مجموعة غلاكسي إس 25 تحت المجهر.. ترقيات جديدة أم مجرد إعادة تدوير؟
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
لا يتوقف السباق بين عمالقة الهواتف الذكية، وسامسونغ تواصل سعيها الحثيث لتجاوز آبل وتعزيز مكانتها في القمة. ومع سلسلة غلاكسي "إس 25″، تراهن الشركة على تقديم تحسينات تلبي تطلعات المستخدمين وتضع معايير جديدة في الأداء والتصميم.
وتأتي الإصدارات الثلاثة، "إس 25″ (S25) و"إس 25 بلس" (S25 Plus) و"إس 25 ألترا" (S25 Ultra)، بمواصفات مختلفة تناسب احتياجات متنوعة، مما يثير الفضول عن الفروقات الحقيقية بينها، وأي منها يقدم التجربة الأفضل للمستخدم.
خلال حدث "إنباكد" (Unpacked) الأخير، كشفت سامسونغ عن جميع التفاصيل المتعلقة بسلسلة غلاكسي "إس 25″، بما فيها الأسعار والمواصفات.
حيث يبدأ سعر غلاكسي "إس 25" من 799.99 دولارا، بينما يأتي "إس 25 بلس" بسعر 999.99 دولارا، في حين يبدأ سعر "إس 25 ألترا" من 1299.99 دولارا في تكوينه الأساسي.
لكن قبل اتخاذ قرار الشراء، لا بد أنك تتساءل: ما الجديد الذي تقدمه هذه السلسلة؟ دعونا نكتشف ذلك.
من حيث الشكل والحجم، لا يبدو أن غلاكسي "إس 25″ و"إس 25 بلس" يختلفان كثيرا عن نظيريهما من الجيل السابق، مما يجعل من الصعب تمييزهما للوهلة الأولى.
إعلانلكن الأمر مختلف بعض الشيء مع "إس 25 ألترا" حيث يأتي بِزاويا مدوّرة طفيفا وحواف مستوية، ما يمنحه مظهرا أكثر انسجاما مع الهواتف الأصغر. إلى جانب ذلك يعدّ الطراز أنحف وأخف "ألترا" حتى الآن، وإن كان بفارق بسيط.
وكما هو متوقع لا يزال القلم "إس بن" (S Pen) حاضرا كميزة حصرية لـ"ألترا"، لكنه هذه المرة يأتي بدون الإيماءات وميزة الغالق من بعد.
أما من حيث المواد المستخدمة، فتؤكد سامسونغ أن الإطار المصنوع من الألمنيوم في غلاكسي "إس 25″ و"إس 25 بلس" يحتوي على مكون واحد على الأقل معاد تدويره، بينما يكون كلا الهاتفين محاطين بطبقات من زجاج "كورنينغ غوريلا غلاس فيكتوس 2" (Corning Gorilla Glass Victus 2).
لكن النسخة "ألترا" تستخدم إطارا من التيتانيوم، وشاشة محميّة بزجاج "كورنينغ غوريلا آرمور 2" (Corning Gorilla Armor 2) وهي مادة مدعمة بالسيراميك يقال إنها أقوى من الزجاج المقسى التقليدي، إلى جانب ميزاتها المضادة للانعكاس والمُقاومة للخدوش. أما الجزء الخلفي، فلا يزال يعتمد على "فيكتوس 2" (Victus 2).
وبشأن جمالية التصميم، أعادت سامسونغ تصميم وحدات الكاميرا في الهواتف الثلاثة، حيث أضافت نتوءا أكثر سمكا لمنحها مظهرا أكثر جرأة.
كما توفر "إس 25″ و"إس 25 بلس" خيارات ألوان جديدة، منها الأزرق الجليدي، والأخضر النعناعي الجديد، لمساعدتهِما على التميز، إلى جانب اللونين الأزرق البحري (Navy) والفضي لمحبي الإطلالات الكلاسيكية.
إضافة إلى ذلك، ستكون هناك ثلاثة ألوان حصرية متاحة عبر موقع سامسونغ الرسمي، وهي الأسود، والأحمر، والذهبي الوردي.
أما الطراز "ألترا"، فيحصل على مجموعة خاصة من الألوان المصنوعة من التيتانيوم، والتي تشمل الأسود، والرمادي، وظلالا فضية من الأزرق والأبيض. كما يمكن لمن يطلب الهاتف عبر موقع سامسونغ الاختيار بين ألوان إضافية مثل الذهب الوردي، والأسود، والأخضر، مما يمنح المستخدمين المزيد من التخصيص والتميز.
