البرهان وحميدتي.. “سباق الحكومتين” يعقد فرص حل الصراع في السودان
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
تتجه قوات الدعم السريع في السودان إلى تشكيل حكومة تضم مجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة في مناطق "قوات الدعم السريع"، تكون "موازية" للحكومة التي يقودها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وتعمل من مدينة بورتسودان.
وذكرت وسائل إعلام سودانية، أن "القوى السياسية والحركات المسلحة التي تؤيّد قوات الدعم السريع أرجأت للمرة الثانية، الثلاثاء، التوقيع على الميثاق السياسي الممهّد لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة القوات بناءً على طلب تقدم به رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، وذلك خلال فعاليات المؤتمر التأسيسي في العاصمة الكينية نيروبي.
وتم تأجيل مراسم توقيع وثيقة الإعلان السياسي المؤسس للحكومة الموالية للدعم السريع إلى، يوم الجمعة المقبل، لإتاحة الفرصة لمزيد من المشاورات.
وبعد نحو أكثر من 20 شهراً من القتال الطاحن بين الجيش والدعم السريع، ينتقل الوضع إلى مربع جديد يحمل معه تغييراً "جيوسياسياً" بحثاً عن شرعية وخلق مشهد جديد لصالح أحد الطرفين.
خارطة طريق البرهان وميثاق حميدتي
خارطة الطريق، التي أعلنها رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، قبل أسبوعين، تشمل تشكيل حكومة تصريف أعمال، "الغرض منها إعانة الدولة على إنجاز ما تبقى من الأعمال العسكرية، والمتمثلة في تطهير كل السودان من المتمردين"، وفق البرهان.
ولفت البرهان إلى أن "تعديلات الوثيقة الدستورية تجعلها مختلفة عما كانت عليه مع الشركاء السابقين الذين أصبحوا أعداءً اليوم"، مشيراً إلى أنه "بعد إجازة الوثيقة الدستورية سيتم تشكيل الحكومة، واختيار رئيس وزراء ليقوم بمهام في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون أي تدخل".
وفي هذا الصدد، قال رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول، وهو أحد المشاركين في الدفع بوثيقة الحكم لرئيس مجلس السيادة لـ"الشرق"، إنه من "الضروري حالياً التركيز على الحوار بين السودانيين الذي سيفرز وضعاً دستورياً".
وأضاف أردول: "بحسب الخطة التي قُدمت ستكون هناك فترتين، تأسيسية وأخرى انتقالية، الأولى تمتد عاماً على الأقل، من أجل ترتيب الأوضاع، وتقودها حكومة تصريف الأعمال، بمشاركة القوى السياسية الأخرى".
وشدد على أن "الأطراف المشاركة تحدد عبر آليات بعينها، منها مجلس الحكماء لاختيار شاغلي المناصب الدستورية بما فيها رئيس الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي الانتقالي".
في المقابل، يرى النبي محمود، رئيس حركة تحرير السودان الديمقراطية، وأحد المشاركين في وثيقة التأسيس التي تدعمها قوات الدعم السريع، في حديثه لـ"الشرق" أن "الحكومة التي ستتمخض عن الوثيقة التأسيسية لن تؤدي إلى تقسيم السودان، وهي تتضمن توافقاً سياسياً وعسكرياً بين أطرافها الموقعة"، التي يعتبرها بأنها "أساسية وشرعية".
حكومات في الميزان
ولفت الكاتب الصحافي والمحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أنه "من الواضح أن رئيس مجلس السيادة لا يرغب في تكوين حكومة حالياً". وأضاف في حديث مع "الشرق"، أن "البرهان يلتف على ذلك بعد لقاءات بين القوى السياسية التي تدور في حلقة مفرغة"، مشيراً إلى أن هذه القوى عاجزة عن إنتاج حلول.
ويشدد ميرغني على أن إعلان حكومة موازية "خطير"، مضيفاً بأن" الخطوة ستؤدي لا محال إلى تقسيم البلاد لدويلات عدة متحاربة، كما أنها تؤثر على المفاوضات المقبلة لإنهاء الحرب".
