بعد اختفاء دام قرابة العامين، عثرت عائلة "محمد بابكر" على شهادة وفاته منشورة على إحدى صفحات الفيسبوك. الشهادة، الصادرة عن الفرقة الخامسة مشاة - إدارة الشرطة العسكرية، أكدت وفاته في 27 نوفمبر 2024 بمدينة ود مدني نتيجة انخفاض حاد في سكر الدم.

مأساة أسرة سودانية.. وفاة محمد في المعتقل واختفاء شقيقته ورحيل والديه وعمته
بين الاختفاء والموت والقهر: معاناة أسرة سودانية تفقد أبناءها ووالديها
*بينما كانت العائلة مصدومة من فقدان محمد اختفت شقيقته فاطمة
* رحل الاب مقهورا بسبب اختفاء أبنائه.


*توفيت الأم قبل أن تعلم بوفاة ابنها في معتقل الدعم السريع

منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
المصدر : صحيفة التغيير الإلكترونية

كمبالا : 19 فبراير 2025 - بعد اختفاء دام قرابة العامين، عثرت عائلة "محمد بابكر" على شهادة وفاته منشورة على إحدى صفحات الفيسبوك. الشهادة، الصادرة عن الفرقة الخامسة مشاة - إدارة الشرطة العسكرية، أكدت وفاته في 27 نوفمبر 2024 بمدينة ود مدني نتيجة انخفاض حاد في سكر الدم.
الشهادة تضمنت تفاصيل أخرى، منها أن محمد اعتُقل في 16 يونيو 2024 بمدينة مدني، بينما تؤكد العائلة اختفاءه منذ مايو 2023 في سوق ليبيا غرب أم درمان. هذه التناقضات بين ما تعرفه العائلة وما أظهرته الشهادة زادت من الغموض وأثارت المزيد من الأسئلة بدلاً من تقديم إجابات واضحة.
محمد، البالغ من العمر 35 عامًا، كان العمود الفقري لأسرته، خرج في مايو 2023 من منزله في أمبدة متوجهاً إلى سوق ليبيا، لكنه لم يعد. وظلت العائلة تعيش في قلق وترقب لأشهر طويلة دون الحصول على أي معلومات عن مكان وجوده.



اختفاء فاطمة

بينما كانت العائلة تحاول استيعاب صدمة فقدان محمد، واجهت مأساة أخرى مع اختفاء شقيقته الصغرى، السستر "فاطمة بابكر"، البالغة من العمر 33 عامًا. في 23 مايو 2024، غادرت فاطمة منزلهم متوجهة إلى أسرتهم الكبيرة في الثورة الحارة 14، للحصول على أدوية لوالديها اللذين كانا يعانيان من أمراض مزمنة (القلب والضغط)، لكنها لم تصل إلى وجهتها. تقول "نجدة منصور"، الناشطة السياسية وابنة عمتهم: "نشرت العائلة العديد من الإعلانات عن اختفاء فاطمة، لكن لم نتلقَ أي رد". بعد أشهر، تلقت الأسرة اتصالاً من شخص مجهول زعم أن فاطمة محتجزة على الحدود الليبية وطالب بفدية مالية لإطلاق سراحها. ورغم المحاولات المتكررة للتواصل معه، اختفى الشخص تاركاً العائلة في حالة من الحيرة والقلق.