إعلان التخزين والذاكرة العشوائية.. ما الجديد في غلاكسي "إس 25″؟تأتي سلسة سامسونغ غلاكسي "إس 25" بخيارات تخزين وذاكرة مشابهة إلى حد كبير للطرازات السابقة، مع تغيير ملحوظ يتمثل في أن جميع الطرازات الثلاثة تبدأ الآن بذاكرة عشوائية بسعة 12 غيغابايت.
ويتوفر الطراز الأساسي "إس 25" بخياري تخزين 128 غيغابايت أو 256 غيغابايت، في حين يبدأ "إس 25 بلس" بسعة 256 غيغابايت مع إمكانية الترقية إلى 512 غيغابايت.
أما "إس 25 ألترا"، فيحافظ على نفس خيارات "بلس"، لكنه يضيف خيارا بسعة واحد تيرابايت لمن يبحث عن أقصى سعة تخزين ممكنة.
تعتمد جميع هواتف غلاكسي "إس 25" على شريحة "سناب دراغون 8 إيليت" (Snapdragon Elite)، بغض النظر عن البلد الذي تشتري منه الجهاز، ما يعني تجربة أداء موحدة عالميا.
يستند المعالج إلى وحدة معالجة مركزية "أوريون" (Orion)، المشابهة لتلك المستخدمة في أحدث أجهزة الكمبيوتر المحمولة من "كوالكوم" (Qualcomm)، مما يعكس توجه الشركة نحو تقديم أداء أكثر قوة وكفاءة.
إضافة إلى ذلك، تُصنع الشريحة بتقنية ثلاث نانومتر، وتتميز بتصميم يضم نواتين رئيسيتين إلى جانب ست نوى أداء، إلى جانب وحدة معالجة عصبية "إكساغون" (Hexagon) مخصصة، قادرة على دعم قدرات الذكاء الاصطناعي متعددة الأنماط بسرعة أعلى بنسبة 40% مقارنة بشريحة "سناب دراغون 8 جين 3" (Snapdragon 8 Gen 3).
بفضل هذه التحسينات، يمكن تشغيل ميزات الذكاء الاصطناعي على الجهاز مباشرة، مثل التعديل التوليدي، دون الحاجة إلى إرسال البيانات إلى الخادم، مما يعزز الأداء ويقلل من زمن الاستجابة.
من حيث القوة الحاسوبية، تؤكد سامسونغ أن شريحة "سناب دراغون 8 إيليت" توفر أداءً أسرع لوحدة المعالجة المركزية بنسبة 37%، إلى جانب تحسين أداة وحدة معالجة الرسوميات بنسبة 30%، وهو ما ينعكس إيجابيا على تجربة الألعاب.
إعلانومع ذلك، لا يزال من المبكر الحكم على كيفية ترجمة هذه الأرقام إلى أداء فعلي في الاستخدام العملي.
هل التعديلات على الشاشة ستحدث فارقا كبيرا؟تظل شاشات "ديناميك أمولد" (Dynamic AMOLED) في هواتف غلاكسي "إس 25" قريبة إلى حد كبير من الجيل السابق، إذ لا تزال نسخة "إس 25" الأساسية مزودة بشاشة قياس 6.2 بوصات بدقة "فل إتش دي بلس" (Full HD Plus)، بينما يحتفظ "إس 25 بلس" بشاشة قياس 6.7 بوصات بدقة "كواد إتش دي بلس" (Quad HD Plus-QHD Plus).
أما "إس 25 ألترا"، فقد شهد تغييرا طفيفا، حيث أصبحت شاشته أكبر قليلا مقارنة بالعام الماضي، إذ يبلغ قياسها الآن 6.9 بوصات، أي بزيادة قدرها 0.1 بوصة، وذلك لتعويض الانحناء الطفيف في التصميم الجديد، مع الحفاظ على دقّة "كواد إتش دي بلس" (QHD Plus).
وبالرغم من هذه التعديلات، لا تزال الشاشات الثلاث تدعم معدل تحديث متغير يصل إلى 120 هرتز كحدّ أقصى.
