت قيادة الرئيس السيسي
  • عاجل - السيسي يستقبل الرئيس الأنجولي جواو لورينسو
  • الرئيس السيسي يستقبل الرئيس الأنجولي لبحث التعاون وقضايا القارة الإفريقية
  • ألمانيا تعزز دورها العسكري للدفاع عن أوروبا