اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما كيفية تسوية الصف في الصلاة بالنسبة للجالس على الكرسي؟ وهل لا بد مِن المساواة بالقَدِم بينه وبين مَن يصلي بجانبه قائمًا؟ فرجلٌ يصلي على كرسي في الصف خلف الإمام بجوار غيره من المأمومين، ويضع قدميه حذو قدم مَن يصلي بجواره حتى يكون مستويًا معهم على خط الصف، مع العلم أَنَّ الكرسي يعيق حركة سجود المصلي خلفه لتأخر الكرسي قليلًا عن الصف حتى أَخَذ مِن حيز مكان المصلي خلفه؟".

لترد دار الإتاء موضحة: إن كان عذر الجالس على الكرسيّ هو الجلوس عند الركوع أو السجود بحيث يقدر على القيام؛ فإن الاعتبار حينئذٍ في مساواة الصف خلف الإمام تكون بالعقب الذي هو مُؤَخر القَدَمِ، وإن كان العذر الذي من أجله رُخِّص له بالصلاة على الكرسي هو الجلوس عند القيام من صلاته كلها، أو عند القيام والركوع والسجود؛ فإنَّ العبرة في مساواة الصف حينئذٍ إنما هو بمقعدته لا بأقدامه، وهذه التسوية مستحبة، إلَّا أَنَّ هذا الاستحباب مُقيَّد بعدم إلحاق الضرر أو التضييق على المصلين، فإن كان يُضَيِّق على المصلين صلاتهم لكون حجم الكرسيّ غير مناسب مع مساحة المسجد والمسافة بين الصفوف؛ فإنه ينبغي له أن يصلي خلف الصفوف، أو في مكان لا يضيِّق على المصلين صلاتهم، ولا يؤذي به من خلفه، وحينئذ لن يفوته أجر استحباب المساواة بين الصفوف، أو ندب الصلاة في الصف الأول إن كان قد لحقه، ما دام قد قصد ذلك ونواه.

حكم تسوية الصفوف في الصلاة

حرص الشرع الشريف على تسوية الصفوف في صلاة الجماعة إظهارًا لشعيرة الصلاة التي توخَّت فيها الشريعة الترابطَ والتراصَّ بين المسلمين، حتى يتطابق الـمَظْهَر مع حضور القلب والـمَخْبَر، ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى استحبابها، وذهب بعضهم إلى إيجابها، مع اتفاق الجميع على عدم بطلان الجماعة بتركها.

فعن أَنَسٍ رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «سَوُّوا صَفُوفَكمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ» وفي رواية: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ؛ فَإِنِّي أَرَاكُمْ خَلْفَ ظَهْرِي» متفق عليه، وفي رواية لمسلم: «فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ».

قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 347، ط. مكتبة الرشد): [هذا الحديث يدل أنَّ إقامة الصفوف سنة مندوب إليها، وليس بفرض؛ لأنه لو كان فرضًا لم يقل عليه السلام: «فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلاةِ»؛ لأن حسن الشيء زيادةٌ على تمامه، وذلك زيادة على الوجوب] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 288، ط. دار الكتب العلمية): [وأما تسوية الصفوف في الصلاة: فالآثار فيها متواترة من طرق شتى صحاح كلها ثابتة في أمرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسويةَ الصفوف، وعملِ الخلفاء الراشدين بذلك بعده، وهذا ما لا خلاف فيما بين العلماء فيه] اهـ.

كيفية الوقوف في الصف للمصلي على الكرسي لعذر
الـمُصَلِّي على الكرسيّ الـمُرَخَّص له في ترك القيام في صلاة الفريضة، أو ترك الركوع أو السجود، إن كان يُصلِّي في الصف خلف الإمام بجوار غيره من المصلين؛ فإنَّ وقوفَه محاذيًا للصف له حالان كل منهما يختلف حكمه حسب العذر الذي من أجله يصلي على الكرسي، وكذا المكان الذي يصلي فيه:

فإن كان العذر الذي من أجله رُخِّصَ له بالصلاة على الكرسي هو الجلوس محل الركوع والسجود، بحيث يقدر على القيام ولا يقدر على الركوع، أو السجود، أو عليهما معًا؛ فإنَّ الاعتبار حينئذٍ في المساواة والـمُصافَّة بين المأمومين حال القيام -من حيث الأصل- تكون بالعَقِب الذي هو مُؤَخَّر القَدَمِ.

والجالسُ على الكرسيّ ما دام قد استطاع االقيام فإنه بذلك يأخذ حكم القائمين في استحباب المساواة بمؤَخَّرِ القَدَمِ، إلَّا أنَّ هذا الاستحباب مقيدٌ بعدم الضرر بالمصلين.

قال الإمام ابن عابدين في حاشية "رد المحتار" (1/ 567، ط. دار الفكر) في معرض حديثه عن وقوف المأموم من الإمام إن كان يصلي بجواره: [(قوله: بل بالقَدم)، فلو حاذاه بالقَدم ووقع سجوده مُقدَّمًا عليه لكون المقتدي أطول من إمامه لا يضر؛ ومعنى المحاذاة بالقَدَم المحاذاة بعَقِبه، فلا يضر تَقدُّم أصابع المقتدي على الإمام حيث حاذاه بالعقب ما لم يفحش التفاوت بين القدمين] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 222، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(والاعتبار) في التقدم وغيره للقائم (بالعقب)، وهو مؤخر القدم (لا الكعب)] اهـ.