كاميرات جديدة متطورة.. تجربة تصوير ترتقي بالمنافسةتأتي هواتف غلاكسي "إس 25″ و"إس 25 بلس" بكاميرات خلفية ثلاثية، تضم مستشعرا رئيسيا واسع الزاوية بدقة 50 ميغابكسلا، إلى جانب كاميرا فائقة الاتساع بدقة 12 ميغابكسلا، ومستشعرا تليفوتوغرافيا (Telephoto) بدقة 10 ميغابكسل.
في المقابل، يتميز غلاكسي "إس 25 ألترا" بأربع كاميرات خلفية، تتصدرها كاميرا رئيسية واسعة الزاوية بدقة 200 ميغابكسلا، إضافة إلى كاميرا جديدة فائقة الاتساع بدقة 50 ميغابكسلا تدعم وضع الماكرو (Macro mode)، ما يمثل ترقية ملحوظة مقارنة بمستشعر 12 ميغابكسلا في "إس 24 ألترا".
كما يضم مستشعرا تليفوتوغرافيا بدقة 50 ميغابكسلا مع زوم بصري بقدرة خمسة أضعاف (x5)، ومستشعرا آخر بدقة 12 ميغابكسلا يدعم زوم بقدرة ثلاثة أضعاف (x3). أما الكاميرا الأمامية، فلا تزال ثابتة عند 12 ميغابكسلا عبر جميع الطرازات.
على صعيد الفيديو، تدعم جميع طرازات غلاكسي "إس 25" تسجيل مقاطع بدقة "8 كي" (8K) بمعدل يصل إلى 30 إطارا في الثانية باستخدام المستشعرات الرئيسية ذات الزاوية الواسعة، فضلا عن دعم "4كي" (4k) بمعدل 60 إطارا في الثانية لجميع الكاميرات.
إعلانومع ذلك، يتميز "إس 25 ألترا" بقدرته على تسجيل "4 كي" (4k) بمعدل يصل إلى 120 إطارا في الثانية، مما يمنح المستخدمين تجربة تصوير سينمائية أكثر سلاسة.
ولتعزيز جودة المحتوى البصري، فعّلت سامسونغ تسجيل "إتش دي آر" (HDR) بدقة 10 بت افتراضيا على جميع هواتف السلسلة، مع الإبقاء على خيار ملف الألوان "لوغ" (Log Color Profile) لمنح المصورين مزيدا من المرونة في التدرج اللوني.
كما حصلت الكاميرات على تحسينات برمجية جديدة، من أبرزها ميزة "أوديو إريزر" (Audio Eraser)، التي ظهرت لأول مرة في هواتف "بيكسل" (Pixel)، والتي تتيح للمستخدمين عزل أصوات محددة، مثل الأصوات البشرية أو الموسيقى أو ضوضاء الرياح، مع إمكانية خفض بقية الأصوات أو كتمها تماما.
إضافة إلى ذلك، أضافت سامسونغ ميزة "فرتشول أبرتشور" (Vertual Aperture) جديدة في وضع "إكسبر راو" (Expert Raw)، مما يتيح تعديل عمق المجال بعد التقاط الصورة، إلى جانب مجموعة جديدة من الفلاتر المستوحاة من الأفلام الكلاسيكية.
أما ميزة "برو سكالر" (ProScaler) في "إس 25 بلس" و"إس 25 ألترا"، فتقول سامسونغ إنها تحسن جودة التكبير بنسبة 40% مقارنة بجهاز غلاكسي "إس 24″، مستندة إلى تحسين نسبة الإشارة إلى الضوضاء. ونظرا لأن هذه الميزة تتطلب دقة "كواد إتش دي بلس " (QHD Plus)، فإنها غير متوفرة في غلاكسي "إس 25" الأساسي.
هل بطارية غلاكسي "إس 25" عمرها أطول؟كما هو الحال مع سلسلة غلاكسي "إس 24″، تأتي هواتف غلاكسي "إس 25″ و"إس 25 بلس" و"إس 25 ألترا" ببطاريات بسعات 4000 ملي أمبير و4900 ملي أمبير، و5000 ملي أمبير على التوالي.
ومع ذلك تؤكد سامسونغ أن هذه الأجهزة توفر أطول عمر للبطارية بين جميع هواتف غلاكسي حتى الآن، وذلك بفضل التحسينات الكبيرة في كفاءة كل من الأجهزة والبرمجيات.