الرحيل المتتالي للوالدين

وسط هذه الأحداث، بدأت صحة الوالدين في التدهور. كان والدهم، المحامي البارز "بابكر إدريس بابكر إبراهيم"، شخصية معروفة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. طوال حياته، مثل نموذجًا للالتزام بالعدالة والدفاع عن الضعفاء، وكان بمثابة مدرسة علمية في الأخلاق والصبر والصدق. ترك بصمة واضحة في المجال القانوني في السودان، حيث شغل مناصب مرموقة، من بينها الأمانة الاجتماعية في نقابة المحامين السودانيين، وسبق أن انتُدب إلى العراق للدفاع عن مواطن سوداني.
كما كان له العديد من الكتب والإسهامات في المجلات والمرافعات القانونية في المحاكم السودانية بمختلف درجاتها، من الأدنى إلى العامة والاستئناف والعليا. إلى جانب ذلك، كتب سلسلة مميزة عن الشريعة والقانون، وكان صاحب مبادرات صلح عديدة. توفي في 22 يوليو 2024 نتيجة القهر النفسي والضغوط المتراكمة التي عانى منها بسبب فقد أبنائه.
وفي الوقت ذاته، توفيت شقيقته في القاهرة وفاة طبيعية. ورغم أنها كانت تعاني من أمراض بسيطة، إلا أن حسرتها على أبناء أخيها المفقودين فاقمت حالتها الصحية وأدت إلى وفاتها.
و لم تمض سوى خمسة أشهر ونصف حتى لحقت بهما زوجته، والدة محمد وفاطمة، "هدي"، التي توفيت في 29 ديسمبر 2024.
عاشت هدى أيامها الأخيرة على أمل عودة أبنائها المفقودين، لكنها توفيت دون أن تعلم بوفاة محمد، مما جعل المعاناة أكثر مرارة للعائلة التي لم تتوقع أن تفقد اربعة من أفرادها في أقل من عامين.

تفاصيل شهادة الوفاة

في 14 يناير من العام الجاري، وبعد أكثر من عام ونصف من الغموض، عثرت العائلة على اسم "محمد بابكر" ضمن قوائم وفيات أصدرها الجيش ونُشرت على صفحة فيسبوك تُدعى "داجو مدني"، وهي من الصفحات الموالية للقوات المسلحة. الصفحة وصفت هذه القوائم بأنها "الجزء الأول من شهداء سجن ود مدني الكبير"، وتضمنت عشرات الأسماء، مشيرة إلى المتوفين ومناطقهم، مع ذكر تواريخ احتجازهم ووفاتهم. من بين تلك الأسماء، برز اسم محمد بابكر، حيث تضمنت شهادة وفاته توقيع الرائد عبد الرحمن آدم عبد الرحمن، مدير سجن ود مدني، مؤكدة وفاته في 27 نوفمبر 2024 نتيجة انخفاض حاد في سكر الدم، مع توضيح أنه اعتُقل في 16 يونيو 2024 بمدينة مدني.
بالنسبة لعائلة محمد، كانت هذه القوائم بمثابة صدمة أخرى، إذ لم تكن تتوقع أن تجد اسم ابنها بين ضحايا السجن. تقول نجدة: "كان الألم مضاعفاً للعائلة عندما أدركنا أن محمد توفي قبل أكثر من شهر من وفاة والدته، التي ظلت تأمل في عودته حتى لحظة رحيلها". شهادة الوفاة شكلت صدمة للعائلة، فهي ليست مجرد إعلان وفاة، بل تحمل دلائل على الظروف المأساوية التي ربما مر بها محمد أثناء احتجازه، خاصة مع ذكر السبب الطبي للوفاة، وهو نقص حاد في سكر الدم، مما يعكس الإهمال أو التعمد في حرمانه من الطعام والعلاج والرعاية.