وأعربت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، عن أسفها لتنكر الحكومة الكينية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الإفريقي ومعاهدة منع الإبادة الجماعية، وذلك باستضافتها لمناسبة توقيع ما وصفته بـ"اتفاق سياسي بين المليشيا، المسؤولة عن جرائم إبادة جماعية مستمرة في السودان، وأفراد ومجموعات مؤيدة لها"، وفق الخارجية السودانية.
واعتبرت الخارجية السودانية أن "الهدف المعلن لهذا الاتفاق هو إقامة حكومة موازية في جزء من أرض السودان"، مشيرة إلى أن هذا يساهم في تقسيم الدول الإفريقية، معتبرة أن "احتضان قيادات المليشيا هو تشجيع لاستمرار جرائم الإبادة الجماعية والمجازر ضد المدنيين على أساس إثني"، لافتة إلى أن هذه التظاهرة الدعائية لن يكون لها تأثير على أرض الواقع.
اعتراف دولي غير مضمون
وأشارت صباح موسى، الكاتبة المتخصصة في الشؤون الإفريقية في تصريحاتها لـ"الشرق"، إلى أن "خطوة الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية لا تستند إلى قواعد حقيقية، وهي تتقارب في شكلها مع تحالف صمود الجديد، ولا تعدو أن تكون مجرد إعلان فقط، ولن تتحول إلى حكومة ما لم تُسيطر على الفاشر شمال دارفور وهذا شأن آخر".
ورأت موسى، أن أي "المنتظم الدولي لن يعترف بالحكومة التي تشكلها قوات الدعم السريع". وأضافت: "في حالة البرهان، فإنه مشغول بأولويات أخرى عوضاً عن تشكيل حكومة في الوقت الحالي، وأجملت أولوياته في استعادة المزيد من المدن وتحقيق الأفضلية في الميدان، وهو لا يربط تكوين حكومته بحكومة حميدتي".
حمدوك خارج الحسابات
وأكد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، على عودة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، الذي يصفه بعض المراقبين بـ"المتقلب" في التحالفات السياسية عقب توقيعه اتفاقاً مع الجيش والدعم السريع بعد إجراءاتهما التي حلت حكومة قوى الحرية والتغيير، قبل أن ينتقل إلى تنسيقية تقدم ثم تحالف "صمود" الذي جاء رافضاً لتكوين حكومة لكونها "لا تعدو أن تكون انقساماً يلوح في الأفق".
وعلى النقيض من ذلك، وفي مقابل اتهامات التي توجه لحمدوك، بشأن فقدان التأييد الشعبي، والانحياز لطرف في الحرب، بعد توقيع إعلان مع الدعم السريع، رأى مراقبون أنه "لا يزال يتمتع بقبول أطراف دولية مهمة، وأنه يشكل صوتاً للاعتدال في خضم الحرب السودانية".
وفي هذا الخصوص، أشار المحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أن رفض البرهان لحمدوك، يأتي من كون "البرهان لا يتبنى موقفاً سياسياً ثابتاً أو مبدئياً، ورفضه له مرتبط بتصحيح خطابه السابق، عقب رفض البرهان لأي محاولة تقارب مع التحالف المدني السابق".
ويشرف الاتحاد الإفريقي على حوار سوداني يضم القوى السياسية المتنافرة في محاولة لإنتاج مشهد سياسي متجانس يهدف إلى نزع فتيل الأزمة.
ورأى مراقبون، أن "أطراف الصراع لا تبالي بأوضاع المدنيين في مناطق القتال والنزوح واللجوء، وأن المنافسة الحالية لا تعدو كونها تنافس على الحكم، ثمنه فقدان البلاد لمواردها الطبيعية والبشرية".
بورتسودان -الشرق/ أحمد العربي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: رئیس مجلس السیادة قوات الدعم السریع القوى السیاسیة حکومة موازیة تشکیل حکومة فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأمين العام يدعو العالم إلى عدم نسيان شعب السودان وينادي بوقف “الصراع العبثي”
"بعد مرور عامين من الحرب المدمرة، لا يزال السودان عالقا في أزمة ذات أبعاد مذهلة يدفع فيها المدنيون الثمن الأعلى"، هكذا وصف أمين عام الأمم المتحدة الوضع في السودان داعيا إلى "إنهاء هذا الصراع العبثي"، وفي بيان صحفي قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إن أعمال القصف والغارات الجوية العشوائية تواصل قتل وتشويه الناس، فيما تُهاجَم الأسواق والمستشفيات والمدارس وأماكن العبادة ومواقع النزوح.