وقال الإمام ابن مفلح في "المبدع" (2/ 500، ط. ركائز) في معرض حديثه عن وقوف المأموم القائم من الإمام وغيره من المأمومين: [والاعتبارُ بمؤخِّر القَدَم] اهـ.

فإن كان خلف المصلي الجالس على الكرسيّ -والحالة هذه- مَن يتضرر ويتأذَّى مِن الكرسي، فإنه لا يستحب له المساواة بالأقدام لما أَنَّ ذلك يضر بغيره من المصلين، و"رَفْع الضرر واجبٌ" كما في "النوازل الكبرى" للإمام أبي عيسى الوزَّاني (4/ 525، ط. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية).

وإن كان العذر الذي من أجله رُخِّصَ له بالصلاة على الكرسي هو الجلوس محلَّ القيام من صلاته كلها، أو محل القيام والركوع والسجود؛ فإنَّ العبرة في المساواة بينه وبين القائم بجواره من المصلين خلف الإمام إنما هو بمقعدته لا بأقدامه، لما أَنَّ الجالسَ على الكرسيّ حكمه في الصلاة كالقاعد، والقاعد يساوى بينه وبين القائم بجواره بمحل القعود؛ لأن استقرار البدن يكون على القدم حال القيام، وفي حال الجلوس يكون استقراره على المقعدة، والأصل هو القيام، ولمَّا تعذر الأصل وهو القيام صير إلى البدل وهو القعود.

قال الإمام جمال الدين الإسنوي في "المهمات" (3/ 321، ط. دار ابن حزم): [فإن صلى قاعدًا فالاعتبار بمحل القعود، وهو الإِلْية] اهـ.

وقال الإمام ابن مفلح في "المبدع" (2/ 500): [فإن صلَّى قاعدًا فالاعتبارُ بمَحلِّ القُعود] اهـ.

وهذا الكلام ينطبق ما إذا كان حجم الكرسي متناسبًا مع مساحة المسجد والمسافة بين الصفوف، أَمَّا إذا كان غير متناسب مع مساحة المسجد والمسافة بين الصفوف؛ فإن الأَوْلَى له والأليق به أن يُصلِّي خلف الصفوف، أو في صف مستقل لأصحاب الكراسي، أو أن يُصَلِّي في مواضع مُحدَّدة على طَرَفي الصَّفِّ بحيث لا يضيِّق على المصلين صلاتهم.

قال الشيخ الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 334، ط. دار الفكر): [جاز (صلاة منفرد خلف صف) إن تَعَسَّر عليه الدخول فيه، وإلا كُرِه، ويحصل له فضل الجماعة مطلقًا] اهـ.

ويفيد قوله: [ويحصل له فضل الجماعة مطلقًا] أنَّ الـمُصَلِّي على الكرسيّ إِنْ صَلَّى في الخلف أو في صفٍّ مستقل أو في مواضعَ محدَّدة، فلا يضيع عليه أجر استحباب المساواة في الصفوف، وأجر الصف الأول إن كان قد لحقه؛ إذ الاعتبار بالقَصْد والنية، وهو أَصلٌ مُقرَّر عند الفقهاء، ولذلك نَصُّوا على أنَّ مَن صَحَّت نيته في فعل طاعةٍ فعَجَز عنها لمانعٍ مَنَع منها فلا يَبْعُد مساواة أَجْر ذلك العاجز لأجر القادر الفاعل ويزيد عليه، على ما قَرَّره الإمام أبو عبد الله القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (8/ 293، ط. دار الكتب المصرية)، ويستدل على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» رواه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري.

الخلاصة
بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن الجالس على الكرسيّ إن كان العذر الـمُرخِّص له هو الجلوس محل الركوع أو السجود بحيث يقدر على القيام؛ فإن الاعتبار حينئذٍ في المساواة بينه وبين القائم في الصف خلف الإمام تكون بالعقب الذي هو مُؤَخر القَدَمِ، وإن كان العذر الذي من أجله رُخِّص له بالصلاة على الكرسي هو الجلوس محل القيام من صلاته كلها، أو محل القيام والركوع والسجود؛ فإنَّ العبرة في المساواة بينه وبين القائم بجواره من المصلين خلف الإمام إنما هو بمقعدته لا بأقدامه، وهذه التسوية مستحبة، إلَّا أَنَّ هذا الاستحباب مُقيَّد بعدم إلحاق الضرر أو التضييق على المصلين، فإن كان يُضَيِّق على المصلين صلاتهم لكون حجم الكرسيّ غير مناسب مع مساحة المسجد والمسافة بين الصفوف؛ فإنه ينبغي له أن يصلي خلف الصفوف، أو في مكان لا يضيِّق على المصلين صلاتهم، ولا يؤذي به من خلفه، وحينئذ لن يفوته أجر استحباب المساواة بين الصفوف، أو ندب الصلاة في الصف الأول إن كان قد لحقه، ما دام قد قصد ذلك ونواه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حكم تسوية الصفوف في الصلاة تسوية الصفوف المزيد الرکوع والسجود قال الإمام ابن المساواة بین ی على الکرسی فی المساواة من المصلین أو السجود فی الصلاة اهـ وقال ر الق د م یقدر على إن کان ی فی الصف فإن کان فی الص بالق د ن یصلی