أما بخصوص الشحن، فتعود خاصية الشحن السريع عبر "يو إس بي – سي" (USB-C) في الطرازات الثلاثة، لكنها الآن أيضا جاهزة لـ"كيو آي 2″ (Qi2).
إعلانورغم أن الأجهزة لا تحتوي على مغناطيسات مدمجة، كما هو الحال مع أحدث هواتف آبل، إلا أنها تدعم سرعات شحن لا سلكيّ تصل إلى 15 واتا عند الاقتران مع حافظات سامسونغ المغناطيسية المتوافقة مع "كيو آي 2″(Qi2). وهذا يعني أنه يمكنك الاستفادة من شواحن "كيو آي 2" المغناطيسية مع هواتف غلاكسي "إس 25".
لا يتعلق إطلاق غلاكسي "إس 25" بالعتاد فقط، بل يشكل أيضا فرصة لتقديم واجهة المستخدم 7 (One UI 7)، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الذكاء الاصطناعي المدمج في أندرويد 15. ورغم وجود العديد من التعديلات البصرية، فإن التحسين الأبرز يكمن في تعزيز دقة وتماسك ذكاء غلاكسي (Galaxy AI).
وفي هذا السياق، تقدم سامسونغ بالتعاون مع غوغل ميزات جديدة للذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط مع إطلاق غلاكسي "إس 25".
على سبيل المثال، سيكون "جيميني لايف" (Gemini Live) متاحا أولا على غلاكسي "إس 25″، قبل أن يصل لاحقا إلى غلاكسي "إس 24″ و"غوغل بيكسل 9" (Google Pixel 9).
ويعد "جيميني لايف" (Gemini Live) مساعدا ذكيا متكاملا، وقد أصبح المساعد الافتراضي عند الضغط المطول على زرّ الصفحة الرئيسية، بينما يظل "بيكس باي" (Bixby) متاحا كتطبيق منفصل.
أما من حيث الوظائف، يدعم "جيميني لايف" الأوامر بلغة طبيعية، سواء للمهام التوليدية أو الوظائف على الجهاز، كما يتيح للمستخدمين تزويده بالصور والملفات لتسهيل الطلبات. كما يمكنه التفاعل مع تطبيقات متعددة لتقديم تجربة أكثر تكاملا وسلاسة.
علاوة على ذلك، يمكن للمستخدمين الحصول على ملخصات يومية أكثر تخصيصا بفضل "ناو بريف" (Now Brief)، الذي يمكن الوصول إليه مباشرة من شريط "ناو" (Now) الجديد على شاشة القفل، والذي يشبه جزئيا الجزيرة الديناميكية (Dynamic Island) في آيفون.
إعلانكما يمكن ملاحظة تحسينات على قائمة "إيه آي سلكت" (AI Select) المعروفة سابقا باسم "سمارت سلكت" (Smart Select)، إلى جانب دعم 20 لغة للترجمة على الجهاز، وإمكانية نقل المكالمات مباشرة داخل تطبيق الاتصال.
ومن المتوقع أن تصل معظم هذه التغييرات إلى هواتف غلاكسي الرائدة السابقة، لكن مدى شموليتها لا يزال غير مؤكد حتى الآن.
بالنهاية، تبدو هواتف سامسونغ غلاكسي "إس 25" مألوفة إلى حد كبير. وبخلاف ترقية المعالج، فإن الفروق في الأجهزة تعتبر طفيفة مقارنة بالجيل السابق، بينما تظل التغييرات البرمجية هي التحديثات الأكثر أهمية هذا العام.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل تكفي هذه التحسينات لمنح سامسونغ التفوق وجذب المستخدمين للترقية؟
ربما يتبادر إلى ذهنك تعليق أندرو تيت، ملاكم الكيك بوكسينغ الأميركي، على إصدار آيفون 16 عندما كتب على منصة "إكس-تويتر سابقا" ساخرا: "من الأفضل أن أشتري جهاز آيفون الجديد، لقد أضافوا زرّا." فهل ينطبق الأمر ذاته على غلاكسي "إس 25″؟ وهل يمكن لهذه التحديثات الصغيرة أن تحدث فارقا؟ أم أن سامسونغ بحاجة إلى شيء أكبر لمنافسة آبل في المستقبل القريب؟.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إلى حد کبیر جمیع هواتف إضافة إلى إلى جانب لا یزال من حیث
إقرأ أيضاً:
سوريا تحت المجهر| الاتحاد الأوروبى يقرر دعم الاحتياجات الإنسانية العاجلة.. أورسولا فون دير لاين: رفع العقوبات بالكامل ينتظر إنشاء حكومة "ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد أربعة أشهر من سقوط نظام بشار الأسد، وبينما يحاول النظام الجديد الذي يجسده الجهادي السابق أحمد الشرع، الرئيس المؤقت الآن، فرض بصماته على بلد ينزف حتى الجفاف، نظم الاتحاد الأوروبي مؤتمره الدولي التاسع لدعم سوريا يوم الإثنين الماضى. وتم تقديم موعد الاجتماع بضعة أشهر لمحاولة معالجة حالات الطوارئ الإنسانية في البلاد والدول المجاورة لها، التي تستضيف ملايين اللاجئين السوريين.