وأضاف أن العنف الجنسي متفش، لتتعرض النساء والفتيات لأعمال مروعة. كما يعاني المدنيون من انتهاكات جسيمة من جميع الأطراف المتقاتلة. وأشار إلى أن السودان أصبح أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ نزح ما يقرب من 12 مليون شخص، عبر أكثر من 3.8 مليون منهم الحدود إلى الدول المجاورة.
ويحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى الدعم الإنساني، ويعاني أكثر من نصف عدد السكان- أي نحو 25 مليون شخص من الجوع الحاد. وفيما يقترب موسم العجاف، يُتوقع أن تنتشر المجاعة - التي حدثت في خمسة مواقع على الأقل- إلى أكثر من ذلك.
الأمين العام أشار في بيانه إلى استهداف العاملين في المجال الإنساني، إذ فقد 90 شخصا منهم حياتهم منذ اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 نيسان/أبريل 2023.
وتطرق غوتيريش إلى تدمير الخدمات الأساسية وحرمان ملايين الأطفال في التعليم، وعدم قدرة سوى أقل من ربع المنشآت الصحية على مواصلة العمل في أكثر المناطق تضررا.
وقد وصلت الأمم المتحدة وشركاؤها، خلال العام الماضي، إلى أكثر من 15.6 مليون شخص بنوع واحد على الأقل من المساعدة، إلا أن الاحتياجات لا تزال هائلة كما قال الأمين العام.
وذكر أن العاملين في المجال الإنساني غير قادرين على تعزيز وجودهم في الكثير من المناطق التي تشتد فيها الحاجة، بسبب الصراع وانعدام الأمن المقرونين بالعوائق البيروقراطية والخفض الحاد للتمويل.
"ويواصل المدنيون تحمل عبء تجاهل الأطراف للحياة البشرية" كما قال الأمين العام الذي أشار إلى الالتزامات التي أعلنتها الأطراف بشأن حماية المدنيين بما في ذلك في إعلان جدة في أيار/مايو 2023، بالإضافة إلى الالتزامات التي تقع عليها بموجب القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وأكد غوتيريش ضرورة ترجمة مثل هذه الالتزامات إلى عمل حاسم، وأهمية إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة وشفافة في جميع التقارير التي أفادت بوقوع انتهاكات.
تدفق الأسلحة والمقاتلين
وأعرب الأمين العام عن القلق البالغ بشأن مواصلة تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان بما يسمح باستمرار الصراع وانتشاره عبر أنحاء البلد. وشدد على ضرورة توقف الدعم الخارجي وتدفق الأسلحة.
وقال إن على المتمتعين بأكبر نفوذ لدى الأطراف، استخدام هذا النفوذ لتحسين حياة شعب السودان بدلا من إطالة أمد هذه الكارثة.
الأمين العام للأمم المتحدة شدد على الحاجة الماسة لبذل جهود سياسية شاملة ومنسقة جيدا لمنع المزيد من التجزئة في السودان. وقال إن على المجتمع الدولي إيجاد سبل لمساعدة الشعب السوداني على إنهاء هذه الكارثة وإقامة تدابير انتقالية مقبولة.
وأكد أن السودان يظل أولوية كبرى لدى الأمم المتحدة، وقال: "سأواصل الانخراط مع القادة الإقليميين حول سبل تعزيز جهودنا الدولية من أجل السلام. يُكمّل هذا، العمل المستمر الذي يقوم به مبعوثي الشخصي رمطان لعمامرة الذي سيسعى إلى ضمان أن تعزز الجهود الوساطة الدولية بعضها".
وأفاد الأمين العام بأن لعمامرة سيواصل أيضا - مع الأطراف - استكشاف سبل تقريبها من حل سلمي ودعم وتمكين المدنيين فيما يعملون من أجل رؤية مشتركة لمستقبل السودان.
وشدد الأمين العام على ضرورة تجديد التركيز على إيجاد نهاية لهذه الحرب الوحشية، وعلى ألا ينسى العالم شعبَ السودان.