إقرأ أيضاً:

صلاة عيد الفطر.. الأوقاف تعلن عن جاهزية 6240 ساحة لاستقبال المصلين

أعلنت وزارة الأوقاف تخصيص 6240 ساحة على مستوى الجمهورية لإقامة صلاة عيد الفطر المبارك، إضافة إلى المساجد الكبرى التي تستوعب أعدادًا كبيرة من المصلين، وذلك في إطار حرص الوزارة على إتاحة الفرصة أمام الجميع لأداء الصلاة في أجواء منظمة تليق بهذه المناسبة المباركة.


وأكدت الوزارة أنها أعدّت خطة شاملة لضمان خروج الصلاة في أجواء إيمانية عامرة بالسكينة والروحانية، حيث تم تهيئة الساحات والمساجد الكبرى بكافة الوسائل التي تضمن راحة المصلين، بما يشمل توفير أنظمة صوتية متطورة، وإعداد أماكن مناسبة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، مع تكليف نخبة من الأئمة المتميزين بإلقاء خطبة العيد، بما يعكس مقاصد هذه الشعيرة المباركة، ويركز على معاني الرحمة والتواصل الاجتماعي.

موعد عيد الفطر 2025.. متى تبدأ صلاة العيد وصيغة التكبيرات؟عيد الفطر الأحد أم الإثنين؟.. الإفتاء تستطلع هلال شهر شوال السبت 29 رمضانموعد أول أيام عيد الفطر 2025 .. الأحد فلكيا ودار الإفتاء تحدد العيد في هذا التوقيتموعد إجازة عيد الفطر المبارك 2025.. الإفتاء تحدد عدد أيامها 3 أم 5


وشددت الوزارة على تحقيق أقصى درجات الانضباط والتنظيم داخل الساحات والمساجد، حيث تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل عملية الدخول والخروج دون أي تزاحم، مع التأكيد على منع أي استغلال سياسي أو حزبي للساحات، والتشديد على أن العيد مناسبة للعبادة والفرحة والتواصل الاجتماعي في إطارها الديني، بعيدًا عن أي مظاهر توظيف غير لائقة.
 

كما خصصت الوزارة أماكن مستقلة للنساء في جميع الساحات والمساجد التي ستقام فيها صلاة العيد، مع اتخاذ كافة التدابير لضمان عدم تداخل الصفوف بين الرجال والنساء، وتكليف الواعظات المعتمدات بالإشراف على ترتيب مصليات السيدات، والتفاعل مع أي استفسارات دينية خلال الصلاة، بما يعزز أجواء الراحة والسكينة للجميع.
 

وأوضحت الوزارة أن صلاة العيد ليست مجرد عبادة تؤدى، بل هي مناسبة إيمانية عظيمة تعزز قيم المحبة والتواصل بين أفراد المجتمع، لذا فإن الجهود التي بُذلت في الإعداد والتنظيم تهدف إلى تمكين المصلين من أداء صلاتهم في أجواء تتسم بالراحة والنظام، ليكون العيد فرصة حقيقية لنشر الفرحة وترسيخ معاني الإخاء والتكافل بين الجميع.
 

واختتمت وزارة الأوقاف بيانها بتهنئة الأمة الإسلامية بعيد الفطر المبارك، سائلة الله (عز وجل) أن يعيده على الجميع بالخير واليمن والبركات، وأن يحفظ مصر وأهلها، ويجعل أيام العيد أيام سرور وفرح وتواصل ورحمة بين أبناء الوطن.

مقالات مشابهة

  • صلاة عيد الفطر.. الأوقاف تعلن عن جاهزية 6240 ساحة لاستقبال المصلين
  • إمام يمنع النساء من الصلاة في المسجد: يشوشن على المصلين.. فيديو
  • نداء من وزيرة التربية إلى المعلمين المُضربين: للعودة إلى الصفوف
  • أهم خدمات دليل المصلي لاغتنام الوقت في مصليات المسجد الحرام
  • مستشار علاج نفسي يحذر الآباء من هذا الأمر.. فيديو
  • تسجيل نادر لصلاة القيام من المسجد الحرام عام 1401هـ .. فيديو
  • بورسعيد | انطلاق التطبيق البعدي لمهارات القراءة والكتابة لطلاب الصف الثاني الابتدائي
  • رابع دفعة في غضون أيام.. الحوثيون يشيعون 8 قيادات ميدانية وسط سرية تامة لمصير قيادات الصف الأول والثاني (اسماء)
  • بمحتوى متنوع.. "دليل المصلي" بخمس لغات في المسجد الحرام
  • دليل المصلي” بخمس لغات في مصليات المسجد الحرام