تتجه قوات الدعم السريع في السودان إلى تشكيل حكومة تضم مجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة في مناطق "قوات الدعم السريع"، تكون "موازية" للحكومة التي يقودها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وتعمل من مدينة بورتسودان.

وذكرت وسائل إعلام سودانية، أن "القوى السياسية والحركات المسلحة التي تؤيّد قوات الدعم السريع أرجأت للمرة الثانية، الثلاثاء، التوقيع على الميثاق السياسي الممهّد لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة القوات بناءً على طلب تقدم به رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، وذلك خلال فعاليات المؤتمر التأسيسي في العاصمة الكينية نيروبي.



وتم تأجيل مراسم توقيع وثيقة الإعلان السياسي المؤسس للحكومة الموالية للدعم السريع إلى، يوم الجمعة المقبل، لإتاحة الفرصة لمزيد من المشاورات.

وبعد نحو أكثر من 20 شهراً من القتال الطاحن بين الجيش والدعم السريع، ينتقل الوضع إلى مربع جديد يحمل معه تغييراً "جيوسياسياً" بحثاً عن شرعية وخلق مشهد جديد لصالح أحد الطرفين.



خارطة طريق البرهان وميثاق حميدتي
خارطة الطريق، التي أعلنها رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، قبل أسبوعين، تشمل تشكيل حكومة تصريف أعمال، "الغرض منها إعانة الدولة على إنجاز ما تبقى من الأعمال العسكرية، والمتمثلة في تطهير كل السودان من المتمردين"، وفق البرهان.

ولفت البرهان إلى أن "تعديلات الوثيقة الدستورية تجعلها مختلفة عما كانت عليه مع الشركاء السابقين الذين أصبحوا أعداءً اليوم"، مشيراً إلى أنه "بعد إجازة الوثيقة الدستورية سيتم تشكيل الحكومة، واختيار رئيس وزراء ليقوم بمهام في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون أي تدخل".

وفي هذا الصدد، قال رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول، وهو أحد المشاركين في الدفع بوثيقة الحكم لرئيس مجلس السيادة لـ"الشرق"، إنه من "الضروري حالياً التركيز على الحوار بين السودانيين الذي سيفرز وضعاً دستورياً".

وأضاف أردول: "بحسب الخطة التي قُدمت ستكون هناك فترتين، تأسيسية وأخرى انتقالية، الأولى تمتد عاماً على الأقل، من أجل ترتيب الأوضاع، وتقودها حكومة تصريف الأعمال، بمشاركة القوى السياسية الأخرى".

وشدد على أن "الأطراف المشاركة تحدد عبر آليات بعينها، منها مجلس الحكماء لاختيار شاغلي المناصب الدستورية بما فيها رئيس الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي الانتقالي".

في المقابل، يرى النبي محمود، رئيس حركة تحرير السودان الديمقراطية، وأحد المشاركين في وثيقة التأسيس التي تدعمها قوات الدعم السريع، في حديثه لـ"الشرق" أن "الحكومة التي ستتمخض عن الوثيقة التأسيسية لن تؤدي إلى تقسيم السودان، وهي تتضمن توافقاً سياسياً وعسكرياً بين أطرافها الموقعة"، التي يعتبرها بأنها "أساسية وشرعية".

حكومات في الميزان
ولفت الكاتب الصحافي والمحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أنه "من الواضح أن رئيس مجلس السيادة لا يرغب في تكوين حكومة حالياً". وأضاف في حديث مع "الشرق"، أن "البرهان يلتف على ذلك بعد لقاءات بين القوى السياسية التي تدور في حلقة مفرغة"، مشيراً إلى أن هذه القوى عاجزة عن إنتاج حلول.

ويشدد ميرغني على أن إعلان حكومة موازية "خطير"، مضيفاً بأن" الخطوة ستؤدي لا محال إلى تقسيم البلاد لدويلات عدة متحاربة، كما أنها تؤثر على المفاوضات المقبلة لإنهاء الحرب".

وأعربت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، عن أسفها لتنكر الحكومة الكينية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الإفريقي ومعاهدة منع الإبادة الجماعية، وذلك باستضافتها لمناسبة توقيع ما وصفته بـ"اتفاق سياسي بين المليشيا، المسؤولة عن جرائم إبادة جماعية مستمرة في السودان، وأفراد ومجموعات مؤيدة لها"، وفق الخارجية السودانية.