كان حضور وزير الخارجية السوري الجديد أسعد حسن الشيباني في بروكسل، حدثاً فى حد ذاته. وأكد وزير الشيباني أن "الشعب السوري لا يزال يواجه بقايا نظام الأسد. واليوم فرصة سانحة لمواجهة هذه التحديات بروح التضامن والتعاون". وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، التي افتتحت المؤتمر: "في الماضي، عملنا من أجل سوريا ومن أجل السوريين. اليوم يمكننا أخيراً العمل مع سوريا. اليوم لم تعد أحلام وطموحات الشعب السوري معلقة. ولأول مرة منذ عقود، ربما يصبح أمل سوريا حقيقة".
ويدرك الجميع أن الوضع غير مستقر وهش بشكل خاص، كما يتضح من أعمال العنف الطائفية التي هزت المنطقة الساحلية الشمالية من البلاد في أوائل شهر مارس، مما أسفر عن مقتل عدة مئات من الأشخاص. وأكدت كايا كلاس، رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، أن "سوريا تواجه احتياجات وتحديات كبيرة، كما أظهرت بشكل مأساوي موجة العنف الأخيرة في المناطق الساحلية"، وأن "اندلاع العنف أمر مقلق للغاية ويظهر أن الأمل في سوريا أصبح معلقاً بخيط رفيع. وعلينا أن نبذل المزيد من الجهود لضمان تحرك سوريا في الاتجاه الصحيح".
الخدمات الأساسية
المشكلة تتجاوز الأمن بكثير. يقول أخيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن "الوضع على الأرض مقلق للغاية إذ يعيش ٩٠٪ من السوريين اليوم تحت خط الفقر. وخلال هذا الصراع، خسرت سوريا ما يعادل أربعين عامًا من التنمية. وتم تدمير كافة البنية التحتية الأساسية".
إن الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والوصول إلى مياه الشرب والنقل غير متوفرة حالياً، كما توقف نظام التعليم، في حين تعاني الوزارات والسلطات المحلية من نقص في الموظفين والمهارات. ويقدر شتاينر أن "استعادة البنية التحتية المدنية التي كانت موجودة في البلاد قبل عام ٢٠١١ سوف تستغرق عشر سنوات على الأقل". وفي الوقت نفسه، ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد يعود ١.٥ مليون سوري إلى بلادهم بحلول عام ٢٠٢٥. كما قد يعود ٢ مليون شخص إضافي، نازحون حالياً داخل البلاد، إلى ديارهم.
ولمواجهة هذه الأزمة، كانت الأولوية فى الاجتماع الأوروبى يوم الاثنين هي جمع أموال كافية لتوفير الخدمات الأساسية للسوريين، سواء داخل البلاد أو في الأردن ولبنان والعراق وتركيا، البلدان المجاورة التي تستضيف ملايين السوريين. في حين أن الأوروبيين دفعوا بالفعل نحو ٣٧ مليار يورو منذ عام ٢٠١١، فإن "السوريين يحتاجون الآن إلى مزيد من الدعم"، حسبما أكدت أورسولا فون دير لاين. ولهذا السبب يعمل الاتحاد الأوروبي اليوم على زيادة التزامه تجاه السوريين - داخل البلاد وفي المنطقة - إلى ما يقرب من ٢.٥ مليار يورو لعامي ٢٠٢٥ و٢٠٢٦.
الانسحاب الأمريكي
وقد ساهمت الدول الأوروبية، فضلاً عن جهات مانحة دولية أخرى، بحصتها، حيث بلغ إجمالي المبلغ نحو ٦ مليارات يورو، وهو مستوى أقل من ٧.٥ مليار يورو من المساعدات المعلنة لعام ٢٠٢٤.