نداء

تضيف نجدة: "نشر القوائم على صفحة الفيسبوك لم يكن كافياً؛ نحن بحاجة إلى معرفة الحقيقة كاملة". اليوم، تناشد العائلة جميع الجهات المعنية للمساعدة في كشف الحقيقة حول ملابسات وفاة محمد، ومعرفة مصير فاطمة المجهول. تقول الاسرة إن الإجابات لن تعيد ما فقدوه، لكنها قد تخفف من الألم المستمر الذي يعانون منه منذ اندلاع الحرب.
قصة عائلة بابكر ليست استثناءً، بل هي واحدة من آلاف القصص التي تكشف عن الوجه القاسي للحرب وتقف شاهداً على المآسي التي تطال المدنيين الأبرياء.مرّت عائلة بابكر بسلسلة متتالية من الفقد والوفيات التي عمّقت معاناتها. بعد اختفاء محمد في مايو 2023، وشقيقته الصغري في مايو 2024 عاش والدهما المحامي بابكر إدريس أكثر من 15 شهراً في قلق وحزن حتى رحل في 22 يوليو 2024، في نفس اليوم الذي توفيت فيه شقيقته بالقاهرة متأثرة بحسرتها على أبناء أخيها المفقودين. ولم تمضِ سوى 5 أشهر حتى لحقت بهما زوجته "هدي"، التي توفيت في 29 ديسمبر 2024 دون أن تعلم بوفاة ابنها محمد، الذي كان قد توفي قبلها بـ 32 يوماً، في 27 نوفمبر 2024.



SilenceKills #الصمت يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع في السودان لايحتمل التأجيل #StandWithSudan #ساندواالسودان #SudanMediaForum

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی 27 نوفمبر 2024 محمد بابکر وفاة محمد ود مدنی

إقرأ أيضاً:

انهكوه تعذيبا وأهملوه طبيا ...وفاة أسير في سجون المليشيا التي يشرف عليها عبدالقادر المرتضى

توفي أحد الأسرى، بعد خروجه من سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، متأثرًا بآثار التعذيب والإهمال الطبي الذي تعرض له خلال فترة أسره.

وقالت مصادر حقوقية إن الأسير جمال أحمد راوح المحمودي، المعتقل منذ أربع سنوات توفي بعد 11 يوماً من خروجه من سجن الأمن المركزي بصنعاء الذي يُشرف عليه القيادي الحوثي عبد القادر المرتضى المدرج على قائمة العقوبات الأمريكية.

وكان المحمودي قد أُسر بتاريخ 12 يناير 2020، وظل محتجزًا في سجن الأمن المركزي التابع للقيادي الحوثي عبدالقادر المرتضى، حيث تعرض لانتهاكات جسيمة طيلة سنوات احتجازه.

ورغم الإفراج عنه في 7 فبراير 2025، إلا أن التعذيب الممنهج والحرمان من الرعاية الطبية تركا آثارًا قاتلة على صحته، ما أدى إلى وفاته بعد أيام قليلة من خروجه.

وتضاف هذه الجريمة إلى سجل الانتهاكات الحوثية المستمرة بحق الأسرى، وسط مطالبات حقوقية ودولية بمحاسبة الجناة ووقف الجرائم التي تمارسها المليشيا بحق المختطفين في سجونها.

وبحسب الحكومة اليمنية فإن أكثر من 350 مختطفا قتلوا تحت التعذيب الحوثي من إجمالي 1635 حالة تعرضت للتعذيب في معتقلات المليشيا الحوثية، خلال سنوات الانقلاب

 

مقالات مشابهة

  • قضاء أبوظبي تسجل 36 ألف زواج مدني بنهاية 2024
  • السعودية.. الديوان الملكي يعلن وفاة أحد أفراد «العائلة»
  • “الهجرة الدولية”: 6514 أسرة سودانية نزحت من القطينة بالنيل الأبيض في جنوب البلاد “بسبب انعدام الأمن”
  • مأساة في بحر إيجه: وفاة 6 مهاجرين وإنقاذ 27 آخرين بعد غرق قارب مطاطي
  • كمونة لـ«الأسبوع»: تعيين بيسيرو ورحيل جروس قرار غير مدروس.. ولاعب الزمالك سيكون مفاجأة القمة
  • بيان من أسرة د. محمد علي الجزولي
  • انهكوه تعذيبا وأهملوه طبيا ...وفاة أسير في سجون المليشيا التي يشرف عليها عبدالقادر المرتضى
  • وفيات الأربعاء .. 19 / 2 / 2025
  • أسرة أمل الطائر تستعد لتشييع جثمانه.. صور