واعتبرت الخارجية السودانية أن "الهدف المعلن لهذا الاتفاق هو إقامة حكومة موازية في جزء من أرض السودان"، مشيرة إلى أن هذا يساهم في تقسيم الدول الإفريقية، معتبرة أن "احتضان قيادات المليشيا هو تشجيع لاستمرار جرائم الإبادة الجماعية والمجازر ضد المدنيين على أساس إثني"، لافتة إلى أن هذه التظاهرة الدعائية لن يكون لها تأثير على أرض الواقع.

اعتراف دولي غير مضمون
وأشارت صباح موسى، الكاتبة المتخصصة في الشؤون الإفريقية في تصريحاتها لـ"الشرق"، إلى أن "خطوة الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية لا تستند إلى قواعد حقيقية، وهي تتقارب في شكلها مع تحالف صمود الجديد، ولا تعدو أن تكون مجرد إعلان فقط، ولن تتحول إلى حكومة ما لم تُسيطر على الفاشر شمال دارفور وهذا شأن آخر".

ورأت موسى، أن أي "المنتظم الدولي لن يعترف بالحكومة التي تشكلها قوات الدعم السريع". وأضافت: "في حالة البرهان، فإنه مشغول بأولويات أخرى عوضاً عن تشكيل حكومة في الوقت الحالي، وأجملت أولوياته في استعادة المزيد من المدن وتحقيق الأفضلية في الميدان، وهو لا يربط تكوين حكومته بحكومة حميدتي".

حمدوك خارج الحسابات
وأكد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، على عودة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، الذي يصفه بعض المراقبين بـ"المتقلب" في التحالفات السياسية عقب توقيعه اتفاقاً مع الجيش والدعم السريع بعد إجراءاتهما التي حلت حكومة قوى الحرية والتغيير، قبل أن ينتقل إلى تنسيقية تقدم ثم تحالف "صمود" الذي جاء رافضاً لتكوين حكومة لكونها "لا تعدو أن تكون انقساماً يلوح في الأفق".

وعلى النقيض من ذلك، وفي مقابل اتهامات التي توجه لحمدوك، بشأن فقدان التأييد الشعبي، والانحياز لطرف في الحرب، بعد توقيع إعلان مع الدعم السريع، رأى مراقبون أنه "لا يزال يتمتع بقبول أطراف دولية مهمة، وأنه يشكل صوتاً للاعتدال في خضم الحرب السودانية".

وفي هذا الخصوص، أشار المحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أن رفض البرهان لحمدوك، يأتي من كون "البرهان لا يتبنى موقفاً سياسياً ثابتاً أو مبدئياً، ورفضه له مرتبط بتصحيح خطابه السابق، عقب رفض البرهان لأي محاولة تقارب مع التحالف المدني السابق".

ويشرف الاتحاد الإفريقي على حوار سوداني يضم القوى السياسية المتنافرة في محاولة لإنتاج مشهد سياسي متجانس يهدف إلى نزع فتيل الأزمة.

ورأى مراقبون، أن "أطراف الصراع لا تبالي بأوضاع المدنيين في مناطق القتال والنزوح واللجوء، وأن المنافسة الحالية لا تعدو كونها تنافس على الحكم، ثمنه فقدان البلاد لمواردها الطبيعية والبشرية".

بورتسودان -الشرق/ أحمد العربي

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: رئیس مجلس السیادة قوات الدعم السریع القوى السیاسیة حکومة موازیة تشکیل حکومة فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

"الدعم السريع" تضيق الخناق على مساعدات السودان مع تفشي المجاعة

الخرطوم- رويترز

قال عاملون في مجال الإغاثة إن قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تخوض حربا مع الجيش السوداني فرضت قيودا جديدة على توصيل المساعدات إلى المناطق التي تسعى إلى تعزيز سيطرتها عليها، بما في ذلك أجزاء تتفشى فيها المجاعة.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه قوات الدعم السريع إلى تشكيل حكومة موازية في غرب البلاد، بينما تتقهقر على نحو سريع في العاصمة الخرطوم، وهي تطورات قد تزيد من خطر انقسام البلاد التي انفصل عنها جنوب السودان في عام 2011. كما يهدد ذلك مئات الآلاف من الأشخاص بالمجاعة في دارفور بغرب البلاد الذين نزح الكثير منهم في جولات سابقة من الصراع. وسبق أن اتهم موظفو الإغاثة مقاتلين من قوات الدعم السريع بنهب المساعدات خلال الحرب المستعرة منذ نحو عامين. كما اتهموا الجيش بمنع أو عرقلة الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، مما أدى إلى تفاقم الجوع والمرض.