وتعتبر هذه الالتزامات أكثر خجلاً من تلك التي تم التعهد بها في ربيع عام ٢٠٢٤، خلال المؤتمر الثامن، قبل سقوط نظام الأسد. وتعهد المجتمع الدولي حينها بتقديم ٧.٥ مليار يورو كمساعدات للسوريين، بما في ذلك ٦ مليار من أوروبا. يمكن تفسير هذه الفجوة بسببين: من ناحية، بدأت الولايات المتحدة، التي كانت واحدة من أبرز الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية في العالم، في الانسحاب من هذا القطاع، كما يتضح من التفكيك المستمر للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
ومن ناحية أخرى، لا يُتوقع أن تقدم ألمانيا، أكبر مانح فى أوروبا، مساعدات جديدة كبيرة لكنها قدمت تقليدياً أكثر من ٣٠٠ مليون يورو التي وعدت بها لعام ٢٠٢٥، إلا أن التغيير الحالي في الحكومة جعل من المستحيل السعي إلى تقديم المزيد.
رفع العقوبات
وبعيداً عن المساعدات المالية الفورية، ذهب أسعد حسن الشيباني إلى بروكسل برسالة واضحة: الحصول على رفع العقوبات المفروضة على سوريا في عهد بشار الأسد. وطالب برفع كافة العقوبات للسماح بإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي للبلاد. وقال "اليوم نعاقب على شيء لم نفعله".
وفي حين أن الولايات المتحدة تحافظ على نظام العقوبات الصارم ضد البلاد في الوقت الراهن ولم تعط أي إشارة إلى نواياها، فإن الأوروبيين يقولون إنهم أكثر انفتاحاً. بعد تعليق القيود على قطاعات الطاقة والنقل والقطاعات المالية ذات الصلة، دعت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كايا كالاس إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات، لكن لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء بعد.
وحذرت فون دير لاين من أن هذا سيحدث "مع تقدم العملية السياسية نحو إنشاء حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية". وسيتم مناقشة هذه القضية في ١٤ أبريل المقبل في مجلس الشؤون الخارجية.
وتهدف الأموال التي تعهد المجتمع الدولي بتقديمها هذا العام إلى معالجة حالات الطوارئ، نظراً للاحتياجات الكبيرة. وذكرت حاجة لحبيب، المفوضة الأوروبية للمساعدات الإنسانية، أن "نحو ١٧ مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية" وأضافت حاجة لحبيب: "إن مؤتمر يوم الإثنين ليس مجرد دعوة للكرم، بل هو يد ممدودة لبناء مستقبل سوريا. إن الأمر يتعلق أيضًا بالاستثمار في الاستقرار والأمن والازدهار في بلد يعد مستقبله أمرًا حاسمًا لتحقيق السلام الدائم في المنطقة".
ومع ذلك، هناك إصرار مستمر في بروكسل على أن هذا المؤتمر يتعلق بالمساعدات الطارئة، وليس بالمساعدات لإعادة الإعمار. وأكدت المفوضية أنه "من المبكر للغاية الحديث عن هذا الأمر، وسيتم ذلك في مرحلة لاحقة".
وعلق أحد المسئولين الأوروبيين قائلاً "يتزايد مستوى الاحتياجات، لكن الخدمات العامة لم تعد تعمل في سوريا. هناك تدهور حقيقي". وأضاف "يعد الوصول إلى الغذاء والخدمات الأساسية صعبًا للغاية. تتوفر الكهرباء لمدة ساعتين يوميا، في حين أن الوصول إلى مياه الشرب غير مؤكد".
وفي الوقت نفسه، تعاني البلاد من حالة من الركود الاقتصادي، حيث يقدر معدل البطالة بأكثر من ٨٠٪، في حين لم يتم دفع رواتب الموظفين المدنيين السوريين منذ سقوط نظام بشار الأسد.
قطر التي وافقت على تغطية رواتبهم، لا تستطيع دفعها بسبب العقوبات المالية التي لا تزال الولايات المتحدة تفرضها عبر قانون قيصر الأمريكي، والذي استهدف منذ عام ٢٠٢٠ دولاً وشركات خارجية تتعامل مع سوريا .