وقال عدد من موظفي الإغاثة، الذين تحدثوا لرويترز شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، إن قوات الدعم السريع بدأت منذ أواخر العام الماضي في المطالبة برسوم أعلى والإشراف على العمليات التشغيلية مثل تعيين الموظفين المحليين والأمن، وهي ممارسات تستخدمها السلطات الموالية للجيش، فضلا عن زيادة تضييق الخناق على توصيل المساعدات. ولم ترد تقارير من قبل عن تحركات قوات الدعم السريع، وتحاول منظمات الإغاثة التصدي لتلك الممارسات.

وتسببت الحرب، التي اندلعت بسبب الصراع على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع، فيما تصفه الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم وأكثرها تدميرا.

ويعاني حوالي نصف سكان السودان البالغ عددهم 50 مليون نسمة من الجوع الشديد، ومعظمهم في الأراضي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع أو تقع تحت تهديدها. ونزح أكثر من 12.5 مليون. ولم تتمكن وكالات الإغاثة من توفير المساعدات الكافية، ومن المتوقع أن يزيد تجميد تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من الصعوبات.

وفي ديسمبر، أصدرت الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية، التي تشرف على المساعدات لصالح قوات الدعم السريع، توجيهات اطلعت رويترز على نسخ منها، تطالب منظمات الإغاثة بالتسجيل عبر "اتفاقية تعاون" والقيام بعمليات مستقلة على مستوى البلاد في الأراضي الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع. وعلى الرغم من موافقة الوكالة الشهر الماضي على تعليق العمل بالتوجيهات حتى شهر أبريل، إلا أن منظمات الإغاثة تقول إن القيود لا تزال مستمرة. وقال موظفو الإغاثة إن تشديد الضوابط البيروقراطية يرجع لأسباب منها سعي قوات الدعم السريع للحصول على الشرعية الدولية، ولكنه يوفر أيضا وسيلة لجمع الأموال لفصيل يواجه انتكاسات عسكرية بينما لا يزال يسيطر على مساحات شاسعة من البلاد بما في ذلك معظم دارفور.

وعلى مدى الحرب، تأرجحت القوة الدافعة في ساحة المعركة بين الطرفين مع استعانة كل منهما بدعم محلي وأجنبي، وسط قليل من المؤشرات على حدوث انفراجة حاسمة.

لكن في الأيام القليلة الماضية، استعاد الجيش على نحو سريع السيطرة على مناطق في العاصمة كانت قوات الدعم السريع قد استولت عليها في بداية الحرب، ومنها القصر الرئاسي في الخرطوم، وهو تقدم وثقه صحفي من رويترز.

يقول موظفو الإغاثة إن عدم التسجيل لدى الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية يؤدي إلى تأخيرات تعسفية ورفض تصاريح السفر، في حين أن الامتثال للتوجيهات قد يؤدي إلى التعرض للطرد من قبل الجيش والحكومة المتمركزة في بورتسودان المتحالفة معه.

مقالات مشابهة

  • "الدعم السريع" تضيق الخناق على مساعدات السودان مع تفشي المجاعة
  • رئيس تحرير التيار السودانية: انهيار الدعم السريع كان متوقعا والجيش حسم المعركة
  • زار القصر ودحض شائعة اغتياله.. العطا يتوعد الدعم السريع بالموت أين ما هرب
  • شاهد.. هكذا تبدو المناطق التي استعادها الجيش من الدعم السريع
  • هذه كمبالا التي تشرق منها شمس “التحول المدني الديمقراطي” لتغمر ظلام السودان????
  • بمثابة “إعلان حرب”.. رد عاجل من دولتين بعد تهديدات جيش السودان
  • تعرف على خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارتها وسط السودان؟
  • ما خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارتها وسط السودان؟
  • بعد الانتصارات المتوالية للجيش.. السودان.. «الدعم السريع» يستهدف المدنيين
  • مصطفى بكري: أتمنى أن تسمو القوى السياسية بالسودان على الخلافات وترد للجيش اعتباره